رد: رثاء نشيبة لأبي ذؤيب الهذلي
أشكر أخي الأديب (أبو المثلم) على إيراد هذا النص الهذلي الجاهلي الموغل في القدم.
والملاحظ على شعر أبي ذؤيب اتباعه أسلوب السرد المباشر ،
والبعد عن المقدمة الطللية المعتادة في عصره ،
وكان يستعين للوصول لغرضه من القصيدة بالصور القصصية الرائعة ،القصة تلو الأخرى فإذا كان الغرض رثاء أستعرض القصص ذات النهايات المأساوية؛ للتأسي والتصبر وغالبا ما يصور قطيع كان في دعة ومرعى خصيب ثم قل الماء وتكاثرت الأخطار ، وتفرق القطيع ، وتشتت، فالمصير الدامي للوحوش هي حال من يبكيهم سواء أبناءه في قصيدة "أمن المنون"
أو المرثي في هذه القصيدة ( نشيبة بن مُحرِّث ، أحد بني مؤمل بن حطيط بن زيد بن قرد بن معاوية بن تميم بن سعد بن هذيل).
والطريف أن الشعراء الهذليين حينما يكون الغرض التحدث عن انتصار أو مدح يكون مصير القطيع وقائده هو تجاوز الأخطار ..
إذن أبو ذؤيب حينما يسوق الكثير من الأبيات التي تحتوي على قصص الحيوانات لم يكن متسليا بل إنه ليصب في صلب غرضه ، ويكفي أن تنظر إلى رثائه لأبنائه فقد كانت المقدمة
في 18 بيتا والقصص في 50 بيتا
إذن الوحدة الموضوعية هي التي تسيطر على الحس القصصي وتوحد نسيج القصيدة بكافة ألوانه.
===
ملاحظة : أذكر تعليق أحد الفضلاء حين خطّأ ما أورده أبي الفرج في الأغاني من قصة مطولة تشير إلى أنه عند وفاة الابن الأكبر لأبي جعفر المنصور مشى في جنازته ثم انصرف إلى قصره ونادى على الربيع أن يأتي بمن ينشده "أمن المنون" وحضر من أنشده إلى قوله "والدهر لا يبقى على حدثانه" قال : سلا أبو ذؤيب ، وقد رفض هذا الكلام جملة وتفصيلا بناء على ما يراه من وحدة موضوعية، وأن المقدمة ما هي إلا مفتاح القصة.
وإنني لأشد على يديه إذ أنه من غير المعقول أن يبكي أولاده الخمسة بهذا العدد القليل من الأبيات ، ثم يسوق خمسين بيتا عبثية لاهية في هذا المقام !!!
ولو تعمق في الشعر الهذلي لوجد "والدهر لا يبقى على حدثانه" متلازمة شعرية هذلية يبدأ بها الشاعر قصته ولوجدها عند أبي كبير ، وقيس بن العيزارة ،وأسامة بن الحارث، وساعدة بن جؤية ...
ولعلم أنها جزء من غرض القصيدة وصور تؤدي إلى هدف،
والبحث في هذا المجال شيق وقد أهتم به بعض العلماء لعل الأيام تسعدنا بالكتابة في الحس القصصي ووحدة بناء القصيدة الهذلية.
آخر تعديل حامد السالمي يوم 12-08-2008 في 11:47 AM.
|