شاكرة مشكورة
تحظي حالياً أغاني مغنية البوب الكولومبية المولد شاكرة بالرواج والإعجاب في الولايات المتحدة الأمريكية وبلدان أمريكا اللاتينية، وهي امرأة جميلة، طويلة القامة، شقراء، طويلة الشعر، لها جسد ممتلئ ورشيق، يملك من الوهاد والهضاب والأودية ما يغري الرجال الوقورين بالتحول إلي خيول تصهل وقرود تتواثب علي أغصان الشجر، تظهر في أغانيها المصورة كأنها لا تكن وداً عميقاً للثياب، وما ان تبدأ الغناء حتي يبادر جسدها إلي الحركة المباركة مؤازراً صوتها بتفان وحماسة، ويضطر مشاهدها إلي نسيان أنه يملك أذنين، ويتذكر فقط أنه يملك عينين محملقتين، ولو كان صوتها مجرد حشرجة وزقزقة وبقبقة لما تنبه المشاهد إليه.
وما تفعله شاكرة بصوتها وجسدها يفعله كثيرون لبلوغ النجاح الذي يصبون إليه، فالسياسي الذي لا مكانة له معنوية أو مادية بسبب ضعف صلته بشعبه والطامع في الوثب إلي أرقي المناصب، لا يجد بداً من الطواف علي الدول الأجنبية مستعطفاً شارحاً لها الفوائد التي ستحصدها إذا ما وافقت علي استخدامه..
والأديب الصغير الموهبة العارف بأن موهبته لا تؤهله للجلوس في قاعة الأدب، وتؤهله للوقوف في صفوفها الخلفية، يلجأ إلي تشكيل العصابات الثقافية المكلفة بتضخيم موهبته والدعاية لها في أرجاء الأرض..
والجرائد المختصة بنشر القمامة السياسية والفكرية تزيد من عدد صفحاتها وألوانها ومديحها لنفسها لعل العطار ينجح في إصلاح ما أفسده الدهر..
والحاكم المتهم بالديكتاتورية والعداء للحرية، يسارع إلي استيراد الأشكال الخارجية للديمقراطية، ويشيد بناء خارجه رخام وداخله سخام..
وسارق أموال الناس المطوق بالأدلة المبرهنة علي جرائمه لا يكف عن التكلم ببلاغة وفصاحة عن أهمية مكافحة الفساد والقضاء علي الفاسدين المفسدين.
وكل ما يفعله هؤلاء يشابه ما تفعله شاكرة ، ولكن شاكرة تختلف عنهم بفتنة تشفع لها بينما هم دببة وضباع وضفادع.
ومن حسن حظ العرب أن شاكرة لبنانية الأصل، فبات من حقهم أن يرفعوا رؤوسهم المنكسة متباهين بها، ويواجهوا خصومهم الزاعمين أن العرب بغير مبدعين، ويلقموهم أحجاراً من سجيل، ولكن رؤوسهم ستنكس ثانية حين يقال لهم إن مواهب شاكرة لم تسطع إلا لأنها لا تعيش في بلد عربي.