( كتاب لقاء الباب المفتوح )
العلامة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله
السؤال
ماذا تقول في العمليات الانتحارية في فلسطين ؟ هل هم شهداء؟
الجواب
هذه سبق الجواب عليها وقلنا: إن هذا الذي يفعل ذلك قد قَتَل نفسه وأنه معذَّب بما قتل به نفسه في نار جهنم خالداً فيها مخلداً، كما ثبت ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام، وأن هذا حرام عليه؛ لأن الله قال: { وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ } [النساء:29]؛ لكن هؤلاء الجهال الذين فعلوا ما فعلوا إذا كانوا جاهلين ويظنون أن هذا يقربهم إلى الله عز وجل، فإني أرجو ألا يعذبوا بهذا العذاب؛ لكن ليس لهم أجر؛ لأن ما فعلوه إثماً لو تعمدوا ذلك لكنهم متأولون فيُعفى عنهم، ثم إننا لا نتدخل في النيات، هل هذا لأجل أن تكون كلمة الله هي العليا أو انتقاماً لأنفسهم فقط؟ لا ندري هذا شيء علمه عند الله؛ لكن يجب أن نلاحظ الفرق بين من يقاتل العدو انتقاماً وبين من يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، مَن الذي في سبيل الله؟ مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، أما مَن قاتل انتقاماً لنفسه من قوم اعتدوا عليه فهذا لا يكون مقاتلاً في سبيل الله، لذلك يجب علينا أن نتعقل لئلا يفوتنا النصر، فإن فوات النصر للأمة الإسلامية التي تبلغ ملايين الملايين على طغاة من اليهود أو الوثنيين أو غيرهم أسبابها أنهم ما مشوا على ما ينبغي، أولاً: المعاصي عندهم كثيرة والإهمال كثير، وتجد الواحد منهم يذهب -مثلاً- يقاتل العدو لكنه لا يصلي، هو نفسه لا يصلي، فلا بد أن نجاهد أنفسنا قبل كل شيء، ونصحح مسيرتنا إلى الله عز وجل قبل أن نقاتل؛ وأن نحاول تصحيح مسيرة غيرنا.
على كل حال الجواب باختصار: إن الانتحار حرام، وأن من فعله فقد قتل نفسه وعرض نفسه للعقوبة العظيمة فإنه يعذب بما قتل به نفسه في نار جهنم خالداً فيها مخلداً؛ لكن من فعله عن جهل أو تأويل فإننا نرجو من الله سبحانه وتعالى ألا يلحقه هذا العقاب.
حكم العمليات الاستشهادية ضد اليهود
السؤال
يا شيخ بعض العمليات الانتحارية التي في فلسطين تنظمها حركة حماس ، هناك بعض العلماء أفتوا بجوازها، ما رأيكم؟
الجواب
نرى أن العمليات الانتحارية التي يتيقن الإنسان أنه يموت فيها حرام، بل هي من كبائر الذنوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن من قتل نفسه بشيء فإنه يعذب به في نار جهنم، ولم يستثن شيئاً بل هو عام، ولأن الجهاد في سبيل الله المقصود به حماية الإسلام والمسلمين، وهذا المنتحر يدمر نفسه ويفقد بانتحاره عضواً من أعضاء المسلمين، ثم إنه يسبب ضرراً على الآخرين، لأن العدو لن يقتصر على قتل واحد، بل يقتل به أمماً إذا أمكن، ولأنه يحصل من التضييق على المسلمين بسبب هذا الانتحار الجزئي الذي قد يقتل عشرة أو عشرين أو ثلاثين، يحصل ضرر عظيم، كما هو الواقع الآن بالنسبة للفلسطينيين مع اليهود.
وقول من يقول: إن هذا جائز ليس مبنياً على أصل، إنما هو مبني على رأي فاسد في الواقع، لأن النتيجة السيئة أضعاف أضعاف ما يحصل بهذا، ولا حجة لهم في قصة البراء بن مالك -رضي الله عنه- في غزوة اليمامة حيث أمر أصحابه أن يلقوه من وراء الجدار ليفتح لهم الباب، فإن قصة البراء ليس فيها هلاك (100%) ولهذا نجا وفتح الباب ودخل الناس، فليس فيها حجة.
بقي أن يقال: ماذا نقول في هؤلاء المعينين الذين أقدموا على هذا الفعل؟ نقول: هؤلاء متأولون، أو مقتدون بهؤلاء الذين أفتوهم بغير علم، ولا يلحقهم العقاب الذي أشرنا إليه؛ لأنهم كما قلت لك: متأولون أو مقتدون بهذه الفتوى، والإثم في الفتوى المخالفة للشريعة على من أفتى.
السؤال
استدل بعض الناس بجواز قتل النفس أو ما يسمونه بالعمليات الانتحارية بحديث ذكره مسلم في صحيحه ، حديث قصة غلام أصحاب الأخدود، فهل استدلالهم هذا صحيح؟
الجواب
هذا صحيح في موضعه، إذا وجد أن قتل هذا الإنسان نفسه يحصل به إيمان أمة من الناس فلا بأس، لأن هذا الغلام لما قال للملك: خذ السهم من كنانتي ثم قل: باسم الله رب هذا الغلام، فإنك سوف تصيبني، وفعل الملك، ماذا صنع مقام الناس؟ آمنوا كلهم، هذا لا بأس، لكن الانتحاريين اليوم لا يحصل من هذا شيء بل ضد هذا، أول من يقتل نفسه، ثم قد يقتل واحداً أو اثنين وقد لا يقتل أحداً، لكن ماذا يكون انتقام العدو؟ كم يقتل؟ يقتل الضعف أو أكثر، ولا يحصل إيمان ولا كف عن القتل، هذا الرد عليهم، نقول: إذا وجد حاله مثل هذه الحال فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصها علينا لنسمعها كأنها أساطير الأولين بل قصها علينا لنعتبر، إذا وجد مثل هذه الحال لا بأس، وبعضهم يستدل بقصة البراء بن مالك في غزوة اليمامة ، حيث حاصروا حديقة مسيلمة والباب مغلق وعجزوا، فقال البراء : ألقوني من وراء السور وأفتح لكم، فألقوه وفتح، وهذا ليس فيه دليل، لماذا؟ لأن موته غير مؤكد، ولهذا حيي وفتح لهم الباب، لكن المنتحر الذي يربط نفسه بالرصاص والقنابل، ينجو أم لا ينجو؟ قطعاً لا ينجو، ولهذا لولا حسن نيتهم لقلنا: إنهم في النار يعذبون بما قتلوا به أنفسهم. اهـ .
فرحم الله الشيخ وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
التوقيع
[blink][grade="FF4500 4B0082 0000FF 000000 F4A460"](( عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس ، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول ))[/grade][/blink]
بارك الله فيكم أيها الإخوة الكرام ، مشاركاتي بفضل الله ثم بفضلكم فوجود إخوة لي أمثالكم تزيد في همتي ، فأسأل الله أن يكتب لي ولكم الأجر والمثوبة وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل .