رد: مدح الرسول .........
الأستاذ الفاضل مشعل الهذلي وفقه الله ورعاه
السلام عليكم مجدداً.
موضوع شيق، وأبيات جميلة..
وقد بحثت في الموضوع فتبين لي أن القصيدة كما رجحت حفظك الله للشاعر السعودي الحجازي يحيى توفيق عمر، وقد ذكر ذلك الشاعر يحيى توفيق بنفسه بعد أن نشرت هذه القصيدة في مجلة المنهل السعودية العدد 601 عام 2006 على انها لنزار قباني، ثم اعتذرت المجلة عن الخطأ في العدد التالي رقم 602.
وقد كال النقاد المديح للقصيدة وشاعرية قائلها ردحاً طويلاً من الزمن
اعتقاداً منهم أنها لنزار !!!
والغريب أن بعضهم كانوا من المشككين في شاعرية يحيى توفيق،
ولعلهم من النقاد الذين ينساقون خلف نجومية الأسماء العملاقة ..
مؤكدأ بعد ذلك مقولة: زامر الحي لا يطرب ..
واسمح لي أن اشارك معك بنماذج شعرية للشاعر يحيى توفيق:
[line]
(سمراء)
سـمراءُ رقـّي لـلعليل الباكي
وتـرفقي بـفتى مـناه رضـاكِ
مـا نـام مـنذ رآكِ لـيلة عيده
وسـقته مـن نبع الهوى عيناكِ
أضـناه وجـدٌ دائـمٌ وصـبابة
وتـسـهدٌ وتـرسـمٌ لـخـطاكِ
أتـخـادعين وتـخلفين وعـودَه
وتـعـذبين مـدلـّها بـهـواكِ
وهـو الـذي بات الليالي ساهرا
يـرعى الـنجوم لـعله يـلقاكِ
فـي يـوم عـيدٍ حـافل قـابلتِهِ
فـتسارعتْ تـرخي الخمارَ يداكِ
أتـحـرّمين عـليه مـنية قـلبه
وتـحـللين لـغـيره رؤيــاكِ
وتـسارعين إلـى الهروبِ بخفةٍ
كــي لا يـمتّع عـينَه بـبهاكِ
وتـعـذبين فـؤادَه فـي قـسوةٍ
رحـماكِ زاهـدة الهوى رحماكِ
مـا كان يرضى أن يراكِ عذوله
بـين الـصبايا تعرضين صباكِ
وتـقربين عـذوله بـعد الـنوى
وتـردديـن تـحـية حـيـاكِ
يـا مـنية الـقلب المعذب رحمة
بـالمستجير مـن الجوى بحماكِ
أحـلامه دومـا لـقاؤكِ خـلسة
عـند الـغدير وعـينُه تـرعاكِ
تـرضيه مـنك إشـارة أو بسمة
أو هـمسة تـشدو بـها شفتاكِ
لا تـهجري وتـقوضي أحـلامَه
وتـحـطمي آمـالـَه بـجـفاكِ
وتـرفـقي بـفـؤادِه وتـذكري
قـلـبا بـداية سـعده رؤيـاكِ
قد كان أقسم أن يتوبَ عن الهوى
حـتى أسـرتِ فـؤادَه بـصباكِ
سـمراءُ عـودي واذكري ميثاقنا
بـين الـخمائل والـعيونُ بواكِ
كيف افترقنا إيه عذراءَ الهوى
لـم أنـسَ عهدك لا ولن أنساكِ
بـين المروج على الغدير تعلقتْ
عـيني بـعينك والـفؤادُ طواكِ
ثـم الـتقينا فـي الخميلة خلسة
وشـربتُ حـينا من سلافِ لماكِ
وتـساءلتْ عـيناك بـعد تغيبي
أنـسيتَ عـهدي أيـها المتباكي؟
لا والذي فطر القلوب على الهوى
أنـا مـا نسيتُ ولا سلوتُ هواكِ
لـكنّ قـلبي والـفؤادَ ومـهجتي
أسـرى لـديكِ فـأكرمي أسراكِ
سـأظل فـي محراب حبكِ ناسكا
مـتـبتلا مـسـتسلما لـقضاكِ
[line]
(غربة)
وحْدِي وهذا الدُّجَى.. ضَاقَـــتْ بِيَ الدَّارُ
غريبُ رُوْحٍ ذَوَى.. أقْصَـــــتْهُ أسْفارُ
ظمآن.. لا مــاءَ يروي غُلَّتِي.. وَفَمِـي
قد جــــفَّ.. والعَزْمُ في عَيْنيّ إصرَارُ
ورُبَّ ظــــامٍ صــَدٍ والمَاءُ في فَمِهِ
كأنَّما صُـــبَّ في أحشــائِهِ.. نَــارُ
وكَمْ شَجٍ ضــاحِـــكٍ والحُزْنُ يطحَنُهُ
يَبْـــدُو خــليّاً.. وفي جَنْبَيْـهِ إعْصَارُ
والذُّلُّ للــحُرِّ جُـــــرْحٌ لا دَواءَ لَهُ
والـعـَيْشُ في الــذُّلِّ إنْ سَـوَّغْتهُ عَارُ
حيْرانَ تَــــــجْمَعُنِي والـهَمَّ أفكَارٌ
واللَّــيْلُ حَــولي ومـلءُ القـَلْبِ أكْدارُ
أخْــــــفِي وأكْـتُمُ و الآلامُ تسحقُنِي
كأنّــَما دُقَّ في جَــنْبَيَّ مِــــسْمَارُ
أرنُــــو إلى مَا مَضَى و العُمْرُ يسلبُهُ
كَــرُّ اللَّــيالي وايـــسَارٌ وإعْـسارُ
ليْتَ الزَّمـــــــانَ الّذي بالبُعْدِ فَرَّقنا
يُـــدْنِي ويُــرجِعُ مَنْ شَطَّتْ بِهِ الدَّارُ
أكُلَّمَا قَرَّبــتْ مَا بَيْنَنَا سُـــــــبُلٌ
عــادتْ تُــفرِّقُنا في الأرْضِ أقْــدَارُ
جُرْحِي طــــويلٌ وقلبي مُــثْْقلٌ أبداً
يا أيُّــها القـــلبُ كَمْ أشْجَـتْكَ أوْزَارُ
لا الحُزْنُ يَبْقى ولا الأفْـــــرَاحُ دائمَةٌ
تَــبْـلى المَــشَاعِـرُ.. والآمالُ تَنْهَارُ
يَشْقَى ويَأْرَقُ مَنْ أعْــيَتْهُ أوْطَــــارُ
والــرِّزْقُ والـجَـدُّ.. إقْـبـالٌ وإدْبَارُ
كَمْ ضَــاقَ بالفَقْرِ أبْرارٌ وإنْ صَــبَرُوا
وكَــمْ تــقاتـلَ.. عند المالِ.. أصْهارُ
كأنَّهم أذْؤُبٌ في قـــــفْرةٍ سَــغِبُوا
بَــدَى لَهُم بـعـد طـولِ الجُوُعِ أعْيَارُ
هبُّـــــوا إليها وفـي أعُرَاقِهِمْ نَـهَمٌ
كالـنَّار يـدفعُهُمْ.. فـالجُـــوْعُ جَـبَّارُ
وهَكَذا النَّاسُ حُبُّ المــــالِ أفْقَــدهُمْ
حُــلْوَ الخِـصَـالِ.. فَـمَغْـدُورٌ وغَدَّارُ
يبدون كالعُمْيِ.. لـكن ليـس ثَمَّ عَــمَى
وإنّـَما عَــمِيَتْ في الحــقِّ أبْـصـارُ
جارُوا على بَعْضِهِم لا دِيْنَ يــــردعُهُمْ
وغــــرَّهُـم جَـشَـعٌ في النَّفْسِ أمَّارُ
عاشُوا وماتُوا.. ضَحَايا الحِرْصِ وانْقَرَضُوا
لمْ يُــجْدِهِمْ كـلبٌ أو يُـغْـنِ إحْـضَارُ
وبيْنَ هذا الــــــورى حُرٌّ أحَاط بِهِ
رَيْــبُ الــزَّمانِ.. على الإرْزَاءِ صَبَّارُ
يَنُوءُ لا يشـــــــتكِي والنَّفْسُ قَانِعَةٌ
وفي أســارِيْرِهِ.. للطـــــُّهْرِ أنْوَارُ
لّمْ يَنْسَ في غُرْبَهِ الأوْجَــــــاعِ مَبْدَأهُ
لا ذَلّــــَهُ الفــَقْرُ أوْ أطْــفَاهُ إكْثَارُ
وبين أعْمَـــــــــاقِهِ للنَّاسِ قَاطِبَةً
حُــبٌّ يَـفِيْضُ وإنْ عَنــَّوْهُ أوْ جَارُوا
يَمْضِي دَؤُوْباً فلا حِــرْصٌ ولا كَــسَلٌ
يُـــعَلِّلُ النَّـــــفْسَ فالأرْزَاقُ أقْدَارُ
.. ما أتْفَهَ العُــــمْرَ لو عِشْنَا نُــبَدِّدُهُ
كَمَا يُــبَدِّدُ حُـــرَّ المَالِ أغْـــرَارُ
أكْلٌ ونَـــوْمٌ بِلا فِـكــْرٍ ولا هَـدَفٍ
كأنَّنا في بــِقَاعِ الأرْضِ أبْـــــقَارُ
فالعَيْشُ مُتْعـــَتُهُ فِيــْمَا نُــكابــِدُهُ
عُـــسْرٌ فَــــيُسْرٌ.. وأفْرَاحٌ فَأكْدَارُ
والـفـِكـْرُ كَالـحُـبِّ أحْلَى ما نُـزَاوِلُهُ
لــولاهُ لَمْ تَــحْلُ آمـــالٌ وأعْمَارُ
والنّـــَاسُ في رِحْــلَةِ الأيَّامِ أوعـيَةً
للــخَيْرِ والشَّــرِّ والإنْــسَانُ يَخْتَارُ
[line]
ألقٌ يلوح على وجوه ذوي اليقين
وسنى يضيء على جبين المؤمنين
وطلاوة في الروح يدركها الذي
يدنوا إلى أهل الحجا المتفكرين
فتصورا ماذا يكون وفكروا
لو أن يوماً ظبية ولدت جنين
من صلب ذئب سادر في غابةٍ
هذا الهجين فما عساه غداً يكون
أيكون ذئباً أم غزالاً ربمّا ..!!
فإذا جهلت وقد تحيرك الظنون
فارمِ له عظماً وعشباً وانتظر
فإذا دنا للعشب في رفق ولين
فهو الغزال وإن عدا وثباً إلى
حيث العظام فإنه ذئب مشين
وإذا اختبرت الناس سوف تراهم
إما ذئــابــاً أو ظباءً يرتـعــون
إن شئت تمحيصاً فقرّب نحوهم
أشتات قوتٍ ثم لاحظ مايكون
من يدنُ من قوت البطون فإنه
مهما تخفى وارتدى ذئبُُ خئون
أما الذي يدنو إلى قوت القلوب
فــإنــه روح محـلقــة حــنـــون
فأسعد بذي الروح المحلق وأبتعد
عن كل ذئب همّه هم البطون
فالناس مخلوقون من روح وطين
يسمو الفتى بالروح أو يدنو بطين
آملاً أن تعذرني على طول المداخلة..
ولك من محبك خالص التحية، وصادق الدعاء.
|