![]() |
يوميات ميت (2) .. بقلم أنا من تراب
[frame="1 50"]يوميات ميت (2)
اللحظات الأخيرة قبل بداية الرحلة إلى البرزخ سأترك أموالي ليتقاسمها غيري ويتنعم بها غيري حتى بدون أن يذكرني بكلمة شكر واحدة أو بدعاء بعد مماتي ، وسيسكن غيري قصوري التي أفنيت عمري في معصية الله وعبادة الشيطان من أجل تشييدها .. ونسيت تماماً بناء داري التي سأسكنها بعد الموت .. فما دار للمرء بعد الموت يسكنها ، إلا التي كان قبل الموت بانيها .. أين كانت كل تلك المعرفة طوال سبعين عام في معصية الله ؟ .. يا الله .. ما أصعب ما أمر به في تلك اللحظات .. نظرت إلى رسل الله سبحانه وتعالى اللذين سيقبضون روحي خلال تلك اللحظات .. وكما قلت وجههم لا يبشر بأي خير .. وأخذت أنظر في لحظات إلى جدران هذا القصر والزخارف التي تكسوه في كل مكان ... تلك الجدران التي ستبقى لسنوات أخرى ويتنعم فيها غيري وأنا ستنتهي حياتي بعد لحظات معدودة .. يالغبائي .. هل ضيعت كل عمري في كل تلك المعاصي والذنوب لأجمع كل تلك الأموال وأكنزها لغيري يتمتع بها بعد مماتي ... هل ضيعت كل سنوات عمري في محاربة الله بالمعاصي بكل تجبر وبدون خوف من الخالق جل وعلا من أجل أن أشيد كل تلك القصور الفخمة ليسكن فيها غيري وأنا أتجه بعد قليل للسكن في التراب ويغطي وجهي التراب في ذلك المكان الموحش ... يا الله .. علمت الآن فقط وتذكرت أن هذا القبر ينادي على كل مخلوق كل ليلة ويقول له (يا ابن آدم .. لا تتكبر فوق ظهري فغداً سأضمك في بطني .. أنا بيت التراب ... أنا بيت الدود .. أنا بيت الظلمة .. أنا بيت الوحشة) .. يا له من غباء لا حدود له .. حاربت الله بالمعاصي طوال سبعون عام من أجل أن كنز الأموال وأشيد القصور وأشتري السيارات الفارهة لغيري .. لماذا لم أعمل لنفسي .. لماذا لم أعمل لهذا اليوم ألهاني سعيي للتكاثر في كل شئ في حياتي عن هذا اليوم .. وصدق الله العظيم حين قال (بسم الله الرحمن الرحيم .. ألهاكم التكاثر .. حتى زرتم المقابر .. كلا سوف تعلمون .. ثم كلا سوف تعلمون .. كلا لو تعلمون علم اليقين .. لترون الجحيم .. ثم لترونها عين اليقين .. ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم) .. اشعر أن تلك السورة أنزلت من أجلي .. يا الله وكأنني أعلم الآن فقط أن تلك السورة موجودة في كتاب الله .. وكأني أشعر أن تلك السورة أنزلت من أجلي فقط .. نعم أنا ألهاني التكاثر طوال سبعين سنة .. التكاثر من الأموال والأولاد والجاه والملابس والقصور عن تذكر تلك اللحظات التي أعاني منها الآن. وأنا على تلك الحالة من الشرود والوعي واللاوعي نزلت من عيني دموع وأحسست بندم لم أشعر به من قبل .. ولكن بما ينفع الندم الآن .. أنا وحدي من فعلت هذا بنفسي .. لا يوجد مسئول غيري عن ما سوف ألاقيه وأعانيه بعد لحظات .. ولا ألوم إلا نفسي اللعينة .. لقد بين الله سبحانه وتعالى لكل مخلوق كل شئ (الخير والشر) .. قال لنا بكل وضوح هذا الطريق المؤدي إلى الجنة (طاعة الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه) .. وهذا الطريق المؤدي إلى جهنم (طاعة إبليس والأهواء المريضة .. وطاعة الطواغيت وعبادتها من دون الله سبحانه وتعالى المستحق وحده للعبادة دون غيره) .. ولكن إبليس اللعين يبدو أنه استبدل لكل مريض وضعيف الإيمان عنوان الطريقين اللذين لا ثالث لهما .. فرأيت طريق جهنم مكتوب عليه (سعادة ونعيم لا يفنى ..عز وجاه وقصور وترف) ووجدت مكتوب على طريق الجنة (شقاء ومعاناة) ، فاخترت بنفسي وبكل إرادتي نعيم الدنيا واستغنيت عن نعيم الآخرة .. ومشيت حياتي في طريق ظاهره فيه الرحمة وباطنه فيه العذاب ... اخترت طريقي بكل إرادتي .. بل وبكل سعادة (لم أكن أعرف أنها سعادة وهمية زائلة) وأنه لا سعادة إلا في طاعة الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم .. وبدأت استسلم لقدري .. آآآآآآآآآآآه .. ما هذا الذي أشعر به الآن .. يبدو أن الملائكة بدءوا في سلبي روحي .. آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ ه .. أنا أصرخ بأعلى صوتي ولكني أرى أهلي وكأنهم لا يسمعوني .. يبدو أن تلك هي سكرات الموت ... أشعر بروحي تسلب من جسدي مفصل وراء مفصل تلك هي سكرات الموت .. لم اقدر على شئ سوى الصراخ .. والصراخ ... والصراخ .. وأشعر الآن بنصف جسدي السفلي وقد سلبت منه الروح .. لأني لا أشعر به الآن ... أشعر وكأن أحداً وضع في لحمي عصا من حديد ولها كلابيب وأشواك ثم ينزعها مني مرة واحدة ... تخيل ماذا تخرج تلك العصا من لحم وهي تنزع مني .. آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه .. يا الله .. يا الله .. يا الله .. تلك هي روحي أنظر إليها .. آآآآآآآآآآآآآآآآه ... وفي تلك اللحظة فقط تذكرت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال (ألا تذكرون هادم اللذات ومفرق الجماعات ... إن للموت لسكرات .. وكل سكرة أشد من ألف ضربة بالسيف .. ولو أن شعرة واحدة من ألم الموت نزلت على أهل الأرض لأهلكتهم) مع أني لم أكن أعرف تلك الأحاديث طوال حياتي ولم أقرأها يوماً من الأيام .. وفي تلك اللحظات أيضاً عرف أهلي أني أسلمت روحي لبارئها .. لم أعد أسمع منهم سوى البكاء والنحيب .. ليتني أستطيع أن أجعلهم يصمتون الآن .. ذلك البكاء والنياحة تكون سبب في تعذيبي .. زوجتي تصرخ وتقول سايبني لمين يا أبو عيالي (ليتني أستطيع أقول لها لله ورسوله) .. ولكنها معذورة .. لم أفهمها ذلك في حياتي .. أفهمتها غير ذلك .. جعلتها تقتنع بأن لا حياة لها بدوني وبدون المال والعز والجاه .. يا الله .. زوجتي تلطم الخدود وتشق الجيوب .. ليتني أستطيع منعها .. أراها وكأنها تمسك حربة وترفعها في السماء وكأنها تحارب بها الله سبحانه وتعالى ... ها أنا أرى الملائكة أخذوا روحي وارتفعوا بها إلى السماء .. وكل سماء ترفض أن تفتح أبوابها لأنه على ما يبدو أن روحي نتنة الرائحة وخبيثة من كثرة المعاصي طوال الأعوام السبعون ... وهذا هو ما حذرنا منه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ... هذا ما كان يخشاه أطهر خلق الله صلى الله عليه وسلم ولم أخشاه أنا ومل أعمل له أي حساب .. لم أعد العدة لهذا اليوم العصيب .. من زرع حصد .. والجزاء من جنس العمل وكما تدين تدان ... بالفعل من وجد خيراً فليحمد الله جل وعلا .. ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ... ولكن من يسمع .. ومن يعي .. وللحديث بقية. ابن آدم[/frame] |
رد: يوميات ميت (2) .. بقلم أنا من تراب
الله يرحمنا برحمته
|
رد: يوميات ميت (2) .. بقلم أنا من تراب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم آمين ... اللهم آمين .. اللهم آمين اللهم استجب وتقبل تحياتي |
رد: يوميات ميت (2) .. بقلم أنا من تراب
الله يرحمنا جميعا ويحسن خا تمتنا جزاااك الله خير ..............انا من تراب جعلها الله في ميزااان حسنااااتك |
رد: يوميات ميت (2) .. بقلم أنا من تراب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم مين .. اللهم آمين .. اللهم آمين وجزاكي الله خيراً منه بإذن الله تعالى وجمعك الله مع من تحبين في الدنيا على حبه وطاعته وفي الآخرة في رحاب جنته ومستقر رحمته هو ولي ذلك والقادر عليه أشكر لك مرورك الذي يسعدني أيما سعادة ويزيدني تشريفاً وتقبلي تحياتي |
الساعة الآن 12:21 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة هذيل