المجس الحجازي
فـن المَجَـــــــــــــــــسٌ
_________________________________
فن اهل مكـــــه وأصالتهم ورقيهم
الأهالي يحملون "الأتاريك" و" الجسيس" يمتدح أهل العروس
"المجس" فن تراثي عريق يزف العرسان في حارات مكة المكرمة
المجس فن عريق حافظ عليه الكثير من أهالي مكة المكرمة، وحرصوا على أن يعلموه لأبنائهم، وهو فن يقدم في المناسبات السعيدة كالزواجات ومناسبات (الملكة) عقد القران، و(السابع) الحفل الذي يقام حين يبلغ الطفل يومه السابع، والمجس فن إنشادي ذو طابع تراثي تقليدي يمنح المناسبة نكهة جميلة، عرفت هذا الفن حارات مكة القديمة ولازالت ومنها حارة الباب وحارة شعب عامر وحارة شعب علي وحارة القشاشية وحارة الشامية والفلق والمدعة وريع الرسام (وريع بخش الذي قريب جداُ جداً من الحرم) وجبل عمر وجبل هندي وغيرها.
العم عبد العزيز شرف من القلة الذي يجيدون هذا الفن، وهو واحد من مجموعة لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة يعرفون قواعد هذا الفن وأصوله،، يقول العم شرف " المجس فن حجازي تخصص فيه أهل مكة وجدة والمدينة والطائف قديما، وفي العصر الجاهلي كانت توجد دور مخصصة لذلك مثل دار مطعم ابن جبير وغيرها من الدور، وهي مدونة في كتب التاريخ، وكانت دورا للشعر والفن، ثم انتقل هذا الفن الحجازي إلى باقي أرجاء الجزيرة العربية فكانت أولى المدن التي عرفته المدينة المنورة، إلى أن جاء العصر الأموي وازدهر هذا الفن بين الناس، ومن الإنشاديات اللائي عرفن في هذا العصر عزة الميلا وسكينة بنت الحسين، أما في مكة فكان هناك معبد وطوير وهم رواد هذا الفن في ذلك الوقت، وأيضا ابن سريج".
وأضاف العم شرف " ومن هؤلاء الإنشاديين انتقل الفن الإنشادي الحجازي إلى بلاد المغرب العربي، وبعد ذلك جاء العصر العباسي وبرز إبراهيم الموصلي من خلال الإضافات التي أدخلها على الفن الحجازي، ثم جاء حفيده زرياب الموصلي فانتقل إلى المغرب ونشر الفن الحجازي، ولكن بطريقة مختلفة سميت فيما بعد بالموشحات الأندلسية، ويروي لنا آباؤنا وأجدادنا عن أشخاص بالمجتمع المكي لهم باع طويل في هذا المجال منهم حسن جاوي وإسماعيل كردوس وحسن لبني وعبدالرحمن مؤذن ومحمد أمان".
ويذكر العم شرف أن للفن الحجازي مقامات منها مقام الركبي، ومقام البنجكة ومقام الحجاز ومقام حجازي يماني، وهي مقامات غير معروفه لا في مصر ولا في سورية، ومن أصعب المقامات مقام الركبي، فلا يستطيع إجادته أي شخص، غير أن الفنان محمد أمان يؤديه باحتراف، وترجع الصعوبة في ذلك إلى أنه مركب من سبعة مقامات في آن واحد، أما فن المجس بالتحديد فهو فن خاص بأهل مكة فقط، وهو فن يقدم في المناسبات السعيدة، وهو مقام يدغدغ العواطف.
وعن طريقة أداء المجس يقول العم شرف " بعد انتقال أهل العريس بحضور المنشد الجسيس إلى أهل العروس لخطبة ابنتهم، ننشد شعراً يناسب المناسبة، فنذكر فيه آل العريس وآل العروس، ونذكر اسم العريس ونفتخر بالعائلة، ونمتدح أهل العريس أمام أهل العروس، لأن الحفل يتم في حارة العروس وأمام دارها".
ويذكر العم شرف أن هذا الفن يقال في البادية، بطريقة متفقة في الشكل، ولكن مختلفة تماما في المحتوى، ويقدم بواسطة فريقين يصطفان أمام بعضهما، وعندما يأتي أهل العريس وجماعته ينشد فريق ترحيبا بمقدمهم، ويرد الفريق الآخر عليهم بقصيدة شاكرين لهم حسن ضيافتهم واستقبالهم، فيقوم قرابة خمسة عشر رجلا في كل صف بترديد مديح في أهل العريس والعريس ذاته، وفي نفس الوقت يرد الخمسة عشر الآخرين بمديح آخر في أهل العروس ويذكرون عراقة أصلهم ونسبهم، ولكن في المجتمع المكي يقوم بهذه المهمة شخص واحد فقط وهو الجسيس (المنشد)، غير أنه في المدينة المنورة هناك شخصان يقال للأول خطيب وهو من أهل العريس، والآخر مجيب من أهل العروس، والمقام الذي يقال في المجس الحجازي مقام فريد يسمى مقام (الحراب)، ثم ينتقل إلى مقام (الحجاز) ومقام (العشاق) ومقام (المايا) ثم مقام (الدوكاء)، وأخيرا نعود إلى مقام (الحراب) مرة أخرى، وينشد الجسيس بصوت شجي ذي طبقات عالية.
ويؤكد عم شرف أنهم في مكة يحافظون على هذه العادة ويلقنونها لأبنائهم للحفاظ على هذه التراث ويقول " نشارك في مناسبات كثيرة مثل المهرجانات المحلية والعربية، وهذا التراث الحجازي الموجود فقط بالمجتمع المكي دون سواه وله حضوره وجمهوره، فنادرا ما يكون هناك عرس أو شبكة دون وجود الجسيس، وللجسيس قصائد خاصة بهذه المناسبة، وأشخاص كثر يهدونه قصائد خاصة بأفراحهم، والجسيس لا يعتمد على أدوات موسيقية في إنشاده، فيبدأ الجسيس بالمشق وهو فتح باب الموال الحجازي، ثم البحر أي يبحر في المقامات، ثم يعمد لجواب البحر، ثم الوصول إلى المحط وهو آخر مرحلة في فن المجس الحجازي.
ويشير العم شرف إلى أن الأقدمين الذي سبقونا إلى هذا الفن الحجازي ذكروا أن حرفيي مكة كالبنائين كانوا حينما يصعدون على الرحمانية (السقالة) كانوا يرددون إنشاداً معيناً بينهم يسمى (المايا) فكان البناء يردد أثناء تأدية عمله القصائد، ويرد عليه زميله في الجهة المقابلة جوابا من نفس المقام، وهكذا حتى نهاية عملهم، وكذلك الحدادون والنجارون.
ويضيف "زمان كانت مكة عبارة عن شوارع ضيقة وحوار متشابكة مظلمة الممرات، فلا توجد إضاءة إلا ما يسمى بالأتاريك أو الفانوس في آخر الشارع، وكان أهل العريس حينما يتجهون إلى أهل العروس ومعهم الجسيس يحملون معهم الأتاريك والفوانيس للإضاءة، ورغم توفر الإضاءة اليوم إلا أن هذه العادة لا تزال موجودة وهي حمل الأتاريك والفوانيس، كذلك كانوا يحملون السنبوك والسفين أو البابور والباخرة الخشبية وهي عبارة عن رمز لعبور بحر السعادة والانتقال من مرحلة العزوبية إلى المرحلة الزوجية.
طيــــــــــــــب يااهل مكـــــــــــــه طيـــــــــب
ياأهل الفن والإبداع
دامت لياليـــــك عامره بالأفراح دوم
أهل مــــــــــــــــــــــــ ـــكـــــــــــــــــــــ ــــــــة حمام
وأهل المدينة قماري
وأهل جدة غزال
والطائف أهلو كناري
تقـــــــــــــــــــــــ ـ ـــــديري
لكل من يقرأ موضـــــــــــــ ــوعي
|