الموضوع
:
مفتي نابلس الشيخ الجليل مشهور الضامن المسعودي
عرض مشاركة واحدة
11-29-2006, 03:09 PM
رقم المشاركة :
2
معلومات
العضو
إحصائية العضو
اخر مواضيعي
رد: مفتي نابلس الشيخ الجليل مشهور الضامن المسعودي
أن الشيخ مشهور منذ بداية شبابه كان على وعي وإدراك لما يُخطط للأمة الإسلامية، وإن من أخطر تلك المخططات "الغزو الثقافي" الذي أدركه الشيخ أيام كان طالباً في المرحلة الثانوية، في فترة الاحتلال البريطاني في فلسطين، وقد ذكر لي ذلك فقال: كنا ونحن ندرس في المدرسة الصلاحية نتلقى حصة واحدة فقط في التربية الإسلامية، وأما حصص اللغة الإنجليزية فقد بلغت ثلاث حصص يومياً، فكانت سبع عشرة حصة في الأسبوع، أما التاريخ المقرر على الطلاب في المناهج فكان من تأليف مستشرق بريطاني اسمه "بريستد" وكان يخوض في تاريخ الإنسان على الأرض بما يخالف عقيدة المسلمين ويخالف ما أنزله الله في كتابه الكريم، وبما يبعدنا عن تاريخنا المجيد، وكانوا يوزعون علينا كتاباً اسمه "الشخصية" يتحدث فيه المؤلف عن رجال الغرب العظماء، ولا يتحدث عن رجال المسلمين العظماء، وقد شعرت بعد أن أنهيت الدراسة الثانوية ضمن تلك المناهج، أنني غير متفقة في ديني التفقه اللائق بالمسلم، فأنا إذن أحد ضحايا المناهج التي فرضت علينا من قبل الغزاة الغربيين.
عندما ذهب إلى مصر للدراسة في الأزهر الشريف، اشترك مع إخوانه هناك في العمل الوطني، وشارك في المظاهرات ضد الاحتلال البريطاني، مما دعا المستعمرين الإنجليز إلى القبض عليه وسجنه.. وفي عام 1941م قبض عليه الإنجليز وسجنوه مرة ثانية.. وفي مقابلة أجريتها معه في عام 1994م روى لي هذا الحدث فقال: "كنا ونحن ندرس في الأزهر نخطب في المساجد ونتكلم ضد الاحتلال الإنجليزي، وبعد ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق، اتفقنا مع مصطفى السباعي أنا وهاشم الخازندار وإبراهيم القطان على إصدار بيان للشعب المصري للتعريف بالقضية الفلسطينية، ومهاجمة السياسة البريطانية في فلسطين والمنطقة العربية.. وقررنا توزيعه يوم الجمعة على المصلين في المساجد... وثارت ثائرة الإنجليز، وبدأوا يفتشون عن الذين خططوا لهذا العمل، وبعد ثلاثة أيام اعتقلونا، ووضعونا في سجن التخشيبة، وبقينا فيه ثلاثة أشهر.
وتدخل الشيخ المراغي في موضوعنا، فأخرجونا من مصر، وتسلمتنا السلطات البريطانية في فلسطين وأحلَّتنا معتقل صرفند مدة أربعة أشهر.. وتدخل أخي الأمير عبدالله الضامن عميد عشيرة المساعيد، وكانت له منزلة في منطقته، وطلب من المندوب السامي إخراجي من المعتقل... فأرسل من يخرجني فرفضت إلا مع إخواني الذين دخلوا السجن معي وتم الإفراج عنا جميعاً".
في أواخر الخمسينيات شاع بين الناس انتساب بعض كبار المسؤولين في الأردن إلى الماسونية، فاعترض الشيخ مشهور على هذا الانحراف، وكلم قاضي القضاة في ذلك، وقال له كلمة الحق، فرفض الشيخ الشنقيطي كلامه واعتراضه، وحجب عنه الراتب وأوقفه عن العمل في الإفتاء.. فذهب الشيخ مشهور إلى مزرعته في الغور واعتكف فيها، وحمل الطورية "الفأس" وعمل مع المزارعين تسعة أشهر، واحتج عدد من وجهاء نابلس على ما حدث وطلبوا من الحكومة إعادة الشيخ مشهور إلى الإفتاء.
في عام 1966 ذهب الشيخ الضامن إلى السعودية للعمل خبيراً للخطوط العربية هناك، وهي الخبرة والمهارة التي أجادها عندما كان يدرس في الأزهر في الثلاثينيات، إذ درس الخطوط العربية إلى جانب دراسته الشرعية.
وبعد ستة أشهر من ذهابه قامت إسرائيل باحتلال الضفة الغربية في حرب 1967م، فرجع إلى عمان ودخل إلى نابلس خفية عن طريق الغور، وصار يدعو إلى مقاومة الاحتلال.. فاتصل موشى ديان بالحاج معزوز المصري رئيس بلدية نابلس وأخبره بأن إسرائيل لا تقبل وجود الشيخ مشهور في نابلس، وعليه أن يغادر البلد.. فخرج الشيخ إلى الحجاز.
عندما كان الشيخ محمد أبو سردانة قاضي القضاة في السلطة الفلسطينية، كان يختار العلماء المخلصين لتولي مناصب القضاء والإفتاء.. وقد عمل على عودة الشيخ مشهور إلى نابلس لتولي الإفتاء، ووافق رئيس السلطة ياسر عرفات على ذلك، وعاد الشيخ إلى نابلس... وكان من مخططه العمل على تشييد صروح للعلم الشرعي في أرض الإسراء والمعراج، ودعوة الناس إلى ذلك، والعمل على ربطهم بعلمائهم السابقين، والسير على هداهم.
وفي إحدى جولاته زار بلدة جماعين وتسمى في الأصل "جُمَّاعيل" وهي بلدة العلامة الشيخ ابن قدامة، وتذكر وهو في طريقه إليها قول الشاعر:
عرفت الدار دار بني قدامة
ودار الأكرمين لها علامة
ولما وصل إلى البلدة توجه إلى الدار، فهاله ما رأى!! فقد وجدها مكباً للنفايات في البلدة... فجمع الناس وتكلم فيهم عن ابن قدامة العلامة الكبير الذي انتشر علمه في كل مكان، ودعاهم إلى إكرام هذا العالم الجليل بتكريم داره التي كانت مناراً للعلم وقبلة للعلماء.. وعمل معهم على إزالة القمامة وتنظيف الدار.. وقال لهم: سنعمل إن شاء الله على إنشاء جامعة في هذه الدار نسميها "جامعة ابن قدامة".
وبدأ الشيخ يحضّر لمشروع الجامعة.. ولما قام الرئيس ياسر عرفات بزيارة لنابلس عرض عليه المشروع، واستعد للقيام بجولة لجمع التبرعات لإنجازه.. فطلب منه الرئيس أن يعدّ دراسة ويرسلها له عن طريق أحد المسؤولين في نابلس، وسيرعاها الرئيس بنفسه.
وأعد الشيخ الدراسة وقدمها!!! وتأخر الجواب.. وأعدها مرة ثانية وذهب بها إلى غزة لمقابلة الرئيس ، فقال له السكرتير "واسمه موسى": إن الرئيس مشغول!! ثم جاء الجواب بإحالته إلى بعض المسؤولين الذين لم يعيروا الموضوع أي اهتمام.. وطلبوا من الشيخ أن يريح نفسه وسيتولون هم العمل على إنجاز المشروع!
وكانت الصدمة قاسية.. وفوق التحمل!! وأصيب الشيخ بإحباط وبآلام مبرحة في الظهر، أصابته في اليوم التالي للقائه تلك القيادات، وأقعدته في الفراش، ونام ليلته عند صديق له كان يعمل رئيساً للجامعة الإسلامية في غزة.. ونُقل الشيخ إلى نابلس، ثم نقله ابنه عبدالكريم إلى عمان.
ويقول الأستاذ زهير الشاويش:
"كانت معرفتي به مطلع سنة 1365ه- 1946م عندما حملت إليه رسالة من أستاذنا الشيخ مصطفى السباعي الذي كان زميله أيام الدراسة في مصر، وفي والعمل مع جماعة الإخوان المسلمين والصلة مع الأستاذ محب الدين الخطيب، يطلب فيها تعريفي بمنطقتهم حول القدس والطرق المؤدية إلى القدس وأماكن التحرك في منطقة الغور، حيث كانت النية منعقدة أن تكون هذه المنطقة مجال تحركنا في الجهاد دفاعاً عن فلسطين، وعقد الصلات مع المجاهدين السابقين، كما زرت مختلف مدن وقرى فلسطين، وقد استقبلني بترحيب ظاهر وكرم زائد، واهتمام كبير وذهبت معه إلى الغور، وهو يمثل فيه إحدى أكبر العشائر "المساعيد" وله الإمارة على بعضها، اتباعاً لميراث العشائرية هناك، ووجدت منه كل لطف وكان يناديني يومها ب"الرائد" ويكرر المثل المشهور: "إن الرائد لا يكذب أهله" وكنت في تلك الأيام أحاول حفظ ألفية ابن مالك "الخلاصة" وندَّت مني كلمة أثناء الحديث معه، حيث أوردت فيها شطراً من أبياتها وهو:
ورغبة في الخير خير وعمل
بر يزين وليقس ما لم يقل
فما كان منه إلا أن جعل يروي على مسمعي محفوظاته من الألفية وغيرها من المتون التي يحفظ الكثير منها.
ولما ذهبنا في كتيبة الإخوان المسلمين السورية إلى فلسطين سنة 1367ه - 1948م كان مكان وجودنا في القدس، ولم نتمكن من زيارتهم في نابلس، غير أنني عبرت مع بعض إخواني ومنهم العالم الشهيد الشيخ راضي الجوهري إلى مكان كان فيه مجموعة من إخوانه محاصرة لمساعدتهم، وبعد فك الحصار عنهم رجعنا ولم نجتمع بهم لإحاطة الأعداء بنا وبهم.
وبعد ذلك أقمت والأستاذ عصام العطار في الأردن، وكانت بيننا وبين الشيخ مشهور الضامن وإخوانه العلاقات الطيبة الوثيقة، ووجدنا منه المعونة الصادقة في الدعوة والرأي الصائب وكان يومها مفتي مدينة نابلس.
معرفتي به
سعدت بمعرفة الشيخ مشهور الضامن من خلال ما حدثني به الإخوة الحاج عبدالرزاق الصالح المطوع، وعبدالله سلطان الكليب اللذان زارا الأردن واطلعا على مخيمات اللاجئين فيها، وكان بصحبتهم الأخ الداعية الشيخ مشهور الضامن، حيث حضرا من الكويت ممثلين عن جمعية الإرشاد الإسلامي، وحاملين للاجئين في المخيمات المساعدات العينية والنقدية، لتخفيف معاناتهم والوقوف إلى جانبهم في محنتهم، وكان هذا هو شأن الإخوان المسلمين في جميع الأقطار العربية الذين استنفروا جهودهم، وبذلوا طاقاتهم تجاه إخوانهم الفلسطينيين، الذين هُجّروا من ديارهم بغير حق وبتواطؤ الدول الكبرى مع الصهيونية العالمية، وخيانة الأنظمة الحاكمة التي أسلمت قيادة جيوشها إلى ممثل الاستعمار الجنرال كلوب، الذي لعب دور الخيانة، وسلّم المدن الفلسطينية دون قتال لليهود الغاصبين، ومنع القادة الوطنيين من ممارسة دورهم في كسر شوكة اليهود والتصدي لهم، وتلك ولا شك هي المأساة، لأن الأمر لو كان بيد الشعوب وبقيادة المجاهدين المسلمين، لكان الحال والمآل غير ذلك.
كما شرفتُ بلقياه في مكة المكرمة والرياض والأردن مرات عدة، وبخاصة في مكتب الرابطة بعمان، وفي منزلي، وفي منزله، برفقة الإخوة حسني أدهم جرار، ومحمد عبدالرحيم، ويوسف الزرعيني، ووليد أبو حجير، ومحمد عبدالوهاب، وغيرهم من الإخوة الكرام الذين يعرفون قدر الرجل وجهاده ومكانته.
وكانت همته همة الشباب، وعزيمته عزيمة المجاهدين المرابطين الذين بقوا على العهد محافظين، ولدعوة الإسلام مخلصين عاملين، لا تؤثر فيهم جسامة الأحداث، ولا فداحة الخطوب، بل الثبات على الحق ديدنهم، والعمل في سبيل الله لإعلاء كلمة الله هدفهم، ونيل الشهادة أسمى أمامنيهم، فكان القدوة لنا في الاستمرار على حمل عبء الدعوة، مهما كانت العقبات والصعوبات، والعمل الجاد لتربية الشباب على منهج الإسلام، ليحملوا الدعوة بقوة إلى الناس جميعاً، وليأخذوا دورهم الطليعي للتصدي لأعداء الأمة من اليهود، وغيرهم من المفسدين في الأرض.
ولقد كتب قطعة فنية رائعة بخطه الجميل، لآيات من القرآن الكريم، أهداها إليَّ للذكرى باسمي مذيلة بتوقيعه عليها، مازلت أحتفظ بها وأعتز من يد هذا الشيخ الصالح المجاهد.
وفاته
انتقل فضيلة الشيخ مشهور بركات الضامن إلى رحمة الله تعالى يوم 31-10-1998م في مدينة عمان بالأردن، حيث شيعه الكثير من إخوانه ومحبيه وتلامذته، ودفن في مقابر عمان.
رحم الله أستاذنا الجليل رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً، والحمد لله رب العالمين.
منقول من منتدى قبائل المساعيد والأحيوات
http://www.albdya.com/vb/showthread.php?t=656
الأمير المسعودي
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى الأمير المسعودي
البحث عن كل مشاركات الأمير المسعودي