معروف الرصافي
[poem=font="Arial,5,#ff0000,normal,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,1," type=3 line=0 align=center use=ex num="0,"]
قصيدة : أدب العلم وعلم الأدب
للشاعر / معروف الرصافي
أدب العـلـم وعـلــم الأدب
شرف النفس ونفس الشـرف
بهمـا يبلـغ أعلـى الرتـب
كـل رام منهمـا فـي هـدف
أيها السابح في بحـر الفنـون
غائصـاً فـي لُجّهـا الملتطِـم
أنت واللَّه على رغم المنـون
ذو وجــود قـاتـل للـعَـدَم
قرنك الحاضر من أرقى القرون
خضـع السيـف بـه للقـلـم
فـإذا شئـت بـلـوغ الأرَب
فأغترف من بحره وأرتشـف
فالمعالي أودعت فـي الكتـب
كاللآلي أودعت فـي الصَـدَف
أنت يا جاهل من قبل الممـات
ميّت يمرح ما بيـن البُيـوت
أوَ ما تعلم في هـذي الحيـاة
أن رب العلم حـيٌّ لا يمـوت
إذ قضى للعلـم ربُّ الكائنـات
بالعلا فهـو زمـام الملكـوت
وعلى الجهل قضـى بالعَطَـب
فهو في الناس دليـل التَلَـف
فأفتكر أن شئت علـم السبـب
هل يكون النور مثـلَ السَـدَف
يا رعى الله زماناً لـو يـدوم
كـان للدهـر كأيـام الصـبـا
أشرقت فيه من العلـم نُجـوم
ظنّ كل الناسِ أن لـن تغرُبـا
زمن قد ضحكت فيـه العلـوم
ونراها اليـوم تبكـي العَربَـا
حيث منهـم فَقَـدَت خيـر أب
وأغتذت من يُتمها في شَظَـف
يا عهود العلم ما شئت اندُبـي
يا عيون المجد ما شئت اذرفي
هل أتاك الدهر فيما قـد أتـى
بحديث العُرب فـي الأندلـس
حيث بالعـزم أماطـوا العَنَتـا
وبنـور العلـم ليـل الهَـوَس
فأسألَـنّ الغـرب عمّـا ثَبَتـا
فـي ربـوعٍ خَلَّفـوهـا دُرُس
هل ترى ثَمّة مـن لـم يُجِـب
عـن معاليهـم ولـم يعتـرف
آه لو يرجع ماضـي الحُقُـب
آه لو عـاد زمـان الشـرف
سل رُبا بغداد عما قـد مضـى
لبني العباس في تلـك الديـار
وأسألنّ الشام عمّا قـد أضـا
للمُعاويّين فيهـا مـن فَخـار
كم ترى للمجد سيفاً مُنْتضـى
كم ترى للعلم فيها مـن مَنـار
عجبي يـا قـوم كـلَّ العجـب
هـذه الآثـارَ لِـمْ لا نقتفـي
آهِ مـن رقدتـنـا وأحَـرَبـي
آهِ من من غفلتنـا وا أسفـي
يا أباةَ الضَيم من عُليـا نِـزار
أين منكم ذهبت تلـك الطبـاع
كنتمُ كالسيف مشحوذ الغـرار
والذي حلَّ حماكم لـن يـراع
كم إلى العلم أقمتم مـن مَنـار
بعقول هي أسَنى مـن شُعـاع
قَطفت أبواعكـم عـن كَثَـب
كل مجـد شاهـق المُقتطَـف
تلـك واللَّـه مزايـا العـرب
أورثوهـا خَلَفـاً عـن سَلَـف
أنت يا شمس على كرّ السنين
قد تَقَلّبتِ طلوعاً فـي الـورى
حدّثينـا بحـديـث الأوّلـيـن
فلقد شاهدت تلـك الأعصـرا
أفكانـوا مثلَـنـا مختلفـيـن
لا يغيثـون إذا خطـب عـرا
أننا يا شمس فـي مُضطَـرَب
قـد ألِفْنـاه فـلـم نأتـلـف
أن بقينـا هكـذا فأحتجـبـي
عن بني الغبراء أو فانكسفـي
يا بني يعرُب ما هـذا المنـام
أو مـا أسفـر صبـح النُـوَّم
أين من كان بكم يرعى الذِمـام
ويُلّبـي دعــوة المُهْتَـضَـم
أفـلا يَلذَعكـم منـي المـلام
فلقد ألُفِـظ جمـراً مـن فمـي
خارجـاً فـي نَـفَـسِ كاللهب
مُحرقاً مهجـة قلبـي الدَنِـفِ
أنا لولا فيض دمعـي السَكِـب
لتَحرّقـت بـنـار الأســف
يا شباب القـوم لولاكـم لمـا
ساغ لي العذب وما أن لذّ لـي
أننـي أُبصـر منكـم أنجُمـا
لامعـاتٍ فـي ظـلام الأمــل
فأصبروا اليوم على حرّ الظمـا
كي تنالوا الرِيّ في المستقبـل
وأتعبوا اليوم فعُقبـي التعـب
راحـةٌ مُشبَـعـة بالـتَـرَف
لتَقُـونـا أســوأ المنقـلَـب
إذ بناء القوم هـاري الجُـرُف
يا شباب القوم هُبّـوا للبِـراز
فبِكـم يَبسـم ثغـر الـوطـن
وأرفُلوا أما بثـوب الاعتـزاز
أو بثوبٍ هـو ثـوب الكفـن
وأعدّوا العلم لا السيف الجُراز
أنـه عُـدّة هــذا الـزمـن
بسـواه العـزّ لـم يُكتـسَـب
وهـو المُنصـف للمنتَصِـف
أنـه واللَّـه لا عـن كــذِب
شرف النفس ونفس الشـرف [/poem]
|