![]() |
البيولوجيا العصبية للثقة
بسم الله الرحمن الرحيم
((إن ميلنا إلى الثقة بشخص غريب ينجم إلى حد كبير عن تعرضنا لجزيء معروف بقيامه بمهمة مختلفة تماما: إنه يطلق المخاض عند المرأة الحامل.)) لو طلب إليك أن تسقط إلى الخلف بين ذراعي شخص مجهول، فهل تثق بأن هذا الشخص سيمسك بك؟ هذا الوضع وهو تمرين تقليدي في المعالجة الزمروية--group therapy ، متطرف قليلا. ولكننا في معظمنا نضع ثقتنا كل يوم بأناس لا نعرفهم. وخلافا للثدييات الأخرى، فإننا نمضي كثيرا من الوقت مع أشخاص ليسوا مألوفين لدينا. مثلا ،يتجول سكان المدينة بانتظام بين مجهولين وهم عازمون على تحاشي بعض الأفراد الذين يمكن أن يؤذوهم ولكن يشعرون بالأمان بالقرب من آخرين. تكتسب هذه القابلية لتمييز الأشخاص الذين يمكن الوثوق بهم تدريجيا وعلى الأطفال أن يتعلموها وهكذا في (( كتاب الغابة)) Le Liver de la Jungle ، لا يبدو أن الفتى (( ماوكلي)) قد فهم بعد أنه لا يمكن الوثوق بالجميع ففي المثال (1) سيثق (ماوكلي)- ذاك فتى الأدغال ذي الملامح الشرقية من ملامح عربية أو هندية حيث نجح واضعي رسومه بالمقاربة الإنثربولوجية للعرب من قبائل مضر النزارية العدنانية حيث الشعور المسدلة ومقدمة الرباعية لأسنان البارزة والبشرة الحنطية المحمرة لما لهذه الشخصية الكرتونية من طبيعة بدوية خلوية خلاوية تعيش في الغابة مع الحيوانات وتظهر في أبعد الحدود وهي تتجلى حتى في أعرق القبائل المضرية كقريش وهذيل وهوازن الخ... (( على فكرة اللي يبغي يشوف ماوكلي على الطبيعة يشوف لاعب إتحاد جدة (سلطان النمري) ففيه من الملامح الشيء الكثير هههه)) حيث إن هذا الفيلم نجح في توطين بعض التصرفات الجاهلية- فعندما يلتقي ب(( كا)) الأفعى العاصرة التي تحاول أن تبهره بأن تغني له (( ثق بي ، صدقني إني أستطيع أن أهتم بك)) في فيلم (( كتاب الغابة)) ، المقتبس عن قصة ((.r كبلينك)) . كاد ( ماوكلي) لفرط ثقته ، أن ينقاد ل((كا)) والأطفال وبعض الراشدين يجب أن يتعلموا اكتشاف الخدع التي يلجا إليها ذوو النوايا السيئة أمثال التحريات ، موزعي المخدرات، المخابرات ، دعاة السوء والمصلحة وفي أحسن الأحوال اللي يظهرون معرفتك الجيدة ويعملوا لك حركات مكاشفة وتصوف وهي كلها حركات غيبة ونمه وسوا ليف حريم ورجال يتم تجميعها من المجالس وهم في حقيقتهم يكونون مرتبطين بمدارس معينة أو حتى مع حكوماتهم ولهم الحق بذلك من دون التدخل في الشئون الشخصية لمريديهم أو محبيهم- نرجع للموضوع - لماذا يثق الإنسان بمن حوله؟ قبل عدة سنوات ، اكتشف علماء البيولوجيا العصبية كيف يستدل الدماغ البشري على الأشخاص الموثوقين فثمة جزيء يسمى (( molecule)) يصنعه الدماغ ومعروف منذ زمن طويل (( الأوسيتوسين)) oxytocin- يؤدي دورا رئيسيا في هذه الآلية. قد يفتح ذلك آفاقا جديدة لفهم وعلاج اضطرابات تتميز بخلل في وظيفة (( التأثرات الاجتماعية interactions socials . من أين تأتي الثقة ؟ 1 لنر كيف انتهت إلى دراسة العلاقة بين (( الأوسيتوسين)) والثقة. في عام 1998م، تساءلت مع (( .s كنيك)) ( وهو خبير اقتصادي في (( مركز أبحاث البنك الدولي من أجل التنمية )) ) : لماذا تتباين الثقة بين الأفراد من بلد إلى آخر وأعطى مثال على ذلك هو المثال (2) حيث ظهر لهذا الباحث في الشكل الإحصائي لهذه الدراسة الاقتصادية الاجتماعية فقد تتباين الثقة وفقا للبلدان فقد وجد دول كالنرويج والدنماراك إن النسبة المئوية للأشخاص المستجوبين الذين يعتقدون أنه يمكننا أن نثق بمعظم الناس كانت فوق 60% وتتجه إلى 70% في حين جاءت دول مثل الصين وإيران فكانت في نسبة 50% وأعلى شوي وقد جاءت دول مثل أستراليا واليابان والهند وكندا ومصر والولايات المتحدة وألمانيا في حد 40% وأعلى من 30 % في حين جاءت دول مثل المملكة المتحدة وجنوب إفريقيا ونيجيريا وروسيا والكيان الصهيوني وتشيلي وفرنسا والمكسيك دون 30 % وفي حد 20% وقد جاءت دول مثل سنغافورة وتركيا والأرجنتين النسبة بها دون 20% وفوق 10% وقد جاءت في آخر هذه الدراسة الإحصائية دول مثل الفلبين وأوغندا والبرازيل فقد كانت النسبة دون 10 % وفوق 0% فقد أراد المؤلف أن يعين الشروط الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المسئولة عن هذه الاختلافات عندما يطلب إلى أشخاص أن يجيبوا عن السؤال التالي: (( هل تعتقد أنه يمكننا أن نثق بمعظم الناس؟)) فبين أن الثقة هي المؤشر الذي يجعلنا نتوقع بالشكل الأفضل ثراء بلد ما ، لكن هذا العمل قادة أيضا إلى دراسة دور (( الأوسيتوسين)) في الثقة . ربما كان ازدياد تركيز (( الأوسيتوسين)) يحث على الثقة وتغاضى عن دور الدين والعقيدة والعادات والتقاليد الأصيلة أو ما يسمى بالأدبيات الأخلاقية . وقد طورنا حينذاك نموذجا رياضياتنا يصف البيئات الاجتماعية المختلفة ، التشريعية والاقتصادية القادرة على إحداث اختلافات مستوى الثقة . وبينا أن الثقة هي أفضل مؤشر يتنبأ بثراء بلد ما، فالمجتمعات التي يكون مستوى الثقة لديها ضعيفا، تكون فقيرة، لأن أفرادها لا يوظفون استثمارات كافية إلى أمد طويل، وهو ما يحدث الوظائف ويزيد العائدات . وترتبط هذه الاستثمارات بعلاقة الثقة التي تقوم بين مختلف الأطراف. ومع ذلك بقي سؤال مطروح: كيف يقرر شخصان أن يثق أحدهما بالآخر؟ كانت دراسات عديدة قد بينت أن أشخاصا موجودين في الوضع نفسه لا يضعون ثقتهم بالضرورة بالفرد ذاته، غير أن أحدا لم يكن قد وصف آليات توضح العمليات الدماغية للثقة. وقد أشير لدى الحيوان إلى ضلوع (( الأوسيتوسين)) في ذلك إذ يصنع هذا البروتين الصغير، أو البٌبُتيد peptide ، المشكل من تسعة حموض أمينية فقط، في الدماغ، حيث يسهم في إرسال الإشارات signalisationبين العصبونات فهي ناقل عصبي، وهو يمر عبر الدم أيضا ليترك تأثيره في النسج المختلفة، مما يجعل منه هرمونا. وكان (( V. دو فينيو)) ( من كلية طب (( ويل كورنل)) في نيويورك)) هو الذي عزل هذا الجزيء ، ثم اصطنعه عام 1953م . وفي تلك الفترة كان معروفا أن (( الأوسيتوسين)) ينبه إنتاج الحليب عند المرأة المرضع ويسرع المخاض حين الوضع واليوم ، يتلقى نصف عدد النساء الحوامل في الولايات المتحدة (( الأوسيتوسين )) التركيبي ( المسمى (( بيتوسين )) Pitocine ) لتقوية التقلصات الرحمية في أثناء الولادة. ومن المعروف أيضا أن تركيز (( الأوسيتوسين)) تكون في حدها الأقصى لدى الرجل والمرأة عند (( الإيغاف Orgasme )) . وقد أكسبه دوره المفترض في التعلق الذي يحدث بعد الجماع مباشرة نعت (( هرمون العناق Hormone du calin )) . ولكن كان من الصعب تحديد تأثيرات أدق لهذا الببيتيد ، لأن تركيزه في الدم ضعيف ويتدرك ( يتلف) بسرعة . ومع ذلك ، يسهل (( الأوسيتوسين)) التعاون- الذي يتضمن الثقة- لدى بعض الثدييات ،وهناك جزيء مشابه له ، هو (( الفازوتوسين Vasotocine ))، يشجع التأثرات الودية لدى بعض الأنواع الحيوانية. هرمون العناق2 وفقا لبيولوجيي التطور ، ظهر (( الفازوتوسين)) عند الأسماك قبل نحو 100 مليون سنة . وهو يسهل التكاثر الجنسي ، بتقليله خوف الإناث من اقتراب ذكر منها خلال فترة التكاثر . ويعتقد أن آلية منقصة لهذا الخوف كانت قد تطورت لكون فوائد التكاثر الجنسي- من ذرية وتنوع جيني كبير- تفوق خطر التعرض للأكل من قبل الذكر. لقد تطور (( الفازوتوسين)) عند الثدييات إلى ببتيدين اثنين قريبين apparentes (( الأوسيتوسين)) و (( الأرجينين- فازوبريسين)) arginine- vasopressine وكان الباحثون قد بينوا ، في نهاية السبعينات ، أن هذين الجزيئين يشجعان القوارض على التأثر مع الآخرين. وعلى سبيل المثال ، اكتشف(( C. بردرسن))وزملاؤه (( من جامعة ساوث كارولينا ، بالولايات المتحدة)) أن (( الأوسيتوسين)) يعزز سلوك تربية الصغار عند القوارض. بعد ذلك بفترة قصيرة، درس عالما الحيوان ( S. كارتر) و(L.كتز) (( من جامعة إيلينوي بالولايات المتحدة)) (( الأوسيتوسين)) لدى نوعين من فئران الحقل )) ((campagnols المتقاربة جينيا وجغرافيا. تتساكن فئران حقل المروج الذكور مع شريكها طوال حياتها ، وتعيش في جماعات اجتماعية ، وهي آباء حريصة. وعلى النقيض منها ، فلدى فئران الحقل الجبلية الذكور سلوكيات غير مسئولة (( لا مبالية)) فهي منعزلة (( solitaires)) ولا تكترث بذريتها.(( أفكار يهود خطيرة)) وقد أظهر ( كارتر) و ( كتز) أن فارق السلوك الاجتماعي بين هذين النوعين قد يكون ناجما عن تموضع مستقبلات (( الأوسيتوسين )) و (( الأرجينين-فازوبريسين)) الدماغية لديها . ترتبط هذه الجزئيات ، كي تمارس تأثيرها في الدماغ ، بمستقبلات نوعية تقع على سطح العصبونات . ووحدها فئران الحقل هي التي تمتلك هذه المستقبلات في المناطق الدماغية التي تجعل الزواج الأحادي محمودا ، لأن تنشيط المستقبلات يزيد من تحرير أحد النواقل العصبية ، وهو (( الدوبامين)) dopmine الذي يعزز التعايش والعناية بالصغار عند الذكر. كانت أهمية (( الأوسيتوسين)) في العلاقات الحيوانية توحي بأنه يمكن أن يكون ضالعا أيضا في الثقة confiance التي بإمكاننا أن نفترض أنها شرط لازم للحميمية intimate . وكنت قد عزمت على العمل على هذا الموضوع بمجرد أن يتم اكتشاف كيف تقاس ، سريعا وبوثوقية ، الاختلافات الضئيلة في تركيز (( الأوسيتوسين)) في عينات الدم. لدى الحيوان نعرف أن رسائل اجتماعية غير مهددة تطلق إنتاج (( الأوسيتوسين)) في دماغ الأفراد الذين يتلقونها ، فهل يحدث الشيء نفسه عند الإنسان ؟ لذا عزمنا على أن نختبر ما إذا كان من شأن اقتراب أناس مجهولين ، يبعثون إشارات إيجابية ، أن ينبه إطلاق ((الأوسيتوسين)) ، غير أن قدرة البشر على تقييم أوضاع اجتماعية ما، مهيأة بشدة لهذا النمط من الإجراء التجريبي . وتتعلق ردود أفعال الأشخاص بعوامل عدة ، كالمظهر البدني والثياب، ... . ومع ذلك ، كان علماء الاقتصاد ((.J بيرك)) (( من جامعة إيوا)) و((J . ديكهورت)) و(( K. ماكيب)) (( من جامعة مينيسوتا)) قد أبتكروا في تسعينات القرن الماضي اختبارا يفي بالغرض ويمكن للمشاركين في هذه المهمة ، المسماة لعبة الثقة Jeu de confiance ، إعطاء إشارة إلى أنهم يثقون بشخص مجهول ، وذلك بأن يجودوا بمالهم عليه . ويفعلون ذلك ، لأنهم يعتقدون أن هذا المجهول سيفعل الشيء نفسه وسيرد لهم مالا أكثر مما أعطي. الثقة والجدارة بالثقة 3 هاكم كيف نفذنا لعبة الثقة في مختبرنا :؛ طوع معاوني أشخاصا يكسبون عشرة دولارات إذا قبلوا قضاء ساعة ونصف الساعة معنا. وقد جمعنا المشاركين أزواجا بطريقة عشوائية ، من دون يروا بعضهم بعضا أو أن يتوصلوا . وفي كل زوج هناك ((شخص1))و ((شخص2)) . شرحنا لهم في البداية كيف تجري اللعبة . وفي البداية يطلب حاسوب إلى (( الشخص 1)) أن يقرر إرسال ، جزء من مكافأته العشرة دولارات إلى الشخص الآخر . يضاعف المبلغ المرسل ثلاث مرات ويضاف إلى حساب ((الشخص 2)). مثلا ، إذا تخلى (( الشخص1)) عن 6 دولارات ليصبح مجموع ما لدى (( الشخص2)) 28 دولارا ( العشرة التي حصل عليها في البداية يضاف إليها 3*6) ولا يبقى لدى (( الشخص1)) سوى 4 دولارات . في المرحلة التالية ، يطلع الحاسوب (( الشخص2)) على التحويل النقدي ويسمح له بأن يعيد مبلغا معينا إلى (( الشخص1)) موضحا له أنه غير ملزم بأن يعيد له ولو سنتيما واحد , فضلا عن ذلك يعرف المشاركون أن هويتهم وقراراتهم تبقى سرية . إن ما يعطيه (( الشخص2)) إلى (( الشخص 1)) يقيد على حسابه والمبلغ الذي يتلقاه هذا الأخير هو المبلغ المرسل نفسه (( أي إنه غير مضاعف ثلاث مرات)) . والغش غير ممكن في هذه المعاملات فالمدفوعات مطابقة للخيارات . وحالما يتخذ لمشاركون قراراتهم ، نأخذ عينات من دمهم لقياس تركيز (( الأوسيتوسين)) فيها. ويعتبر علماء الاقتصاد أن المعاملة transaction الأولى تقيس الثقة في حين تقدر الثانية الأمانة ( الوفاء) loyaute وكثيرا ما استخدمت لعبة الثقة هذه في العديد من البلدان وفي رهانات أكثر أهمية . في تجاربنا ، أرسل نحو 85 % من الأشخاص الذين اضطلعوا بدور ( الشخص1) مالا إلى شريكهم وأعاده 98% من (( الأشخاص2)) الذين حصلوا على المال . وقد تبين لنا أنه لم يكن بوسع هؤلاء الأشخاص أن يفسروا لماذا كانوا واثقين وأمناء إلا أننا افترضنا أن عملية حصولهم على ثقة (( الشخص1)) اطلقت ازديادا في (( الأوسيتوسين)) في دماغ (( الأشخاص2)) وأنه كلما كانت المبالغ التي يتلقاها هؤلاء الأشخاص كبيرة ، كان لابد من أن تكون زيادات (( الأوسيتوسين)) لديهم كبيرة. في الواقع ، أظهرنا أن دماغ (( الأشخاص 2)) ينتج الببيتيد عندما يتلقى هؤلاء المشاركون المال، إذ يشعرون بأن المجهولين يثقون بهم . إضافة إلى ذلك ، يطلق دماغ الأشخاص الذي نبدي لهم ثقة أكبر ( نعطيهم مالا أكثر) قدرا أهم من (( الأوسيتوسين)). وكي نكون متأكدين من ازدياد تركيز (( الأوسيتوسين)) ناشئ فعلا عن شعور الثقة ، أدخلنا مجموعة شاهدة من المشاركين الذين يتلقون مالا على نجاح عشوائي ، وليس لأن أحدا ما وثق بهم. في الحقيقة ، لم يفرز دماغ هذه المجموعة (( الأوسيتوسين)) غير ناجم عن المال . فضلا عن ذلك ، اكتشفنا أن (( الأشخاص2)) الذين لديهم تركيز عالية من (( الأوسيتوسين)) هم أكثر أمانة ، أي إنهم يعيدون مالا أكثر مما تلقوه إلى (( الأشخاص1)). الكثير من الأوسيتوسين في الدماغ 4 كيف نفسر إطلاق ((الأوسيتوسين)) ؟ من وجهة نظر التطور ، بما أن لدى الكائنات البشرية فترة مراهقة adolescence طويلة ، فربما كان الانتقاء (( الاختيار)) الطبيعي قد فضل الأشخاص الذين يتعلقون بشدة ولوقت طويل بأولادهم حتى يكبروا ويتمكنوا من أن يصيروا مستقلين ؛ ويبلغ أبناء عمنا- النظرية الداروينية- الشمبانزي les chimpanze نضجهم الجنسي في سن السبع أو الثماني سنوات ؛ في حين يلزم الإنسان مثلى هذه المدة من أجل ذلك ؛ وطوال هذا الوقت كله ، يحتاج الطفل إلى الرعاية الوالدية كي ينمو جيدا ( ويبقى على مقربة والديه) وإحدى نتائج الرعاية طويلة المدة هذه هي أن الكائنات البشرية تميل إلى تعلق بعضها ببعض ، بحيث إنها تتعلق أيضا بأشخاص غير أقرباء يصبحون أصدقاء وجيرانا أو أزواجا. إضافة إلى ذلك ، لم نلاحظ عملية إطلاق ل((الأوسيتوسين)) إلا لدى (( الأشخاص2)) الذين تلقوا رسالة ثقة . ولم يبد (( الأشخاص 1)) الذين ابتدؤوا التجربة بتراكيز مرتفعة من (( الأوسيتوسين)) ثقة أكثر بالآخرين ( ولم يعطوا مالا أكثر ل(( الأشخاص2)) ) وهذه الملاحظة لا تتناقض مع سابقاتها ؛ فقد أظهرت الدراسات المجرأة على الحيوانات أن (( الأوسيتوسين)) لا يتحرر إلا عندما يكون الأفراد في تماس اجتماعي . وإن ارتفاع تركيز (( الأوسيتوسين)) وليس مستواه الأساسي ، هو الأمر المهم. إذن، ماذا يحدث لو أننا زدنا تراكيز (( الأوسيتوسين)) اصطناعيا ؟ إذ ا كانت فرضيتنا صحيحة ، فإن من شأن ذلك أن يعزز الثقة التي يوليها (( الأشخاص1)) لشركائهم ( فيعطونهم مالا أكثر) في عام 2005م ، ومن أجل دراسة هذه المسألة ، مع فريق عالم الاقتصاد (E. فهر) (( في جامعة زيورخ بألمانيا )) طلبنا إلى نحو200 مستثمر من الذكور أن يستنشقوا (( الأوسيتوسين)) المركب على شكل بخاخ أنفي (( مما يمكنه من الوصول إلى الدماغ)) . وقارنا سلوكهم بسلوك أفراد مجموعة شاهدة استنشقوا (( الأوسيتوسين)) ( ما يقرب من نصف مجموعهم) عن ثقة قصوى ، حيث أرسلوا مالهم جميعه. ووفقا لهذه التجربة ، فإن ارتفاع تركيز (( الأوسيتوسين)) في الدماغ ينقص القلق الطبيعي تجاه شخص مجهول . ومع ذلك ، لم يكن بعض المشاركين من الذين تناولوا (( الأوسيتوسين)) أكثر ثقة . ويبدو أن ازدياد (( الأوسيتوسين)) بالنسبة إلى بعضهم ، غير كاف للتغلب على القلق الذي يسببه المجهولون . ولكن اطمئنوا ، فإن هذه التجربة لا تثبت أن بالإمكان التلاعب على الآخرين . لن يستطيع التجار ولا رجال السياسة تبخير (( الأوسيتوسين)) في الهواء أو وضعه في الطعام أو في الشراب لانتزاع ثقة مخاطبيهم ، إذ يتلف (( الأوسيتوسين)) في الجهاز الهضمي ، حيث إن تناوله عن طريق الفم لا تأثير له في الدماغ فضلا عن ذلك ،فإن إعطاءه عبر الوريد أو عن طريق الأنف سهل الكشف ، وربما لا يتيح استنشاقه من خلال الهواء زيادة كافية في تركيزه الدماغي. في إحدى التجارب غضبت امرأة ، لأنها لم تتلق سوى مبلغ ضئيل من شريكها الذي عدته بذلك غير أمين . ما الذي يحدث عندما نرتاب في الناس ؟ يدار العديد من النظم الدماغية البالغة الأهمية بقوى متعاكسة فمثلا ، إن تناول الأطعمة يدار بوساطة هرمونات ترسل إشارات عندما ينبغي أن نبدأ بالأكل ، ثم عندما يجب أن نتوقف عنه والسلوكيات الاجتماعية مضبوطة بالطريقة نفسها . ويمثل (( الأوسيتوسين)) الجانب الإيجابي من التأثيرات الشخصية ، نشعر بالارتياح عندما يبدو لنا أن أحدهم يثق بنا، ويحثنا وعي ذلك على المعاملة بالمثل . وكما ذكرنا فيما سبق ، فمن أجل تحريض الأمهات على باحات من الدماغ مرتبطة بسلوكيات تحث على المكافأة recompense وقد جعلتنا دراسات لاحقة نعتقد بوجود جانب مقابل أو سلبي ، لآلية تشكل الثقة ، على الأقل بالنسبة إلى الذكور من الأشخاص. الجانب المظلم للثقة 5 عندما لا يوثق ب(( الأشخاص2)) من جنس الذكور (يتلقون قليلا من المال) يلاحظ لدى هؤلاء ازدياد في تركيز (( الديهيدروتستوستيرن)) (DHT) dihydrotestosterone أحد مشتقات (( التستوستيرون)) ( الهرمون الرئيسي المولد للخواص الذكورية)) ونجد التراكيز الأعلى من الهرمون DHT لدى الرجال الذين نوليهم الثقة الأدنى . هذا الجزيء هو نوع من (( التستوستيرون)) الفائق Supertestosterone، يطلق تغيرات البلوغ المدهشة ، المتمثلة في نمو الشعر وازدياد الكتلة العضلية و ثخانة الحبال الصوتية . تنبه التراكيز المرتفعة من الهرمون DHT أيضا رغبة المجابهة في الظروف الاجتماعية الصعبة . تبين نتائجنا أن لدى الرجال ارتكاسا عدوانيا عندما لا نوليهم الثقة. يتفق الرجال والنساء في ناحية واحدة وهي : إنهم لا يحبون أن نرتاب فيهم ، غير أن النساء لا يرتكسن بالطريقة نفسها . فمعظم الرجال ، الذين اضطلعوا بدور (( الأشخاص 2)) والذين تم الارتياب فيهم ، لم يعيدوا شيئا إلى شركائهم ،في حين حولت أغلبية النساء مبلغا مماثلا تقريبا للمبلغ الذي أعطي لهن. ومع ذلك، فإننا نجهل الآليات الفيزيولوجية التي تكمن وراء هذا التباين . ومن الممكن أن ارتكاسا عدوانيا على رسالة ارتياب يتيح لنا أن نثق أكثر بالآخرين . لقد تبين من خلال تسجيل النشاط الدماغي الوظيفي، بالتصوير بالرنين المغنطيسي (MRI) في أثناء لعبة الثقة- أن إيلاء شخص مجهول الثقة ينبه نواحي عميقة من الدماغ المتوسط mesencephale حيث يوجد (( الدوبامين)) مما يسهم في شعور المكافأة . وربما لهذا السبب يرغب (( الأشخاص 2)) الذين يتلقون المال ، في إرجاعه ل (( الأشخاص 1)) على الرغم من أن الأمر لا يعود عليهم بالفائدة . إن هذه المشاعر الإيجابية الناشئة عن تنشيط هذه المنظومة الدماغية المسماة المكافأة ، والتي يحس بها (( الأشخاص 2)) عندما يبدون الثقة بدورهم- تكافئهم نفسيا وتعزز رغبة الأمانة عندهم. وعلى الرغم من أن معظم الأشخاص كانوا موثوقين ، فإن اثنين في المئة من ((الأشخاص2)) في دراساتنا غير أهل للثقة- فقد كانوا يحتفظون بالمال الذي أرسل إليهم جميعه أو جله- في حين أن لديهم تراكيز عالية من (( الأوسيتوسين)) . وتشير هذه النتيجة إلى أن لدى هؤلاء الأفراد مستقبلات (( أوسيتوسين)) في نواح دماغية غير ملائمة- وبخاصة في باحات لا تزيد إطلاق (( الدوبامين)) أو أن مستقبلاتها ليست وظيفية . وفي الحالة الأخيرة ، ربما لا تستجيب العصبونات neurones لانطلاق ((الأوسيتوسين )) ، أيا كانت الكمية المنتجة . وقد تبين لنا أن لدى المشاركين في دراساتنا من الذين هم إلى حد كبير غير الجديرين بالثقة- سمات شخصية تشبه سمات (( المعتلين اجتماعيا)) sociopathes وهم أفراد لا مبالون بمعاناة الآخرين. أمراض عوز الأوسيتوسين 6 نسعى اليوم إلى معرفة ما إذا كانت حالات أعواز النشاط الأوسيتوسيني في الدماغ تسهم في الاضطرابات التي تتميز باختلال التآثرات الاجتماعية . فمثلا، لدى الأشخاص الذين يعانون التوحد autisme تراكيز ضئيلة من الأوسيتوسين . إلا أن من فرق الدراسة من أشار إلى أن العلاجات القائمة على تعويض هذا البيبتيد لا تؤدي إلى أي تحسن في انخراطهم الاجتماعي . وعلى غرار المشاركين غير الجديرين بالثقة في لعبة الثقة ، يمكن أن يكون لدى هؤلاء المصابين بالتوحد مستقبلات (( أوسيتوسين)) غير وظيفية non Functionnels كذلك الأمر ، يعاني المصابون بأذيات في نواح دماغية غنية في الأحوال الطبيعية بمستقبلات (( الأوسيتوسين)) صعوبات في تحديد من يبدو جديرا بالاعتماد ممن هو ليس كذلك . ويشتمل كثير من الاضطرابات العصبية والنفسية ، مثل الفصام والاكتئاب وداء ألزايمر واضطرابات الرهاب الاجتماعي phobie social ومرض هنتينكتون Huntington على شذوذات anomalies في التآثرات الاجتماعية . ويمكن أن تؤدي منظومة (( الأوسيتوسين)) الدماغية المعيبة دورا في هذه الأمراض . وربما يسهم فهم أفضل لهذه المنظومة في تطوير علاجات جديدة . يتميز (( الأوسيتوسين)) بتأثيرات ديناميكية كثيرة في الجسم : يتأثر الببيتيد مع هرمونات أخرى ونواقل عصبية neurotransmitters تتباين تراكيزها من دقيقة إلى أخرى طوال الحياة. وهكذا، تزيد (( الإستروجينات)) estrogenes هرمونات جنسية- عدد مستقبلات (( الأوسيتوسين)) في بعض النسج : الرحم بشكل خاص ، في حين ينقصه ((البروجسترون)) progesterone وهو هرمون جنسي آخر. وتوحي هذه التأثيرات إلى أن عوامل فيزيولوجية وبيئية في الوقت نفسه تتحكم في رغبتنا بالتآثر الاجتماعي ، مما يجعلنا نفترض أيضا أن الخبرات المعيشة تؤثر في آلية (( الأوسيتوسين)) وتغير تركيزه الأساسي (( ds ****************)) خلال الحياة وعلى هذا ، فإن مستوى ثقتنا بالآخرين لن يكون ثابتا. ربما يكون من شأن العيش في بيئة آمنة أن يحث على إطلاق كمية أكبر من (( الأوسيتوسين)) حين يولينا أحدهم الثقة . بينما تعاكس حالا ت الكرب stress والشك والانعزال إطلاق هذا الهرمون . ونتطلع إلى فهم أفضل للكيفية التي يتيح هذا الببيتيد البسيط للناس الشعور بالتعاطف empathie ووضع الثقة في من يحيطون بهم. ملاحظة: جل المصطلحات في هذا الموضوع باللغة الإسبانية. :ANSmile31: |
رد: البيولوجيا العصبية للثقة
والله شكله الموضوع ما عجب العرب، إعينونا على المشاركة في منتداكم
|
رد: البيولوجيا العصبية للثقة
اقتباس:
اقتباس:
ايه هذه مشكله كثير منا وضع الثقه فيمن لايستحقها مشكوور اخوي ............غاشق السراة طرح قيم الله يعطيك العااافيه |
رد: البيولوجيا العصبية للثقة
جزاك الله ألف خير أختي بنت مكة
|
الساعة الآن 01:20 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة هذيل