مـــــكـــارمــــ الاخـــــلاق
--------------------------------------------------------------------------------
عندما بدأت شمس الأصيل تلملم خيوطها الذهبية عن بيت الله الحرام وتأذن للنسمات الندية
بإن تتردد في رحابه الطاهرة , حتى شرع الطائفون بالبيت من بقايا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبار التابعين , يعطرون الأجواء بالتهليل والتكبير , ويملأون المكان بصالح الدعاء .
وبالقرب من الركن اليماني , جلس أربعة فتيان صباح الوجوه كرام الأحساب كأنهم بعض حمامات المسجد .
هم عبدالله بن الزبير , وأخوه مصعب بن الزبير , وأخوهما عروة بن الزبير , وعبد الملك بن مروان.
ودار الحديث بين الفتية الأبرار , ثم مالبث أن قال قائل منهم
ليتمنّ كل منا على الله كما يحب .........
فانطلقت أخيلتهم تحلق في عالم الغيب الرحب , ومضت أحلامهم تطوف في رياض الأماني , ثم قال عبد الله بن الزبير :
أمنيتي أن أملك الحجاز , وأن أنال الخلافة .... وقال أخوه مصعب : أتمنى أن أملك العراقين , فلا ينازعني فيهما منازع .
وقال عبد الملك بن مروان :
إذا كنتما تقنعان بذاك فأنا لا أقنع إلا بأن أملك الأرض كلها .... وأن أنال الخلافة بعد معاوية بن أبي سفيان .....
وسكت عروة بن الزبير فلم يقل شيئا فالتفتوا أليه وقالوا : وأنت ماذا تتمنى ياعروة ؟
فقال :
بارك الله لكم فيما تمنيتم من أمر دنياكم .
أما انا فأ تمنى أن أكون عالما عاملا يأخذ الناس عني كتاب ربهم وسنة نبيهم ....... ثم دارت الأيام دورتها فإذا بعبد الله بن الزبير يبايع بالخلافة عقب موت يزيد بن معاوية .. ثم يقتل عند الكعبة غير بعيد عن المكان الذي تمنى فيه ما تمنى ...
وأذا بمصعب بن الزبير يتولى إمرة العراق .... وإذا بعبد الملك بن مروان تؤول إليه الخلافة بعد موت أبيه ...
وأما عروة بن الزبير فقدلزم الصحابة يأخذ عنهم ويصلي خلفهم فقد جمع العلم والعمل .
وحدث ان دعا الخليفة عروة لزيارته في الشام , فلبى دعوته , وصحب معه أكبر بنيه . ولما وصل المدينة وأقام فيها دخل ابنه على اصطبل الوليد ليتفرج على جياده , فرمحته إحدى الجياد رمحة أودت بحياته . ولم يفرغ الأب المفجوع ينفض يديه من تراب قبر ولده , حتى أصابت إحدى قدميه ( الآكلة) فتورمت رجله وانتشر الورم بسرعة مذهلة , واستدعى الخليفة لضيفه الأطباء من كل جانب لكن الأطباء أجمعوا على بتر ساقه , فلما بتروها أخذ يقبلها ويقول :
أما والذي حملني عليك في عتمات الليل إلى المساجد , إنه ليعلم أنني ما مشيت بك إلى حرام قط...
ثم تمثل بأبيات لمعن بن أوس يقول فيها :
لعمرك ما أهويت كفي لريبة ....... ولا حملتني نحو فاحشة رجلي
ولا قادني سمعي ولا بصري لها ... ولا دلني رأيي عليها ولا عقلي
وأعلم أني لم تصبني مصيبة ..... من الدهر إلا قد أصابت فتي قبلي
ولست بماش ماحييت لمنكر ..... من الامر لا يمش مثله مثلــــــــــي
ولا مؤثر نفسي على ذي قرابة ..... و أوثر ضيفي ما أقام على أهلي
................................................. .. هل بقي شيء من ذكرى هؤلاء الرجال ؟, وأين نحن منهم ؟هل نحمل من صفاتهم شيئا ؟ أم إننا معهم نكرات لا محل لنا من الأعراب .....
التوقيع |
كــــــــــــــــــــــلا مـــــــــــــــــــــولـ ــــــــــــــــع بـــــــــدارهــ لـــــــــو هـــــــــو كــــــــــــثـــــــــــ ـيــــــــــــــر(ن) عـــــــنــــــاهــــــــ ـا
يــــــــــروح مـــــــــنــــهـــــــا بـــــــــــــلا ريــــــــــــــش ولـــــــــــــيا نــــــــبت لــــه ريـــــــــــــــتش جــــــــــااااهاااا
شاكر الهذلي ( أبو محماس) |
|