![]() |
فقد باء بها أحدهما
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد : سئل الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين رحمه الله تعالى عن قول الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى في رده على ابن البكري : فلهذا كان أهل العلم والسنة لا يكفرون من خالفهم وإن كان ذلك المخالف يكفرهم لأن الكفر حكم شرعي ، فليس للإنسان أن يعاقب بمثله ، كمن كذب عليك وزنى بأهلك ليس لك أن تكذب عليه وتزني بأهله ، لأن الزنا والكذب حرام لحق الله تعالى ، وكذلك التكفير حق لله تعالى فلا نكفر إلا من كفره الله ورسوله .. إلخ . فقال رحمه الله تعالى : تضمن كلام الشيخ رحمه الله مسألتين : إحداهما : عدم تكفيرنا لمن كفرنا وظاهر كلامه أنه سواء كان متأولا أم لا ، وقد صرح طائفة من العلماء أنه إذا قال ذلك متأولا لا يكفر . ونقل ابن حجر الهيثمي عن طائفة من الشافعية أنهم صرحوا بكفره إذا لم يتأول ، فنقل عن المتولي أنه قال : إذا قال لمسلم يا كافر بلا تأويل كفر ، قال وتبعه على ذلك جماعة واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ) والذي رماه به مسلم فيكون كافرا قالوا : لأنه سمى الإسلام كفرا ، وتعقب بعضهم هذا التعليل فقال : هذا المعنى لا يفهم من لفظه ولا هو مراده . إنما مراده ومعنى لفظه : إنك لست على دين الإسلام الذي هو حق ، وإنما أنت كافر دينك غير الإسلام وأنا على دين الإسلام . وهذا مراده بلا شك لأنه إنما وصف بالكفر الشخص لا دين الإسلام فنفى عنه كونه على دين الإسلام ، فلا يكفر بهذا القول وإنما يعزر بهذا السب الفاحش بمـا يليق به ، ويلزم على ما قالوه أن من قال لعبد : يا فاسق . كفر لأنه سمى العبادة فسقا ، ولا أحسب أحدا يقوله ، وإنما يريد أنك تفسق وتفعل مع عبادتك ما هو فسق لا أن عبادتك فسق . انتهى وظاهر كلام النووي في شرح مسلم يوافق ذلك ، فإنه لما ذكر الحديث قال : وهذا مما عده العلماء من المشكلات فإن مذهب أهل الحق أن المسلم لا يكفر بالمعاصي ، كالقتل والزنا وكذا قوله لأخيه يا كافر من غير اعتقاد بطلان دين الإسلام ثم حكى في تأويل الأحاديث وجوها : الأول : أنه محمول على المستحل ، ومعنى ( باء بها ) بكلمة الكفر وكذا ( حارت عليه ) في رواية أي رجعت عليه كلمة الكفر فباء وحار ورجع بمعنى واحد . الثاني : رجعت عليه نقيصته لأخيه ومعصية تكفيره . الثالث : أنه محمول على الخوارج المكفرين للمؤمنين ، وهذا نقله القاضي عياض عن مالك وهو ضعيف لأن المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون والمحققون أن الخوارج لا يكفرون كسائر أهل البدع . الرابع : معناه أنه يؤول إلى الكفر فإن المعاصي ـ كما قالوا ـ بريد الكفر ، ويخاف على المكثر منها أن يكون عاقبة شؤمها المصير إلى الكفر . ويؤيده رواية أبى عوانة في مستخرجه على مسلم ( فإن كان كما قال وإلا فقد باء بالكفر ) . الخامس : فقد رجع بكفره ، وليس الراجع حقيقة الكفر بل التكفير كونه جعل أخاه المؤمن كافرا ، فكأنه كفّر نفسه ، إما لأنه كفر من مثله وإما لأنه كفر من لا يكفره إلا كافر يعتقد بطلان الإسلام . انتهى وقال ابن دقيق العيد في قوله صلى الله عليه وسلم : ( ومن دعى رجلا بالكفر وليس كذلك إلا حار عليه ) أي رجع عليه . وهذا وعيد عظيم لمن كفر أحدا من المسلمين ، وليس هو كذلك , وهي ورطة عظيمة وقع فيها خلق من العلماء اختلفوا في العقائد وحكموا بكفر بعضهم بعضا . ثم نقل عن الأستاذ أبي إسحاق الاسفرائيني أنه قال : لا أكفر إلاّ من كفرني ، قال وربما خفي هذا القول على بعض الناس وحمله على غير محمله الصحيح . والذي ينبغي أن يحمل عليه أنه لمح هذا الحديث الذي يقتضي أن من دعى رجلا بالكفر وليس كذلك رجع عليه الكفر ، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ) . وكان هذا المتكلم أي أبو إسحاق يقول : الحديث دل على أنه يحصل الكفر لأحد الشخصين إما المكفِّر وإما المكفَّر فإذا كفرني بعض الناس فالكفر واقع بأحدنا وأنا قاطع أني لست بكافر ، فالكفر راجع إليه . انتهى وظاهر كلام أبي إسحاق أنه لا فرق بين المتأول وغيره والله أعلم . وما نقله القاضي عن مالك من حمله الحديث على الخوارج موافق لإحدى الروايتين عن أحمد في تكفير الخوارج ، اختارها طائفة من الأصحاب وغيرهم لأنهم كفروا كثيرا من الصحابة واستحلوا دماءهم وأموالهم متقربين بذلك إلى الله تعالى ، فلم يعذروهم بالتأويل الباطل ، لكن أكثر الفقهاء على عدم كفرهم لتأويلهم وقالوا من استحل قتل المعصومين وأخذ أموالهم بغير شبهة ولا تأويل كفر . وإن كان استحلاله ذلك بتأويل كالخوارج لم يكفر والله أعلم وأحكم .انتهى . فجزى الله الشيخ عبد الله أبا بطين ورحمه الله رحمة واسعة . هذا والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . |
رد: فقد باء بها أحدهما
الله يجزاك بالخير على ما قدمت وجعلها في ميزان حسناتك
|
رد: فقد باء بها أحدهما
جزاك الله خير الجزاء اخي في الله
وكتب الله في ماذكرت من توضيح الاجر والثواب فهو السميع العليم |
رد: فقد باء بها أحدهما
جزاك الله خيراً
التكفير مزلق عظيم وقعت فيه طوائف كثيرة وأما أهل السنة فهم وسط في ذلك |
رد: فقد باء بها أحدهما
جزاك الله كل خير
|
الساعة الآن 05:42 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة هذيل