العودة   ::{ مجالس قبيلة هذيل }:: موقع يهتم بتراث القبيلة ومفاخرها > المجالس العامة > المجلس العام
 

المجلس العام لكافة المواضيع التي ليس لها قسم مُخصص

موضوع مغلق
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 09-12-2007, 03:44 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو

 
الصورة الرمزية أبو يزيد
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

أبو يزيد غير متواجد حالياً


افتراضي الأبتــــلا....

الحمد لله القائل : } وَلَنَبلُوَنكُم بِشَيء منَ الخَوف وَالجُوعِ وَنَقصٍ منَ الأمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثمَراتِ وَبَشرِ الصابِرِينَ (155) الذِينَ إِذَا أَصَـابَتهُم مصِيبَةٌ قَالُوا إِنا لِلهِ وَإِنـا إِلَيهِ راجِعونَ (156) أُولَـئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌ من ربهِم وَرَحمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ { [البقرة:155-157] . والصلاة والسلام على رسول الله الذي ابتُلي بأنواع من البلاء، فصبر وشكر، وعلى آله وصحابته المبتلين الأخيار، وعلىالتابعين لهم بإحسان إلىيوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فلا يخفى على أحدٍ أنَّ الحياة الدنيا مليئة بالمصائب والبلاء، وأنَّ كل مؤمنٍ ومؤمنةٍ عرضة لكثيرٍ منها : فمرة يُبتلى بنفسه، ومرة يبتلى بماله، ومرة يبتلى بحبيبه، وهكذا تُقلَّب عليه الأقدار من لدن حكيم عليم . وإذا لم يحمل المؤمن النظرة الصحيحة للبلاء فسوف يكون زلـلُه أكبر من صوابه، ولا سيما أن بعض المصائب تطيش منها العقول لضخامتها وفُجاءَتها عياذاً بالله .

ومن هنا كانت كتابة هذه الرسالة لتسلية كل مصاب مهما بلغ مصابه، أبيِّن له من خلالها بعض حِكم البلاء العظيمة التي ربما غفل عنها بعض الناس هداهم الله ونسوا أو تناسوا أن الله لا يبتلينا ليعذبنا، بل ليرحمنا. وأن على المؤمن أن ينظر إلى البلاء سواءً كان فقداناً للمال أو الصحة أو الأحبة- من خلال نصوص الكتاب والسنة على أنه:


--------------------------------------------------------------------------------

أولاً : امتحان وابتلاء :

نعم امتحان وابتلاء، فنحن في قاعة امتحان كبيرة نُمْتحن فيها كل يوم تدعى الحياة، فكل ما فيهـا امتحان وابتلاء : المال فيها امتحان، والزوجة والأولاد امتحان، والغنى والفقر امتحان، والصحة والمرض امتحان، وكلنا ممتحن في كل ما نملك وفي كل ما يعترينا في هذه الحياة حتى نلقى الله، قال تعالى : } كُل نَفسٍ ذَائِقَةُ المَوتِ وَنَبلُوكُم بِالشر وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينَا تُرجَعُونَ { [ الأنبياء : 35 ] . وقال جل ذكره: } أَحَسِبَ الناسُ أَن يُترَكُوا أَن يَقُولُوا ءامَنا وَهُم لاَ يُفتَنُونَ (2) وَلَقَد فَتَنا الذِينَ مِن قَبلِهِم فَلَيَعلَمَن اللهُ الذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعلَمَن الكَـاذِبِينَ { [ العنكبوت : 2-3 ] .
فأنت أيها المعافى ممتحن، ولكن ما أحسست أنك في قاعة امتحان حتى ابتُليت، وأنت أيها المريض ممتحن، ولكن ما أحسست أنك في قاعة امتحان حتى شُـفيت .

وليس فينا من هو أكبر من أن يمتحن . وكيف لا وفي الحديث الصحيح : "أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل" [ رواه البخاري ] . كما أنه ليس فينا من يملك رفض هذا الامتحان . ولكن فينا من يُمتحن بالبلاء فينجح بالصبر والإيمان والاحتساب، وفينا من يمتحن بالبلاء فيرسب بالجزع والاعتراض على الله عياذاً بالله .

ورحم الله الفضيل بن عياض حين قال : " الناس ما داموا في عافية مستورون، فإذا نزل بهم بلاء صاروا إلى حقائقهم؛ فصار المؤمن إلى إيمانه، وصار المنافق إلى نفاقه " .


--------------------------------------------------------------------------------

ثانياً : قسمة وقدر :

إنَّ الله تعالى قسم بين الناس معايشهم وآجالهم، قال تعالى: } نَحنُ قَسَمنَا بَينَهُم معِيشَتَهُم فِى الحَياةِ الدنيَا { [الزخرف : 32 ] . فالرزق مقسوم، والمرض مقسوم، والعافية مقسومة، وكل شيء في هذه الحياة مقسوم. فارضَ بما قسم الله لك يا عبد الله ، ولا تجزع للمرض، ولا تكره القدر، ولا تسب الدهر، فإن الدقائق والثوانـي والأنفاس كلها بيد الله تعالى يقلبها كيف يشاء، فيُمرِض من يشاء، ويعافي من يشاء، ويبتلي من يشاء } أَلاَ لَهُ الخَلقُ وَالأمرُ { [الأعراف : 54]. بلى سبحانه وتعالى .

وما دام الأمر كذلك فسلِّم أمرك لله أيها المبتلى، واعلم أنَّ ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن من يريد أن تكون الحياة على حال واحدة، فكأنما يريد أن يكون قضاء الله تعالى وفق هواه وما يشتهيه. وهيهات هيهات .

يـــا صـــاحب الهمِّ إنَّ الهم منفـرجٌ

أبشِر بخيرٍ فـــــــــإنَّ الفــــــــارج الله
اليــأس يقطع أحيــاناً بصــاحبــــه

لا تيـــأسنَّ فـــــــــــإنَّ الكـــــــافي الله
اللـه يُحدِث بعـد العســــر ميســـرة

لا تجـــزعــــــنَّ فــــــإن القاســــم الله
إذا بُـــليـت فثِقْ بالله وارضَ بـــــه

إنَّ الذي يكشــــف البلــــوى هــــو الله
واللهِ ما لكَ غير الله من أحــــــــــدٍ

فحسبُك الله في كــــــــــــــــــلٍ لك الله



--------------------------------------------------------------------------------

ثالثاً : خير ونعمة بشرط :
وأياً كانت هذه القسمة وهذا الامتحان فهو خير للمؤمن وليس لأحد غيره، ولكن بشرط الشكر على النعماء، والصبر على البلاء . وفي الحديث الصحيح : "عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن؛ إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيراً له" [ رواه مسلم ] .
وما أصدق الشاعر إذ يقول :

قد يُنعم الله بالبلوى وإن عظمت ...........ويبتلي الله بعض القوم بالنعم

وأجمل من ذلك قول الحق سبحانه وتعالى : } فَعَسَى أَن تَكرَهُوا شَيئاً وَيَجعَلَ اللهُ فِيهِ خَيراً كَثِيراً { [النساء :1] وقوله : } وَعَسَى أَن تَكرَهُوا شَيئًا وَهُوَ خَيرٌ لكُم وَعَسَى أَن تُحِبوا شَيئًا وَهُوَ شَر لكُم وَاللهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لاَ تَعلَمُونَ )
لذا فاعلم يا عبد الله أنه إنَّما ابتلاك الذي أنعم عليك، وأخذ منك الذي أغدق عليك . وليس كل ما تكرهه نفسك فهو مكروه على الحقيقة، ولا كل ما تهواه نفسك فهو نافع محبوب، والله يعلم وأنت لا تعلم .

لئن كان بعض الصبر مُرًّا مذاقُه ..............فقد يُجتنى من بعده الثمرُ الحلوُ
يقول بعض السلف : "إذا نزلت بك مصيبة فصبرت، كانت مصيبتك واحدة . وإن نزلت بك ولـم تصبر، فقد أُصبت بمصيبتين : فقدان المحبوب، وفقدان الثواب" . ومصداق ذلك من كتاب الله عز وجل قوله تعالى :} وَمِنَ الناسِ مَن يَعبُدُ اللهَ عَلَى حَرفٍ فَإِن أَصَابَهُ خَيرٌ اطمَأَن بِهِ وَإِن أَصَابَتهُ فِتنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجهِهِ خَسِرَ الدنيَا وَالآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الخُسرانُ المُبِينُ{ [الحج: 11 ] .

كُن في أمورك مُعرضاً................ وكل الأمور إلى القَضَا

وأبشِـر بخيرٍ عـــاجــــلٍ ............تنسـى بـه ما قـد مضـى

فلـــرُبَّ أمـــرٍ مســخــطٍ ............لك في عواقبـه الرضا

--------------------------------------------------------------------------------

رابعاً : محطة تمحيص وتكفير :
نعم، الابتلاء محطة نتوقف فيها برهة من الزمن فإذا بأدران الذنوب والمعاصي تتحاتّ منا كما يتحات ورق الشجر؛ إذ المؤمن يُثاب على كل ضربة عرق، وصداع رأس ، ووجع ضرس، وعلى الهم والغم والأذى، وعلى النَصَب والوَصَب يصيبه، بل وحتى الشوكة يشاكها. وفي الحديث: "ما يصيب المسلم من نَصَبٍ ولا وَصَبٍ وهما المرض والتعب ولا همٍ ولا حزنٍ ولا غمٍ ولا أذى ، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه" [ متفق عليه ] .

فالأجر ثابت يا عبد الله، على كل ألمٍ نفسي أو حسي يشعر به المؤمن إذا صبر واحتسب. فقد جاء في كتب السنة "أن النبي r دخل على أم السائب رضي الله عنها، فقال لها: ما لكِ تزفزِفين ؟ قالت : الحمى لا بارك الله فيها. فقال : لا تسبي الحمى فإنها تُذهِب خطايا بني آدم كمـــا يذهب الكير خبث الحديد" [ رواه مسلم ] . وفي الحديث عن النبي r أنه قال : "ما من مسلم يصيبه أذى من مرضٍ فما سواه إلا حطَّ الله تعالى به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها" [ متفق عليه ]. فهنيئاً للصابرين المحتسبين .


--------------------------------------------------------------------------------

خامساً : رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات :
إن البلاء يعتري المسلم فيمحو منه بإذن الله- أدران الذنوب والمعاصي إن كان مذنباً مخطئاً - وكل ابن آدم خطَّاء كما مرَّ معك وإن لم يكن كذلك فإن البلاء يرفع درجاته ويبوِّئه أعلى المنازل في الجنة . وقد جاء في الحديث أن الله عز وجل يقول لملائكته إذا قبضوا روح ولد عبده: "قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون : نعم . فيقول: ماذا قال عبدي ؟ فيقولون: حمدك واسترجع . فيقول : ابنوا لعبدي بيتـاً في الجنة وسمُّوه بيت الحمد" [ رواه أحمد وحسنه الألباني ] . ويقول سبحانه في الحديث القدسي: "ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضت صَفِيَّه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة" [ رواه البخاري ].

بل ترفع درجات المؤمن حينما يُبتلى بما هــو أقل من ذلك، ففي الحديث أن النبي r قال : "ما من مسلم يُشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة، ومحيت عنه بها خطيئة" [ رواه مسلم ].
إذاً هي درجة تلو درجة ليبلِّغه الله منزلته في الجنة، والتـي يكون تبليغه إياها بفضل الله، ثم بفضل صبره على البلاء، والله عز وجل يقول : } إنمَا يُوَفى الصـابِرُونَ أَجرَهُم بِغَيرِ حِسَابٍ{ [ الزمر: 10] .

عَطِيَّتُه إذا أعــطى ســـرورٌ ...............وإن أخـــذ الذي أعطى أثابــا

فأيُّ النعمتين أعمٌّ فضلاً............... وأحمــد في عواقبهـا إيـابــــــا

أنِعمتُه التي أهـــدت سروراً............ أم الأخرى التي أهـــدت ثوابـــا

بل الأخرى وإن نزلت بكرهٍ........... أحقُّ بشكرِ مَن صبر احتسابا
--------------------------------------------------------------------------------

سادساً : علامة حب ورأفة :
إن المصائب والبلاء امتحانٌ للعبد ، وهي علامة حب من الله له؛ إذ هي كالدواء، فإنَّه وإن كان مراً إلا أنَّـك تقدمه على مرارته لمن تحب ولله المثل الأعلى - ففي الحديث الصحيح : "إنَّ عِظم الجزاء من عظم البلاء،وإنَّ الله عز وجل إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط" [ رواه الترمذي وصححه الألباني ] .

يقول ابن القيم رحمه الله : "إنَّ ابتلاء المؤمن كالدواء له، يستخرج منه الأدواء التي لو بقيت فيه لأهلكته أو نقصت ثوابه وأنزلت درجته، فيستخرج الابتلاء والامتحان منه تلك الأدواء، ويستعد به إلى تمام الأجر وعلو المنزلة " إلى آخر ما قال.

ولا شك أخي الحبيب-أنَّ نزول البلاء خيرٌ للمؤمن من أن يُدَّخر له العقاب في الآخرة . وكيف لا وفيه تُرفع درجاته وتكفر سيئاته . يقول المصطفى r : "إذا أراد الله بعبده الخير عجَّل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبـــه حتى يوافيه به يوم القيامة" [ رواه الترمذي وصححه الألباني ] . وبيَّن أهل العلم أن الذي يُمسَك عنه هو المنافق، فإن الله يُمسِك عنه في الدنيا ليوافيه بكامل ذنبه يوم القيامة عياذاً بالله .


--------------------------------------------------------------------------------

سابعاً : دروس وذكرى :
في البلاء دروسٌ لا يمكن أن نأخذها من غيره أبداً وهي من حِكَم البلاء- ومن أهمها ما يلي :

الدرس الأول : أنَّ البلاء - أخي المسلم - درسٌ من دروس التوحيد والإيمان والتوكل، يطلعك عملياً على حقيقة نفسك لتعلم أنك عبد ضعيف لا حول لك ولا قوة إلا بربك، فتتوكل عليه حق التوكل، وتلجأ إليه حق اللجوء، حينها يسقط الجاه والتيه والخيلاء، والعجب والغرور والغفلة، وتفهم أنك مسكين يلوذ بمولاه، وضعيف يلجأ إلى القوي العزيز سبحانه .

الدرس الثاني : أن البلاء يكشف لك حقيقة الدنيا وزيفها وأنها متاع الغرور، وأن الحياة الصحيحة الكاملة وراء هذه الدنيا،في حياة لا مرض فيها ولا تعب :} وَإِن الدارَ الآخِرَةَ لَهِىَ الحَيَوَانُ لَو كَانُوا يَعلَمُونَ { [ العنكبوت : 64] . أما هذه الدنيا فنكد وجهد وكبد: } لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ فِى كَبَدٍ { [البلد : 4] . فهذا شأن الدنيا فبينما هي مُقبلة إذا بها مدبرة، وبينما هي ضاحكة إذا بها عابسة. فما أسرع العبوس من ابتسامتها، و مــا أسرع القطع من وصلها، وما أسرع البلاء من نعمائها.

فهذه طبيعتها، ولكنك تنسى أخي الحبيب فيأتي البلاء فيذكرك بحقيقتها؛ لتستعد للآخرة، ويقول لك :

فاعمل لدارٍ غداً رضوانُ خازنها...........الجـارُ أحمــدُ والـرحمنُ بانيهـا

قصورها ذهبٌ والمسك تـربتــها...........والزعــفرا� � حشيشٌ نابتٌ فيها


الدرس الثالث: أنَّ البلاء يذكرك بفضل نعمة الله عليك بالعافية. فإنَّ هذه المصيبة تشرح لك بأبلغ بيان وأصرح برهان معنى العافية التي كنت تمتعت بها سنين طويلة، ولم تتذوق حلاوتها ولم تقدِّرها حق قدرها. وصدق من قال : "الصحة تاجٌ على رءوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى" . ومَن غير المبتلى يعرف أنَّ الدنيا كلمة ليس لها معنىً إلا العافية ؟ .

الدرس الرابع : أن البلاء يذكِّرنا، فلا نفرح فرحـاً يطغينا، ولا نأسى أسىً يفنينا. فإن الله عز وجل يقول : } مَا أَصَابَ مِن مصِيبَةٍ فِى الأرضِ وَلاَ فِى أَنفُسِكُم إِلا فِى كِتابٍ من قَبلِ أَن نبرَأَهَا إِن ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (22) لكَيلاَ تَأسَوا عَلَى مَا فَاتَكُم وَلاَ تَفرَحُوا بِمَا آتاكُم وَاللهُ لاَ يُحِب كُل مُختَالٍ فَخُورٍ{ [ الحديد : 22-23 ].
الدرس الخامس : أنَّ البلاء يذكرك بعيوب نفسك لتتوب منها، والله عز وجل يقول : } وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيئَةٍ فَمِن نفسِكَ { ‏ [النساء : 79]. ويقول سبحانه } وَمَا أَصابَكُم من مصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَت أَيدِيكُم وَيَعفُوا عَن كَثِيرٍ { [الشورى : 30] .
فالبلاء فرصة للتوبة قبل أن يحل العذاب الأكبر، فإنَّ الله تعالى يقول : } وَلَنُذِيقَنهُم منَ العَذَابِ الأدنَى دُونَ العَذَابِ الأكبَرِ لَعَلهُم يَرجِعُونَ { [ السجدة : 21 ] . والعذاب الأدنى هو نكد الدنيا ونغصها .

الدرس السادس : أنَّ البلاء درس تربوي عملي يربينا علـى الصبر. وما أحوجنا إلى الصبر في كل شيء . فلن نستطيع الثبات على الحق إلاَّ بالصبر على طاعة الله، ولن نستطيــع البعد عن الباطل إلاَّ بالصبر عن معصية الله، ولن نستطيع السير في مناحي الحياة إلاَّ بالصبر على أقـدار الله المؤلمة . وما أجمل الصبر في ذلك كله، فهو زادنا إلى جنة الخلد والرضوان. قال سبحانه وتعالى : } وَمَا يُلَقاهَا إِلا الذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقاهَا إِلا ذُو حَظ عَظِيمٍ { [ فصلت : 35 ] .
وختاماً لهذه الدروس، أظنُّـك أخي الحبيب توافقني الرأي بأنَّ هذه الدروس الستة، لا يمكن أن نأخذها من غير بلاء؛ إذ هي من قبل أن نُصَاب بالبلاء لا تعدو أن تكون حبراً على ورق، أو كلاماً نظرياً يطير به الهوى، فإذا نزل بنا البلاء واجتزناه بنجاح صارت واقعاً عملياً نعيشه،وهذا من حِكَم البلاء.


--------------------------------------------------------------------------------

قصص وعبر :
لما فهم السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين الحكمةَ الشرعية للبلاء، كانوا أفضل منَّا حالاً معه، وضربوا لنا أروع المثل في الصبر والعزاء والاحتساب، وإليك أمثلة على ذلك :

1- يروى عن عمر الفاروق رضي الله عنه أنَّه كان يكثر من حمد الله على البلاء، فلما سُئِل عن ذلك قال : "ما أُصبت ببلاءٍ إلاَّ كان لله عليَّ فيه أربع نعم : أنَّـه لم يكن في ديني، وأنَّـه لم يكن أكبر منه، وأنِّي لم أُحْرَم الرضا والصبر، وأنِّي أرجو ثواب الله تعالى عليه".

2-أصيب عروة بن الزبير رحمه الله في قدمه؛ فقرر الأطباء قطعها، فقطعت . فما زاد على أن قال: "اللهم لك الحمد فإن أخذت فقد أبقيت، وإن ابتليت فقد عافيت" . فلما كان من الغد ركلت بغلةٌ ابنه محمداً وهو أحب أبنائه إليه ، وكان شاباً يافعاً فمات من حينه، فجاءه الخبر بموته، فما زاد على أن قال مثل ما قال في الأولى، فلما سُئِل عن ذلك قال : "كان لي أربعة أطراف فأخذ الله مني طرفاً وأبقى لي ثلاثة، وكان لي سبعةٌ من الولد فأخذ الله واحداً وأبقى لي ستة . وعافاني فيما مضى من حياتي ثم ابتلاني اليوم بما ترون، أفلا أحمده على ذلك ؟!" .

هكذا كانوا رضي الله عنهم أجمعين، وألحقنا بهم في فسيح جناته. فهلاَّ تشبَّهنا بهم .

فتشبَّهوا إن لم تكونوا مثلهم إنَّ التشبُّه بالكــرام فلاح

وختاماً أخي الحبيب : لا تنس :

لا تنس أن تبحث في البلاء عن الأجر، ولا سبيل إليه إلاَّ بالصبر، ولا سبيل إلى الصبر إلاَّ بعزيمةٍ إيمانيةٍ وإرادةٍ قوية.

ولا تنس ذكر الله تعالى شكراً على العطاء، وصبراً على البلاء، وليكن ذلك إخلاصاً وخفية بينك وبين ربك .

ولا تنس أنَّ الله تعالى يراك، ويعلـم ما بك، وأنَّه أرحـم بك من نفسك ومن الناس أجمعين، فـلا تشكونَّ إلاَّ إليه ! . واعلم بأنَّـك:

إذا شكوتَ إلى ابن آدم فكأنَّما

تشكو الرحيمَ إلى الذي لا يرحم


ولا تنس إذا أُصبت بأمرٍ عارضٍ، أن تحمد الله أنَّـك لم تُصَب بعرضٍ أشدَّ منه، وأنَّه وإن ابتلاك فقد عافاك، وإن أخـذ منك فقد أعطاك .

ولا تنس أنَّ مـــا أصابـك لــم يكـن ليخطئك، وأنَّ ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنَّ عِظم الجزاء من عظم البلاء، وأنَّ لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فاصبر واحتسب، ودع الجزع فإنَّه لن يفيدكَ شيئاً، وإنما سيضاعف مصيبتك، ويفوِّت عليك الأجر، ويعرضك للإثم .

ولا تنس أنَّه مهما بلغ مصابك ، فلن يبلغ مصاب الأمة جمعاء بفقد حبيبها عليه الصلاة والسلام، فتعزَّ بذلك، فقد قال r : "إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصيبته بي، فإنَّها من أعظم المصائب" [ رواه البيهقي وصححه الألباني ] .

ولا تنس إذا أصابتك أيُّ مصيبةٍ أن تقول : إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، اللهم أجِرْني في مصيبتي، واخلف لي خيراً منها. فإنَّـك إن قلت ذلك؛ أجــارك الله فــي مصيبتك، وخلفها عليك بخير.

ولا تنس أن لا يأس من روح الله مهما بلغ بك البلاء، فإنَّ الله سبحانه يقول : } فَإِن مَعَ العُسرِ يُسراً (5) إِن مَعَ العُسرِ يُسراً{ [ الشرح : 5-6 ] . ولن يغلب عسرٌ يسرين، كما قال عمر الفاروق رضي الله عنه . ثم حذارِ أن تنسى فضل الله عليك إذا عادت إليك العافية، فتكون ممن قال الله عنه: } وَإِذَا مَس الإِنسانَ ضُر دَعَا رَبهُ مُنِيباً إِلَيهِ ثُم إِذَا خَولَهُ نِعمَةً منهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدعُو إِلَيهِ مِن قَبلُ{ [ الزمر : 8 ] .

ثم لا تنس أن البلاء يذكرك بساعةٍ آتيةٍ لا مفر منها، وأجلٍ قريبٍ لا ريب فيه، وأنَّ الحياة الدنيا ليست دار مقرٍ . فاعمل لآخرتك؛ لتجد الحياة التي لا منغِّص لها .

وقبل الوداع أذكِّرك وأُبشرك بما بدأت به، وهو قول الحق جلَّ وعلا: } وَلَنَبلُوَنكُم بِشَيء منَ الخَوف وَالجُوعِ وَنَقصٍ منَ الأمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثمَراتِ وَبَشرِ الصـابِرِينَ (155) الذِينَ إِذَا أَصَـابَتهُم مصِيبَةٌ قَالُوا إِنا لِلهِ وَإِنـا إِلَيهِ راجِعونَ (156) أُولَـئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌ من ربهِم وَرَحمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ{ [البقرة:155-157] .
وأخيراً، أسأل الله أن يجعلنا جميعاً مـن الصابرين على البلاء.. وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

منقول لما فيه من فائده عظيمه نسأل الله الثبات في الدنيا والآخره

موقع شمس الاسلام .........................






التوقيع

[url=http://hothle.com/up][/ur


[poem font="Arabic Transparent,5,#0000ff,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,1," type=1 line=1 align=center use=ex num="0,"]
حزين ايوالله ان قلبي حزين وخاطري مكسور=لو اضحك واتظاهر بالسعاده يابحر جده[/poem]

قديم 09-12-2007, 05:53 AM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

الهذلية غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الأبتــــلا....

اللهم إنا نسألك الصبر والثبات
الله يجزاك ألف خير على هذا النقل المميز
بارك الله فيك






قديم 09-12-2007, 06:15 AM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

هشام الهذلي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الأبتــــلا....

الحمد لله حمدا الشاكرين

بارك الله فيك أخوي ناصر

وجزاك الله خير الجزاء وأثابك

موضوع مهم في ظل ما نسمعه ما نسمعه عن قضايا الأنتحار وأغلبها لأسباب دنيوية


تقبل مروري أخي الكريم






قديم 09-12-2007, 01:18 PM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

أمــيــ اللثام ــرة غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الأبتــــلا....

جزاك الله خير اخوي على هذا النقل الرائع


تقبل مروري






التوقيع

لا أحب الكلامـ ..وأفضل الصمـت واللعـب مع الحروف ..

لأعبر عن ما يحتويني ..فأجدني طفــلة تلهوبها الكلمة..



~*¤ô§ô¤*~بنت هذيل~*¤ô§ô¤*~

قديم 09-12-2007, 01:21 PM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو

 
الصورة الرمزية الرايـــــق
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

الرايـــــق غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الأبتــــلا....

مشكوووووور ابو يزيد جزاك الله خير على الجهد الرائع والمتميز اما العيال تعالى شوف لهم حل ترى حالهم زايد وانت قطعت عنهم فتره طويله لازم تعطيهم الجرعه الاسبوعيه خاصة ابو كرتون






التوقيع

قديم 09-12-2007, 07:40 PM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو

 
الصورة الرمزية أبو يزيد
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

أبو يزيد غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الأبتــــلا....

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الهذلية مشاهدة المشاركة
اللهم إنا نسألك الصبر والثبات
الله يجزاك ألف خير على هذا النقل المميز
بارك الله فيك
اختي الهذليه/اشكر مرورك
وبارك الله في الجميع

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هشام الهذلي مشاهدة المشاركة
الحمد لله حمدا الشاكرين

بارك الله فيك أخوي ناصر

وجزاك الله خير الجزاء وأثابك

موضوع مهم في ظل ما نسمعه ما نسمعه عن قضايا الأنتحار وأغلبها لأسباب دنيوية


تقبل مروري أخي الكريم
أخي هشام/أسعدني مرورك
وإياك إنشاءالله


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمــيــ اللثام ــرة مشاهدة المشاركة
جزاك الله خير اخوي على هذا النقل الرائع


تقبل مروري
أختي أميــ الثام ــرة/اسعدني مرورك

وإياك إنشاءالله

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الرايـــــق مشاهدة المشاركة
مشكوووووور ابو يزيد جزاك الله خير على الجهد الرائع والمتميز اما العيال تعالى شوف لهم حل ترى حالهم زايد وانت قطعت عنهم فتره طويله لازم تعطيهم الجرعه الاسبوعيه خاصة ابو كرتون
هلا يالرايق/ اشكرك على المرور
وإياك إنشاءالله
وبالنسبه للشباب يصيرخير إنشاءالله






قديم 09-12-2007, 07:58 PM   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
مشرف مجلس الصوتيات والمرئيات
 
الصورة الرمزية هــادي الــهــذلـي
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

هــادي الــهــذلـي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الأبتــــلا....

ما قصرت يا ولد عمي








التوقيع

نتقابل في اجازة 1431 نظرا لظروف الجامعه

ادعوا لنا بالتوفيق

قديم 09-12-2007, 08:27 PM   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو

 
الصورة الرمزية سعود الهذلي
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

سعود الهذلي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الأبتــــلا....

اللهم اجعلنا من الصابرين عند حدوث المصائب جزاك الله خيرا ياأخ ناصر
موضوع مهم جدا ياليت بتم تثبيته 00






التوقيع



[frame="7 50"] سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم [/frame]

قديم 09-13-2007, 06:37 AM   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو

 
الصورة الرمزية ابو ياسر
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

ابو ياسر غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الأبتــــلا....

يعطيك العافية أخوي ابويزيد






قديم 09-14-2007, 03:35 PM   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو

 
الصورة الرمزية أبو يزيد
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

أبو يزيد غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الأبتــــلا....

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هـادي الــهــذلي مشاهدة المشاركة
ما قصرت يا ولد عمي

هلا أخوي هادي الهذلي
اسعدني مرورك
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعود الهذلي مشاهدة المشاركة
اللهم اجعلنا من الصابرين عند حدوث المصائب جزاك الله خيرا ياأخ ناصر
موضوع مهم جدا ياليت بتم تثبيته 00
هلا وغلا
وإياك ياخ سعود إنشاء الله

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فتى بني ياس مشاهدة المشاركة
يعطيك العافية أخوي ابويزيد
ابوياسر الله يعافيك

و شرفني مرورك






قديم 09-14-2007, 11:17 PM   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو

 
الصورة الرمزية ابوفهد
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

ابوفهد غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الأبتــــلا....

الله يجزاك الجنه ياناصر


كلام جميل ورائع تسلم ياغالي






التوقيع

بعض القصايد غذا والبعض الآخر سم
والبعض الآخر كذا صرخه بليا فم
الورد يقطر شذا والجرح ينزف دم
ومابين هذا وذا شوف المسافه كم

قديم 09-14-2007, 11:35 PM   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

أبو ليان الهذلي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الأبتــــلا....


و






التوقيع





قديم 10-01-2007, 07:15 PM   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو

 
الصورة الرمزية أبو يزيد
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

أبو يزيد غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الأبتــــلا....

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوفهد مشاهدة المشاركة
الله يجزاك الجنه ياناصر


كلام جميل ورائع تسلم ياغالي
هلا وغلا يابوفهد

آمين وإياك انشاءالله
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو ليان الهذلي مشاهدة المشاركة

و
حياك الله يابوليان

وإياك انشاءالله

اسعدني مرورك






قديم 10-01-2007, 11:16 PM   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
---------

 
الصورة الرمزية هذلي والفخر لي
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

هذلي والفخر لي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الأبتــــلا....

جزاك الله خير اخوي على النقل المميز

ولا حرمك الله اجره






آخر تعديل هذلي والفخر لي يوم 10-01-2007 في 11:20 PM.
قديم 10-02-2007, 01:23 AM   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو

 
الصورة الرمزية العميد
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

العميد غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الأبتــــلا....

رزقنا الله الصبر .. و كما قيل ( الصبر مفتاح الفرج ) ..

تحياتي .. العميد






التوقيع


موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:03 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة هذيل