أما عن مصير هذا الشيطان المريد فقد جاء علي يد أقرب الناس إليه علي يد أخته ست الملك التي تآمرت مع قادة جيشه علي اغتياله ، فقتل شر قتلة سنة 411 هجرية ، وارتاح من شره العباد ، وطهرت من كفره وزندقته البلاد .
,
القذافي وارث الطغاة المجانين
القيادة الليبية ممثلة في شخص القذافي، ومنذ أن وصل لسدة الحكم في العربية الليبية في أعقاب الملكية السنوسية أي من اثنين و أربعين سنة تحديداً، وهو يعطي الأنموذج الفريد في إقرار المبدأ الشهير " خالف تعرف "، ففي ليبيا كل شيء مختلف عن سائر العالم الإسلامي والمحيط العربي والوسط الإقليمي، فرغم البداية الطيبة التي استبشر به الكثيرون في المحيط العربي و الطابع الإسلامي للنظام بادئ الأمر، وأبدي النظام الليبي أنه الوارث لقيم وأفكار الناصرية في البلاد العربية والإسلامية، وكان للخطوات الجيدة في بداية النظام الليبي أثر في ترسيخ قواعده، و تعميق جذوره داخلياً وخارجياً، ولكن المراقب الفطن للأحداث يري قيادة شديدة الاعتداد بالنفس والعجب بالذات والاستهتار بكل ما سواه، حتى لو وصل الأمر للعقائد نفسها، ورفض العمل بالسنة بحجة وجود الضعيف والموضوع فيها، في حين يعظم الكتاب الأخضر المليء بالأعاجيب والطرائف والتناقضات، ويرفع فوق مصاف الكتب السماوية، ويقدم علي القرآن نفسه، بل ويقدم علي العبث والتحريف في القرآن نفسه بحذف بعض كلماته منه برأيه وهواه الفاسد، حتى التاريخ لم يسلم من تفردات القيادة الليبية وعجائبها، فليبيا لها تاريخ هجري خاص بها يبدأ من وفاة النبي صلي الله عليه وسلم، وليس من الهجرة مثلما تعارفت عليه الأمة منذ عهد عمر رضي الله عنه .
,
القذافي مع مرور السنين دخل مرحلة نضج الجنون واستوائه ، والإقدام علي كل غريب وعجيب، فدعم لا محدود لجيش أيرلندا الشمالي المعارض لانجلترا، وتوجه واسع النطاق نحو الشيوعية الروسية، وخلاف ليس له ما يبرره مع أمريكا أدى لضرب السواحل الليبية بالطيران الأمريكي، ومحاصرتها اقتصادياً لفترة طويلة، مع السير علي طريق الخطوات الاستعراضية التي يسمع لها ضجيج، لا يري لها طحين، وتغيير واسع ومتكرر للوزارات والحكومات، وخلافات شديدة مع العديد من دول الجوار والفصائل الفلسطينية بلا أدني مبرر، واندفاع إلي الوحدة مع أي دولة عربية شريطة أن يكون هو الرئيس ، مستلهما النموذج الناصري في الوحدة مع سوريا في الخمسينيات من القرن الماضي، ولكنها وحدة قصيرة العمر لا تدوم شهوراً، ثم التورط في عمليات تخريبية في ألمانيا واسكتلندا دفعت البلاد ثمنها علي أثمن ما يكون .
بعدها تفتق ذهن القذافي عن مشروع الانخلاع من الهوية العربية، والتوجه بكليته نحو القارة السوداء، وراح يهدر أموالاً طائلة من خزانة الدولة علي احتفالات وكرنفالات وهدايا وعطايا علي الدول الإفريقية الصغيرة والفقيرة ليس من باب دعمها ورفع معاناتها، ولكن من باب الشهرة ولفت الأنظار، وكسب أرضية شعبية لها وسط البلاد الساذج أهلها، ليهتفوا باسمه، ويمنحوه أطول وأعجب وأطرف لقب في التاريخ وهو "ملك ملوك وسلاطين وشيوخ وعمد إفريقيا، وإمام المسلمين، قائد الثورة الشعبية، وعميد الحكام، ورئيس الاتحاد الإفريقي " ولكن لم يشبع ذلك نهمه وشغفه بالألقاب وكل غريب وعجيب، فاخترعت له نقابة الأشراف الصوفية في مصر نسباً للرسول صلي الله عليه وسلم، ليكون الرجل بعدها من آل البيت رضوان عليهم، وهي الخطوة التي قوبلت بالرفض من المسلمين في شتى بقاع الأرض حتى من الصوفية أنفسهم .
,
القذافي علي الرغم من كبر مساحة بلاده والتي تحتل المرتبة السابعة عشر من حيث المساحة علي مستوي العالم ، وعلي الرغم من غنى بلاده بالثروات الطبيعية المهولة خاصة مصادر الطاقة مثل البترول الغاز الطبيعي ، وعلي الرغم من القلة النسبية لتعداد السكان ( أقل من 9 مليون نسمة ) ، علي الرغم من ذلك كله ، إلا أن الشعب الليبي لا يشعر بهذا الثراء الكبير ، فمعظم الثروة بيد الطاغية المجنون وأفراد أسرته وعشيرته ، فخيرات البلد دائما تصب غربا ، في حين أن المناطق الشرقية محرومة ومهمشة تعاني من الفقر وارتفاع نسب البطالة ، ناهيك عن الغياب الحقيقي للحرية والعدل والمساواة ، والحظر الكامل لأنشطة المعارضة ، وكل من تسول له نفسه معارضة الطاووس الأحمق ، يتم إبادته وأسرته بالكامل ، فالقذافي شأنه في ذلك شأن الطغاة في كل زمان ومكان ، أشد ما يضايقهم أصوات المعارضين والمخالفين .
,
القذافي الآن قد وصل إليه محطته الأخيرة في الطغيان والجنون ، وصل لدرجة جنون نيرون والحاكم بأمر الشيطان الفاطمي ، القذافي اليوم يقدم علي خطوته الأخيرة علي طريق الهلاك والخروج من الساحة الليبية إلي مزبلة التاريخ ، في مستودع الطغاة ، القذافي اليوم يقدم علي ذبح شعبه ، ففي خلال أقل من خمسة أيام يسقط 400 قتيل شهيد بإذن الله عز و جل ، وآلاف الجرحى والمصابين ، في بنغازي وطرابلس وغيرهما من المدن الليبية ، وتماما مثلما فعل الحاكم بأمر الشيطان الفاطمي ، عندما استدعي العبيد السود لإحراق القاهرة ، قام خليفته طاغية ليبيا باستدعاء المرتزقة السود من مالي وزيمبابوي لقتل شعبه ، لأنه لم يعد يثق في جنوده للقيام بمثل هذه العمليات القذرة ، وسبحان من جعل التاريخ يتكرر ، ومشاهد الطغاة المجانين ، تتشابه عبر العصور ، بنفس الفكر والمنطق والطريقة .
القذافي منذ ساعات قد أعطي أوامره لسلاح الطيران الليبي بقصف مدينة بنغازي ، وهذا يعني أن الطاغية قد فاق كل أسلافه في الجنون والهوس ، وقد وصل لمرحلة اليأس الأخيرة التي ارتدي فيها ثياب شمشون الذي يريد أن يدمر البلاد كلها علي من فيها ، والشعب الليبي أحفاد أسد الصحراء عمر المختار قد وصل هو أيضا لمرحلة الاستشهاد ، فلن ترتدع الجماهير الثائرة لهذا التهديد الجنوني ، فهي قد قالت كلمتها النهائية لهذا الطاغية المجنون : كفاك جنونا وارحل أنت وولدك الأحمق المغرور ، وكفاك ما نهبت وسفكت وأضاعت من مقدرات هذا البلد العظيم ، الذي أصبح أضحوكة العالم في عهدكم البائس ، فقد حان الوقت لهذا المجنون أن يرحل من البلاد ويخرج من ساحة الأحداث لمزبلة التاريخ و سلة مهملاته ، مع رفقائه الطغاة الهالكين والمعاصرين .
,
الشعب الليبي مهما يقع عليه الآن من مجازر ومذابح فلن يتوقف أبدا عن المطالبة بحياة كريمة ، وحرية آمنة ، وإن السكوت العربي والأوروبي الفاضح علي هذه الجرائم الفظيعة لهو جريمة لا تقل في بشاعتها عن جريمة الطاغية المجنون بحق شعبه ، وهذا التجاهل لن يزيد الشعب إلا إصرارا علي التخلص من هذه الطاغية
الشعب الليبي قد قال كلمته الأخيرة للطاغية المجنون:
"انتهى الدرس يا قذافي"