هذيل في نهاية القرن الثاني عشر وبداية الثالث عشر (1)
الإخوة الأعزاء أعضاء مجالس هذيل :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اما بعد
يسرني في هذا البحث الموجز أن أسلط بعضا من الضوء على إحدى الحقب التاريخية التي خاضت فيها قبيلة هذيل بعضا من المعارك والحروب خلال الفترة من عام 1186هـ إلى عام 1203هـ ، التي تمثل فترة حكم الشريف سرور بن مساعد لمكة ، ولنجلي الكثير من اللبس المتراكم لدى البعض نتيجة المحاولات الهزيلة لتزييف وتغيير بعض الحقائق التاريخية التي أثبتتها كتب تاريخ مكة ومؤرخيها.
وسيكون مجال البحث عن قبيلة هذيل ووضعها في الحجاز مع نهاية القرن الثاني عشر وبدايات القرن الثالث عشر الهجري ، وذلك في فترة حكم الشريف سرور بن مساعد تحديدا والعلاقة الدامية بين قبيلة هذيل وبينه.
وذلك استنادا لما نُقل إلينا من أحد أهم المؤرخين المقربين من البلاط الهاشمي ، بل يُعدُ أحد أهم رجالات الشريف ، وهو محمد بن زيني دحلان ؛مفتي مكة المكرمة وذلك في كتابه : ( خلاصة الكلام في معرفة أمراء البلد الحرام )
وبداية يجب علينا أن نعرف أن بيت الحكم الهاشمي آنذاك كان يعاني من بعض القلاقل التي أدت في بعض الأحيان إلى القتال بين أبناء البيت الواحد ، ثم ما تلبث أن تنحصر تلك المشاكل ؛ دون تدخل أي جهة أخرى ـ في الغالب ـ إلا أنه وعند استلام الشريف سرور بن مساعد شرافة مكة التي أخذها عنوة من عمه الشريف أحمد بن سعيد بعد معركة في العابدية سنة 1186هـ ؛ بعد مساعدة إحدى القبائل للشريف سرور.
أما فترة حكم الشريف سرور فقد امتدت من عام 1186هـ إلى عام 1203هـ ، وكانت حروبه مع القبائل المجاورة له وتنقسم إلى مرحلتين المرحلة الأولى حربه مع قبيلة هذيل وذلك من عام 1186هـ إلى عام 1195هـ أي ما يقارب العشرة أعوام ، والمرحلة الثانية ترتبط بالتجهيز ومحاربة قبيلة حرب ، وتمتد هذه المرحلة من عام 1195هـ إلى عام 1203هـ ، التي كانت فيها وفاته لذا سوف نتكلم عن كل مرحلة على حدة.
المرحلة الأولى :ـ
ما إن استلم الشريف سرور شرافة مكة حتى سارت الأمور بعكس ما يأمل فلم يكن هناك توافق بينه وبين قبيلة هذيل التي دخلت معه في عدة معارك منذ بدية تسلمه الشرافة فلم تدخل في طاعته أبداً ، خلاف ما يشيع ويتوهم البعض.
فلقد قامت معارك عديدة مع قبيلة هذيل ولربما استغلت من قبل عمه الشريف احمد بن سعيد فتحالف هذا الأخير مع هذيل عندما توافقت وتقاطعت مصالحهم في حربهم ضد الشريف سرور ،
فقد نقل دحلان هناك خمسة عشر وقعه حدثت بينهما وكان الشريف أحمد بن سعيد معتمدا في حربه هذه على قبيلة هذيل الثائرة أيضا على الشريف سرور وكان معقل حركته وادي نعمان ويتحصن هناك ، فقد دارت تلك الوقائع ما بين وادي نعمان والعابدية والمعابدة وبركة السلم والحسينية والطائف وهذه الوقائع كان تاريخ بداية حدوثها منذ بداية تولي الشريف سرور شرافة مكة في عام 1186هـ ولم تنتهِ إلا عند انفضاض قبائل هذيل - لسبب غير معروف - عن أحمد بن سعيد وخروجه إلى الشام والقبض عليه من قبل الشريف سرور وذلك في عام 1193هـ.
ولكن الأيام الداميه بين الشريف سرور وقبائل هذيل لم تقتصر ولم تنحصر في عدد الوقعات الخمس عشرة التي ذكرها زيني دحلان بل تخللتها وقائع كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر وقعة جيش الشريف سرور مع آل خالد من هذيل في الخبت في ذي القعدة سنة 1191هـ ، وغضب هذيل كافة جراء ذلك فقاموا بقطع الطريق جهارا نهارا ، حين قاموا بعدة غزوات منها غزوة على منطقة حريق الرأس فنهبوا جمالا كان من ضمنها قاضي الطائف وأيضا اخذوا قوافل من وادي نعمان فقتلوا أربعة وصوبوا ثمانية من حرس الشريف مع تلك القوافل وفي نفس العام وقعت معركة بين جيش الشريف وقبيلة القرح في ديار القرح وعجز الشريف عن الظفر بهم على حد تعبير دحلان ، وهناك أيضا غزوة عنبجة بين جيش الشريف وقبيلة دعد من هذيل التي حدثت في سنة 1189هـ ، وكذلك قيام هذيل بغزو أشراف ذوي صامل ونهبوا متاعهم وقتلوا سيدهم بعد أن أبرحوه ضرباً وأصابوا منه المقاتل وأغاروا أيضا على جماعة من الطائف وقتلوا شريف من ذوي جيزان ومعه رجلا من قبيلة وقدان
والأمثلة في ذلك كثيرة ...
نستخلص من هذا أن تلك المرحلة كانت دامية بين هذيل وبين شريف مكة آنذاك ولم تكد تنتهي حتى تعود من جديد فقد كانت عبارة عن ثوره حقيقية ، محاولة منه فرض سيطرته وكسر شوكة قبيلة هذيل التي ازدادت قوة كما قال زيني دحلان ، مما جعل الشريف سرور يقف عاجزا عن تحقيق مراده ونيل غايته ؛ مع قبيلة الشعر والحرب.
تم الجزء الأول من الموضوع
وسيليه الجزء الثاني بإذن الله تعالى.
|