رد: فكرة برج المليون رد .............!!!
ماء زغوان والحنايا
"وأما الساقية المذكورة فهي من جملة غرائب الدنيا وهي قديمة من عمل الروم مجلوبة من جبال بجنوبي تونس، على مسيرة يومين أو نحوهما، في أوعار وأودية منقطعة وجبال وأكام، فإذا انتهوا بها إلى جبل أو تل خرقوه وسربوا الماء فيه وإذا انتهوا إلى واد أو وهد بنوا لها قناطر بعضها فوق بعض، حتى يستوي مع مجرى الساقية بصخر منحوت أتقن ما يكون من البناء وأغربه وأوثقه، حتى ينسرب الماء منها في مستوى معتدل. واتصلت هذه الساقية بهذا العمل حتى دارت من وراء تونس إلى الغرب وانتهت إلى مدينة قرطاجنة وبينها وبين تونس نحو اثني عشر ميلاً، وهي (أي قرطاجنة) من أعجب مدن الأرض وأغربها، لما يحكي عنها من فرط الاعتناء وغرابة الصنعة وحسبك أن هذه الساقية من جملة الاعتناء بها. وأما الرخام فيجلب منها إلى كل موضع بإفريقية قديماً وحديثاً ولا يفنيه ذلك منها وهي الآن دائرة لا أنيس بها، وأهل تونس يخرجون إليها تفرجاً وتعبداً، والقناطر من تونس إليها معطلة. وهذه القنطرة تعرف عندهم بالحنايا، وهي مما يقصر عنها الوصف لفرط إتقانها وغرابتها. ويذكر أن الروم أقاموا في تدبيرها والنظر في وضعها أربعمائة سنة، وهذا بعيد. عبيد البكري فحكى أن عملها فرغ حتى استوى جري الماء في أربعين سنة، وقد كان بعض الأمراء وهو أ×و القائم بها الآن أحتاج إلى إصلاح بعض الحنايا بها مما يلي تونس، ليوصل الماء إليها إذ كانت معطلة قبله فأقام في عملها مجتهداً بأقصى ما يمكنه أعواماً عديدة، ولم يمكنه رد ذلك على ما كان عليه ولا ما يقرب منه، بل اقتنع بتسديده كيفما أمكن مع قلته وتفاهته بالإضافة إلى غيره.
التوقيع |
بأبي أنت وأمي يارسول الله |
|