::{ مجالس قبيلة هذيل }:: موقع يهتم بتراث القبيلة ومفاخرها

قراءة إستشرافية فيما رشح /
تداولت وسائل الاعلام الاسرائيلية والفلسطينية ما رشح من معلومات متناثرة من مصادر مختلفة عما تمخض عنه لقاء هيلاري كلينتون وبنيامين نتنياهو وطواقمهما المراثوني ، الذي إستمر لسبع ساعات . وعلى أرضية المثل الشعبي القائل " ما في دخان بلا نار ! " فإن المصادر أفادت ، ببلورة تصور مشترك بين الطرفين ، عناصره تتكون من :
أولا ، إتفاق أمني إسرائيلي - اميركي ، لا يدور حول _ ترتيبات أمنية _ وإنما جرى الحديث عن _ إتفاق أمني _ لمدة عشرة سنوات . وأهمية الاتفاق إسرائيليا ، أنه يضمن لها التفوق العسكري ، وتحسين منظومتها الهجومية ، والحصول على معلومات من اقمار التجسس الصناعية مباشرة . وبيع عشرين طائرة حربية إضافة لما إشترتة الحكومة الاسرائيلية . فضلا عن تخزين اسلحة حربية لحاجات الجيش الاميركي بقيمة مليار دولار ، ويزداد المبلغ العام القادم ليصبح مليار ومئتين مليون دولار ، وهكذا دواليك . وهذه الاسلحة ضمنا ستكون للاستخدام المشترك ، وفي حال إحتاج جيش الموت الاسرائيلي الاسلحة يمكن له إستخدامها .. إلخ
ثانيا ،إستخدام حق النقض ( الفيتو ) ضد أي مشروع قرار يعرض على مجلس الامن لا يتوافق مع الرؤية الاسرائيلية . أو بتعبير آخر ، يستجيب للتوجهات الفلسطينية .
ثالثا ، تجميد جزئي للاستيطان لمدة تسعين يوما . لمرة واحدة ، أي غير قابل التجميد للتمديد . ويسمح البناء في القدس الشرقية والكتل الاستيطانية الاساسية ، إضافة إلى بناء ( 600 ) ستمائة وحدة إستطانية .
وكانت حكومة نتنياهو والجمعيات الصهيونية المتطرفة وقطعان المستوطنين بنوا منذ ال 26 أيلول / سبتمبر الماضي 1600 وحدة إستيطانية ، وفق معلومات حركة السلام الآن . بالاضافة إلى سلسلة طويلة من الاجراءات التهويدية ومصادرة الاراضي والاملاك الفلسطينية في أحياء مدينة القدس .
ورغم أن القيادة الفلسطينية أعلنت بشكل مباشر إن لاعلم لديها عن صيغة الاتفاق الاميركي - الاسرائيلي الجديد ، وبالتالي لم تجهد نفسها في تحديد موقفها مما تداولتة وسائل الاعلام ، مع ان حكومة إئتلاف اليمين المتطرف وفق مصادر صحيفة القدس المقدسية ، أعلنت بعد منتصف ليل أول الامس بعد إجتماع للكابنيت الاسرائيلي السباعي بقيادة رئيس الحكومة ، عن بدء تجميد الاستيطان في الضفة الفلسطينية . وبالتوازي مع ما أعلنته المصادر الاسرائيلية كان فيليب كراولي ، الناطق بإسم الخارجية الاميركية ، أشار إلى تداول الطرفين الاميركي والاسرائيلي تحريك المفاوضات المباشرة .
صحيح كراولي لم يتعرض لنقاط الاتفاق الاميركية - الاسرائيلية ، لكنه لم ينكر وجود إتفاق بينهما . وهو ما سيقوم مساعد السيناتور ميتشل اليوم في عرضه على الرئيس ابو مازن ، إن وافقت حكومة أقصى اليمين الاسرائيلية ، وإن لم توافق فأغلب الظن ان يقوم القنصل الاميركي في القدس بعرض الموقف على رئيس منظمة التحرير . غير ان إعلان حكومة نتنياهو عن البدء فعليا بتجميد الاستيطان في الضفة دون القدس والكتل الاستيطانية ، يشير إلى وجود موافقة إسرائيلية على صيغة الاتفاق .
في ضوء ما تقدم ، ما سيكون عليه الموقف الفلسطيني ؟ هل ستوافق على التجميد الجزئي ولمرة واحدة ؟ وعلى فرض لم يتم الاتفاق على صيغة الحل خلال التسعين يوما القادمة ما العمل ؟ هل ستعود الامور لحيك منديله ؟ ولماذا من حيث المبدأ توافق الولايات المتحدة على الصيغة غير الايجابية المشار لها ؟ ولماذا تقبل عملية التضليل الاسرائيلية فيما يتعلق بالامن ؟ وهل الامن حاجة إسرائيلية فقط ؟ أم انه حاجة فلسطينية وعربية لا يقل اهمية عن الحاجة الاسرائيلية ؟ وما هي تداعيات الاتفاق الامني الاميركي - الاسرائيلي على الدولة الفلسطينية ؟ وهل الجانب الفلسطيني متلقي لما يتم الاتفاق عليه بين أميركا وغسرائيل ؟ لماذا هذا الاستهتار الاميركي بالجانب الفلسطيني والعربي في المعادلة السياسية ؟ ما هي الحكمة من سياسة الركض في متاهة المناورات الاسرائيلية التسويفية والابتزازية للمواقف الاميركية وباقي اقطاب الرباعية ؟
لا أحد ينكر ، او تغيب عنه صورة وحقيقة التحالف الاستراتيجي الاميركي - الاسرائيلي . ولكن هذا التحالف لا يجوز أن يكون سيفا على الرقبة الفلسطينية والعربية . كما أنه مازال قيدا على دور الولايات المتحدة كراعي أساسي لعملية السلام بين الطرفين . ويحول دون تمكن الادارات الاميركية المتعاقبة من لعب الدور المنوط بها .
رغم ان إعادة الحديث حول النقطة الاخيرة شكل من أشكال الترف ، أو بتعبير آخر ، إعمال المبضع في الجرح الفلسطيني والعربي لتعميقه . مع ذلك كان لا بد من الاشارة له . إلآ ان الاهم من التذكير به ، الموقف من الصيغة المعروضة في وسائل الاعلام الاسرائيلية والفلسطينية . وحسنا فعلت القيادة الفلسطينية دون إعلان موقف متسرع ، إلآ انها مطالبة بموقف ينسجم وما طرحتة خلال حكم نتنياهو وأقرانه من اليمين المتطرف . بمعنى عليها أن تفكر الف مرة قبل الموافقة على صيغة التجميد الجزئي ، وكذلك عليها ان ترفض فكرة التجميد لمرة واحدة ، لان ذلك يقيدها بوقت محدد دون بلوغ الهدف المراد . ويعلم الرئيس عباس أكثر من أي شخص آخر سياسة التسويف والمماطلة الاسؤرائيلية عموما والنتنياهوية خصوصا . لذا ليس مضطرا أن يخضع للابتزاز الاسرائيلي - الاميركي إذا اراد ان يصل إلى خيار الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران عام 1967 واولها القدس الشرقية . وإذا تمكنت قيادة إسرائيل من إنتزاع تنازل من القيادة الفلسطينية في تجزئة التجميد والبناء في المستعمرات الاسرائيلية وخاصة في القدس والكتل قبل الوصول إلى حدود الدولتين للشعبين ، فإن مشروع الحل السياسي قد لا يرى النور لسنوات طويلة ، وبالتالي قد يدفع الشعب الفلسطيني ثمنا كبيرا من لحمه الحي . الامر الذي يفرض على القيادة التدقيق ، وعدم الخضوع للابتزاز الاميركي - الاسرائيلي ، وعليها الاستقواء بالشرعية والاقطاب الدولية الداعمة لخيار الدولتين للشعبين على حدود 67 .
سيبقى الرهان على القيادة الشرعية برئاسة الرئيس محمود عباس قائما ، التي عركتها تجربة المفاوضات المريرة مع حكومات إسرائيل المتعاقبة . لانها هي وحدها أيقنت من تجربتها الكيفية التي تدير بها القيادات الاسرائيلية المناورات التسويفية الكاذبة لفرض الوقائع الجديدة والتملص من كل صيغ الاتفاقات المبرمة معها في حال كانت تتعارض مع مخططاتها العدوانية .بالتالي لن تمرر القيادة على نفسها وشعبها ألاعيب حكومة نتنياهو . وستكون له بالمرصاد لتصويب أي خلل في صيغة الاتفاق الاسرائيلي - الاميركي ، بحيث يقف أي إتفاق على قدميه لمصلحة التسوية السياسية ، لا إتفاقا مقلوبا على رأسه !؟