السادّيةُ في عليائها المبهر !!!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وهذا البوح الأدبي لأحد الأدباء العرب الليبين،
أضعه بين يديكم لما يحتويه من أسلوب أدبي متميز.
آملاً أن يرضي ذائقتكم الأدبية.
======
السادّيةُ في عليائها المبهر !!!
تدلت من علٍ تلك المرأة الأسطورة .. كأنما في لحظة تنازلت عن كل
الكبرياء بعد سنوات من الصد والاستعلاء والدلال... لم أكن أتصور أنى
ذات صباح سأحظى بصباحية مبهجة لم تكن لي على بال ولا على
خاطر .. كانت قبلها بساعات قليلة تفضل أن تتحدث مع كل الناس إلا
مع شخصي "الدرويش".. كأني ضيف غير مدعو على مائدة كل الناس
فيها على تناغم .. وأنا "النشاز الوحيد".. تتبرأ مني عند الناس وتحاول أن
تثبت أنها لا تعرفني أبدا.. تلك الأسطورة الجميلة الفائقة السحر ،
جعلتني أتلفت حولي وأنظر إلى نفسي .. وأشعرتني بأنني ثقيلُ
ظلٍ .. قميء..أو أنني وباءٌ ينبغي أن يتحاشاه الناس..أو أُبْعدُ فورا إلى
أقرب محجر صحي مكين يحمي الناس من العدوى التي سوف تصدر
مني .. وكانت حتى ساعات مضت تحرق جوانحي بابتساماتها المجانية
لكل من يستحق ومن لا يستحق .. وبدون سبب يذكر.. وعندما تتلاقى
العيون بيننا في لحظة .. يتسرب العبوس إلى تقاطيع وجهها البهي !!
وما كنت لأكون سعيدا عندما أتحول إلى مرض يسقم أجساد الناس..
ويدخل الحزن إلى قلوبهم..هذا الصباح مختلف!! بالأمس فقط .. منذ
اثني عشر ساعة بالدقة كنت بالقرب من أحد الزملاء عندما رن جرس
الهاتف رفع السماعة فإذا بالأسطورة إياها.. سألته : من بجانبك ؟ ذكر
لها اسمي ..عندئذ وبعد ثوانٍ وجدت الرجل وقد احمر وجهه خجلا وكاد
أن يتوارى في كرسيه..أدركت أن الأسطورة قالت شياً ما عنى؟؟
وصدق حدسي فقد قالت له : لا تذكر له اسمي ولا تقل له أنك تتصل
بي ؟؟!! هي ليست حريصة إلى هذا الحد..أعرف ذلك!! لفني
الحزن..لماذا؟؟ المفاجأة أني لم أقل لها يوما ما يجعلها تتجنبني إذا
كانت على هذا القدر من الحرص!! تذكرت عندئذ كاتب مسرحي عالمي
كان يكتب مسرحية ستمثل فيها إحدى الجميلات دورا رئيسيا.. لسبب
ما في رأس الجميلة ظنت أن الكاتب مولع بها.. ومنذ أن تسرب ذلك
الظن إلى رأسها الجميل تغيرت معاملتها للرجل ..تغيرت تغيرا
ملحوظا..لدرجة أنها كانت تتحدث وتوزع ابتساماتها وضحكاتها على كل
من هب ودب..حتى الخدم والحشم تنازلت لهم عن أبهتها وشرعت
تمازحهم وعندما ترى الكاتب وقد اقبل من مدخل الردهة تتحول
ابتساماتها إلى عبوس قاتل..لكن ذاك الكاتب كان أقوى مني ..لأنه
شعر بالانتشاء لهذه المعاملة.. ذات مرة وعندما ضاق ذرعا بظنونها
أستوقفها مبتسما فوقفت في استعلاء مصطنع تنظر إليه من عل..قال
لها فوراً : أنت أرق وأجمل امرأة في العالم..بل أنت لا مثيل لك إلا في
الأحلام..أنا أحب هذه المعاملة منك واستمري أرجوك..استغربت الفنانة
الجميلة ما بدر من إعجاب الكاتب بساديّتها التي خصصت بها شخصه..
قالت له: أتقول عنى ذلك وأنا حتى لا ألقي عليك تحية الصباح أو
المساء..قال لها: ولذلك أحب فيك هذا؟؟ قالت : لماذا ؟؟ قال لها : يا
سيدتي بفضلك أصبحت أظن أني يمكن أن أكون جذابا!! وما زلت على
قيد الحياة، فما أجمل أن تشك بي امرأة جميلة مثلك..معنى هذا أنه
مازال فيّ بقية مما يجذب الجميلات وقد كنت يائسا من ذلك..يا
سيدتي عندما تشك امرأة في نوايا رجل تجاهها ، عليه أن يشعر
بالنشوة وأن يعلق لها وساما لأنها أعطته شعورا بأن حياته ما تزال
مستمرة..فأرجوك أن تستمري في عليائك المبهر هذا ..لأنه يشعرني
بأني ما زلت حيا..عندئذ تشرنقت تلك المرأة وشعرت بأن قدميها قد
غاصتا في الأرض.. وأنها تحولت إلى قزم لا تكاد تراه العين المجردة ...
هذه الجميلة التي ألقت علي تحية الصباح أضاعت وأحرقت سنوات
النشوة عندي... لكنها مع ذلك أثلجت قلبي باصطباحتها الجميلة..
آخر تعديل حامد السالمي يوم 12-13-2008 في 02:31 AM.
|