![]() |
تحت المطر الرمادي
1 -
على هذه الكُرَةِ الأرضية المُهتزّهْ أنت نُقْطَةُ ارْتِكازي وتحت هذا المَطَر الكبريتيِّ الأسودْ وفي هذه المُدُنِ التي لا تقرأُ... ولا تكتبْ أنت ثقافتي... - 2 - الوطنُ يَتفتَّتُ تحت أقدامي كزجاجٍ مكسُورْ والتاريخُ عَرَبةٌ مات سائقُها وذاكرتي ملأى بعشرات الثُقُوبْ... فلا الشوارعُ لها ذاتُ الأسماءْ ولا صناديقُ البريد احتفظتْ بلونها الأحمرْ ولا الحمائمُ تَستوطن ذات العناوينْ... - 3 - لم أعُدْ قادرةً على الحُبِّ... ولا على الكراهيَهْ ولا على الصَمْتِ, ولا على الصُرَاخْ ولا على النِسْيان, ولا على التَذَكُّرْ لم أعُدْ قادرةً على مُمَارسة أُنوثتي... فأشواقي ذهبتْ في إجازةٍ طويلَهْ وقلبي... عُلْبَةُ سردينٍ انتهت مُدَّةُ استعمالها... - 4 - أحاول أن أرسُمَ بحراً... قزحيَّ الألوانْ فأفْشَلْ... وأحاولُ أن أكتشفَ جزيرةً لا تُشْنَقُ أشجارُها بتُهْمةِ العَمالهْ ولا تُعتقلُ فراشَاتُها بتُهمَة كتابة الشِعْر... فأفْشَلْ... وأحاول أن أرسُمَ خيولاً تركضُ في براري الحريّهْ... فأفْشَلْ... وأحاولُ أن أرسمَ مَرْكَباً يأخُذُني معك إلى آخر الدنيا... فأفْشَلْ... - 5 - أحاولُ, يا صديقي أن أكونَ امرأةً... بكل المقاييس, والمواصفات فلا أجدُ محكمةً تصغي إلى أقوالي... ولا قاضِياً يقبَلُ شَهَادتي... - 6 - ماذا أفعلُ في مقاهي العالم وحدي? أمْضَغُ جريدتي? أمْضَغُ فجيعتي? أمْضَعُ خيطانَ ذاكرتي? ماذا أفعل بالفناجينِ التي تأتي... وتَروُحْ? وبالحُزْنِ الذي يأتي... ولا يروُحْ? وبالضَجَرِ الذي يطلعُ كلّ رُبْعِ ساعهْ حيناً من ميناءِ ساعتي وحيناً من دفترِ عناويني وحيناً من حقيبةِ يدي...? - 7 - ماذا أفعلُ بتُراثِكَ العاطفيّ المَزْرُوعِ في دمي كأشجارِ الياسمين? ماذا أفعلُ بصوتِكَ الذي ينقُرُ كالديكِ... وجهَ شراشفي? ماذا أفعلُ برائحتِكَ التي تسبح كأسماك القِرْشِ في مياه ذاكرتي ماذا أفعلُ بَبَصماتِ ذوقِكَ... على أثاث غرفتي وألوان ثيابي... وتفاصيلِ حياتي?... ماذا أفعلُ بفصيلةِ دمي?... يا أيُّها المسافرُ ليلاً ونهاراً في كُريَّاتِ دمي... - 8 - كيفَ أسْتحضركَ يا صديق الأزمنة الوَرْديّهْ? ووجهي مُغَطَّى بالفَحْم وشعوري مُغَطَّى بالفحْم ليست فلسطين وحدَها هي التي تحترقْ ولكنَّ الشوفينيَّهْ والساديّهْ والغوغائيّة السياسيَّهْ وعشرات الأقنعةِ, والملابس التنكريَّهْ... تحترق أيضاً وليست الطيورُ, والأسماكُ وحدَها هي التي تختنقْ ولكنَّ الإنسانَ العربيَّ هو الذي يختنقْ داخل (الهولوكوستِ) الكبيرْ... - 9 - يا أيها الصديق الذي أحتاجُ الى ذراعَيْهِ في وقت ضَعْفي وإلى ثباته في وقت انهياري كل ما حولي عروضُ مسرحيَّهْ والأبطالُ الذين طالما صفَّقتُ لهم لم يكونوا أكثر من ظاهرةٍ صَوْتيَّهْ... ونُمُورٍ من وَرَقْ... - 10 - يا سيِّدي يا الذي دوماً يعيدُ ترتيبَ أيَّامي وتشكيلَ أنوثتي... أريد أن أتكئ على حنان كَلِماتِكْ حتى لا أبقى في العَرَاءْ وأريدُ أن أدخلَ في شرايينِ يَدَيكْ حتى لا أظلَّ في المنفى... سعاد الصباح |
رد: تحت المطر الرمادي
اختي الكريمه العنود
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نقل اجمل من رائع الله يحفظكي |
رد: تحت المطر الرمادي
الله يعطيك العافيخ لختي العنودي على الطرح الرائع
|
رد: تحت المطر الرمادي
الأخ الفاضل:أحمد محمد
أشكرك على حضورك الجميل وذائقتك الأجمل. الأخ الموقر :جني هذيل شكرا لتواجدك الرائع لكن(ما أدري ايش فيك تخربط الحروف) ههههههههههه |
رد: تحت المطر الرمادي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أدري كيف أبدأ قطعا بعد شكري لصاحبة الإختيار والذوق الأخت والأستاذة العنود ...ولكن وبأمانة مثل هذه النصوص تحتاج لعمق فكري ولست املك ذلك ولكني استشف صورا اراها حارقة ومذهلة وتململ من الواقع وأكثر ما زادني إصرار على الإبحار في ثنايا النص هو التصوير المتألق لشاعرتنا .. ماذا أفعل بالفناجينِ التي تأتي... وتَروُحْ? وبالحُزْنِ الذي يأتي... ولا يروُحْ ................. أريد أن أتكئ على حنان كَلِماتِكْ حتى لا أبقى في العَرَاءْ وأريدُ أن أدخلَ في شرايينِ يَدَيكْ حتى لا أظلَّ في المنفى... وبعد كل ذلك لست أنا من يقيم هرما شعريا بقامة الدكتورة الصباح .. تحيتي .. |
رد: تحت المطر الرمادي
اقتباس:
الله يعطيك العافيه اختي العنود على الطرح الرائع <<<< بعد التصحيح |
رد: تحت المطر الرمادي
الأخت الفاضلة العنود
السلام عليكم أشكر لك هذا النص الراقي، للشاعرة سعاد الصباح، وهو نص فاخر، والشاعرة غنية عن التعريف في مجال الشعر، وخدمة الأدب. ولم استسغ قول الشاعرة (يا صديقي)ومدلوله في قصائدها، الذي يعرفه من درس نتاجها الأدبي، خاصة قبل إرتدائها للحجاب، ولعلي أستفيض في هذا الأمر خلال تعقيبي على موضوعك الأخر المتعلق بقصيدة سعاد الصباح (كن صديقي). شاكراً لكِ طروحاتك الأدبية المميزة التي تشي بحس أدبي مُـلْهـَم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،، |
رد: تحت المطر الرمادي
لاهنتي اختي..العنود على النقل
تحياتي لك |
رد: تحت المطر الرمادي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياك الله اخي الأستاذ الموقر :مشعل الهذلي شرفتني وأسعدتني بحضورك الجميل وتعليقاتك الأجمل. كان لدي نفس الإنطباع وأنا أقرأ القصيدةفهناك معاني وصور عميقةوشئ من الرمزية تحتاج التفكير بعمق لإستشفافها. على العموم أجد نفسي أحيانا مشدودة لهذا النوع من القصائد فهي تجعلني أغوص في كلماتها بحثا عن معاني أخرى غير التي تطفو على السطح... أكرر شكري وأمتناني |
رد: تحت المطر الرمادي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم:الفارس حزين الطلعة تشرفت وسعدت بمداخلتك الجميلة والجديرة بالإهتمام. جميل أنك تقر شاعرية وإبداع د. الصباح . ردة فعلك ل (كن صديقي ) متوقعة فكثير هم الذين لا يستسيغون الفكرة .من أجل ذلك أوردت إقتراحي في أول القصيدة بأن نقرأها كما لو كانت موجهة لشريك حياتها. فنحن من يقرأ ويتلقى!! ولن تستطيع أن تفرض علينا فكرها أومبادئها إذا لم نكن نحن مقتنعين بها .قلت ذلك حتى لا نحرم أنفسنا متعةقراءة نصوص جميلة كهذه ... أشكرك أخي الفاضل وأنا بإنتظار تعقيبك القيم بكل أريحية وشفافية... وهذا هو الجميل في لقائنا هنا في المنتدى فنحن نتحاور ونتفق ونختلف ونتعلم ونستفيد من بعضنا البعض... فائق تقديري واحترامي |
رد: تحت المطر الرمادي
مشكور أخي الكريم عماد
مرورك أضاء صفحتي حفظك الله ورعاك:bye1: |
الساعة الآن 12:48 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة هذيل