عرض مشاركة واحدة
قديم 03-21-2010, 05:48 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

الرحال الهذلي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: المســــــعودي

تابع
مما ضمناهما، وغير ذلك من أنواع العلوم وأخبار الأمم الماضية والإعصار الخالية مما لم يتقدم ذكره فيهما. " [1]
وفي مدخل كتابه "التنبيه والإشراف" يتحدث عن الغرض من هذا الكتاب، فيبدأ بذكر مؤلفاته إلى حين وضع التنبيه، ويحدد ما في كل منهما من أبحاث وفوائده ومواضيع، ثم يبين ما في الكتاب نفسه على نحو ما نقلناه قبلاً. ولولا خشية الإطالة لنقلنا ذلك كله، تبياناً لأسلوب المسعودي، وتوضيحاً لدقته في تحديد أبحاث مؤلفاته.
والمسعودي، مثل الكثيرين ممن تعلموا وألفوا وحدثوا وهم يتنقلون من مكان إلى آخر في العالم الإسلامي وخارجه، يرجو القارئ يعذره. فتراه يقول في مدخل مروج الذهب " على أنا نعتذر من تقصير أن كان، أو نتنصل من إغفال أن عرض لما قد شاب خواطرنا وعمر قلوبنا، من تقاذف الأسفار وقطع القفار، تارة على متن البحر وتارة على ظهر البر، مستعلمين بدائع الأمم بالمشاهدة، عارفين خواص الأقاليم بالمعاينة، كقطعنا بلاد السند والزنج والصين، وتقحمنا الشرق والغرب. فتارة بأقصى خراسان وتارة بوسائط أرمينية وأذربيجان... وطورا بالعراق وطوراً بالشام" [2]
ويتحدث المسعودي عن المؤرخين السابقين له في مدخل مروج الذهب، ثم ينتقي منهم البعض فيثني عليه مثل ابن قتيبة والطبري ونفطوية والصولي وقدامة ابن جعفر. [3] ولكنه لا يمتنع عن نقد الآخرين مثل الجرجاني إذ رأى في كتابة أنه " خرج إلى أخبار زعم أنها صحت عنده ولم يشاهدها... ثم ترقى إلى خليفة خليفة في التصنيف مضادة لرسم الأخبار والتواريخ وخروجاً عن جملة أهل التأليف. وهو وأن أحسن فيه ولم يخرجه عن معانيه، فإنه عيب لأنه خرج عن صناعته، وتكلف ما ليس من مهنته. " [4]
ولاشك في أن المسعودي كان قد تعرف إلى الأدب الجغرافي المعروف في أيامه، ومن هنا تأتي إشارته إلى مؤلفات في الجغرافية هي الآن مفقودة. ولكن مما لا ريب فيه أن المسعودي فتح آفاقاً جديدة لنفسه، على ما يبدو لمن يدرس "مروج الذهب ومعادن الجوهر"، وهو الذي وضع فيه المسعودي خلاصة اختباراته وتجاربه في الأسفار والرحلات. والكتاب يجمع بين دفتيه خلاصة وافية للمعرفة العلمية في عصره. ولعل المسعودي الوحيد الذي تحدث عن الشعوب والبلاد المجاورة لعالم الإسلام في تلك العصور. وقد عالج أكثر أموره معالجة صاحب البصيرة النيرة والملاحظة النقادة، لكنه لم يستطع أن يقصي عنه جميع الأساطير فقد ضمن كتابه الكثير منها. فمروج الذهب كتاب سياحة ومعرفة جغرافية وعمران وعلم وملاحظة وأخبار وأساطير، وهو يمثل أصدق تمثيل الحياة العقلية النشيطة المتطلعة إلى الوصول إلى الحقيقة والتي لم تتحرر تماماً من كل شيء غير حقيقي فقبلت أو على الأقل لم تنف بعض ما يبدو بعيداً عن المنطلق.
والمسعودي يصف الصعاب التي كان يلقاها في تنقلاته وصفاً دقيقاً. فقد قال: "وقد ركبت عدة من البحار كبحر الصين وبحر الروم والخزر والقلزم واليمن، وأصابتني فيها من الأهوال ما لا أحصيه كثرة. فلم أشاهد من بحر الزنج (المحيط الهندي شرقي إفريقية) وفيه السمك المعروف بالأوال، طول السمكة نحو من أربعمائة ذراع إلى الخمسمائة ذراع بالذراع العمري، وهو ذراع أهل ذلك البحر. والأغلب من هذا السمك أن طوله مائة ذراع. وربما بهذا البحر فيظهر طرف من جناحيه فيكون كالقلاع العظيم وهو الشراع. وربما يظهر رأسه وينفخ الصعداء في الماء، فيذهب الماء في الجو أكثر من ممر السهم. والمراكب تفزع منه بالليل والنهار تضرب له بالخشب والدباب لتنفر من ذلك. " [5]

[1] المسعودي، " مروج الذهب " ج 1 ص 2 5 .

[2] نفس المكان ج 1 ص 5 .

[3] نفس المكان ج 1 ص 15 18 .

[4] نفس المكان ج ص 19 20 .

[5] نفس المكان ج 1 ص 234 .






التوقيع

بأبي أنت وأمي يارسول الله
رد مع اقتباس