العودة   ::{ مجالس قبيلة هذيل }:: موقع يهتم بتراث القبيلة ومفاخرها > المجالس الخاصـــة > مجلس أمجاد و تاريخ هذيل
 

مجلس أمجاد و تاريخ هذيل للمواضيع التي تتحدث عن تاريخ و عادات و تقاليد القبيلة

 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 01-18-2011, 12:59 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

صقور المساعيد غير متواجد حالياً


افتراضي ابوالقاسم الشابي الهذلي الشاعر المعروف التونسي

أبو القاسم الشابي


سيرة الشابي كما رواها أقرب الناس ‏




تونس- العرب أونلاين- عبد الدائم السلامي: لم يكن أبو القاسم الشابي ظاهرة إعلاميّة أو سياسيّة أو فكريّة قحّة. كان شاعرا فقط.

ربّما ثمة فضل لمجلّة ‏‏"أبولو" في تعريف قصائده إلى الناس وبخاصّة قرّاء منطقة الشرق العربيّ، ربّما ثمة فضل آخر لقصر عمره ‏ودرامية أيّامه في انتشار نصوصه بين الناس، وقد يكون لاكتساح التيّار الرومانسيّ ساحتنا الثقافية العربيّة ‏أوائل ثلاثينات القرن الماضي دور في اهتمام النقّاد بقصائده. ولكنّ الأكيد أنّ أبا القاسم الشابي، شاعر ‏ظاهرة صنعتها الأسباب التي ذكرنا. ‏

المعروف عن الشابي كتاباه: أغاني الحياة "ويشمل جميع قصائده" و"الخيال الشعري عند العرب" ويتضمّن ‏أراءه في الشعريّة العربية. ولكنّ أمورا تفصيليّة أخرى نراها قد ساهمت في تجويد موهبته الشعريّة ما ‏تزال غفلا عن الحصر والتعريف.

وقد ارتأينا، ونحن نحتفل بمئويّة أبي القاسم الشابي، أن نبحث في ‏تفاصيله الصغرى، تفاصيله التي يهملها النقّاد ودارسو شعره باعتبارها لا تدخل في حيّز الفاعل في ‏القصيدة، ونراها من صلبها. ‏

ولكي يكون بحثنا في تفاصيل أسطورة من أساطير الشعر العربيّ الحديث ذا مصداقيّة، اتصلنا ببعض من ‏تعرّفوا إلى هوامش حياة هذا الشاعر من قبل أفراد عائلته وبعض خزّنه أرشيف صدور سكّان مدينة توزر ‏وبخاصة حيّ "الشابيّة" منها حيث ولد شاعرنا.

وشكرنا موصول إلى الأستاذ الشاذلي الساكر الذي ساعدنا ‏في تتبّع هذه التفاصيل وتنقيتها من بعض شوائبها التاريخية.‏

نسب أبي القاسم الشابي
يعدّ أبو القاسم الشابي سليل أسرة تصوّف حاملة لسيف فقه ولقلم علم. توزع أفرادها بين عديد المدن ‏التونسية والجزائرية ما تزال آثارهم وارفة الأغصان إلى الآن. ‏

ولد أبو القاسم بن محمد الشابي سنة 1909 لجدّ هو أحمد بن مخلوف الشابيّ الذي هو من الشابة من ‏قبيلة هذيل العربية التي قدمت أثناء الفتح العربي لإفريقية . انتقل هذا الشيخ إلى تونس للدراسة بجامع ‏الزيتونة سنة 1449 ومكث بها ثماني سنوات ثم رجع إلى بلدته لنشر العلم فأسّس طريقة صوفية أسماها ‏‏"الطريقة الشابيّة" انتشرت في كامل إفريقية وجمعت حولها أهم القبائل التونسية والجزائرية في تلك الفترة. ‏

انتقل أحمد بن مخلوف الشابي سنة 1455 إلى القيروان ليتفرّغ للدعوة لمذهبه وكان لابنه "عرفة الشابيّ" ‏مجد سياسيّ وفقهيّ كبير. وللشيخ أحمد بن مخلوف عديد الرسائل الصوفية من أهمّها: "في لطائف ترقيات ‏القدر" و"الوحدة السارية في الوجود" و"علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين" و"ما يستدلّ به على وحدة ‏الربّ".‏

‏أمّا ابنه "عرفة بن أحمد بن مخلوف" وهو الجدّ الأعلى لشاعرنا "بلقاسم" الشابي كما يسمّيه أهل الجنوب ‏التونسي، فإنّه عاش في فترة عصيبة من تاريخ إفريقية الحفصية إذ تقلص نفوذ الحسين الحفصي ولم يعد ‏يشمل إلاّ منطقة الشمال الغربي مما تسبب في تدخل العثمانيين والأسبان في الشأن التونسي؛ نتيجة ذلك ‏أعلن الشيخ "عرفة" استقلاله في منطقة جغرافية واسعة تمتدّ من القيروان إلى الوسط والجنوب الغربي إلى ‏منطقة قسنطينة إلى جبال الأوراس وحتى بلاد سوف.

وامتد بذلك النفوذ الفقهيّ والسياسيّ حتى مشارف ‏عاصمة الحفصيين. وقد ناصرته أهمّ القبائل الجزائرية والتونسية ما جعله يناصب العداء للأسبان ‏وللحفصيين معا ويحاربهم وينتصر وقد تواصلت إمارته سنوات عديدة.‏

البعد الصّوفيّ الخفيّ عند الشابي
‏في مذكّرة مؤرخة في 4 جانفي 1930، عبّر الشابي بدقة متناهية عن الحالة الصوفية التي يدخلها في ‏أحيان كثيرة بقوله: "كنت أحس بروح علوية تجعلني أحس بوحدة الحياة في هذا الوجود وأشعر بأنّنا في ‏هذه الدنيا سواء في ذلك الزهرة الناضرة أو الموجة الزافرة أو الغادة اللعوب، لسنا سوى آلات وتحرّكها يد ‏واحدة، فتحدث أنغاما مختلفة الرّنات ولكنّها متحدة المعاني أو بعبارة أخرى إننا وحدة عالمية تجيش بأمواج ‏الحياة وأن اختلفت فينا قوالب الوجود".

ونتيجة لهذا التأثر الصّوفي كانت لإبداعات أبي القاسم الشابي الشعرية المتألقة نفحة صوفية واضحة ‏ويظهر هذا في عشرات القصائد.‏

الشابي والحب
يظهر جليّا أنّ أبا القاسم الشابي أحب المرأة مثله مثل أي شاب مراهق على امتداد المعمورة، وكان حبّه ‏حبّ شاعر رقيق الشّعور متفجّر العاطفة متأجّج الخيال. واعتقادنا أن أبا القاسم أحبّ، قبل أن يتزوج، فتاتين ‏على الأقل: الأولى، وهي التي ذكرها المرحوم الشاذلي زوكار "الملحق الثقافي للحرية 09/12/2004" وقد ‏حدثه عنها إبراهيم بورقعة حيث أفاده بأن ما ثبت تاريخيا أن أبا القاسم أحب من جانب واحد فتاة إيطالية ‏من سكان نهج الصباغين الذين كانوا بكثرة في تونس.

إذ كان يرنو إليها خلسة من حين إلى آخر في ذهابه ‏إلى جامع الزيتونة أو رجوعه منه إلى المدرسة اليوسفية حيث كان يسكن كامل السنوات العشر التي قضّاها ‏في العاصمة. ويبدو أنّ هذه المعشوقة الإيطالية لم تبادله الحبّ.

وقد اعترف الشاعر بهذا الحبّ إلى قريبه ‏عبد السلام الشابي. أمّا الفتاة الثانية فهي التي أحبها سنة 1926 وهو في السابعة عشرة من العمر أو ‏أكثر بقليل وهي من منطقة "زغوان" وكانت حبّه الأخير على حدّ ما يذكر أصدقاء الشابي. ولسوء حظّ ‏الشاعر أنّ محبوبته أصابها مرض انتهى بها إلى الموت ما جعله يتأثّر لموتها ويتألم شديد الألم بل ونقم ‏على الحياة وعلى القدر ونتج عن حاله النفسيّة التي آل إليها بعد هذه الفاجعة إصابته بمرض الاكتئاب الذي ‏تبعه مرض القلب.

ودليلنا إلى ذلك أمور نذكر منها:‏
‏-أ- صحيح أن يوميات الشابي ورسائله لم تتعرض إلى حياة الشاعر العاطفية "حبّه، زواجه..." ومن ‏المنطقي أن لا ننتظر من هذه الكتابات شيئا لأن الشابي عاش في بيئة محافظة ذات توجه طرقي شبه ‏مغلقة، تتحاشى الكلام أو حتى تحرّمه إذا كان ينصبّ في مسألة الحب.

لكن الشابي تحدّث بطريقة إيحائية ‏في نصوصه الأدبية الشعرية أو النثرية عن هذا الحب القاتل، عن ميلاده، عن المحيط الطبيعي الذي أحبّ ‏فيه، وذكر أنه كان حبّا متبادلا عرف فيه مع محبوبه "ونظنّها فتاة زغوان" السعادة وأنّ هذا الحب ‏رومانسيّ يكاد يكون عذريّا اكتفى منه العاشق من معشوقته باللقاء الخاطف وبالقبلة المحتشمة.

كما تحدث ‏الشابي بطريقة مباشرة عن موت حبيبته وكيف أنه مات بموتها جسديا وروحيا وأصبح في حالة احتضار ‏بطيء دام سبع سنوات عاشها مرغما لكي ينهي رسالته الإبداعيّة المتمثلة في أشعاره التي ضمّها ديوان ‏‏"أغاني الحياة" وفي آرائه التي ضمّها كتاب "في الخيال الشعري عند العرب".‏

‏-ب- أمّا النصوص التي ذكرنا فهي التالية: ‏
‏* ترجمته الذاتية التي كتبها لتكون توطئة لمختارات من أشعاره التي نشرها السنوسي في كتابه "الأدب ‏التونسي في القرن الرابع عشر هجري" "وإن كان عوضها بكلمة من عنده" يقول الشابي حيث يقول فيها ‏الشابي: "... أجل إنها مقتضبة "الترجمة" لأن أعظم ثورة أيقظتها الأيام في نفسي فحولت في قلبي مجاري ‏الحياة، لم أصارحك بها ولن أصارحك بها بل إنها ستبقى سرا مكتوما هائما مع أحلامي في ظلام الفؤاد ‏وستبقى طيفا غامضا إلى الأبد ..." "17 محرم 1349ه/1928"‏.

‏* جاء في النص الذي عنونه الشاعر ب "الدمعة الهاوية" ما يلي: "... انظر يا قلب إلى ذلك القبر الرابض ‏على ساحل لجة الأبد مصغيا إلى صراخ الحياة أمام تصلّب الموت، انظر فهنالك تلاشت تلك النغمة التي ‏كانت تسمعك أغرودة الأمل وهنالك غارت تلك الابتسامة العذبة التي كانت تريك الحياة من وراء أشعّة الحب ‏فتراها أجمل من الشفق وأعذب من بسمة الأحلام وهناك تفجّرت أوجاعك مبلّلة القبر بالدموع، ساكبة في ‏مسامع الليل صراخ اللوعة والقنوط" "صفر 1345".‏

‏* وجاء في النص الذي عنونه ب "الذكرى" قوله: "أحببت من قبل وليس لي أن أحب من بعد لأن الحبّ ‏واحد كجوهر الحياة، خالد لن يستحيل وفتح قلبي الحب ثمّ أوصده الموت وما أوصده الموت لا تستطيع ‏فتحه الحياة وأنطق شفتي، ثم أخرسها القنوط، وما أخرسه القنوط لا تنطقه أحلام الدهور، هكذا تعقب ‏الدمعة الابتسامة وتتلو اللذة الحسرات ... رحماك ربي ‏‎!‎‏ ... لقد طغى بقلبي القنوط وهاجت بنفسي الذكرى ‏‏..." نص غير مؤرّخ، ولعله نص كتبه الشاعر بعد موت حبيبته ما جعله يذهل عن تاريخه. ‏

عاد الشابّي بعد رحلة تنقّله بين مناطق الشمال الغربي التونسي وبعض مناطق الجزائر الغابيّة إلى مسقط ‏رأسه توزر وتزوج قريبته " شهلة بنت إبراهيم بن عمارة الشابي" سنة 1930. ويذكر أنّ الشابي كان يحب ‏زوجته ويعطف عليها ويحترمها وقد أنجب منها ابنين: محمد الصادق وجلال. وكان يخاف عليها إلى درجة ‏الهلع ففي رسالة مؤرخة في جويلية 1934 كتب إلى صديقه الحليوي: "... لكن القدر الذي يأبى إلاّ أن ‏يكون لي عدوا حردا...

وقدر ما لم يكن في الحساب فقد أصيبت زوجتي بمرض أنساني مرضي الذي كنت ‏أفكر في علاجه وأنني الآن مهموم النفس موزع اللّب مستطار الشعور مقسم القلب بين دائي القديم ونصفي ‏السقيم ولست أدري ماذا وراء غدي المحجوب من ويلات الخطوب...".‏
علاقة الشابي بوالده.

كانت علاقة أبي القاسم الشابيّ بأبيه علاقة ابن بارّ لأبيه بأب رحيم، علاقة احترام وتقدير وتبجيل فيها كثير ‏من تعلق الولد بوالده الذي مثّل ملاذه ومهربه في حالات يأسه الرومانسيّ.

وقد عبّر الشاعر عن هذه ‏المعاني في مناسبات عديدة منها :" الإهداء الذي توجه به إلى والده في فاتحة كتابه "الخيال الشعري عند ‏العرب" وجاء فيه: "إلى حضرة الوالد الكريم الشيخ سيدي محمد بن بلقاسم الشابي الذي ربّاني صغيرا ‏وثقّفني كبيرا وأفهمني معاني الرحمة والحنان وعلّمني أن الحق خير ما في هذا العالم وأقدس ما في هذا ‏الوجود أتقدّم بهذه الصفحات ...". ‏

وقد برز هذا التأثير جليا في الرؤية الصوفية للكون وللحياة التي طبعت أشعار الشابيّ بمياسمها، إذ كان ‏الوالد كما وصفه ابنه الشابيّ ناسكا متعبدا يبغض الدنيا ولا يحفل بها ولا تساوي في نظره جناح بعوضة ‏وكان صاحب طريقة وقد حفظ غالب كتاب "الإحياء" للغزالي وكان متأثرا بالشيخ التبريزي ومحي الدين بن ‏عربي وقد عمل على تحبيب هؤلاء المتصوفة إلى ابنه وحفزه على اعتناق ما جاء في كتاباتهم من معان ‏وحثه على النسج على منوالها كما ذكر صديقه بورقعة أحد الذين أرّخوا لحياته.

وكانت للوالد مجالس ذكر ‏وإنشاد مع أنصاره ومريديه، حضرها الشاعر الشابي وهو طفل غرّ ويذكر أنّه كان يتفاعل معها وقد عبّر ‏عن ذلك في قوله: "إنّه يقضي اليوم واليومين لا يخرج من معبده وربّما مكث الزمن الطويل بدون طعام أو ‏شراب تعذيبا للنفس وكرها للدنيا وكان يؤمل أن يبلغ درجة متقدمة في سلم التصوف، الغوث أو القطب".

‏وفي نفس الشأن نلفي الشاعر يعبّر بدقة متناهية، في مذكرة مؤرخة في 4 جانفي 1930، عن الحالة ‏الصوفية التي يدخلها في أحيان كثيرة بقوله: "كنت أحس بروح علوية تجعلني أحس بوحدة الحياة في هذا ‏الوجود وأشعر بأنّنا في هذه الدنيا سواء في ذلك الزهرة الناضرة أو الموجة الزافرة أو الغادة اللعوب، لسنا ‏سوى آلات تحرّكها يد واحدة، فتحدث أنغاما مختلفة الرّنات ولكنّها متحدة المعاني أو بعبارة أخرى إننا وحدة ‏عالمية تجيش بأمواج الحياة وإن اختلفت فينا قوالب الوجود".‏

ولأننا لا نجد في شعر الشابي كثيرا من التفلسف ولا مضامين صوفية بلغة عويصة الفهم ولا ألغازا أو ‏إشارات أو رموزا يصعب فكّها ويستحيل فهمها إلا من قبل المتقدمين في فقه التصوف والعارفين بأحواله ‏والمتمكنين من حالاته، فإن الجميع قبض على مضامين هذه الأشعار وتذوّق معانيها فشاعت بين العامة ‏على امتداد الفضاء العربي وشغلت الخاصة التي حرصت على جلاء سرّ هذا الحضور الدائم "لأغاني الحياة".

‏ومن غير المنطقي القول بأن أشعار الشابي هي نتيجة لتأثر الشاعر بسلوك والده الصوفي فحسب لأن ‏الشاعر ولد وهو يحمل معه مضامين أشعاره وما تربية والده له إلاّ عنصر من مجموعة عناصر رافدة ‏لجودة اشعاره أفادته إفادة كبيرة في إغناء هذه المضامين القولية والارتقاء بها نحو أحلى دلالاتها.

وقد ‏انتهت هذه العلاقة بطريقة مأساوية حادة عبّر عنها الشاعر بلوعة كبيرة تجلّت في ما جاء في رسالة بعث ‏بها الشابيّ إلى صديقه الحليوي بتاريخ 25 صفر 1948/أوت 1929 حيث كتب: "في الصباح أجلس مع ‏أبي الذي أنهكه المرض وأضناه ومضه الألم...

فما أراه كذلك إلا وتملأ صدري الزفرات وتملأ عيني ‏العبرات وتنطلق من قلبي المثلوم وصدري المكلوم أنات القهر ودعوات الرجاء إلى الله خالق الحياة والموت ‏وباسط النور والظلمات أن يشفى هذا الأب الواهن الطريح".

كما رثاه بقصيدة "يا موت" افتتحها نثرا بقوله: ‏‏"في صرخة من صرخات نفسي المملوءة بالأحزان والذكريات وشظية من شظايا هذا القلب المحطم على ‏صخور الحياة قلتها في أيام الأسى التي تلت نكبتي بوفاة الوالد رحمه الله " ومنها: ‏
‏"يا موت قد مزقت صدري وقسمت بالأرزاء ظهري
ورميتني من حالق وسخرت مني أي سخر
‏ ***‏
‏"إن كنت تطلبني فهات الكأس أشربها بصبر ‏
‏"خذني إليك فقد ظمئت لكأسك الكدر الأمرّ... "غرّة أكتوبر 1929"‏

وقد أثّر موت والده عليه كثيرا وأحدث في نفسه ضجّة كبرى تجلّت في اشتداد مرض الكآبة لديه واستقراره ‏بمسقط رأسه "الشابة" من مدينة توزر وزواجه وتحمل أعباء العائلة ‏
أيّام الشابي الأخيرة‏.

أصيب أبو القاسم الشابي بداء تضخم القلب وهو في الثانية والعشرين من عمره ولمّا اشتد به مرضه أوجب ‏عليه الطبيب عدم تعاطي أيّ نشاط ذهنيّ. لكنه لم يقلع عن ذلك وواصل إنتاجه نثرا وشعرا وعمل على ‏نشره.

وقد تسبب له هذا المرض في عدم الاستقرار بتوزر بعد أن أشار عليه طبيبه بالاصطياف بالمناطق ‏الجبلية والغابية، فكان يتنقل من عين دراهم "1932" إلى المشروحة بالجزائر "1933" فزغوان بالقرب ‏من العاصمة التونسية، فدار شعبان بالوطن القبلي فمجاز الباب ... ثمّ إلى توزر. دخل إلى المستشفى في ‏شهر ماي سنة 1932 وخرج منه في جوان 1932.

وفي شهر رمضان 1352 "أواخر ديسمبر 1933 ‏أوائل جانفي 1932" عاوده المرض فلازم الفراش وقد أعلم بذلك صديقه إسماعيل العزابي "رسالة مؤرخة ‏في 20/08/ 1934 قائلا: "... أصبت في رمضان الفائت بمرض شديد الوطأة ألزمني الفراش ما يزيد على ‏الأربعة أشهر وصيّرني عاجزا عن كل شيء..."‏.

ويمر الشتاء ويأتي الربيع وفي 24 مارس 1934 يتحوّل إلى قرية الحامة طلبا للراحة والشفاء وقد أحسّ ‏فعلا براحة نسبية سمحت له بالشروع في نسخ "ديوان أغاني الحياة" وبعد ذلك غادر حامة الجريد في 12 ‏أوت 1934 إلى توزر.

في شهر أوت 1934 عاوده المرض بشدة فتحول إلى تونس الحاضرة في 26 من ‏نفس الشهر وأقام في بعض الفنادق ثم انتقل إلى ضاحية أريانة في شهر سبتمبر من نفس السنة.

وعندما ‏ألحّ عليه المرض وأنهكه دخل المستشفى الإيطالي "مستشفى الحبيب ثامر حاليا" في 3 أكتوبر 1934. ‏وبقي أربع سنوات يغالب الداء إلى أن قضى نحبه صباح يوم الاثنين غرّة رجب "9 أكتوبر 1934" على ‏الساعة الرابعة صباحا.‏






رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مساجلة بين الشاعر الكبير عبدالله المطرفي الهذلي و الشاعر عطاالله القارحي الهذلي النباتيييييي مجلس المحاورات ( القلطة) 13 06-21-2013 02:16 PM
الفارس:عبد الكريم بن محمد الهذلي المسعودي المعروف بالخفير الفارس مجلس أمجاد و تاريخ هذيل 16 09-02-2011 07:32 PM
الشاعر الكبير/عطالله السعيدي الهذلي و الشاعر/سامي السويهري الهذلي سـامي الهذلي مجلس المحاورات ( القلطة) 3 06-27-2010 05:36 AM
قصيدة الشاعر عبيدالله بن صغير القارحي الهذلي في حفلة الشاعر عيضه بن طوير المالكي بكيفي اتحادي مجلس المنقولات 16 01-08-2009 11:09 PM
محاورة قويه بين الشاعر مطلق الثبيتي و الشاعر طلق السويهري المعروف بـ ( طلق الهذيلي ) مطرفي الدلم مجلس المحاورات ( القلطة) 8 12-31-2008 12:25 PM


الساعة الآن 06:56 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة هذيل