أشياء تعجبني (( 1 ))
قبل كل شيء نحن نستقبل شهر رمضان الكريم فأقدم لكم التهنئة .. كل عام وأنت بخير
وأسأل الله سبحانه وتعالى لي ولكم أن يتقبل الله صيامنا وقيامنا
..........
وأنا أبحث وقعت في مأزق الاختيار فالمنتدى يعج بقصائد جميلة تجذب نظري
ولكن وجدت أنه من الأنسب أن أبدأ بقصيدة تمثل وقتها وخصوصاً ونحن نستقبل شهر رمضان الكريم
فكان اختياري لقصيدة عانقت مخيلتي منذ قرأتها ( أفطر قبل يذن المغرب وشوف ) للشاعر / أبو الياس الهذلي .
...........
أحياناً يكون العنوان غريب ولكن لم أرى أغرب من هذا العنوان
وقد دفعني حينما قرأته للاستغراب والتساؤل هل يمكن لنا أن نفطر قبل المغرب ؟
وذهبت أبحث عن الإجابة .
فكان الزمان (( قبل الظلام )) والمكان (( مكة ))
وقد نجح الشاعر في دمج (( المكان / والزمان )) فالوقت قبل الغروب حيث : قبول الدعوات - الشاعرية نهاية النهار - لحظات انتظار وترقب أما المكان فهو أطهر البقاع وأكثرها روحانية وأقربها لقلب كل مسلم مما غلف القصيدة ومنذ مطلعها بهذا الجو الروحاني المفعم في الخشوع وهنا تسنى للشاعر بعد أن كسب انتباه القارئ وأدخله في جو القصيدة أن يقدم له الإفطار ويضمن قبوله فكان الإفطار (( تأمل / خشية / ابتهال / سلام .. هدوء وسكينة .. / مصحف / تسبيح خافت / طمأنينة / تسامح / وئام .. ألفة ومحبة .. )) حينما قال الشاعر (( ثمار الصيام )) كانت ثمار ناضجة ترق لها القلوب , كانت الكلمات مفاجئة للقارئ ولكن هي تخطف القلوب وتكسبها فبعد المطلع الخاشع جاءت الكلمات التي تسري في العروق كالمهدئ فينتهي القارئ إلى حالة من السكينة والتفرغ من أي انشغال بغير ما يقدمه الشاعر , وهنا أفلح الشاعر في كسب الجولة ووضع بين يديه كل من حوله فأصبح ينثر لهم ما يريد وهم في صمت , فأتي بعد ذلك ينبذ بعض العادات ولكن بشكل خفي لم يبصره القارئ .
لكل قصيدة عمق غامض لا نصل إليه من خلال اللفظ ولكن لو بحثنا في المعنى لوجدناه .
وحينما نبحث في عمق هذه القصيدة نجد صوت خافت ينبذ ظاهرة متفشية تختص بها هذه اللحظة (( قبل الظلام )) فالجميع في توتر وعلى عجلة من أمورهم وفي محاولة لجمع كل ما تقع عليه أعينهم من مأكولات لا يهم أن تأكل المهم أن تمتلئ المائدة وهنا كان العمق وما كان التحديد (( النفوس المؤمنة )) إلا استثناء للواقعين في هذه الظاهرة وحث لهم لنيل هذا الإفطار قبل وقت الأذان .
ولعل المقارنة التي أجراها الشاعر بين (( ثمار الصيام )) و (( ثمار المائدة )) كانت نقطة العبور لهذا العمق وإن لم تكن نقطة صريحة .
والصورة المضيئة والتي استوقفتني كثيرا هي صورة الدقائق الأخيرة من وقت الصوم (( انتظار الطعام )) فقد أضفت على القصيدة قوة أكبر من الروحانية (( صفاء / استغفار / هدوء عام / اجتماع الأهل / همسات دعاء )) كلمات كان لها الوقع في نفس القارئ ويؤكد جمال اللحظة (( أخير )) فهي لحظة المسلم التي لا تقارنها لحظة طال انتظارها وسبقها عناء صيام يوم كامل (( عطش / جوع )) .
وعندما حانت اللحظة أتى لنا بدرس جديد يضعه في عمق القصيدة ويرسله في بريد الألفاظ المنتقاة لم يشأ أن يقول لنا أفعلوا كذا ولا تفعلوا كذا ولكن قال (( افطر / اختار / مرسول / أخوان مستضعفين )) أمور شاقه لم نشعر بمشقتها تتبعناها وتشوقنا لفعلها و (( ثمار )) سنجنيها بـ (( شعور إيمان )) ي .
وأزكى صلاة على المختار مسك الختام00 الهادي اللي بعث بالحق في العالمين
اللهم صلي وسلم عليه .
بشمول :
1- لم يكن الزمن طويل ولكن كان غني بأمور دقيقة أحسن الشاعر تصويرها وتفصيلها بأسلوب بعيد كل البعد عن السرد وكانت الأبيات تسير مع عجلة الوقت بشكل ملحوظ .
2- اللفظ كالجوهرة الثمينة حينما توضع في مكانها المناسب تظهر لمعتها وكانت الألفاظ هنا منتقاة بعناية .
3- القصيدة امتلكت القارئ بأسلوبها .
4- كان الغرض (( نصح )) ولكن لم تكن تقليدية بل جاءت بأسلوب حديث وكأن الخطاب موجه للقلوب .
5- أعتمد الشاعر على ثلاث ركائز ليكسب القارئ - سكون الزمان - روحانية المكان - رقة اللفظ .
وقد تمنيت أن أقف على كل لفظ وشرح مدى تأثيره ولكن خشيت أن يمل القارئ , ولكن سأقف هنا مع مقطعين من القصيدة (( خافت // مهامس )) هنا كان الشعور ملئ بالروحانية والسكينة والخشوع فالحوار هنا بين العبد وربه ((تسبيح // دعا )) وهنا لا يشغل (( النفوس المؤمنة )) شيء ، لا يلفت انتباها شيء ، فالمؤمن هنا بيد يدي ربه يسبحه يدعوه وكان الصوت (( خافت // مهامس )) إنها أصوات الألفة والمحبة أنه صوت خطاب المحب لحبيبه ، وهل لدينا أحب منه سبحانه وتعالى .
خرجت من النص وقد بقي مني الكثير بين أبياته وبين صوره فأدعكم مع النص ....
[poem=font="Arial,4,#008000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,1," type=1 line=0 align=center use=ex num="0,"]
يازينها مع غروب الشمس قبل الظلام = فرصة قبل موعد المغرب بمكه يحين
اطعم قبل يذن المذن ثمار الصيام = وتشوف طعم الصيام وطعم الإيمان زين
ساعة تأمل وخشية وابتهال وسلام = مع ما تيسر من المصحف وتسبيحتين
تسبيح خافت طمأنينه تسامح وئام = هذا طعام النفوس المؤمنه باليقين
ألذ واطعم من أنواع السمك والحمام = وأعذب من النيل والهداج والرافدين
ولا أجمل من الطعام إلا انتظار الطعام = صوره تجسد مشاعر فرحة الصايمين
لحظة صفا نفس واستغفار وهدوء عام = مع جمعة الأهل ومهامس دعا الوالدين
أخير مما على الدنيا علي الحرام = واجل نعمه من المولى على المسلمين
حلاوة الصوم لا سارت عروقك حيام = والنفس مستلمه لله طاعه ودين
تلجمت بالضما عن بارد الما لجام = ترجي رضا وجه خالقها بشوق وحنين
وليا أذن الحق فـ البيت العتيق الحرام = افطر على كاس من زمزم مع التمرتين
واختار من طيبات الرزق شف ومرام = مرسول منها على الجيران ربع وثمين
والجود من جود ربك للنفوس الكرام = ذولا قرابه وذولا أخوان مستضعفين
معاني الصوم مبلغها بعيد المرام = إن كان ما هي شعور إيمان صادق مكين
متوجه بالفروض الخمس خلف الإمام = مفتاح سر السعاده حجة المتقين
معززه بالنوافل والوتر والقيام = على هدى نور سنة سيد المرسلين
ومني التهاني على الأخوه بشهر الصيام = اللي نزل في لياليه الكتاب المبين
وأزكى صلاة على المختار مسك الختام = الهادي اللي بعث بالحق في العالمين [/poem]
عتب على الشاعر / متى سنرى إبداعاتك بيننا .
آخر تعديل هشام الهذلي يوم 09-14-2007 في 07:24 AM.
|