البلد كلها "طائشة"!
[frame="6 80"]البلد كلها "طائشة"!
محمود سلطان (المصريون) : بتاريخ 18 - 5 - 2009
القطار الذي انطلق بدون سائق، لمسافة ستة كيلومترات، من محطة القباري، ولم يتوقف إلا بعد أن دهس خمس سيارات بمنطقة سموحة عند مدخل الإسكندرية الزراعي وقتل مقاولا ونجله وأصاب عشرة آخرين بإصابات مختلفة.. وصفته الصحف الحكومية بـ"القطار الطائش"!
الوصف أعفى جهات كثيرة عن المسئولية.. ولبسها لـ"القطار الطائش".. ففي مصر ـ بلد العجائب ـ القطارات "طائشة" تتحرك وتنطلق وتقطع المسافات الطويلة، كلما "طقت" في دماغها الرغبة في "الطيش" و"الروشنة" والتنزه بين محطاب قبلي وبحري ولا تتوقف إلا بعد أن ترضي نزقها وتشبع شهواتها الجامحة في التدمير والقتل وسفك دماء الأبرياء.
في قضية العبارة السلام.. بعض التقارير الفنية ونتائج التحقيقات الرسمية، أعفت مالك العبارة من مسئولية مقتل أكثر من ألف مصري غرقا في البحر، وقالت إن الضحايا لم يقتلهم المالك "المحظوظ".. وإنما ماتوا بـ"الخنق" تحت الماء .. يعني يتحملوا مسئولية عدم تدريبهم بشكل كاف على "فن العوم" قبل أن يفكروا في السفر عبر العبارة "المعجزة"!
في حريق مسرح بني سويف والذي راح ضحيته 32 شخصا من ألمع رواد الفن والنقد في مصر، قالت التقارير الرسمية إن غالبية الضحايا لم يقتلهم الحريق وإنما قضوا دهسا نتيجة الفزع الذي أصاب المشاهدين!
وحتى الان لا يعرف أحد السبب الحقيقي وراء حريق مجلس الشورى الذي التهم
ذاكرة السياسة المصرية لعقود من بينها وثائق ولوحات تراثية تعد ثروة قومية كبيرة، ولا يعرف أحد ـ حتى الآن ـ سببا وراء الحرائق التي دمرت مقر حزب الغد في القاهرة ومقر الحزب الوطني في أسيوط والحريق الذي دمر مساكن أكثر أحياء القاهرة فقرا وهي "قلعة الكبش" وخلف أكثر من 1000 أسرة بلا مأوى!.. والقائمة طويلة ويصعب علينا حصرها في هذه المساحة المحدودة للمقال.
شوارع وطرق القاهرة، أحالها سائقو الحافلات والميكروبصات وسيارات الأجرة وكذلك الملاكي إلى ملعب كبير لاصطياد الناس وقتلهم دهسا على الطرق أوعلى الأرصفة ، فيما ينسل القتلة من الشوارع في هدوء بعيدا عن الأعين وعن الرقابة البوليسية الغائبة، ليناموا قريري الأعين في بيوتهم ويتمتعون بممارسة الحب مع زوجاتهم أو عشيقاتهم .. لا فرق عندهم!
قطار الأسكندرية .. ليس هو وحده "الطائش" في مصر.. فالبلد كلها تتصرف بـ"طيش" غير مسبوق، على النحو الذي بات خروج المواطن من بيته إلى عمله أو إلى السوق أو الى الطبيب أو المدراس والجامعات أو إلى المتنزهات ، بمثابة مغامرة خطرة قد يكون ثمنها الانتقال إلى العالم الآخر ما بين غمضة عين وانتباهتها.
المؤسسات الخدمية والشارع المصري، يعيش حالة من "الطيش" لم تشهدها البلاد ولا في أكثر عصور مصر المملوكية تهروءا وسوادا وتخلفا.. وهي ظاهرة طبيعية لانهيار منظومة القيم عند الشعب المصري أولا، ثم لغياب الدولة وتجلياتها المختلفة عن أداء واجباتها الاجتماعية الانسانية والأمنية تاليا.
ونسأل الله تعالى السلامة.. إذ لا ندري ماذا تخبئ لنا الأيام القادمة.
[/frame]
|