![]() |
المقامة الليبرالية : رواية خاسر بن خيبان !
الإخوة والأخوات .. أسعد الله أوقاتكم باليمن والمسرات .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،، لقد كنت أعتقد أن فن المقامات الأدبية الحـِسَانْ قد انقرض من أيام بديع الزمان الهمداني وأضرابه من أساطين هذا الفن الأدبي العذب .. حتى وردني عبر البريد مقامة حديثة لأحد الفضلاء .. أحببت أن تشاركوني تذوقها والتحليق في مضمونها الهادف .. وإلى نص المقامة : حَدّثَ خَاسِرُ بنُ خَيْبَانَ قَالَ: سَعَى ابْنٌ لأَبِيْ الْفَتْحِ اللّيبْرَالِيّ فِيْ بِعْثَةٍ إِلَى مَهْوَى فُؤَادِ أَبِيْهِ، يَنْشُدُ بِهَا ثَمَرَاً، وَيَكْتَسِبُ فِيْ أَكْنَافِهَا خَبَرَاً، فَجَاءَتْهُ مِنْحَةُ الْمَلِكِ، وَنَالَ مُبْتَغَاهُ، وَحَضِيَ بِمَسْعَاهُ، فَحَزَمَ حَقَائِبَهُ، وَوَدّعَ أَقَارِبَهُ، وَبَيْنَمَا هُوَ خَارِجٌ لاَ يَلْوِيْ عَلَى شَيْءٍ، إِذْ بَأَبِيْهِ يَؤُمّهُ، وِإلَى الأَحْضَانِ يَضُمّهُ، ثُمّ أَوْصَاهُ وَأَنَا أَسْمَعُ: "أَيْ بُنَيّ.. إِنّ أَبَاكَ قَدْ وَلّى زَمَنُهُ، بَعْدَ أَنْ فَاحَتْ رِيْحُهُ وَظَهَرَ عَفَنُهُ، وَقَدْ نَالَ مِنَ الشّهْرَةِ مِا مَلأَ الآفَاقَ، وَرَكِبَ مِنَ الْبَوَائِقِ مَا يَخْرِمُ الأَذْوَاقَ، وِإِنّيْ عَلَيْكَ لَمُشْفِقٌ، وَإلَى أَنْ تَخْلُفَنِي طَامِحٌ، وَهَا أَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى أَرْضِ التّعَلّمِ، وَمَرْتَعِ التّقَدّمِ، وَحَضَارَةٌ تُعْبَدُ، وَبَلَدٌ يُقْصَدُ، فَإِذَا أَتَيْتَهُمْ فَكُنْ عَبْدَ مَا يَشْتَهُوْنَ، وَأَطْوَعَ النّاسِ لِمَا يَنْشُدُونَ، وَلاَ تَفْجَعَنّهُمْ بِلِبَاسِ قَوْمِكَ، وَلاَ بِتَقَالِيْدِ أَهْلِكَ، وَلْيَكُنْ أَوّلَ مَا تَبْتَدِئُ بِهِ شَعْرَ وَجْهِكَ، فَاحْلِقْهُ، فَإِنّهُ أَنْعَمُ لِخَدّكِ وَأَذْهَبُ لِرُشْدِكَ، أَمّا شَعْرُ رَأْسِكَ فَزِدْهُ انْتِفَاشَاً وَشَعَاثَةً، فَإِنّهُ عَلاَمَةُ الْتّحَرُّرِ وَالْحَدَاثَةِ، وَاعْلَمْ أَنْ الْمَظْهَرَ عَلاَمَةُ الْمَخْبَرِ، وَأَنّ الْمِشْيَةَ دَلِيْلُ الْفِتْنَةِ، فَاسْعَ مِنْ الْوَجْهَيْنِ إِلَى مَا يُوْبِقُكَ... أَفَهِمْتَ يَابْنَ الْخَبِيْثَةِ؟! ثُمْ الْبَسْ مَا ضَاقَ، وَلا تَخْشَ الإِنْفَاقَ، فَالْمَالُ مِنْ غَيْرِ كَدّكَ، وَالْقَصْدُ فِيْ الأَمْرِ يَرُدّكْ، وَإِذَا حَضَرَ الْشّرَابُ فَانْهَبْ، وَإِذَا قُدّمَ الْخِنْزِيْرُ فَاقْرَبْ، فَإِنّهُمْ إِنْ رَأَوْا فِيْكَ كَرَاهَةً حَقَرُوْكَ، وَذَمِرُوْا مِنْكَ وَأَبْعَدُوْكَ، ثُمَّ إِذَا حَدّثْتَ فَلاَ تَذْكُرْ وَطَنَكَ بِخَيْرٍ، وَلاَ تُرِيَنّهُمْ مِنْ تَغَرّبِكَ ضَيْرٌ، وَإِذَا ذُكِرَ دِيْنُكَ فَأَوْسِعْهُ ذَمّاً، وَإِنْ ذَكَرُوْا شَيْخَاً فَأَشْبِعْهُ شَتْمَاً، وَاحْذَرْ أَنْ تَذْهَبَ إْلَى مَسْجِدِ جُمُعَةٍ، أَوْ تَرْكَعَ مَعَ مُسْلِمٍ رَكْعَةً، وَلْيَكُنْ فِقْهُكَ الإِنْسَانُ، وَدِيْنُكَ النُّكْرَانُ، وَاجْتَنِبْ بَنِيْ جِلْدَتَكَ، إِلاّ مَنْ يَكُوْنُ مِنْ طِيْنَتِكَ، فَاتّخِذْهُ خَلِيْلاً، وِإلَى الْمُلْهِيَاتِ دَلِيْلاً، فَإِنّهُ يُعِيْنُكَ عَلَى شِرَاءِ مُسْكِرٍ، وَيُقَوّيْكَ عَلَى اقْتِحَامِ مُنْكَرٍ، ثُمّ احْذَرْ مِنْهُمُ الْفِتْيَانَ، وَاتّخِذْ مِنْ الْصّبَايَا الأَخْدَانَ، فَذَلِكَ أَضْمَنُ للشّهَادَةِ، وَأَقْرَبُ لِمَنْحِ الْقِيَادَةِ...، أَفَهِمْتَ لاَ أُمّ لَكْ؟! ثُمّ إَذَا جَاءَ عِيْدُهُمْ فَافْرَحْ، وَنَاِدِمْهُمُ الشّرَابَ وَلاَ تَبْرَحْ، وَلْيَرَوْا مِنْكَ أَنْذَلَ الْنَّاسِ عَلَى مُعْطِيْهِ، وَأَلَدّ خَصْمٍ عَلَى مَاضِيْهِ، وَخُذْ بَأَبِيْكَ دَرْسَاً، وَلِيَوْمِكَ مَا يُنْسِيْكَ أَمْسَاً، وَتَذَكّرْ قَوْلَ جَدّكَ دَقّنِيْ الْجُوْعُ سِنِيْنَاً ...... حِيْنَ رَاعَيْتُ الأَمَانَةْ ضَمّنِيْ السّفِيْرُ لِحِضنٍ ........ يَوْمَ لاَزَمْتُ الْخِيَانَةْ إِنّ دِيْنِيْ هُوَ رِزْقِيْ ....... لَيْسَ لِلرّزْقِ دِيَانَةْ فَأَنَا مَاضٍ لِدَرْبِيْ ...... قَاصِدَاً أَقْرَبَ حَانَةْ قَالَ خَاسِرُ بنُ خَيْبَانَ: فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَبوْ مُرّةَ* يَسْمَعْ، وَإِنّ عَيْنَاهُ لَتَدْمَعْ، فَظَنَنْتُهُ قَدْ رَقّ لِنَجَابَةِ تِلْمِيْذِهِ، لَكِنّهُ تَمْتَمَ وَاسْتَعْبَرَ، وَحَوْقَلَ وَاسْتَغْفَرَ، وَقَالَ رَبِّ وَعَدْتَنِيْ الإِمْهَالَ وَعَذَابَ الآجِلَةِ، وَإِنّيْ أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا سَمِعْتُ وَمِنْ عَذَابِ الْعَاجِلَةِ، ثُمَّ شَرّقَ هَارِبَاً وَغَرّبْتُ خَشْيَةَ الْنَّازِلَةْ..! ـــــــ أبو مرّة: إبليسُ لعنهُ الله. |
رد: المقامة الليبرالية : رواية خاسر بن خيبان !
هههههه
مقامة جديدة في عصر الانترنت لعلي اسميها المقامة الحونشية في أصحاب الشعور "الكدشية" :mh94: فالليبرالية مشارب شتّى وفي نفسي شيئ من حتّى :59: لكنها في مجملها "مهضومة" وبالسجع والبديع "منظومة":61: أظنها من بنات أفكارك ومما يروى من أخبارك :mh35: |
رد: المقامة الليبرالية : رواية خاسر بن خيبان !
اقتباس:
اقتباس:
حتى التي حتحتت النحاة من قبلنا ... ====== أشكر لك عبق مرورك ، وأريج حضورك ، ولقد وجدتك لماحاً ، ولما بين السطور فضاحاً << تصلح مقامة هههه ==== تقدير ينثال بحجم هذا الحضور السخي ،،، |
رد: المقامة الليبرالية : رواية خاسر بن خيبان !
رائعه يا ابو خالد
هذه للاسف حال البعض هداهم الله |
رد: المقامة الليبرالية : رواية خاسر بن خيبان !
اقتباس:
|
رد: المقامة الليبرالية : رواية خاسر بن خيبان !
مع اللآسف انه الواقع
فالدولة تصرف على المبتعثين لينفعوا البلد والدين قبل ذلك ولكنهم يعودون بخيبه يتنكرون للبلد وحاكمها وأحكامها يصفونها مزاجاً بالتخلف لما راوا لايعجبهم عجيبها ولا يشفيهم طبيبها حفظك الله ورعاك دمت بخير |
رد: المقامة الليبرالية : رواية خاسر بن خيبان !
اقتباس:
أشكر لك لطيف المرور ، وإن شاء الله يا أخي الفاضل إنهم قلة ولن يقفوا أمام الكثرة الواعية، وكم من غافل سادر سافر وعاد ملتزما معتزا بدينه ثم بوطنه. ولك خالص تحياتي وتقديري ،،،، |
رد: المقامة الليبرالية : رواية خاسر بن خيبان !
نعم هؤلا مثل النعامه اذا دهامها الخوف تدفن راسها في التراب وترفع علمها المركوز الله يقطعه من علم .
شكرا لك على هذا الموضوع |
رد: المقامة الليبرالية : رواية خاسر بن خيبان !
اقتباس:
|
رد: المقامة الليبرالية : رواية خاسر بن خيبان !
مقامة رائعة و تحكي جزءا من الواقع و إن لم يكونوا الغالبية
فالخير في أمتي إلى قيام الساعة سلمت لنا أخي الفاضل و سلم لنا نقلك الرائع |
رد: المقامة الليبرالية : رواية خاسر بن خيبان !
الأستاذ الفاضل سعود الهذلي أشكر لك كريم المرور وجميل التعليق،
جزاك الله خيراً. |
رد: المقامة الليبرالية : رواية خاسر بن خيبان !
كلام جميل ومقامة رائعة تحكي واقع نعايشه
كل عام أموال طائلة تبذل من أجل البعثات وتأمل الدولة أن يعود مبتعثيها دائماً بالخير لبلادهم نسأل الله أن يحقق لهم مايصبون إليه أما من ناحية المقامة فهي رائعة وأعتقد أنها عبارة عن كلام مسجوع ومعاني جميلة يسوغها صاحبها بطريقة محترفه المقامات نادرة في وقتنا الحاضر وشبه منقرضه وللأسف أستغنوا عنها بما سموه الشعر الحر واختلط عليهم الأمر مشكور أخوي الفارس على هذه الإطلالة الجميلة التي تعودناها منك دائماً وفقك الله |
رد: المقامة الليبرالية : رواية خاسر بن خيبان !
اقتباس:
جزاك الله خيرا أخي الكريم ،،،، |
رد: المقامة الليبرالية : رواية خاسر بن خيبان !
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي حياك الله وبياك وجعل الفردوس مآوانا ومآواك فما أجمل مابه قدمت وعلى كل حرف سطرته سلمت وما هذا التصوير البديع إلا مايوحي لنا برجل ذوقه رفيع وقلبه ربيع جعله الله بالقرآن عامر انه على ذلك قادر قليل لايتكرر قلم مثل هذا القلم فهنيئاً للفصيح بك وبفكرك الجميل وكفانا الله وإياك " ابو مرة " ولكن اخي حبذا لو أعدت النظر في البيت الثاني من حيث الوزن : دَقّنِيْ الْجُوْعُ سِنِيْنَاً ...... حِيْنَ رَاعَيْتُ الأَمَانَةْ وَتَلَقّانِيْ السّفِيْرُ بِحِضنٍ ........ يَوْمَ لاَزَمْتُ الْخِيَانَةْ تحياتي |
رد: المقامة الليبرالية : رواية خاسر بن خيبان !
اقتباس:
ولطيف الحروف، فلك من الشكر أوفره، ومن الثناء أعطره. أما النص فما أنا إلاّ ناقل له من بريدي كما اسلفت في بداية الموضوع : اقتباس:
ملكتك السوية، وذائقتك مفرطة الحساسية، حيال اختلاف لحن البيت، وفقك الله وسدد خطاك. |
الساعة الآن 04:21 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة هذيل