من حدوث العالم بطريقة المتكلمين المبتدعة هذه ؛ وهو امتناع حوادث لا أول لها ثم يصنفون الكتب الفلسفية كتصنيف الرازي « المباحث الشرقية » ونحوها ويذكر فيها ما احتج به المتكلمون
على امتناع حوادث لا أول لها ، وأن الزمان والحركة والجسم لها بداية ، ثم ينقض ذلك كله ويجيب عنه ويقرر حجة من قال : إن ذلك لا بداية له .
وليس هذا تعمدا منه لنصر الباطل ؛ بل يقول بحسب ما توافقه الأدلة العقلية في نظره وبحثه.
فإذا وجد في المعقول بحسب نظره ما يقدح به في كلام الفلاسفة قدح به فإن من شأنه البحث المطلق بحسب ما يظهر له، فهو يقدح في كلام هؤلاء بما يظهر له أنه قادح فيه من كلام هؤلاء، وكذلك يصنع بالآخرين
ومن الناس من يسيء به الظن وهو أنه يتعمد الكلام الباطل؛ وليس كذلك بل تكلم بحسب مبلغه من العلم والنظر والبحث في كل مقام بما يظهر له
انظروا ، هو لم يقول أنه مختلف عن الرازي و الرازي مختلف عنه فقط !
بل قال أن هذا ماتوصل إليه الرازي وجاد به بحثه وعِلمه ، ثم ماذا أيضا ً ؟؟
و أن الرازي لا يتعمد الكلام بالباطل
ولم يبحث في العِلم لينصر الباطل
يا الله
قمة التعايش وقمة فِهم الإختلاف ، بل قمة الإنصاف !
أيضا ً وبما أن الشيء بالشيء يًذكر
لا أنسى جزء من حياة الإمام الشافعي و موقف الإمام مالك معه ، حيث تعلم الشافعي على يد الإمام مالك تسع سنوات ، ولكنّ الشافعي أحب أن يَطلع على كل العِلم
فاستأذن من معلمه الإمام مالك ، وقال له : أتأذن لي أذهب للعراق لأستطلع عِلم الإمام أبي حنيفة ؟
و المعروف أن أبي حنيفة ومالك كلا ً له فِكره ومذهبه ....
فيا ترى ماذا قال الإمام مالك ؟
هل منعه ؟
هل قال له : كيف يا الشافعي ، هل بعد هذه السنين لم اعد أصلح لأن تأخذ مني العِلم ؟
هل قال له : هل تشك في عِلمي ؟
لا لم يقل له الإمام مالك كل ذلك ، بل قال له : نعم أذهب .
بل أيضا ً أعطاه المال ليذهب للعراق ، لأن الإمام الشافعي لم يكن لديه مال للسفر و للتعلم .
مواقف جميلة ورائعة في تَفهم الاختلاف و أيضا ً فنون التعايش مع الآخر _ المختلف عنك _
ونحن بحاجه لأن نتعلم كيف نختلف بدون أن نتخاصم و نتعلم كيف نتعايش مع هذا الاختلاف والقلوب صحاح .
وخطبة رائعة بالفعل ، في مناصحة الناس بواقع حياتهم و حثهم للتعايش مع بعضهم البعض ....
خصوصا ً وأن مجتمعنا لم يعد تلك القرية الصغيرة ، بل أصبح أكثر توسعا ً و انفتاحا ً على الآخر و المفترض أن نتعلم كيف نتعايش مع هذا التغيير .
تحيتي للجميع .