::{ مجالس قبيلة هذيل }:: موقع يهتم بتراث القبيلة ومفاخرها

بسم الله الرحمن الرحيم

((الأستعمار الجديد عبر المنظمات غير الحكومية))

تنتشر في الدول النامية آلاف المنظمات غير الحكومية ، وتتعدد أهدافها ، مثل المجموعة الإنمائية أوكسفام ((Oxfam)) ، فهناك منظمات إنسانية مثل ((أطباء بلاحدود)) وبعضها ديني مثل مرسي كوربس ((Mercy Corps)) ، وأخرى خيرية مثل بيل ومانيلدا جيتس
((BILL&MELINDA GATES foundation)) ، هذه الآلاف من المنظمات غير الحكومية التي تعمل خاصة في الدول التي يطلق عليها دول فاشلة وأخرى ضعيفة ، تطرح عدة علامات استفهام حول نشاطها ، فقد تبين أن بعضها يمارس عملية التبشير وبعضها كما حدث في تشاد يقوم بخطف الأطفال وبيعهم ، وبعضها غطاء لجمع المعلومات في بعض الدول ذات الأهمية الاستراتيجية لمتابعة التطورات السياسية فيها؟ هذه الآلاف من المنظمات غير الحكومية تحصل على الأموال من الدول الكبرى وهذا يذكرنا بكتائب السلام الأمريكية
((PEACE CORP)) التي تم تأسيسها في عهد الرئيس الأمريكي الراحل جون كنيدي لمساعدة الدول النامية في ظل الحرب الباردة بين الأتحاد السوفيتي والولايات المتحدة وقد تبين فيما بعد بعد أن الاستخبارات المركزية الأمريكية ((CIA)) خلف هذه الكتائب وأنها تعمل غطاء لعمليات الاستخبارات الأمريكية في جمع المعلومات عن الدول النامية ؟ وكما تشير دراسة حديثة نشرتها المجلة الأمريكية للسياسة الخارجية ((FOREIGN POLICY))
فقد زادات الأموال التي تتدفق على المنظمات غير الحكومية ((NGO)) في الوقت التي الذي تراجعت فيه المساعدات الرسمية من الدول الصناعية للدول النامية ، ونلاحظ حسب الدراسة أن المساعدات الرسمية تشكل 15% من المساعدات المقدمة بينما توفر المنظمات غير الحكومية 85% من هذه المساعدات ، وفي عام 2006ميلادية وفرت مجموعة دول منظمة التعاون الأقتصادي والتنمية ((OECD)) مايقدر ب325 مليار دولار كمساعدات للدول النامية كان ثلث هذا المبلغ من حكومات هذه المجموعة ممايضع علامات استفهام حول مهامها في الوقت الذي يشدد الخناق على المنظمات غير الحكومية الإسلامية تحت شعار تمويل الإرهاب بينما تقوم تلك المنظمات غير الحكومية بتشجيع الحركات الانفصالية الدينية والعرقية لأهداف تخدم الدول الكبرى في ظل الصراع على المصادر الطاقة والمعادن الثمينةوغيرها؟ وقد تضاعفت المساعدات التي تتدفق عبر المنظمات غير الحكومية في إفريقيا في الوقت الذي تراجعت فيه مساعدات الدول الغربية الرسمية للقارة؟ فنجد أن منظمة كير للإغاثة زاد إنفاقها 65% منذ عام 1999ميلادية ليسجل مبلغ 607 ملايين دولار عام 2007 ميلادية ، كما أن منظمة (( أنقذوا الأطفال))تضاعفت موازنتها ثلاث مرات منذ عام 1998 ميلادية ، وتضاعفت ميزانية أطباء بلاحدود مرتين منذ عام 2001 ميلادية ، وزادت نفقات منظمة ((مرسي كوربس)) نحو 700% في غضون عقد واحد وهي تمارس نشاطات دينية ، ويأتي التبشير في سلم أولوياتها من خلال نشاطها الإنساني في الدول الفاشلة أو الضعيفة حيث الفقر والجهل والمرض؟
ومايعزز قوة المنظمات غير الحكومية أنها تتسلم أموال المساعدات لتنفقها في الدول الفقيرة ولا تسلم إلى حكومات تلك الدول على اعتبار أنها حكومات فاسدة ، وتشير الدراسة السابقة إلى أنه بين عامي 1980و2003، ارتفعت المساعدات التي تقدمها دول ((OECD)) وكلها دول صناعية عبر المنظمات غير الحكومية من 47 مليون دولار إلى أربعة مليارات دولار ، هذه الأموال تسخر تحت شعار الإغاثة إلى أهداف خفية لمصلحة الدول المتبرعة لهذه المنظمات غير الحكومية ؟ وعلى سبيل المثال تنشط الآلاف من المنظمات غير الحكومية التي تحول لها المساعدات مباشرة من الحكومات المتبرعة وليس إلى حكومة قرضاي المحاصرة في كابول والذي انتقد ممارسة هذه المنظمات التي حلت محل الحكومة الأفغانية في توزيع المساعدات ، حتى إن رمضان دوست عندما ترشح للانتخابات في كابول رفع شعار حملته بالتهديد بطرد ألفي منظمة غير حكومية ادعى أنها تمارس البحث عن الربح ولاتقدم الا القليل من المساعدات وهذا يذكرنا بحادثة أختطاف طالبان موظفين من بض المنظمات غير الحكومية من كوريا الجنوبية والذي تبين فيما بعد أنهم يمارسون التبشير في أفغانستان ، ونتذكر الضجيج الذي حدث عندما تنصر أحد الأفغان وتم تهريبه إلى إيطاليا وتدخل البابا في عملية حمايته ونقله؟ هذا الموقف يذكرنا بدخول الاستعمار في القارة السوداء، عندما كانت الجيوش الأوروبية المستعمرة تتبع خطوات المبشرين في القارة حتى إن القس الجنوب إفريقي ((توتو)) قال ذات مرة ، أعطيتمونا الصليب وأخذتم الأرض وهي دلالة ذات معنى على أن التبشير كان في خدمة الاستعمار؟ وتركز المنظمات غير الحكومية في أفغانستان 80% من خدمتها على مجالي التعليم والصحة وهي خدمات حساسة في ظل مطالبة واشنطن والدول الغربية بتغير المناهج الدراسية في عدد كبير من الدول الإسلامية ، تصبح هذه المنظمة هي التي تقوم بمهمة المساعدات المشروطة ضمن نظام تعليمي معين؟ وقد لايقتصر الأمر على أفغانستان وإفريقيا ، فحتى جورجيا التي تقع في القوقاز وهي الدولة الجارة لروسيا الاتحادية والتي قامت فيها الثورة البرتقالية التي جاءت بحكومة موالية للغرب وتطالب بالانضمام لحلف الناتو ((NATO)) ، مارست المنظمات غير الحكومية دورآ مهما وفعالا من خلال المساعدات في توجيه الرأي العام فيها، فقد سخرت المساعدات في تمويل عدد كبير من وظائف الدولة أو إداراتها بفعل المساعدات الخارجية، وساعدت هذه المنظمات على تقديم مستشارين أجانب خبراء في الدعاية والإعلام لمساعدة المعارضة في حملتها الانتخابية مما أدى فوزها ، واستعانت بالشركة الأمريكية (بوز ألن هاملتون) للمساعدة على بناء بعض مؤسسات الدولة ، بل تذهب الدراسة التي أشرنا إليها إلى القول إن هؤلاء المستشارين يشاركون في صنع القرارت اليومية في مسائل بالغة الأهمية مثل الأصلاح السياسي في ((جورجيا)) لخدمة المصالح الغربية مما أقلق روسيا على أعتبار أن مايحدث يهدد الأمن القومي الروسي ولذلك فإن العلاقات الروسية- الجورجية متوترة ، ويظهر دور المنظمات غير الحكومية الأجنبية في هذه العلاقة .
إن هذه الجيوش الجرارة من العاملين في هذه المنظمات غير الحكومية الأجنبية في هذه المنظمات غير الحكومية تذكرنا بجيوش الأستعمار في القرن التاسع العشر وبداية القرن العشرين ، وتذكرنا بعمل الشركة الخاصة بلاك ووتر ((BLACK WATTER)) ، وأخذت
بعض الدول النامية تستعين بالشركات الأمنية الخاصة في تثبيت حكمها والقضاء على المعارضة ، إنهم استعماريون جدد تحت ثوب العمل الإنساني وبشكل حضاري،وإذا كانت هذه المنظمات تتلقى المليارات من الدولارات من الدول الصناعية وتمارس نشاطها بكل حرية وبحماية منها ، فلماذا يضيق الحصار على المنظمات غير الحكومية الإسلامية التي تقوم بالإغاثة والأعمال الخيرية ، هذا يؤكد أننا أمام استعمار جديد في ظل العولمة ، إنهم ((استعماريون جدد تحت غطاء المساعدات الإنسانية؟)).