العودة   ::{ مجالس قبيلة هذيل }:: موقع يهتم بتراث القبيلة ومفاخرها > المجالس العامة > المجلس العام
 

المجلس العام لكافة المواضيع التي ليس لها قسم مُخصص

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 10-25-2009, 09:00 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

الكيميائي غير متواجد حالياً


Oo5o.com (2) الملك عبد العزيز رحمه الله (مولده ، نشأته ، معاركه ، خطبه ، رسائله ، ألقابه ، عزاويه ، أشعاره )

مقدمة



هو زعيم قلما تلد النساء مثله فهو نادر ليس في جيله فقط وإنما في أجيال كثيرة، انه الزعيم الذي وصفه قادة الدول وأرباب القلم بأنه أجدر ملوك المسلمين بالخلافة، وأعظم رجال القرن العشرين في العالم الشرقي، والوحيد الذي يتمتع بالقدرة الكافية على بسط حكمه ونفوذه على جزيرة العرب التي لم تعرف الاستقرار إلا في عهده.
انه رجل موّحد خالص التوحيد في خاصة نفسه، يلتزم منهج السلف الصالح في توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية والأسماء والصفات ، لا يدعو غير الله، ولا يسأل غير الله، ولا يشرّع مالم يأذن به الله، أخذ من التوحيد قاعدته الرئيسة فعرف من سيرته حبه للعدل وإقامته، وكرهه للفساد ومقاومته .
انه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - طيب الله ثراه - الذي تمكن في يوم الجمعة الخامس من شوال سنة 1319هـ الموافق الخامس عشر من كانون الثاني ( يناير ) 1902 م من استرداد عاصمة ملك آبائه وأجداده ( الرياض ) في ملحمة بطولية رائعة لم يشهد العرب مثيلا لها من قبل، ومن الرياض بدأ مسيرة التوحيد والبناء التي كانت في ذاتها معجزة لم يعرف العالم العربي شبيها لها منذ زمن بعيد، فعلى مدى يتعدى الثلاثين عاما ضمّ أقاليم نجد والأحساء والجوف والحجاز وعسير وغيرها.
لقد جاهد طيب الله ثراه لأكثر من ثلاثين عاما في سبيل توحيد جزيرة العرب بعد أن ظلت سنين طويلة مسرحا للفوضى والاضطرابات، تعصف بها القلاقل والفتن والعصبيات القبلية ، ويتفشى فيها الجهل والفقر والمرض، وكانت عبارة عن إمارات صغيرة وقبائل متفرقة يقاتل بعضها بعضا لأبسط الأسباب حتى الحج إلى بيت الله الحرام أبرز معالم الجزيرة، وأظهر أشكال صلتها بالعالم الإسلامي، كان أمرا محفوفا بالمخاطر لكثرة اللصوص وقطاع الطرق الذين كانوا لا يراعون حرمة هذه الفريضة، فجاء الملك عبدالعزيز رافعا راية الجهاد لإنقاذ البلاد وتخليص العباد من تلك الأوضاع القاسية من خلال بيان العقيدة الصحيحة، ومحاربة الفتن والخزعبلات والبدع التي سيطرت على عقول الناس، ونبذ الجهل والحروب والخلافات المدمرة التي كانت متفشية عند كثير من الناس، فأعلن أمام شعبه أنه إنما جاهد لإعلاء كلمة الله وتطبيق شرعه كما جاء في كتابه العظيم وسنة رسوله الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) فوضع بذلك قاعدة الحكم التي سارت عليها البلاد منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا.
وقد جاهد - طيب الله ثراه - بكل وسعه لتوحيد صفوف المسلمين من أجل رفع رايتهم وإعلاء كلمتهم لما فيه الخير والصلاح لهم في الدنيا والآخرة، فاستخدم سلاح الخطابة في إقناع الجموع لتوحيد الصفوف والانطلاق في مسيرة التوحيد لتطبيق شرع الله في البلاد وإقامة حكمه بين العباد .
وامتشق السيف فمن كان منهم صادقا في عهده وولائه أمنّه على نفسه وماله وأجزل له العطاء، ومن كان خائنا ومثيرا للفتن عاقبه بما يستحق من العقاب طبقا لأحكام الشرع، حتى يفيء إلى عقله ويعود إلى رشده ويستقيم أمره .
فنقل بذلك البلاد من حالة الفوضى والتشتت إلى مرحلة البناء والتطور ومواكبة روح العصر، وبسط الأمن والاستقرار في ربوعها، بعد أن نفّذ العهد الذي قطعه على نفسه فطبّق شريعة الله في بلاده، وأرسى دعائم السنة المحمدية، ثم جعل للدولة هيبتها وللنظام احترامه، وأشاع الطمأنينة في النفوس وألّف بين القبائل وجمع كلمة أبناء البلاد على الحق، ووجه طاقات المواطنين وجهودهم للعمل البناء والتعاون المثمر من أجل غد مشرق، فعمّ الأمن والعدل والاستقرار ربوع البلاد، وأصبحت بكل أجزائها ومناطقها وحدة متكاملة يتساوى فيها أمام شرع الله القوي والضعيف والغني والفقير .
يقول أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدته ( ضجّ الحجيج ) واصفا أعمال الملك عبدالعزيز التي قام بها لتوحيد هذه البلاد عندما تستنفذ جميع الطرق السلمية :


[poem=font="Simplified Arabic,6,darkblue,bold,italic" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black""] فجرّد السيف في وقت يفيد به=فإن للسيف يوما ثم ينصرم[/poem][poem=font="Simplified Arabic,6,darkblue,bold,italic" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
[/poem]


إن المتتبع لسيرة الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - يجدها سيرة عظيمة لقائد فذ تجلت فيه صفات البطولة في أبهى صورها والإنسانية بأسمى معانيها، فقد كان فارسا شجاعا ذا نخوة وشهامة، وخطيبا فصيحا قوي الشخصية والحجة، جاهد وناضل بعزم لايلين وعزيمة لا تفتر لتوحيد أرجاء بلاده وتطبيق شرع الله فيها ، مستعينا بالصبر والحلم والحكمة في مواجهة المعضلات الجسام التي اعترضت مسيرة التوحيد التي بدأها، وكانت لديه القدرة الكافية على حل هذه الصعوبات، فاستطاع إيصال مركب بلاده إلى بر الأمان بعد أن كاد يغرق بسبب الجهل والتخلف والحروب الدامية قبل مجيئه .
وما هذا الكتاب إلا منظار آخر لتسليط الضوء على بعض جوانب شخصية هذا الزعيم بزاوية أخرى ورؤية جديدة ، مع العلم بأنه مهما كتبت الأقلام وتحدثت الألسن فلن تستطيع أن تفي هذا الرجل حقه الكافي وقدره الحقيقي، فهو يبقى أكبر من كل ما يكتب ويقال .




الملك عبدالعزيز مولده ونشأته


هو عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعه بن مانع بن ربيعه المريدي .
ولد في قصر الإمارة بالرياض في مساء يوم التاسع والعشرين من ذي الحجة سنة 1297هـ الموافق الثاني من كانون الأول ( ديسمبر ) 1880م ، أبوه الإمام عبدالرحمن ( رحمهما الله جميعا )
عاش فترة صباه تحت رعاية والده الذي تعهده بالتربية والتعليم والتدريب على الفروسية وغيرها من المهارات، وقد تتلمذ على يد القاضي عبدالله الخرجي من علماء الخرج بأمر من والده الإمام عبد الرحمن، فتعلم مباديءالقراءة والكتابة، وحفظ سورا من القرآن الكريم وقرأه كاملا على الشيخ محمد بن مصيبيح، ثم تلقى بعض الدروس في أصول الفقه والتوحيد على يد الشيخ عبدالله بن عبداللطيف، كما تعلم استعمال البندقية وركوب الخيل منذ الصغر، واشتهر بالنشاط والحركة الدائمة حيث لا يستقر في مكان واحد فترة طويلة، وامتاز بالذكاء وحدة الطبع فتفوق على أقرانه في كثير من الخصال، وكان يميل كثيرا إلى سماع تاريخ وأخبار جده الإمام فيصل بن تركي من كبار السن والرواة.
عاصر الأحداث التي اضطرت والده إلى الخروج بأهله وأولاده من عاصمة الآباء والأجداد ( الرياض ) وهو في الحادية عشرة من عمره ضمن قافلة تضم بعض أفراد أسرة الإمام عبد الرحمن وأقاربه ورجاله وذلك في النصف الأخير من شهر رمضان سنة 1308هـ أواخر نيسان ( أبريل ) 1891م فعاش متنقلا في البادية آلفا حياتها القاسية ومكاره عيشها صابرا على الظمأ والجوع والتعب وافتراش الأرض، ومحتملا حرارة الشمس الملتهبة وليالي الشتاء القارسة، فكانت هذه المصاعب والمشاق جانبا من جوانب تكوين شخصية هذا الشاب، وجزءا لا يتجزأ من خبراته التي صقلتها الأيام منذ الصغر فقد وجد نفسه قبل أن ينضج شبابه يألف خشونة الحياة ومصاعبها، وتقلبات الزمن وطباع الناس المختلفة.
كما وجد نفسه يدخل في المفاوضات ويقوم بالسفارات وهو في ريعان شبابه حيث أرسله والده إلى الشيخ عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين ليأذن لأسرة آل سعود بالإقامة في جواره ، فذهب عبد العزيز واستطاع الحصول على الموافقة ثم أرسله والده ثانية إلى الهفوف ليفاوض الأتراك كي يسمحوا لهم بالإقامة في الأحساء ولكنه في هذه المرة لم يستطع انتزاع موافقتهم ورفضوا الطلب .
ثم قام الإمام عبدالرحمن بمخاطبة الشيخ قاسم بن ثاني حاكم قطر الذي وافق مرحبا بقدومهم، فانتقل الجمع إلى هناك في شهر صفر سنة 1310هـ الموافق آب ( أغسطس ) 1892م وانضم إليهم باقي الأسرة التي في البحرين، ومكث الإمام ومن معه في قطر قرابة الأربعة الأشهر طرأ خلالها تغير على سياسة الدولة العثمانية فأبدت رغبتها في الاتفاق مع الإمام عبدالرحمن وتأمين تحركاته، فتم الاتفاق بينه وبينهم عن طريق متصرف الأحساء على أن يقيم الإمام هو وأسرته في الكويت وتدفع له الدولة ( ستين ليرة ) مشاهرة وقد وافق ابن صباح على أن يقيموا في بلاده، فانتقلت الأسرة من قطر إلى الكويت في جمادى الأولى سنة 1310هـ الموافق تشرين ثاني ( نوفمبر ) 1892م وعاش الإمام في دار أعدها له ابن صباح قضى فيها الشاب ( عبدالعزيز ) قرابة العشر سنين كانت مليئة بالدروس في فن السياسة العملية، وحافلة بأساليب المحاورات والمفاوضات فقد قرّبه الشيخ مبارك الصباح منه، وسمح له بحضور مجالسه السياسية، وأحاديثه مع ممثلي الحكومات الأجنبية كالإنجليزية والروسية والألمانية والتركية بعد أن رأى فيه صفات الذكاء والفطنة، وشاهد في عينيه الشجاعة والحماسة، ووجد في حديثه الجرأة واللياقة والحكمة، فأحبه وقرّبه إليه ليصبح ابنه ورفيقه في مجالس الحكم متنبئا له بالشأن العظيم، فهو منذ سنوات عمره الأولى تبدو عليه سمات النجابة والوعي، وتتشكل فيه مخايل الرجولة والفروسية وتكامل الشخصية وسعة الأفق وتوقد الذكاء وقوة الحجة والبيان، والميل إلى التأمل والتفكير العميق، وعندما بلغ العشرين من عمره تجلّت مواهبه العديدة، وبرزت فيه ملامح الزعامة وصفات القيادة بما هيأه الله له من قوة في الجسم وبراعة في الحرب وسداد في الرأي، وإيمان بالحق وجرأة في اتخاذ القرار السليم، ولم تكن هذه الصفات لتجتمع أو تتوفر إلا لقائد فذ أو ملك عظيم، فأصبح هذا الشاب شعلة متوقدة من النشاط والحماس لم يغمض له جفن ولم يهدأ له بال وهو يرى حكم آبائه وأجداده يذهب أدراج الرياح وهو يعيش بعيدا عن بلاده ومسقط رأسه، فكانت عينه دائما ترمق السيف بنظرة كلها شوق وأمل هاجسه الوحيد الملك المفقود، وحلمه الكبير استعادة ذلك الحكم المسلوب .
يقول الشيخ عبدالعزيز التويجري في كتابه ( لسراة الليل هتف الصباح ) أنه حدّثه أحد كبار السن قائلا :
( ذهبنا إلى الكويت وكنا ثلاثة رجال وبيننا شاعر من البادية، وفي نيتنا أن نتعرف إلى أولاد الإمام عبدالرحمن الفيصل فزرناه، ثم طلبنا منه أن يرسل معنا من يوصلنا إلى أولاده للسلام عليهم، فأرسل معنا أحدهم، وبعد السلام أخذ عبدالعزيز يسألنا عن أحوال البلاد وأمنها والأحداث الدائرة هناك، وهل حكم الشرع نافذ فينا ؟ فوقف البدوي وقال يا عبدالعزيز عندي قصيدة، فرد عليه فيمن ؟ فقال : فيك . قال : أنا هنا في الكويت غريب، مجهول، ليس لي دور في شيء ! تمدحني بالشجاعة ؟ لم أفعل شيء ! بالكرم ؟ أنا لا أملك مالا حالي هنا مستور . فرد عليه الشاعر إني واحد من شعرائك ومن رجالك يا عبدالعزيز والبلاد اليوم في حاجة إليك اسمعها تقول لك، وأنشد بصوت مرتفع :


[poem=font="Simplified Arabic,5,darkblue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
عبد العزيز أبطيت وأخلفت ظني = وكثر البطا يحدث على الرجل خذلان
يا أمير دوك فتوقها وضحني = تبينت لأهل الدلايل والأذهان
[/poem]




أصغى إليه الأمير الشاب ثم قال : سنتقابل والأحداث على صعيد أرضنا الطاهرة إن شاء الله ) .. انتهى .
وبالفعل جاءت المحاولة الأولى لاستعادة عاصمة الآباء والأجداد ( الرياض ) في عام 1318هـ ( 1901م ) عندما تحرك الشيخ مبارك الصباح على رأس جيش كبير ومعه الإمام عبدالرحمن لمحاربة ابن رشيد، وعندما وصل الجيش إلى (الشوكي) في الدهناء استغل عبدالعزيز هذه الفرصة واستطاع إقناع والده والشيخ مبارك بأن يذهب على رأس سرية من رجاله لفتح الرياض وبذلك يضطّر ابن رشيد إلى أن يقاتل بجيشه على جبهتين مختلفتين مما يضعف صفوفه ويزيد من فرص الانتصار عليه، فأذنا له بالسير إلى هناك فقطع المسافة ما بين الشوكي والرياض في يومين، فعلمت حامية ابن رشيد بالأمر وخرجت للتصدي له بقيادة عامل ابن رشيد على الرياض ( عبدالرحمن بن ضبعان ) فقاتلها عبدالعزيز وهزمها ودخل المدينة ، ثم لجأت الحامية إلى داخل القصر ( المصمك ) وتحصّنت فيه فحاصرها عبدالعزيز وباشر في حفر نفق إلى داخل القصر وفي الجهة الأخرى دارت الحرب الطاحنة بين ابن رشيد والشيخ مبارك في مكان يسمى ( الصريف ) في القصيم على مقربة من الطرفية في 17 ذي الحجة سنة 1318هـ الموافق 7 أيار ( مارس ) 1901م ، كان النصر فيها من نصيب ابن رشيد وقواته فعاد الشيخ مبارك إلى الكويت ومعه الإمام عبدالرحمن الذي أرسل إلى ولده عبدالعزيز يحذره ويطلب منه ترك محاصرة الرياض والعودة بمن معه إلى الكويت خوفا عليهم من قوات ابن رشيد بعد نشوة هذا الانتصار، فاستجاب الابن لطلب والده وكان رأيا صائبا من الاثنين فالرأي والحكمة قبل الشجاعة .


ولكن عبدالعزيز لم تطل إقامته في الكويت هذه المرة بعد أن ذاق حلاوة النصر وكاد أن يصل إلى هدفه، فاستأذن والده لتكرار المحاولة وطلب منه مخاطبة الشيخ مبارك لأخذ الإذن له ومنحه المساعدة اللازمة، وتحت الإلحاح القوي والإصرار الشديد وافق الإمام عبدالرحمن وخاطب الشيخ مبارك لتسهيل المهمة فوافق الشيخ مبارك وقام بتزويده بأربعين ذلولا ، وثلاثين بندقية، ومائتي ريال وزادا يكفيه ومن معه ، وقال له مباركا خطواته :
البلد بلدك، والأهل أهلك، متى ما ضاقت بك السبل عد إلينا تجدنا كما كنا. فشكره عبدالعزيز وودّعه أجمل وداع وخرج من الكويت في أربعين رجلا من آل سعود والموالين لهم وفي الطريق انضم إليه العديد من الرجال ليصبح عدد رجاله يربو على الستين رجلا، فأكمل مسيرته حتى وصل إلى ( يبرين ) بسرية تامة، وهناك تفقّد رجاله الثلاثة والستين استعدادا للزحف على الرياض واستردادها .
يقول الملك عبدالعزيز : " افتكرنا مع ربعنا فيما نعمل، فاتفق الرأي على السطو على الرياض فلربما حصلت لنا فرصة في القلعة نأخذها بسياسة، لأنه في الظاهر كانت علينا جواسيس . " وفي هذه الأثناء وصلت رسالة من الإمام عبدالرحمن، قرأها الملك عبدالعزيز ثم جمع رجاله حوله لاستشارتهم حيث قرأ عليهم الرسالة وقال :
" لا أزيدكم علما بما نحن فيه وهذا كتاب والدي يدعونا للعودة إلى الكويت قرأته عليكم، أنتم أحرار فيما تتخذونه لأنفسكم، فمن أراد الراحة ولقاء أهله فإلى يساري إلى يساري . " فتواثب الجميع إلى يمينه معلنين قرارهم التاريخي بأن يصحبوه حتى يتحقق الحلم الغالي بإذن الله عندها التفت جلالته إلى مبعوث والده وقال له: " سلم على الإمام وخبره بما رأيت واسأله الدعاء لنا، وقل له إن موعدنا إن شاء الله في الرياض . "
وقد اضطر الملك عبدالعزيز إلى اتباع سياسة التخفي نظرا للمخاطر التي كانت تحيط بهم، فأقام مع رجاله في الربع الخالي حتى تنصرف الأنظار عنهم . يقول الملك عبدالعزيز : " أخذنا أرزاقنا وسرنا وسط الربع الخالي ولم يدر أحد عنا أين كنا ، فجلسنا شعبان بطوله إلى عشرين رمضان ثم سرنا إلى العارض . "
ثم بدأ الملك عبدالعزيز في تنفيذ خطته حيث تحرك برجاله في الواحد والعشرين من شهر رمضان سنة 1319هـ ووجهته الرياض فوصل إلى مورد ( أبو جفان ) يوم عيد الفطر، وفي 4 شوال الموافق الثالث عشر من كانون ثاني ( يناير ) سنة 1902م وصل إلى ( ضلع الشقيب ) الذي يبعد عن الرياض ساعة ونصف للراجل، وكانت الساعة الثالثة بالتوقيت العربي (التاسعة ليلا زوالية) فترك عند الإبل والأمتعة عشرين رجلا لحراستها وليكونوا مددا وعونا عند الحاجة وقال لهم:
" إذا ارتفعت الشمس ولم يأتكم خبرنا فعودوا إلى الكويت وكونوا رسل النعي إلى أبي وإذا أكرمنا الله بالنصر فسأرسل لكم فارسا يلوّح لكم بثوبه إشارة إلى الظفر ثم تأتوننا " وتقدم بالأربعين الآخرين ومن ضمنهم أخيه محمد وابنا عمه عبدالله وفهد آل جلوي ، فدخل بساتين نخل في شرقي الرياض يقال لها ( الشمسية ) .

يقول الملك عبدالعزيز : " فنحن مشينا حتى وصلنا محلا اسمه ضلع الشقيب يبعد عن البلد ساعة ونصف للرجلي، هنا تركنا رفاقنا وجيشنا ومشينا على أرجلنا الساعة السادسة ليلا، وتركنا عشرين رجلا عند الجيش والأربعون مشينا لا نعلم مصيرنا ولا غايتنا، ولم يكن بيننا وبين أهل البلد أي اتفاق . "
وفي بستان قرب بوابة الظهيرة خارج سور الرياض استبقى الملك عبدالعزيز ثلاثة وثلاثين رجلا من رفاقه وجعل قيادتهم لأخيه الأمير محمد بن عبدالرحمن كقوة مساندة عند الحاجة وقال لهم : ( لا حول ولا قوة إلا بالله ! إذا لم يصل إليكم رسول منا غدا فأسرعوا بالنجاة واعلموا بأننا قد استشهدنا في سبيل الله ) .
وتقدم بالسبعة الباقين لمهاجمة منزل عامل ابن رشيد ( عجلان ) ففوجئ بما لم يكن في الحسبان عندما علم من زوجة عجلان أنه يبيت في ( المصمك ) ولا يخرج منه إلا في الصباح لتفقد الخيل، عندها أرسل الملك عبدالعزيز في طلب أخيه محمد ليأتي بمن معه للتشاور فيما يمكن عمله، فدخلوا البيت متسللين وتشاوروا في تنفيذ الخطة، وكانت الساعة التاسعة والنصف عربية، والفجر يطلع الحادية عشر ، فأكل الملك عبدالعزيز ورجاله شيئا من التمر كان هناك ثم ناموا قليلا ، وعند انبثاق الفجر نهضوا فصلى بهم جلالته وأخذ يتحدث إليهم حتى بزوغ شمس يوم الجمعة الخامس من شهر شوال سنة 1319هـ الموافق 15 كانون الثاني ( يناير ) 1902م ، ثم تقدم برجاله واقتربوا من الساحة التي يتفقد فيها عجلان الخيل منتظرين خروجه ، وبعد فترة بسيطة خرج عجلان من البوابة ومعه بعض رجاله فوقعت عيناه على عبدالعزيز فعرفه بهيئته وطول قامته التي اشتهر بها ، فحاول ومن معه الهرب منقلبين على أعقابهم ، فأطلق عليه الملك عبدالعزيز بندقيته فأصابه في غير مقتل ، ثم لحق به وأدركه قبل دخوله من الخوخة ( الباب الصغير في البوابة الكبيرة ) فأمسك برجليه وتعلق عجلان بيديه من الداخل ، وفي هذه الأثناء رماه فهد بن جلوي بالحربة ( الشلفا ) فأخطأته واستقرت في الباب ، عندها تمكن عجلان من الانفلات والدخول إلى القصر ، فلحق به عبدالله بن جلوي إلى الداخل ولحق به العشرة الآخرون واستطاع قتل عجلان ، ثم هجم بقية الرجال على من في القصر من الحامية فقتلوا أكثر من ثلاثين رجلا وتحصّن نحو العشرين في إحدى الجهات ، فأمّنهم عبدالعزيز على أرواحهم واستسلموا ، فنادى المنادي : ( الملك لله ثم لعبدالعزيز بن عبدالرحمن بن سعود ) وخرج أهالي الرياض لتحية أميرهم العائد بعد غياب مهللين مكبرين يحمدون الله ويشكرونه بقلوب يغمرها الفرح والسرور بهذا الفتح العظيم وهذا النصر الكبير وكان أول من رفع عقيرته بحربيته المشهورة ذلك اليوم هو الشاعر الحوطي الذي قال :




[poem=font="Simplified Arabic,6,blue,bold,italic" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black""] داري ياللي سعدها تو ما جاها=طير حوران شاقتني مضاريبه
صيدته يوم صف الريش ما أخطاها=يوم شرّف على عالي مراقيبه
جا الحباري عقاب نثّر دماها=في الثنادي على الهامة مضاريبه
عشقة للسعود من الله أنشاها=حرّمت غيرهم تقول ماليبه
عقب ماهي عجوز جدّد صباها=زينها اللي مضى قامت تماريبه
ذبح عجلان فيها ما تعداها=ما حلا عند باب القصر تسحيبه

[/poem]


ولم يكد عبدالعزيز يحصّن الرياض حتى مدّ سلطانه إلى النواحي الجنوبية حيث أغار على الخرج أحد معاقل أجداده واستولى عليها ثم أخذ الحريق والحوطة والأفلاج حتى وصل وادي الدواسر، وبذلك وطّد حكمه في المنطقة الممتدة من الرياض إلى الربع الخالي، ثم عاد إلى الرياض .
وفي بداية سنة 1320هـ ( 1902م ) قام بالإغارة على قبائل قحطان الموالية لابن رشيد وهم نازلون على ( حلبان ) في أطراف نجد فأخذهم، ثم خرج ثانية قاصدا قوما من عتيبة يرأسهم ابن ربيعان في مكان قرب الشعرا ولكنه عندما وصل إلى ماء الحسي شمالي الرياض أصيب بالمرض فأرسل أخاه محمد ليغزوهم ثم عاد إلى الرياض ، وأرسل لوالده الإمام عبدالرحمن يبشّره بالنصر الكبير، ويطلب منه التكرم بالعودة بعد أن استتب أمن الرياض وما حولها، فأقبل الإمام بمن معه من الرجال واستقبله الابن على مسيرة ثلاثة أيام من الرياض، فدخلها بعد غياب إحدى عشر سنة .
وبعد عودة الإمام عبدالرحمن حاول الابن التخلي عن الحكم لوالده ، ولكن الإمام رفض ذلك بإصرار وتركه لابنه الذي حقق هذه الإنجازات ، فقبل عبدالعزيز الأمر بشرط أن يكون لوالده حق الإشراف الدائم عليه وعلى عماله .
وتمت البيعة الأولى لعبدالعزيز في اجتماع عام عقد بالرياض بعد صلاة الجمعة في ربيع الأول سنة 1320هـ ( 1902م ) حضره العلماء وكبار الشخصيات حيث أعلن الإمام عبدالرحمن بن فيصل تنازله الكامل عن حقوقه في الملك لابنه عبدالعزيز، وأهدى إليه ( سيف سعود الكبير ) الذي نصله دمشقي، وقبضته محلاة بالذهب وجرابه مطعّم بالفضة .
وبفتح الرياض وتولي عبدالعزيز الزعامة أشرقت شمس الحق لتنبئ بظهور زعيم سطع نجمه في سماء نجد يسير بتوفيق الله من نصر إلى نصر شعاره لا اله إلا الله محمد رسول الله، ودستوره القرآن العظيم وسنة الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) وسلاحه السيف والكلمة ورجال نذروا أنفسهم لنصرة هذا الزعيم الذي أتى حاملا الكتاب والسنة والسيف والكلمة .
وقد بدأ الملك عبدالعزيز مسيرة الخير والإصلاح ورحلة التوحيد بالعمل الجاد والمكافحة في سبيل تحقيق أهدافه النبيلة وأحلامه الكبيرة ، ولكن الطريق لم يكن مفروشا بالورود ، ولم يكن سهلا قطعه ، بل إنها مهمة صعبة وشاقة ، وطريقا محفوفا بالمخاطر والعقبات ، يحتاج إلى حماسا كبيرا ، وإصرارا قويا ، وإرادة صلبة ، وعزما لا يلين ، يحتاج إلى شجاعة نادرة ، وفروسية فذة ، وجرأة ثابتة على الحق، يحتاج إلى شخصية قوية ، وعقلا متفتحا وأفكارا نيّرة، وفطنة سريعة، يحتاج إلى حكمة وحلم وذكاء وفراسة، يحتاج إلى نيّة صادقة للإصلاح ومن قبل ذلك كله التوكل على الله سبحانه وتعالى والاستعانة به.
وكانت كل هذه الصفات والمميزات من أبرز سمات شخصية الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - بالإضافة لما عرف عنه من التمسك بمبادئ الدين والنخوة والشرف ، فوضعه المؤرخون في مصاف القادة العظام من قادة الأمة العربية والإسلامية، وكان حكمه البوابة إلى عصر الرقي والتقدم والرخاء والنظر إلى غد مشرق، بعد أن أضفى بحكمه عباءة الأمن والاستقرار والخير والسلام على هذه المنطقة من العالم .



أشهر معارك الملك عبدالعزيز


مقطع من الكتاب



الكيان السعودي الموحّد جاء ثمرة طيبة لجهاد رجل دولة عظيم هو الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود حيث تحمل هذا الزعيم تبعات ذلك الجهاد بتضحيات روى بها تراب الأرض بأذكى الدماء ، واستظل براية التوحيد وهو يقود قوات الحق لإقامة هذا الكيان بعد أن أعلن أن القرآن الكريم والسنة هما دستور الدولة السعودية الوليدة التي أرادها أن تكون امتدادا تاريخيا لمجد حضارة عربية إسلامية تليدة ، لذلك أمضى الملك عبدالعزيز قرابة إحدى وثلاثون سنة رافعا راية الجهاد في سبيل توحيد جزيرة العرب تحت نظام واحد يطبّق شرع الله وأحكامه ، وقد خاض - طيب الله ثراه - الكثير من المعارك بنفسه وقادها بعبقرية فذة عسكرية وسياسية واجتماعية ، فصال وجال في ميادين الحروب ، وتقدم الفرسان عند احتدام الصفوف ، فأظهر شجاعة نادرة وفروسية فذة وأبلى البلاء الحسن في كثير من المعارك ، ومن خلفه رجال مخلصين نذروا أنفسهم لنصرة ومساندة هذا الزعيم الذي عاد إليهم بعد غياب حاملا كل الصفات الحسنة والخصال الحميدة ، والنيّة الصادقة للإصلاح ، فأحبوه وأحبهم ، وأخلصوا له وأخلص لهم ، وخاضوا تحت لوائه المعارك الواحدة تلو الأخرى حتى تم توحيد أرجاء البلاد تحت نظام واحد يسوده الأمن والعدل والمساواة ، وقد عمد جلالته إلى التأليف بين قلوب الناس من شتى القبائل والأقطار ، وجمع حوله من كانوا أعداءه فحقق انتصارات رائعة لا تقل روعة ومجدا عن انتصاراته العسكرية ، فاجتاز بذلك أدق وأصعب مراحل تأسيس الكيان الوطني العربي الإسلامي الموحّد ، ومن فتح الرياض اتصلت أحداث التاريخ التي صنعت هذا الكيان الوطني العربي الشامخ .

ومن أشهر المعارك التي خاضها الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - بعد فتح الرياض لتكتمل مسيرة التوحيد :

معركة الدلم سنة ( 1320 هـ 1902 م ) : أرسل الملك عبدالعزيز إشاعة مفادها أنه اختلف مع والده وخرج من الرياض وأن والده قد أخذ الأمان لأهل الرياض من ابن رشيد ، فوصلت الإشاعة لمسامع ابن رشيد الذي صدّقها وتحرّك يحثّ الخطى متجها إلى الرياض بجيش يربو على الأربعة آلاف مقاتل ، ولكنه عندما وصل إلى ( بنبان ) علم بحقيقة الأمر وأن عبدالعزيز قد حصّن الرياض قبل خروجه بألف مقاتل للدفاع عن المدينة وأنه رحل إلى ( الدلم ) في الجنوب ومعه القليل من الرجال ، فتابع السير خلفه ، وفي هذه الأثناء كان الملك عبدالعزيز قد استطاع إقناع أهل الحوطة وهم من بني تميم بالانضمام إليه ، فالتحق منهم أكثر من ثمانمئة مقاتل ليصبح جيشه نحو ألف وخمسمئة مقاتل ، وعند وصول ابن رشيد إلى ( الدلم ) زحف إليه الملك عبدالعزيز برجاله ليلا ودخل البلد ، وفي الصباح تقصّى الملك عبدالعزيز أخبار ابن رشيد فعلم أنه يخرج صباح كل يوم مع بعض رجاله إلى بساتين النخيل الواقعة خارج البلد ، ففكّر الملك في أن يستخدم أسلوب المفاجأة فهجم عليهم في وقت الظهيرة مما أدى إلى إرباك صفوفهم واختلال نظامهم ، واستمر القتال إلى غروب الشمس ، وفي صباح اليوم التالي انسحبت قوات ابن رشيد إلى ( السلمية ) فلحق بهم الملك عبدالعزيز بعد أن جاءه المدد والذخيرة التي أرسل في طلبها ليصل عدد من معه إلى ألفي مقاتل ، ودارت المعركة بينهم ثانية في ( السلمية ) في ربيع الأول سنة 1320هـ الموافق حزيران ( يونيو ) 1902م ، وقد حصل بينهم قتال شديد انهزم على أثره ابن رشيد وانسحب عائدا إلى حفر الباطن ، أما الملك عبدالعزيز فعاد إلى الرياض بعد أن ثبتت سيادته على الخرج والدلم والنواحي الجنوبية .



من خطب الملك عبدالعزيز


(مقطع من الكتاب)

كان الملك عبدالعزيز صاحب شخصية نادرة ، فهو دائما حاضر الذهن ، سريع البديهة ، فصيح اللسان ، قوي الحجة والبيان إذا أراد الإقناع ، يسبق عقله لسانه ولا يقول إلا ما يعتقد ، يمتلك ذاكرة قوية ، ويتميز حديثه بالذكاء واللياقة لدرجة تبهر وتفتن من يحادثه ، لديه قدرة عجيبة على مخاطبة الجميع على اختلاف مستوياتهم الثقافية ، له الكثير من الخطب الارتجالية والمكتوبة .


يقول عنه الكاتب الإنجليزي كنث وليمز :
" مواهب ابن سعود الخطابية عظيمة ، بل هي من عوامل احتفاضه بعرشه . يظهر مقدرة عجيبة في أحاديثه العامة والخاصة ، وهو إذا تكلم تدفق كالسيل يحب التحليل ورد الشيء إلى أصله ، شديد الولع بتشريح المواضيع تشريحا يدل على ذكاء وفطنة ولباقة . يخاطب البدوي بلهجة البدوي ، والحضري بلهجة الحضري ، وما استمع إليه أجنبي إلا خرج مفتونا بحديثه .. " .



ومن أشهر خطب الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه ما يلي :

" أنا مبشر أدعو لدين الإسلام ، ولنشره بين الأقوام . أنا داعية لعقيدة السلف الصالح وعقيدة السلف الصالح هي التمسك بكتاب الله وسنة رسوله وما جاء عن الخلفاء الراشدين ، أما ما كان غير موجود فيها ، فأرجع بشأنه إلى أقوال الأئمة الأربعة فآخذ منها ما فيه صلاح المسلمين . أنا مسلم وأحب جمع كلمة الإسلام والمسلمين ، وليس أحب عندي من أن تجتمع كلمة المسلمين ولو على يد عبد حبشي وإنني لا أتأخر عن تقديم نفسي وأسرتي ضحية في سبيل ذلك .أنا عربي وأحب قومي والتآلف بينهم وتوحيد كلمتهم وأبذل في ذلك مجهوداتي ولا أتأخر عن القيام بكل ما فيه المصلحة للعرب ، وما يوحّد أشتاتهم ويجمع كلمتهم . أنا مسالم ومدافع . أنا مسالم وأحب النصيحة قبل كل شيء لأن الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم . وأنا مدافع لأنني ما حاولت في وقت من الأوقات أن أعتدي على إخواني وأبناء قومي وكنت في كل وقت أقابل ما يصدر إلي منهم من إساءة أو خطيئة بصدر رحب ، على أمل أن يرجعوا إلى الصواب ، ولكني إذا رأيت تماديا في الغي والإساءة أضطّر حينئذ للدفاع " .




من رسائل الملك عبدالعزيز


مقطع من الكتاب



الملك عبدالعزيز له العديد من الرسائل والبيانات التي أمر بنشرها وتوزيعها على شعب بلاده حاملة بين طياتها الكثير من الإرشادات والنصائح والتوصيات التي يحثهم فيها على التمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، موضحا لرعيته الطريق الصواب الواجب اتباعه، ومحذرا لهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن، مبديا حرصه الشديد على كل ما يوحّد بلاده وشعبه ويعلي كلمتهم ويعزز تقدمهم، كما أن للملك عبدالعزيز الكثير من المراسلات والمذكرات التي تبادلها مع العديد من رؤساء الدول وممثلي الحكومات وبعثاتها، والتي يحرص فيها جلالته دائما على إعلاء كلمة المسلمين والعرب وتوحيد صفوفهم، وهذه مجموعة من رسائل الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه مرتبة حسب تواريخها الزمنية :



[frame="1 98"]
رسالة الملك للشعب
" بسم الله الرحمن الرحيم "
" من عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن سعود إلى شعب الجزيرة العربية ..
على كل فرد من رعيتنا يحس أن ظلما وقع عليه أن يتقدم إلينا بالشكوى ، وعلى كل من يتقدم بالشكوى أن يبعث بها بطريق البرق أو البريد المجاني على نفقتنا، وعلى كل موظف بالبريدأو البرق أن يتقبل الشكاوي من رعيتنا ولو كانت موجهة ضد أولادي و أحفادي وأهل بيتي ، وليعلم كل موظف يحاول أن يثني أحد أفراد الرعية عن تقديم شكاواه مهما كانت قيمتها أو حاول التأثير عليه ليخفف من لهجتها أننا سنوقع عليه العقاب الشديد لا أريد في حياتي أن أسمع عن مظلوم، ولا أريد أن يحملني الله وزر ظلم أحد، أو عدم نجدة مظلوم، أو استخلاص حق مهضوم ألا قد بلغت اللهم فاشهد ".
الختم
عبدالعزيز
[/frame]

[frame="1 98"]
من الملك إلى ولي العهد
1352هـ 1933م
انعقد مجلس الوكلاء ومجلس الشورى في 16 محرم سنة 1352هـ الموافق 11 مايو 1933م ، بأمر من الملك عبدالعزيز لوضع نظام لتوارث الحكم من بعده ، فصدر قرار المجتمعين بتزكية الأمير سعود بن عبدالعزيز ومبايعته وليا للعهد ، فأبرق الملك لولي عهده برقية هذا نصها :
" تفهم أننا نحن والناس جميعا ، ما نعز أحدا ولا *** أحدا ، وإنما المعز والمذل هو الله سبحانه وتعالى ، ومن التجأ إليه نجا ، ومن اغتر بغيره ( عياذ بالله ) وقع وهلك . موقفك اليوم غير موقفك بالأمس، ينبغي أن تعقد نيتك على ثلاثة أمور :
أولا : نية صالحة ، وعزم على أن تكون حياتك وأن يكون ديدنك إعلاء كلمة التوحيد ، ونصر دين الله . وينبغي أن تتخذ لنفسك أوقاتا خاصة لعبادة الله والتضرع بين يديه في أوقات فراغك . تعبد إلى الله في الرخاء تجده في الشدة . وعليك بالحرص على الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وأن يكون ذلك كله على برهان وبصيرة في الأمر ، وصدق في العزيمة، ولا يصلح مع الله سبحانه وتعالى إلا الصدق، وألا العمل الخفي بين المرء وربه
ثانيا : عليك أن تجدّ وتجتهد في النظر في شؤون الذين سيوليك الله أمرهم بالنصح سرا وعلانية والعدل في المحب والمبغض، وتحكيم الشريعة في الدقيق والجليل، والقيام بخدمتها باطنا وظاهرا وينبغي أن لا تأخذك في الله لومة لائم .
ثالثا : عليك أن تنظر في أمر المسلمين عامة، وفي أمر أسرتك خاصة. اجعل كبيرهم والدا، ومتوسطهم أخا، وصغيرهم ولدا، وهن نفسك لرضاهم وامح زلتهم واقل عثرتهم، وانصح لهم، واقض لوازمهم بقدر إمكانك. فإذا فهمت وصيتي هذه ولازمت الصدق والإخلاص في العمل فابشر بالخير .
أوصيك بعلماء المسلمين خيرا . احرص على توقيرهم ومجالستهم وأخذ نصيحتهم. واحرص على تعليم العلم لأن الناس ليسوا بشيء إلا بالله ثم بالعلم ومعرفة هذه العقيدة . احفظ الله يحفظك
هذه مقدمة نصيحتي إليك، والباقي يصلك إن شاء الله في غير هذا "
الختم / عبدالعزيز آل سعود

[/frame]
فأجابه ولي العهد بأنه سينفذ ما أوصاه به ، وسيعمل بالجد والاجتهاد لخدمة الشعب والبلاد عملا بكتاب الله وسنة رسوله الكريم ، معاهدا جلالته بتطبيق جميع نصائحه الدينية والدنيوية ، والعمل بمكارم الأخلاق ، والعدل في أحكامه طبقا للشرع ، والبر بالعلماء ، وحفظ العهود ، والنظر في مصالح المسلمين ، والسعي بين العرب والمسلمين بالخير والإصلاح لما فيه عزتهم وكرامتهم .



أطلق على الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود العديد من الألقاب التي خاطبه بها الحكام والملوك ، وخاطبته بها الدول والحكومات العربية والإسلامية والأجنبية ، وخاطبه بها أبناء شعبه ورجاله ، وذلك منذ أن بدأ مسيرة التوحيد العظيمة بفتح الرياض إلى أن منّ الله عليه بتوحيد أرجاء البلاد على يديه تحت اسم ( المملكة العربية السعودية ) ومن هذه الألقاب نذكر الآتي :



]" ابن سعود "
أشهر ألقابه الدارج على ألسنة الناس في الشرق والغرب ، لكنه لم يكن يرتاح إليه .


" طويل العمر "


لقب عام يشاركه فيه الكثيرون .


" عبدالعزيز "



اسمه الأول ، يخاطبه به أحيانا أهل نجد ، ولم يكن يترفع عنه ، بل كان يقبله بكل تواضع ورحابة صدر .


" ابو تركي "


أحب الألقاب إلى قلبه ، وهو اسم أكبر أبنائه وقد توفي رحمة الله عليه في سنة 1337هـ ( 1919م ) .



" أمير نجد ورئيس عشائرها "


لقب خاطبته به الحكومات وبعثاتها في المكاتبات والرسائل والمعاهدات الدولية ، وهو أول لقب رسمي عرف به .


" صاحب الدولة والي نجد ومتصرف الأحساء "



لقب خاطبته به الدولة العثمانية في أواخر عام 1332هـ ( 1914م ) بعد فتح الأحساء ، وأهدته النيشان العثماني الأول ورتبة الوزارة .


" والي نجد وقائدها عبدالعزيز باشا "


لقب انفردت به الدولة العثمانية عند مخاطبة الملك عبدالعزيز .


" صاحب العظمة سلطان نجد "


لقب أطلق عليه بعد مؤتمر الرياض سنة 1339هـ ( 1921م ) .


" عظمة سلطان نجد وملحقاتها "


لقب أطلق عليه سنة 1340هـ ( 1922م ) بعد ضم امارة آل عائض في تهامة وامارة حائل في الشمال إلى سلطنة نجد .


" جلالة ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها "


لقب أطلق عليه في 22 جمادى الثانية سنة 1345هـ الموافق 8 كانون ثاني ( يناير ) 1926م ، بعد فتح مكة ومبايعة أهلها لجلالته ملكا على الحجاز .


" جلالة ملك الحجاز ونجد وملحقاتها "


لقب أطلق عليه في 25 رجب سنة 1345هـ الموافق 19 كانون ثاني ( يناير ) 1927م ، بعد مبايعة أهل نجد لجلالته في الرياض ملكا على نجد .


" الامام "


أحب الألقاب إلى قلبه منذ أن آل إليه بعد وفاة والده الامام عبدالرحمن بن فيصل آل سعود رحمة الله عليه في أواخر سنة 1346هـ ( 1928م ) .


" صاحب الجلالة ملك المملكة العربية السعودية "


اللقب الرسمي وهو لقب أطلق عليه بعد صدور المرسوم الملكي في 17 جمادى الأولى سنة 1351هـ بتوحيد أجزاء المملكة الحجازية والمملكة النجدية وملحقاتها تحت اسم ( المملكة العربية السعودية ) ابتداءا من يوم الخميس 21 جمادى الأولى سنة 1351هـ الموافق 22 أيلول ( سبتمبر ) 1932م .

كذلك فان الكثير من السياسيين وأرباب القلم عربا وأجانب أطلقوا على الملك عبدالعزيز العديد من الألقاب والصفات من خلال كتبهم ومؤلفاتهم والمقالات التي جاءت بأقلامهم عبر التاريخ منذ انتصار جلالته بفتح الرياض وحتى يومنا الحاضر ، ومن هذه الألقاب والصفات :


الفاتح - القائد - الزعيم - الموّحد - المؤسّس - سيد نجد - نابليون الجزيرة العربية - سيد بلاد العرب - نابليون العرب - رائد الوحدة العربية
.





من عزاوي الملك عبدالعزيز





" ابن فيصل "




وكانت هذه العزوة أكثر ما يعتزي به جلالته ، وهو اسم جده الأدنى .



" ابن مقرن "

كان جلالته يعتزي بهذه العزوة في بعض الأحيان ، وهو اسم جده الأقصى .





" اخو نورة "

اشتهر جلالته بهذه العزوة ، وهو اسم كبرى شقيقاته .





" اخو الأنور المعزي "

كان يعتزي جلالته بهذه العزوة في حالات الغضب الشديد .





" أهل العوجا إخوان من طاع الله "

عزوة كان يعتزي بها جلالته ويشاركه فيها عشيرته أهل العارض ، وهي عزوتهم منذ أمد طويل ، والعوجا من أسماء العارض .







من شعر الملك عبدالعزيز





كان الملك عبدالعزيز متذوقا للشعر ، ومحبا لمعانيه الدقيقة الخالية من الهجاء أو المديح المبالغ فيه ، وكان يتردد على لسان جلالته بعض الأبيات في المناسبات التي تشده أو تثير اهتمامه ، وكان لدى جلالته اطلاع واسع ودراية تامة بمعاني الشعر الواضحة والمدفونة خصوصا الشعر النبطي ، وهو القائل :

" أحب سماع الشعر ولكن نوعين لا أحبهما.. الهجاء والمدح الزائد عن حده "





وبالإضافة لمحبة جلالته للشعر كان يرحمه الله يتمتع بموهبة شاعرية أصيلة حيث كان ينظم الشعر في المناسبات ، خاصة الحربية منها ، واشتهر شعره بالإيجاز الذي يحمل معاني حماسية مثيرة يميل في معظمه إلى نوع الحداء ، وهذا ليس بغريب عليه ، فعلاوة على ما اشتهر به أبناء الأسرة السعودية الكريمة من مواهب الزعامة والشيم العربية الجمة المتنوعة ، فقد برز العديد منهم في الشعر أيضا ، كالإمام تركي بن عبدالله الذي كان من أبرز شعراء عصره ، وهو الجد الثاني للملك عبدالعزيز .



يقول فهد المارك في كتابه " من شيم العرب " :

" وشعر الملك عبدالعزيز مستقيم الوزن سليم العبارة ، رشيق الاسلوب قوي الأداء ، ولكنه مقّل فيه كل الإقلال ، وهذا القليل يدل على وجود الموهبة الفنية الأصيلة فيه . "





وذكر الزركلي أنه قابل سمو الأمير عبدالله بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - رحمة الله عليه - أخ الملك عبدالعزيز الذي حدثه عن جلالته قائلا :

" لم يكن رحمه الله يقول الشعر ولكن ربما كان يجري على لسانه الشطر أو البيت من الملحون فيردده ولا يعتمد الزيادة ، ومن المرجح أن معظم شعر الملك عبدالعزيز يميل إلى الحداء ، وهي الأبيات التي ينشدها الفرسان فوق صهوات خيولهم . والقصائد التي من هذا النوع لها موسيقى تبعث النشوة في أعماق نفوس الذين يتذوقون معانيها ، كما أنها مثيرة للشعور ومهيجة للعواطف خاصة إذا لحنها الفرسان وهم ممتطون صهوات خيولهم . "





ومن الأشعار المنسوبة للملك عبدالعزيز طيب الله ثراه -















منقول
















التوقيع

آخر تعديل الكيميائي يوم 10-25-2009 في 09:08 PM.
رد مع اقتباس
قديم 10-25-2009, 09:14 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو

 
الصورة الرمزية عباد الهذلي
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

عباد الهذلي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الملك عبد العزيز رحمه الله (مولده ، نشأته ، معاركه ، خطبه ، رسائله ، ألقابه ، عزاويه ، أشعاره )

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

توثيق جميـل لحياه ونشأة مؤسس هـذه الأرض المباركـه ...

وهي حلقه إستكماليـه لما سبق طرحـه من قبل شخصكم الكريم أخي الكيميائي في موضوع سابق يخص الملك عبد العزيز رحمه الله ...

بـآركـ الله فيكـ






التوقيع

//

[poem=font="mateen,4,green,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="double,3," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
المخالف يالعوارف مايضـدّه غيـر ضـدّه=وان تعلمت الرجال تجيـك بعلـوم الرجالـي
لن ثبّت فيّ الكلام اللي وانـا حاضـر تعـدّه=مايجيني شيء غير يكود من جـدي وخالـي[/poem]
عبد الله المسعودي "رحمه الله "

http://img104.herosh.com/2010/12/05/434406166.jpg

رد مع اقتباس
قديم 10-26-2009, 11:51 AM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

الكيميائي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الملك عبد العزيز رحمه الله (مولده ، نشأته ، معاركه ، خطبه ، رسائله ، ألقابه ، عزاويه ، أشعاره )

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سهم هذيل مشاهدة المشاركة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

توثيق جميـل لحياه ونشأة مؤسس هـذه الأرض المباركـه ...

وهي حلقه إستكماليـه لما سبق طرحـه من قبل شخصكم الكريم أخي الكيميائي في موضوع سابق يخص الملك عبد العزيز رحمه الله ...

بـآركـ الله فيكـ

مهما نقول لا يمكن أن نعطي الملك عبد العزيز حقه

وكل الشكر والتقدير على مروك الكريم






رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
زوجات ـ ابناء ـ بنات الملك عبد العزيز (رحمه الله ) الكيميائي المجلس العام 26 10-24-2009 11:51 PM
سيرة الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله صالح الكعبي المجلس العام 10 08-05-2009 03:05 PM
قصيدة العزي في الملك عبدالعزيز-رحمه الله- ماهر الهذلي مجلس موروث هذيل الأدبي 7 02-21-2008 01:15 AM
قصر الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله عليه الطلحي تركي المجلس العام 17 11-27-2007 12:45 PM
زوجات الملك عبدالعزيز رحمه الله وابناءه0000 أمير بكلمتي مجلس النثر والخواطر 2 03-31-2006 01:19 PM


الساعة الآن 02:52 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة هذيل