![]() |
لا تبك على اللبن المسكوب...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعض الناس يعتبر طبعه الذي نشأ عليه .. وعرفه الناس به .. وتكونت في أذهانهم الصورة الذهنية عنه على أساسه .. يعتبره شيئاً لازماً له لا يمكن تغييره .. فيستسلم له ويقنع .. كما يستسلم لشكل جسمه أو لون بشرته .. إذ لا يمكنه تغيير ذلك .. مع أن الذكي يرى أن تغيير الطباع لعله أسهل من تغيير الملابس !! فطباعنا ليست كاللبن المسكوب الذي لا يمكن تداركه أو جمعه .. بل هي بين أيدينا .. بل نستطيع بأساليب معينة أن نغير طباع الناس .. بل عقولهم ربما - !! ذكر ابن حزم في كتابه طوق الحمامة : أنه كان في الأندلس تاجر مشهور .. وقع بينه وبين أربعة من التجار تنافس .. فأبغضوه .. وعزموا على أن يزعجوه .. فخرج ذات صباح من بيته متجهاً إلى متجره .. لابساً قميصاً أبيض وعمامة بيضاء .. لقيه أولهم فحياه ثم نظر إلى عمامته وقال : ما أجمل هذه العمامة الصفراء .. فقال التاجر : أعميَ بصرُك ؟!! هذه عمامة بيضاء .. فقال : بل صفراء .. صفراء لكنها جميلة .. تركه التاجر ومضى .. فلما مشى خطوات لقيه الآخر .. فحياه ثم نظر إلى عمامته وقال : ما أجملك اليوم .. وما أحسن لباسك .. خاصة هذه العمامة الخضراء . فقال التاجر : يا رجل العمامة بيضاء .. قال : بل خضراء .. قال : بيضاء .. اذهب عني .. ومضى المسكين يكلم نفسه .. وينظر بين الفينة والأخرى إلى طرف عمامته المتدلي على كتفه .. ليتأكد أنها بيضاء .. وصل إلى دكانه .. وحرك القفل ليفتحه .. فأقبل إليه الثالث : وقال : يا فلان .. ما أجمل هذا الصباح .. خاصة لباسك الجميل .. وزادت جمالك هذه العمامة الزرقاء .. نظر التاجر إلى عمامته ليتأكد من لونها .. ثم فرك عينيه .. وقال : يا أخي عمامتي بيضااااااء .. قال : بل زرقاء .. لكنها عموماً جميلة .. لا تحزن .. ثم مضى .. فجعل التاجر يصيح به .. العمامة بيضاء .. وينظر إليها .. ويقلب أطرافها .. جلس في دكانه قليلاً .. وهو لا يكاد يصرف بصره عن طرف عمامته .. دخل عليه الرابع .. وقال : أهلاً يا فلان .. ما شاء الله !! من أين اشتريت هذه العمامة الحمراء ؟! فصاح التاجر : عمامتي زرقاء .. قال : بل حمراء .. قال التاجر : بل خضراء .. لا .. لا .. بل بيضاء .. لا .. زرقاء .. سوداء .. ثم ضحك .. ثم صرخ .. ثم بكى .. وقام يقفز !! قال ابن حزم : فلقد كنت أراه بعدها في شوارع الأندلس مجنوناً يحذفه الصبيان بالحصى !! فإذا كان هؤلاء بمهارات بدائية غيروا طبع رجل .. بل غيروا عقله .. فما بالك بمهارات مدروسة .. منورة بنصوص الوحيين .. يمارسها المرء تعبداً لله تعالى بها .. فطبق ما تقف عليه من مهارات حسنة لتسعد .. وإن قلت لي : لا أستطيع ..! قلت : حاول .. وإن قلت : لا أعرف .. !! قلت : تعلم .. قال سيدنا محمد عليه السلام : إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتحلم ____________ _______ من كتاب " استمتع بحياتك"محمد العريفي |
رد: لا تبك على اللبن المسكوب...
يعطيك العافية على الموضوع الجميل
مشكور أخوي سعود |
رد: لا تبك على اللبن المسكوب...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أشكر لأخي في الله الأستاذ سعود الهذلي هذا الموضوع القيم، وقوة التأثير وتغيير المفاهيم والطبائع والأفكار، أصبحت من العلوم الحديثة التي صنفت فيها الكتب؛ خاصة في الغرب الرأسمالي، لارتباطها بالتسويق والتجارة .. ولنا في رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة إذا كان ذو شخصية جذابة مؤثرة ومقنعة، ويكفيه أن قام بأكبر تغيير للقلوب في تاريخ البشرية. أما بالنسبة لنا كأفراد فأول الطريق هو أن نتعرف على أنفسنا، ونكتشف ما نحن عليه الآن، وما ينبغي علينا أن نكون، لنبدأ في طريق التغيير نحو الأفضل. وإخاله طويلاً ... حفظك الله وسدد خطاك ،،، |
رد: لا تبك على اللبن المسكوب...
انتقاء مميز وجميل استاذي الفاضل
هنا نجد المتعه في قلمك دائما فشكرا من القلب على الموضوع الجميل |
رد: لا تبك على اللبن المسكوب...
يعطيك العافية على الموضوع الجميل والرائع
مشكور أخوي سعود |
رد: لا تبك على اللبن المسكوب...
اقتباس:
شاكر لك مرورك العاطر |
رد: لا تبك على اللبن المسكوب...
اقتباس:
يقف القلم حائرا أن يعبر عن مدى اعتزازي بتشريفك موضوعي شاكر لك مرورك العاطر |
رد: لا تبك على اللبن المسكوب...
اقتباس:
دمت في حفظ الله |
رد: لا تبك على اللبن المسكوب...
اقتباس:
شاكر لك مرورك العاطر |
رد: لا تبك على اللبن المسكوب...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ممتع ياسعود هذا الأنتقاء الرائع راقني بكل أمانه تحية طيبة |
رد: لا تبك على اللبن المسكوب...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اخونا ومشرفنا الغالي سعود الهذلي أضاءت سماء المجلس العااااااااااام بنور قلمك وسطور كلمااااااااااااتك التى لفظها لؤلؤ ونسعد بالتقاطها فنشكرك على هذا الموضوع المكتوب بماء الذهب |
الساعة الآن 07:50 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة هذيل