عرض مشاركة واحدة
قديم 02-22-2011, 03:14 AM   رقم المشاركة : 35711
معلومات العضو
ماجد السالمي

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

أبو فهر غير متواجد حالياً


افتراضي رد: فكرة برج المليون رد .............!!!

(مَسْأَلَة طبيعية مَا السَّبَب فِي اشتياق الْإِنْسَان إِلَى مَا مضى من عمره)

حَتَّى إِنَّه ليحن حنين الْإِبِل ويبكي بكاء المتململ وَيطول فكره بتخيله مَا سلف وَبِهَذَا الْمَعْنى هتف الشَّاعِر فَقَالَ: وَقَالَ الآخر: رب يَوْم بَكَيْت مِنْهُ فَلَمَّا صرت فِي غَيره بَكَيْت عَلَيْهِ. وَقَالَ الآخر: وَأَرْجُو غَدا فَإِذا مَا أَتَى بَكَيْت على أمسه الذَّاهِب. هَذَا الْعَارِض يعترى إِن كَانَ الْمَاضِي من الزَّمَان فِي ضيق وحاجة وكرب وَشدَّة وَمَا ذَاك كَذَاك إِلَّا لسر للنَّفس الْإِنْسَان غير شَاعِر بِهِ وَلَا وَاجِد لَهُ إِلَّا إِذا طَال فحصه وَزَالَ نَقصه وَاشْتَدَّ فِي طلب تشميره واتصل فِي اقتباس الْحِكْمَة رَوَاحه وبكوره وَكَانَت الْكَلِمَة الْحَسْنَاء أشرف عِنْده من الْجَارِيَة الْعَذْرَاء وَالْمعْنَى الْمُقَوّم أحب إِلَيْهِ من المَال المكوم وعَلى قدر عنايته يحظى بشرف الدَّاريْنِ ويتحلى بزينة المحلين. الْجَواب: قَالَ أَبُو مسكويه - رَحمَه الله - لَيْسَ يشتاق إِلَى الشَّبَاب وَالصبَا إِلَّا أحد رجلَيْنِ: إِمَّا فَاقِد شهواته ولذاته الَّتِي سورتها وحدتها وَقت لشَّبَاب. وَإِمَّا فَاقِد صِحَّته فِي السّمع وَالْبَصَر أَو بعض أَعْضَائِهِ الَّتِي قوتها ووفورها زمن الصِّبَا وَحين الحداثة. وَالْمعْنَى الأول أَكثر مَا يتشوق فَإِن المكتهل والمجتمع وَمن بلغ الأشد الَّذِي لَا يُنكر شَيْئا من حواسه - يتشوق إِلَى الصِّبَا وَالشَّيْخ لَا يعْدم من نَفسه ورأيه وعقله شَيْئا مِمَّا كَانَ يجده فِي شبابه واللهم إِلَّا أَن يهرم ويلحقه الخرف فَحِينَئِذٍ لَا يذكر بِشَيْء من التشوق وَلَا يُوصف بِهِ وَلَا يحْتَج بِرَأْيهِ. وَهَهُنَا سَبَب ثَالِث يشوق إِلَى الصِّبَا وَهُوَ أَن الأمل حِينَئِذٍ فِي الْبَقَاء قوي وَكَأن الْإِنْسَان ينْتَظر أَمَامه حَيَاة طَوِيلَة فَكلما مضى مِنْهَا زمَان تَيَقّن أَنه من أمده الْمَضْرُوب وعمره الْمَقْسُوم فاشتاق إِلَى أَن يسْتَأْنف بِهِ طَمَعا فِي الْبَقَاء السرمدي الَّذِي لَا سَبِيل للجسد الفاني إِلَيْهِ. إِلَّا الْمَعْنى الأول هُوَ الَّذِي ذهب إِلَيْهِ الشُّعَرَاء فَأَكْثرُوا فِيهِ وَقد صَرَّحُوا بِهِ وذكروه فِي أشعارهم. والمتشوق إِلَى شهواته صورته عِنْد الْحُكَمَاء صُورَة من أعتق فاشتاق إِلَى الرّقّ أَو صُورَة من أفلت من سِبَاع ضارية كَانَت مقرونة بِهِ فاشتاق إِلَى معاودتها. وَذَلِكَ أَن الشَّاب تهيم بِهِ قوى الطبيعة عِنْده الشَّهْوَة وَعند الْغَضَب حَتَّى تغمر عقله فَلَا يستشير لبه وَلَا يكَاد يظْهر أثر الْعقل عَلَيْهِ إِلَّا ضَعِيفا. وَقد بَينا فِيمَا تقدم من الْمسَائِل أَن فَضِيلَة الْإِنْسَان وشرفه فِي الْجُزْء الألهي مِنْهُ وَإِن كَانَ الْجُزْء الآخر ضَرُورِيًّا لَهُ. فقد بَان أَن السن الَّتِي تضعف فِيهَا قوى الطبيعة حَتَّى يقتدر عَلَيْهَا الْعقل فيزمها ويجرها ذليلة طَائِعَة غير متأبية وَلَا هائجة - أفضل الْأَسْنَان وَالرجل الْفَاضِل الصَّالح لَا يشتاق من أشرف أَسْنَانه إِلَى أخسها. وَالدَّلِيل الْبَين على أَن الْأَمر على مَا حكيناه - أَن الشَّاب الْعَفِيف الضَّابِط لنَفسِهِ القوى على قمع شهواته مسرور بسيرته وَإِن كَانَ فِي جهد عَظِيم ومحكوم لَهُ بِالْفَضْلِ مشهود لَهُ بِهِ عِنْد جَمِيع أهل الْعقل وَأَنه إِذا كبر وأسن لم يشتق إِلَى الشَّبَاب لِأَن ضَبطه لنَفسِهِ وقمعه لشهواته أيسر عَلَيْهِ وأهون. وَمن كَانَ فلسفي الطَّرِيق شريعي الْمَذْهَب لم تعرض لَهُ هَذِه الْعَوَارِض - أعنى التلهف على نيل اللَّذَّات والأسف على مَا يفوتهُ مِنْهَا والندم على مَا ترك وَقصر فِيهَا - بل يعلم أَن تِلْكَ انفعالات خسيسة تَقْتَضِي أفعالاً دنيئة وَأَن الْحُكَمَاء - رضى الله عَنْهُم - قد بينوا رذائلها وسطروا الْكتب فِي ذمها وَأَن الْأَنْبِيَاء - صلوَات الله عَلَيْهِم - قد نهوا عَنْهَا وحذروا مِنْهَا وَكتب الله - تَعَالَى وتقدس - ناطقة بِجَمِيعِ ذَلِك مصدقة لَهُ. فَأَي شوق يحدث للفاضل إِلَى النَّقْص وللعالم إِلَى الْجَهْل وللصحيح إِلَى الْمَرَض وَإِنَّمَا تِلْكَ أَعْرَاض تعرض للجهال الَّذين غايتهم الانهماك فِي الطبيعة والحواس وَطلب ملاذها الكاذبة لَا التمَاس الصِّحَّة وَلَا بُلُوغ السَّعَادَة وَلَا تَكْمِيل الْفَضِيلَة الإنسانية وَلَا مُعْتَبر بهؤلاء وَلَا الْتِفَات إِلَى أَقْوَالهم وأفعالهم.






التوقيع

سلام يا أطهر بشر في الأرض...\\\....ياصاحب الذوق والرقة
حبك علينا...... يسمى فرض...\\\.... من منطلق غاية الدقة

رد مع اقتباس