معلّقة الشاعر مبارك الأكلبي
[poem=font="Arial,5,#ffffff,normal,normal" bkcolor="" bkimage="backgrounds/13.gif" border="solid,2,#008080" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,"]
برق ورعد والغيم مظلم وغدرا= والصيف مقفي وأبعدت به مطاياه
برد وشتاء والليل ما فيه قمرا= والخوف يا معبود في خافقي تاه
لفحة هواء يبّاسة العود غبرا= وبرادها جوفي من الستر عرّاه
تلوف سدرٍ من ظما الوقت ضمرا= تعرش جذوعه لين يبرى وتبراه
يوم أقبلت نسناس زيفٍ ومطرا= والسيل مثل الليل ما ينقرب ماه
صوت الغوارب له وشيبٍ وهدرا= يرعب جنينٍ ناعمٍ ظفر يمناه
تجرّ سيقان الشجر منه جرا= تحفر لقيعانه وتنهش لحاياه
بيت الشعر مبني على درب مجرا= والريح توميبه من أدناه لأقصاه
بيتٍ من ثياب الفرح ظهره أعرا= ما فوقه إلاّ فروة الحزن تكساه
بيتٍ على أمرار الزمن والمحقرا= مبني وريح الوقت تجري وتوطاه
تحته وحيدٍ شايب الرأس عثرا= حظّه تنكّس وأدبرت عنه دنياه
شيخٍ جعله الوقت للناس عِبرا= جارت عليه المظلمات المطمّاه
شيخٍ على قومه وله شان وأمرا=كم بنتٍ أجمل من سناء الشمس تهواه
لكن روحه عن هوى الغيد خضرا= يركض وراء عشق الفتاة المحناه
وين الفتاه و وين حبه وشِعرا= و وين الغرام اللّي له سنين يتلاه
يدّه على خدّه ومحتار فِكرا= لا بنت لا زوجه ولا ابن يرعاه
سبعين عام وكنّها لمح بصرا= لا والله اللّي غرّه الوقت وأنهاه
مثل البُراق اللّي عرج ليلة إسرا= يا سُرع جري خطاه في ليل مسراه
عنده خلوجٍ ترفع الحِس قهرا= على ولدها شالت الصوت تنعاه
قامت تجول الشِّعب وتحِنْ حسرا= وحوارها قد لفّه السيل وأخفاه
طاحت وراح العظم عشرين كسرا= لحقت ولدها عقب ما بانت أعضاه
وقام يتخبط تالي الليل و أزرا= شوفه ضعيفٍ والغرق جاه وأعماه
صفّق بـكفٍّ كفّ ويقول قدرا= راحت وراح الله يعوضني رضاه
من عقب مبركها معي وسط خِدرا= وحوارها يا ليت روحي تفدّاه
يا ليت وبلٍ خذهم يزيد مطرا= ويزيد سيلٍ شالهم لأجل نوطاه
وقام يتلفّت في زهابٍ تنثرا= الخِدر مايل والقواطير تغشاه
والطين موحل والبرد فيه زَبرا= والليل برد وسيل لا وعذاباه
وأخذ عصاه وقام منعاج ظهرا= وهلّل وكبّر مدبرٍ وسط ظلماه
وراح وتعلّى له طويلٍ وعسرا= عهده برأسه يوم بانت ثناياه
يجلس برأس الرجم عثراً وخطرا=ويصيح بأعلى الصوت ويقول ربّـاه
يذكر زمانٍ فات ويهلّ عبرا= ويـِنهج نهيج الطفل من هول ماجاه
ويذكر زمانٍ كانت الرّوح عذرا= واليوم شابت والزّمن شاب معناه
هذا أنت تسمع ما جرى له وتقرا=قلبك تأثر ساعةٍ ثم تناساه
إن كانك ابن آدم بشر فيك فِكرا= والدم الأحمر ما خذٍ فيك مجراه
وإن كان فيك إحساس عطفٍ وتدرا= ونسنس على قلبك نسيم المعاناه
تدعي جليل المُلك ربّ المغفرا= يغفر له ذنوبه ويدمح خطاياه
وتدعي عظيم الشأن يشفي ويبرا= جرحه وجرحك والجروح المخفّاه
أمّا جروحي خلّها لين تبرا= وإن ما برت فالموت مبري ومحلاه
جرحي قديمٍ ما برى طول دهرا= باموت وأفنى والألم ما برى داه
لي قصةٍ في الحب تفجع وقشرا=الله خلقني لأجلها أستغفر الله
قصّة غرامٍ طعمها سِم كدرا= قصّة غرامٍ طعمها حزن منساه
قصّة غرامٍ تِكره الطير وكرا= أو ترهنه في العش للدّود يبراه
أول حياتي تمطر العين قطرا=وأتلى حياتي جف دمعي من أقصاه
وأول حياتي أرفع الصوت جهرا=واليوم باح الصوت وأخشى المناداه
صفوة شبابي زايد الحظ زهرا= واثنينهم ضاعوا من العمر عزّاه
حظّي تعوّق والعُمر كان شهرا=أما شبابي جاه شيبي وسرّاه
بين الخلايق زاد همّي وكثرا= فجّ الخلاء عشقي بعيدٍ عن الآه
أمشي جسد والفكر تسعين شطرا= بين السماء والأرض صبحه وممساه
الله خلق جنسين أُنثٌ وذَكرا= والله خلق كل المخاليق ترجاه
لو تفتكر كم كائنٍ حي يطرا= كلٍ وهبه الله صوره وهيّاه
الله حماهم كُلّهم وأصدر أمرا= من قصتي واللّي جرالي وأنا أخشاه
اللّي جرالي ما جرى لجنٍّ وبشرا= الله خلق قلبي وحيدٍ وعنّاه
لو قصّتي يدري بها هتلر تبرّا=من مذبحة حرب الملايين وأسراه
يبني على العالم من السلم جدرا= ويقود شعب ألمانيا للمساواه
ولو قصّتي توضع على شكل ذِكرا= في مَتحفٍ يزداد دخله بمن جاه
ياتونه السوّاح برٍّ وبحرا= ويزيد دخل الدولة اللّي تبنّاه
ولو قصتي قيلت لقيصر وكِسرا= إن كان ضاع الملك والعزّ والجاه
قيس الملوّح لو درى وسط قبرا= جاني خجول وحُبّ ليلى تناساه
طفل المهد من قصّتي شاب شعرا= أبوه غنى قصتي وإثره أشقاه
الزير سالم لو درى ما تجرّا= في خوض حربٍ خوه في خوضها أوصاه
إن كان دلهم بين لهوٍ وخمرا= وخلّى كليب لدودة الأرض ترعاه
ولاّ رحل عن دار تُغلب وبكرا= ولا معه يا كود هنده وليلاه
ولو يدر ي الخبّاز ما شب جمرا= على دقيقٍ راعي الزرع يذراه
إن كان يبحث راعي البيت دهرا= على فُتات الخبز ما عاد يلقاه
نحل الخلايا لو درى كان فرّا= ومن شاف أعاصير النحل قال وش جاه
ومن ثم يُسحب بين نملٍ وذرّا= يموت جوع وجوري الورد ماجاه
قطرة عسل ما عاد حتّى تطرّا= يموت راعي السُّقم ما ذاقه بفاه
حتّى يُقال إن العسل كان يشرا= في وسط جيلٍ ما يعرفون مجناه
بنيت لي في الحُب مليون قصرا=وإن جيت بأسكن قصر ينهار مبناه
تاهت حياتي بين مدٍ وجزرا= يا شين حظّي يا مخاليق شيناه
ما عاد أميّز بين حلوٍ ومُرّا= مُرٍّ يزيده مُرّ والعُمر مجراه
يا بري حالي كَن يبراه مِبرا= بري الدبا نبنوب غُصنٍ تغثلاه
ويا وجد قلبي باح حيله وصبرا= كنّي نباتٍ صرصر الريح تسفاه
حظٍّ معي متخفّيٍ وسط حُفرا= الله كتب له حفرته يومه أرداه
في خافقي فجوَه وفي العين وقرا= لا وهنّي أحزان عمري هنيّاه
من لي دعاء ربّه يعوضني أجرا= ومن لي تأثر من (مبارك) وشكواه
حبّيت لي في ماضي العُمر عفرا= حسبي على اللّي شتّت الشمل وأشعاه
حبّـيتها وأعمارنا تسعٍ وعشرا= حبٍّ على الفطرة وعهدٍ رسمناه
حبّـيتها من غير فضلٍ وشُكرا= حبّ الطّهارة والنقاء والمراواه
حبٍّ وبازغ نجمة الصُّبح فجرا= ما ينذكر في الأرض مثله وشرواه
حبٍّ ومنزل سورة الكهف وإقرا= لأنسى جميع أحداث عمري ولا أنساه
يا قلبي أسكت ما مضى كان سِرّا= والسر بين اثنين وشلون تفشاه
إن كان تنوي تنشر السر نشرا=فأنا بريٍّ منك والعُمر ما أبغاه
بأعيش دونك خالي الهم حُرّا= لا قلب في جوفي ولا حزنٍ أخشاه
قد عشت دون اللّي له الشوق كبرا= واليأس دونه جعلك الدوم تفداه
عشرين قرن وعِقد فجرًٍ وعصرا= طافت وفيها أحداث حب ومناجاه
حطّمت فيها الرقم جُهداً وصبرا= ورفعت كأس أمجاد عشقٍ خسرناه
زاولت لعب الحب غصبٍ وجبرا= من سيدي قلبي رئيسي وطعناه
مثـّلت عشق الخلق خيرٍ وشرّا=وأنا عميد أهل القلوب المعنّاه
قصيدتي طالت على الآه والرّا= ومصيبتي أطول من الراء والآه
لكن حزني جرّها غصب جرّا=والقاف شاف الحزن صادق وجرّاه
يا لله يا للّي لا إله إلا أنت ذِكرا= يا لله يا للّي ما عبد وجهي سواه
يا لله يا للّي لك صيامي وفِطرا= يا لواحد الماجد رفيع المكاناه
يخرّ وجهي بين شفعٍ ووترا= لك أنت يا شافي خفوقي ويا دواه
من دون وجهك منبتر شرّ بترا= لا دين لا دنيا ولا خيرٍ ألقاه
آمنت بك يا رب وازددت كُفرا=بالّلات والعزّى وشمعون والشّاه
أسألك تقبل توبتي بعد وزرا= لأني تجاوزت الحدود المسوّاه
ولأني غداً ضيفك ومحتاج عُذرا = ولأني أخافك وأشرب الخوف و أرواه
ولأني طعام الموت لو طال عُمرا= ولأني غداً جُثّة على الأرض مُلقاه
برق ورعد وقت الدُّعاء والمغفرا=وأرفع يديني للسّماء أستغفر الله وأرفع يديني للسّماء أستغفر الله[/poem]
|