خلل في الطلاب ام عيب قي المناهج
خلل في الطلاب أم عيب في المناهج؟!
لقد شهدت مناهج التعليم في بلادنا مراحل متعددة من التطوير والتغيير، كان آخرها إطلاق برنامج خادم الحرمين الشريفين لتطوير التعليم. وقد واجهت المقررات الدراسية نقداً لاذعاً أحياناً كثيرة، وثناءً على استحياء في أحايين أخرى. وفي كل الأحوال، تبذل وزارة التربية والتعليم جهوداً كبيرة وتنفق مبالغ طائلة في سبيل تطويرها من حيث المحتوى، والشكل، والمظهر. فجاءت بإخراج جميل، وخط واضح، ووسائل إيضاح جيدة من صور وأشكال وجداول. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقارن هذه الكتب بالملخصات التي تُباع في مراكز خدمات الطلاب ويتداولها التلاميذ. المشكلة المقلقة هي أن معظم الطلاب في المراحل التعليمية لا يقرأون الكتب المدرسية ولا يعتمدون عليها إلا في تحديد الموضوعات فقط. فبدلاً من استخدام هذه الكتب الجيدة والجميلة والملونة، يعتمدون على ملخصات يتم تصويرها تصويراً رديئاً، توزع في المكتبات ومراكز خدمات الطلاب، ولا تحتوي على وسائل إيضاح جيدة.
والسؤال المطروح هنا: من المسؤول؟ ولماذا هذه الممارسة؟ وهل المناهج صعبة ومملة لدرجة أن الطلاب يعزفون عن استخدامها والتركيز عليها؟! أم أن الطالب في ''عصر السرعة'' أصبح منشغلاً بأمور (أهم!)، فلم يعد لديه الوقت الكافي لقراءة الكتب المدرسية، وأصبح في حاجة إلى الاستعانة بمن يقوم بتلخيصها في عدد قليل من الأوراق وتصويرها بدلاً من القيام بنقلها بخط يده؟! أم أن المعلم لا يريد أن يقوم بتغطية المنهج في الكتب المدرسية، ومن ثم يفضل اختصار الموضوع والتركيز على أشياء بسيطة حتى يحظى برضا الطلاب وبعض أولياء أمورهم؟! أم أنه (أي المعلم) غير قادر لسبب أو لآخر - على تدريس جميع مفردات المقرر وعرض جميع الأمثلة الإيضاحية الجيدة؟!
علاوة على هذه الممارسات التعليمية السلبية، لم تسلم الأسرة من المعاناة، بل قامت كثير من الأسر بفتح مدارس (خصوصية) في منزلها، تتكون من غرفة واحدة (غالباً ما تكون المجلس) وعدد من المدرسين يتناوبون لإصلاح ما أفسدته المدرسة والمدرسون والملخصات، إضافة إلى عدم جدية الطلاب أو عدم رغبتهم في تحملهم قراءة مناهج دراسية طويلة، حسبما يعتقدون!
في الختام، أطرح التساؤل التالي: هل هذا النهج الغريب لطلابنا، وهذه الممارسات الخاطئة في معظم مدارسنا، واللامبالاة لدى بعض المعلمين، هل هي أمر شائع ومنتشر في دول أخرى أم أنها ابتكار محلي؟! وأخلص إلى القول إنه لا بد من التأكيد على ضرورة الاعتماد على الكتب المدرسية، ونبذ الملخصات، وينبغي في الوقت نفسه أن تقوم الوزارة المعنية بدراسة هذه الظاهرة والتعرف على أسباب ظهورها والكشف عن آثارها السلبية، التي تعمق طريقة التلقين والحفظ في نفوس أبنائنا، مما يعوق تطور التعليم الذي يُعد المفتاح السحري للتقدم والتغير الاجتماعي الإيجابي.
|