بسم الله الرحمن الر حيم
فى الحسد
قال الله تعالى: ام يحسدون الناس على ما آ تاهم الله من فضله { النساء :54 } وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان ، فإن كل ذى نعمة محسود ، وقال على رضى الله عنه الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له وقيل ثلاثة لايهنأ لصاحبها عيش : الحقد ،والحس ، وسوء الخلق : ومن ذلك أن رجلا من العرب دخل على المعتصم فقربه وادناه وجعله نديمه ، وصار يدخل على حريمه من غير استئذان . وكان له وزير حاسد فغارمن البدوى وقال فى نفسه : إن لم احتل على هذا البدوى فى قتله الذى اخذ بقلب امير المؤمنين ، وابعدنى منه، فصار يتلطف بالبدوى حتى اتى به الى منزله، فطبخ له طعاما ، واكثر فيه الثوم، فلما اكل من البدوى قال له : احذر ان تقرب من الامير، فيشم منك رائحة الثوم فيتاذى من ذلك لانه يكرهه، ثم ذهب الوزير الى امير المؤمنين ، فخلى به وقال: يا امير المؤمنين ان البدوى يقول عنك للناس : إن امير المؤمنين ابخر اى رائحة فمه كريهه وهلكت من رائحة فمه . فلما دخل البدوى جعل كمه على فمه مخافة ان يشم امير المؤمنين رائحة الثوم فى فمه ، فلما رآ ه الامير وهو يستر فمه بكمه : قال إن الذى قاله الوزيرعن هذا البدوى صحيح ، فكتب امير المؤمنين كتابا الى بعض عماله يقول فيه : اذا وصل اليك كتابى هذا ، فاضرب رقبة حامله ، ثم دعى البدوى ودفع اليه الكتاب، وقال له: امض به الى فلان واتنى بالجواب . فامتثل البدوى مارسم به امير المؤمنين واخذ الكتاب وخرج به من عنده، فبينما هو با لباب اذ لقيه الوزير ، فقال اين تريد ؟ قال اتوجه بكتاب الامير الى عامله فلان ، فقل الوزير فى نفسه : ان هذا البدوى يحصل له مالا كثيرمن هذا التقليد ، فقال له يابدوى ماذا تقول فيى من يريحك من هذا التعب الذى يلحقك فى هذا السفر ويعطيك الفى دينار؟ فقال انت الكبير وانت الحكيم ومهما رايته من الراى افعل : قال اعطنى الكتاب فدفعه اليه فاعطاه الوزير الفى دينار، فسار بالكتاب الى المكان الذى هو قاصده، فلما قرا العامل الكتاب امر بضرب رقبة الوزير : فبعد ايام تذكر الخليفه فى امر البدوى ، وسال عن الوزير فاخبر ان له اياما ماظهر، وان البدوى فى المدينة مقيم ، فتعجب من ذلك وامر باحضار البدوى ، فحضر فساله عن حاله ، فاخبره بالقصه التى اتفقت له مع الوزير من اولها لآخرها فقال له انت قلت للناس انى ابخر، فقال معاذ الله يا امير المؤمنين ان اتحدث بما ليس لى به علم ، وانما كان ذلك مكرا منه وحسدا واعلمه كيف دخل به الى بيته واطعمه الثوم وما جرى له معه فقال امير المؤمنين قاتل الله الحسد ما اعدله بدا بصاحبه فقتله ثم خلع على البدوى واتخذه وزيرا له وراح الوزير بحسده