عرض مشاركة واحدة
قديم 08-05-2009, 06:11 PM   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
مشرف لمجلس أبي ذؤيب الهذلي للشعر الفصيح

 
الصورة الرمزية رداد الفضلي الهذلي
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

رداد الفضلي الهذلي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أخطأ النابغة وأصاب حسان


شكرا للأخت الفاضلة / أم دانة
التي أتحفتنا برأيها عبر سطور تنبئ عن فكر نيّر واطلاع جم يداعب ملامس الذائقة الأدبية
وهذه المداخلة النيرة تثري النقاش ومهما استمر النقاش فالود يبقى مخيما كالضباب الندي

فأقول لك أختي الكريمة :

إن كلامي ليس تحاملا على شاعرية النابغة بل دفاعا عن شاعر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي شكك أعداء الإسلام في شاعريته ومقصدهم الطعن في نبينا صلى الله عليه وسلم بأنه اختار شاعرا ضعيفا للدفاع عن الإسلام
فجعلوا هذه الحادثة حادثة سوق عكاظ أساسا من أسس النقد الجاهلي , فرددها بعضنا من دون تفكير وتمعن
مع أن بعض النقاد شكك في صحتها , ونستطيع أن نستبدلها ببعض المواقف النقدية الأخرى


ثم ألا تلاحظ معي أخي الكريم أن الملامح النقدية تعبر عن رأي صاحبها وإن كنت أتفق مع قدامة بن جعفر فيما قال
شيء جميل , أي أن النقد ليس عملية حسابية ثابتة النتيجة , فما أوصله النابغة من قول وأقنع الناس به قد ينقضه غيره , والشاعر ينام ملء جفونه عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصمُ
ولكن أختي الكريمة بعض أساتذة الجامعات يذكر رأي النابغة مجردا فيظن الطلاب أن حسان ضعيف الشاعرية وفي فصاحته نقص ولا يعرض للطلاب رأي قدامة ليبين لطلابه بحبوحة النقد وأن حسان ليس بتلك السذاجة

إلا أن هذا لايخرج النابغة عن كونه طرح فكر نقدي كان أساسا للنقد في ذكر الهنات وبدائلها وليس مجرد الأحكام المطلقة والعامة
إذا كان الأمر بالأسبقية فإن أم جندب قد سبقت النابغة في النقد وذكر الهنات واختيار الأجود عندما حكمت بين امرئ القيس وعلقمة الفحل وفضلت قول علقمة على امرئ القيس وذكرت سبب التفضيل

كما أنك أخي الفاضل ماتطرقت في نقد النابغة إلا لما أثبت عكسه قدامة بن جعفر ولم تعرض ماذهب إليه من استخدام جموع القلة ومارمت إليه من رؤى نقدية ناضجة.
لقد فتح قدامة بابا للنقاد للدفاع عن شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم , فجزى الله قدامة كل خير
والباب مفتوح للنقاد في سبب اختيار حسان لجموع القلة
ولقد احتفظت برأيي في ذلك حتى لا تذهب حقوقي الفكرية , وأسأل الله أن يعينني في إصدار كتاب نقدي يتطرق لهذا الأمر وغيره

كان من الأولى الرد على الأخ " الفارس " بأن الإقواء عيب وقع فيه الكثير من الشعراء لا سبيل لحصرهم ومنهم الشاعر حسن بن ثابت رضي الله عنه الذي نحن بصدد الحديث عنه في قوله :
لا بأس بالقوم من طول ومن قصرٍ
جسم البغال وأحلام العصافيرِ
كأنهم قصب جُوفٌ أسافله
مثقّب نفخت فيه الأعاصيرُ
لقد خانتك الذائقة في هذا الكلام , وليتكِ فرقتِ بين إقواء النابغة وإقواء حسان ؛ فالنابغة قد أقوى في شعره عندما قدم إلى المدينة ولا شك

ولكن البيت الذي أوردتيه لحسان قد روي رواية أخرى وهي :

كأنهم قصب جُوفٌ أسافله مثقّب فيه أرواح الأعاصيرِ ( بكسر الراء )

إذن ؛ حسان لم يقوِ في هذا البيت , وإنما كان الخطأ من الراوي الذي استشهدتِ بقوله

فليتكِ ذكرتِ الروايتين حتى يزول اللبس ولا يكون ذلك تحاملا منكِ على شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم


كما أبين لك أختي الكريمة أنني لا أؤجر عقلي , فمهما قيل عن فضل شاعرية النابغة فذلك لا يعني أن نقده قرآن منزل , ولا يعني أنني أقتنع بنقده لحسان ذلك النقد المجحف

أما قولي
" يكفيه أنه لا يقول الشعر إلا إذا رهب "
فأعلم من ذلك أن المقصود هنا إجادة فن الاعتذار , ولكن هذا الاعتذار لم يأت إلا من خوف ورهبة ,
فامرؤ القيس مثلا قيل عنه : أنه أشعر الناس إذا ركب
ولو خير أي عربي أصيل بين أن يكون أشعر الناس إذا رهب وبين أشعر الناس إذا ركب لاختار أن يكون أشعر الناس إذا ركب
وهذا مجرد اختيار للشخصية ولا دخل له في الشاعرية , والنفس دائما تطمح للأفضل ,
وهذا لا يعني أن النابغة ليس بشاعر بل شاعر له مكانته

وإذا أنكِ اعتبرتِ قولي هذا تحاملا على النابغة , فلا تنسي أن النابغة قد تحامل على شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم

ملحوظة أنا من محبي شعر حسان ومفضليه
إذن .... فليسل كل منا قلمه ويشحذ همته للذود عن شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم , الذي سخر موهبته للذود عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم , وجعل شعره لخدمة دين الله , ونرد على أولئك الحاقدين - من المستشرقين ومن سار على نهجهم - الذين شوهوا صورته , وطعنوا في شاعريته , ونجعل شعره مرتعا خصبا للبحث والتنقيب فنملأ أدراج المكاتب تبيانا لفضله وفضل شاعريته

شكرا لكِ أيها الأخت الكريمة
وكساك الله من العلم والمعرفة أبهى حلة , وأمطر عليكِ سابغ الفضل
وتقبلي تحياتي






التوقيع

وأنسى الذي قد كنت فيه هجرتها

كما قد تنسّي لبّ شاربها الخمرُ

رد مع اقتباس