في هذا الظرف وهذا المكان تتذكر الآخرة وتزهد في الدنيا !!!
ياأخوتي في يوم الخميس ( أمس ) أنتقل إلى رحمة الله أحد أقاربي المقربين وهو شاب لم يتجاوز عمره الثلاثين عاما ، وقبله بأسبوعين فقط فقدنا قريب لنا أيضاً لم يتجاوز عمره 26 سنه .
المهم أنه في يوم الخميس عندما فوجئنا بوفاة هذا الشاب ذهبت أنا ومعي بعض أقاربي لإستقبال الجنازة أثناء حضورها من المغسلة إلى الحرم المكي الشريف وكان دخولها عن طريق باب الملك عبدالعزيز من جهة مشروع مكة المكرمة العملاق الذي يجاور شركة مكة للإنشاء والتعمير .
لم أتمالك نفسي في هذه اللحظة العصيبة وسألت سؤالاً طرا علي عابراً أردت أن يكون فيه العظة والعبرة لي أولاً وللذين كانوا معي .
قلت لهم ونحن نسير في إتجاه مواقف سيارات نقل الموتى :
لحظه ياأخوان هل ترون هذا المشروع العملاق ؟ سالت السؤال فالتفتوا لي باستغراب وكانهم يقولون لي : هذا وقته الآن ؟
لكنني ألحيت عليهم بالسؤال وعرفوا أن وراءه شيئ ثم حولوا أنظارهم إلى المشروع ، إنه مشروع هائل وناطحات سحاب تكاد رقبتك تنكسر وأنت لم تبلغ بنظرك إلى نهاية المباني وهو يحتل أغلب الجهة الجنوبية للحرم المكي
وبعد ذلك نظروا إلي وقالوا :ماذا تريد أن تقول ؟
قلت : لو أن هذا المشروع لواحد منكم هل سيمنع عنه الموت ؟؟؟!!!!!
أجابوني جميعهم بكل ثقة طبعاً لا .
فقلت فما قيمة هذه الدنيا إذن ؟؟؟؟
بعد ذلك أحضرنا الجنازة وأدخلناها الحرم وصلينا عليها صلاة الظهر كل ذلك في منظر إيماني عظيم وبعد أن إنتهت الصلاة قمنا بحمل الجنازة إلى مقبرة المعلاه بخطى سريعة كلمح البصر ، تصدقون ياأخوان أن بعض الجماعة أعرفه مصاب في قدميه وبعضهم مصاباً في ركبيتيه وبعضهم كبير في السن ولكنهم أثناء حمل الجنازة كانوا يحثون الخطا وكانهم لايشكون من شيئ
دخلنا المقبرة في وقت قياسي وقمنا بدفن الجثه وكان في نفس اللحظة هنا ( خمس جنائز أخرى ) تدفن فلا ترى إلا وجوهاً عابسة ووجوهاً باكية ووجوهاً حزينه وهناك أيضاً وجوهاً مؤمنة بقضاء الله وقدره .
عندما أنتهينا من الدفن وفي طريقنا إلى دكات العزاء المعدة في المقبرة كانت الخطى متثاقلة والبعض ينظر إلى الخلف ناحية المكان الذي دفنت فيه الجثث وكأنهم يقولون : ( معقولة يكون هذا آخر المطاف ؟؟؟ ) هل نتركه ونمشي ؟ .
هنا ياأخوان والله العظيم يزهد الإنسان في هذه الحياة ويعلم علم اليقين بأنها فانية وأنها لاخير فيها ، ويرى الآخرة أمامه ويحاسب نفسه كثيراً وهو يقول : ياالله غداً أو بعد غد سوف يكون الدور علي أنا وهم يدفنوني في هذا المكان ويتركوني ، يالها من وحشة يالها من غربة ، لماذا أنا مفرط في ديني وفي صلاتي ؟ ماذا أقول عندما أوضع في هذا المكان ويتركني الأهل والأصحاب ؟ كيف سأظل في هذه الحفرة الموحشة ؟ ماذا قدمت لنفسي لكي تكون هذه الحفرة روضه من رياض الجنة ؟
ياويلتاه ماذا فعلت في حياتي ؟ ياويلتاه على مافرطت في ديني وماأرتكبته من ذنوب وخطايا ، ويل لي إن لم أغتنم الفرصة فيما بقي لي من حياتي لأعود إلى الله بقلب منيب .
للأسف نقول هذا الكلام ونحن لازلنا في المقبرة ونقدم أو نستقبل العزاء ولكن عندمت نخرج من المقبرة وتمر عدة أيام على هذه الحالة نجد أنفسنا نسينا كل ذلك الموقف وعدنا لما كنا عليه من الذنوب والخطايا .
والله ياأخوتي هذا كل مادر في ذهني ومادار بيني وبين رفاقي الذين كانوا معي وماشعرت به في تلك اللحظة أحببت أن أنقل لكم مشاعري عسى الله أن ينفع بها ويتعظ بها كل مفرط في دينه .
وأخيراً أعذروني على الإطالة والله لايوريكم مكروه في عزيز عليكم وتقبلوا تحياتي .
التوقيع |
بسم الله
والحمدلله
ولاإله إلا الله
واللــه أكـــــــبـــر
ولاحول ولاقوة إلا بالله |
|