تخيلوا يأيها السادة
كان نائبا كثير الكلام في كل جلسة يعقدها البرلمان، ولكنه كان في الوقت نفسه قليل الكلام في بيته، وقد سخرت زوجته من خطبه البرلمانية المضجرة، و اقترحت عليه أن يحاول التكلم عما هو غير متوقع، ففكر في اقتراحها، وأعجب به، وأعلن أنه سيبدأ حالاً التدرب في بيته على هذا النوع غير المألوف من الخطب، ووقف مشدود القامة، وخاطب أناسا غير مرئيين، وقال لهم:تخيلوا أن شروق الشمس اليوم هو أخر شروق لها،ولن نراها مرة أخرى إلا في الأفلام الخيالية.
فتخيلت زوجته الشمس تشرق شروقاً يشبه الانفجار ويشعل الحرائق في كل مكان غير مميز بين مذنب وبريء.
وصاح النائب محملقاً بنظرات ماكرة إلى مستمعيه غير المرئيين: وتتخيلوا يا أيها السادة أن كل النساء الجميلات تحولن رجالاً أشداء غلاظاً .
فتخيلت زوجته أن كل الرجال تحولوا نساء يتواثبن من سرير إلى سرير.
وقال النائب لأناسه غير المرئيين بصوت مفعم بالأسى: وتخيلوا يا أيها السادة أن الضرائب ألغيت والقوانين ألغيت والحكومات ألغيت والبرلمانات ألغيت.
فتخيلت زوجته البرلمانات وقد ازدادت بأساً وحلت محل المسارح الكوميدية والمخافر، وفرضت ضرائب باهظة الثمن.
وقال النائب لأناس غير مرئيين مبشراً:وتخيلوا يا أيها السادة أن اللصوص أجمعين تابوا، وبات رجال الشرطة يعانون ويل البطالة.
فتخيلت زوجته بلداً لصوصه هم رجال شرطته، وقتلته هم جنود جيشه.
وخاطب النائب أناساً غير مرئيين قائلاً بصوت متهدج حزين: وتخيلوا يا أيها السادة أني سأنتحر وأموت.
فتخيلت زوجته زوجها ينتحر ورؤساءه ينتحرون، فينطلق سكان الكرة الأرضية في الشوارع مزغردين.