العفو عن الزلات وكظم الغيظ
لما كانت مخالطة الناس ومعاشرتهم ـ لابد ـوأن يعتريها شيء من التقصير والتعدي والتفريط م بعضهم على بعض إما بقول أو بفعل ،استحب لمن ظلم أن يكظم غيظه ويعفو عمن ظلمه،قال تعالى (والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون) الشورى 37. وقال تعالى (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)آل عمران134.
أي إذا حصل لهم من غيرهم أذية توجب غيظهم وهو امتلاء قلوبهم من الحنق،الموجب للانتقام بالقول والفعل،هؤلاء لايعملون بمقتضى الطباع البشرية،بل يكظمون ما في القلوب من الغيظ، ويصبرون عن مقابلة المسئ إليهم .ويدخل فيها العفو عن الناس،العفو عن كل من أساء إليك بقول أو فعل.والعفو أبلغ من الكظم ،لأن العفو ترك المؤاخذة،مع السماحة عن المسئ، وهذا إنما يكون ممن تحلى بالأخلاق الجميلة،وتخلى عن الأخلاق الرذيلة،وممن تاجر مع الله ،وعفا عن عباد الله،رحمة بهم ،وإحساناًإليهم،وكراهة حصول الشر عليهم،وليعفو الله عنه ، ويكون أجره على ربه الكريم ،لا على العبد الفقير،كما قال الله تعالى (فمن عفا وأصلح فأجره على الله)الشورى 40. والكاظم غيظه مع قدرته على إنفاذه موعود على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير جزيل .
فقد روى معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((من كظم غيظاًوهو يستطيع أن ينفذه دعاه الله
على على رؤوس الخلايق حتى يُخيره الله في أي الحور العين شاء))
والعفو عن الزلات والهنات والمظلمات ليس نقصاً أو ضعفاً بل هو رفعة لصاحبها وعزاً.
والمتآخين في الله جدير بهم أن عن زلات بعضهم ،ويعفو محسنهم عن مسيئهم ،فإنهم إذا حصل لهم ذلك سلمت قلوبهم وتصافت ، وعاشوا في أحسن حال .
فائدة من العفو قبول عذر المسئ وفيه أقوال بليغة:
قال الحسن بن علي رضي الله عنهما :لو أن رجلاً شتمني في أذني هذه ،واعتذر في الأخرى لقبلت عذره.
ومن النظم
قيل لي قد أساء إليك فلان
وقعود الفتى عن الضيم عار
قلت قد جاءنا فأحدث عذراً
دية الذنب عندنا الاعتذار
وقال الأحنف :إن اعتذر إليك معتذر فتلقه بالبشر.
|