بسبب إساءته الغير مقصودة ربما أترك المنتدى!!!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل :(( وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ))، ((وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ )) ((وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ ٱلنَّـٰصِحِينَ))،: ((وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ ءاسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَـٰفِرِينَ)) ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأعظم خلق الله نصحاً لأمته لكمال شفقته ورحمته بهم قال تعالى عنه:(( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءوفٌ رَّحِيمٌ )) ، وهو القائل : {ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدلَّ أمته على خير ما يعلمه لهم، وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم}[3]، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد :
عن جرير بن عبد الله قال:
بايعت رسول الله ( على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم ) ( روا البخاري ) .
وعن تميم الداري رضي الله عنه قال قال رسول الله ( : ( الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة قالوا : لمن يا رسول الله قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) ( رواه مسلم ) .
(قال الخطابي في المعالم : النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له وليس يمكن أن يعبر عن هذا المعنى بكلمة واحدة يحصرها ويجمع معناها غيرها ، وأصل النصيحة في اللغة : الخلوص يقال : نصحت العسل إذا أخلصته من الشمع فمعنى نصيحة الله عز و جل : الاعتقاد في وحدانيته وإخلاص النية في عبادته والنصيحة لكتابه : الإيمان به والعمل بما فيه ، والنصيحة لرسوله عليه السلام : التصديق بنبوته وبذل الطاعة له فيما أمر به ونهى عنه ، والنصيحة لأئمة المسلمين : أن يطيعهم في الحق وأن لا يرى الخروج عليهم بالسيف إذا جاروا ، والنصيحة لعامة المسلمين : إرشادهم إلى مصالحهم وإرادة الخير لهم .( عون المعبود ) .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (رحم الله امرأ أهدى إليّ عيوبي) ، وقال الفضيل بن عياض : ( الحب أفضل من الخوف ألا ترى إذا كان لك عبدان أحدهما يحبك والآخر يخافك فالذي يحبك منهما ينصحك شاهدا كنت أو غائبا لحبه إياك والذي يخافك عسى أن ينصحك إذا شهدت لما يخافك ويغشك إذا غبت ولا ينصحك ) ، وقال الفضيل بن عياض رحمه الله : ( ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام وإنما أدرك عندنا بسخاء الأنفس وسلامة الصدور والنصح للأمة ... ) ، وسئل ابن المبارك أي الأعمال أفضل ؟ قال : النصح لله .
مناسبة طرح هذا الموضوع : يرجع سبب طرحي لهذا الموضوع إلى سببين : أحدهما : النصح لله عز وجل، والآخر : هو أني تلقيت رسالة من أحد أعضاء هذا المجلس الإسلامي المبارك ، تحمل في طياتها هدية قيمة وهو نصيحة ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( رحم الله امرئ أهدى إلي عيوبي ) ، ينكر عليّ في شيء أنا بريء منه، فتقبلته بصدر رحب ، بل والله دعوت الله له ، ولكن آلمني أنه أساء الظن بي في هذا ، فيما يظهر لي ، فكان الأولى والأحرى به أن يلتمس العذر لي في ذلك ، والسرائر لا يعلمها إلا الله ، ولكني أعتذر له بأنه يريد الخير لي ، فلو أنه تكلم بعبارة : أعلم أن قولك : ( ... ) صدر عن حسن نية ، كأن يقول : الأولى ،أو أخشى عليك مستقبلا من كذا ، لكان أفضل مما ساقه بعبارته ، فلقد جرحني بعبارته وبإساءة الظن بي ، مما جعلني أفكر في ترك المنتدى ، فالمنتدى فيه الخير الكثير ، وفيه أيضا من هو أعلم وأفضل وأتقى مني ، ولن يضره ذهابي ، ولن يفيده بقائي ، فغفر الله لي وله ، وإلا والله إني لأعلم أن نيته النصح ، لكن الإنسان ليس معصوما فكلنا ذوو خطأ ، وإني أسأله بالله الذي لا إله إلا هو إن رأى يوما منّي خطئاً أن يراسلني ويخبرني به ، لكن بالتي هي أحسن ، ( فالرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه ) ، وعموما طرح هذا الموضوع بعينه لا أقصد التهجم على أخي ، وإنما كان هو السبب في جعلي أبحث في هذا الموضوع لأهميته ، فالمسلم للسلم كالبنان يشد بعضه بعضا ، وإني لأناشد كل من رأى أمرا ينكره أن ينصح وإن لم يستطع المراسلة فعليه أن يذكر هذا الخطأ أو الزلل ، بدون ذكر الأسماء وذلك بالتعريض وعدم التصريح بأن يقول كما قال عليه الصلاة والسلام : ( ما بال أقوام ... ) ، فنحن لسنا بحاجة لمن يمدحنا ويثينا علينا بقدر ما نحن بحاجة إلى من يبين لنا عيوبنا ويوضحها لنا ، فليس عيبا أن يخطئ الإنسان ولكن العيب الاستمرار في الخطأ ، وإنه لمن الحرمان أن تحرم من أخٍ لك ينصحك ، فبدا لي أن أكتب هذا الموضوع وهو يتعلق بالنصيحة وضوابطها ، بحسب استطاعتي ، ومن كان لديه المزيد من الآداب في النصح والنصيحة التي لم أهتدي لها فليضيفها لتعم الفائدة . فأنا أحوج منكم لهذا الموضوع وهذه الفوائد .
وكلامي هذا ليس ردا لنصيحة الأخ الفاضل : وأعوذ بالله أن أرد نصيحة أو أدافع عن خطأ أو باطل صدر مني فإن هذا الأسلوب المنكر إنما هو من طرق أهل الفساد والكبر والعناد، ومن شأن الذين إذا ذكّروا لا يذكرون وأعوذ بالله من هذه الصفات القبيحة ، ولكن تبيين أن إساءة الظن قد يحتاج إلى نصيحة أيضا.
فالنصيحة تحتاج إلى ضوابط لتكون نصيحة مؤثرة، نصيحة نافعة، نصيحة تؤدي الغرض منها :
أولاً: إخلاص النية في النصيحة ، باحتساب الأجر والمثوبة ، وإصلاح أخيهم المسلم واستقامته ، إخلاصك في نصيحتك، فالحامل على النصيحة إخلاصٌ لله، ثم لأخيك المسلم، ليست نصيحتك رياءً وسمعة، ولا افتخاراً بها .
ثانيا : لا بد أن يكون هذا الناصح عالماً بما ينصح، فكم من ناصح بلا علم أفسد أكثر مما أصلح.
وثالثها: اللين في الخطاب ، يقول تعالى: (وجادلهم بالتي هي أحسن) ، فلن يكون داعية أحرص من موسى عليه السلام, ولا مدعواً أسوأ من فرعون عليه لعائن الله, ومع ذلك يأمره الله عز وجل بأن يقول له ( قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى ) ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه ) .
رابعا : أن تكون سرا بينك وبين من تناصحه ، بأن لا تنصح أمام الملأ ، فالناصح في ملأٍ يعين الشيطان على صاحبه، ويوقظ في نفسه مداخل الشيطان، ويغلق أبواب الخير، وتضعف قابلية الانتفاع بالنصح عنده ، قال معمر : ( كان يقال أنصح الناس لك من خاف الله فيك وكان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد وعظوه سرا حتى قال بعضهم من وعظ أخاه فيما بينه وبينه فهي نصيحة ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبخه ) ، وقال الفضيل بن عياض رحمه الله ( المؤمن يستر وينصح والفاجر يهتك ويعير )
قال الإمام الشافعي رحمه الله :
تعمَّدني بنصحك في انفرادي = وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نـوع = من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي = فلا تجزع إذا لم تعط طاعـة
.
خامسا : عدم التعيير والشماتة بالمخطئ وهو ضد النصيحة في السر، {من عيَّر أخاه بذنب لم يمت حتى يفعله} وفي الأثر: {لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك}.
سادسا : إحسان الظن بالمخالف والتماس الأعذار له, فما في القلوب لا يعلمه إلا علام الغيوب ، أشققت قلبه يا أسامة".. .
سابعا : اختيار الوقت المناسب للنصيحة: فالمنصوح لا يكون في كل وقت مستعداً لقبول النصيحة، فقد يكون مكدراً في نفسه بحزن أو غضب أو فوات مطلوب، أو غير ذلك مما يمنعه من الاستجابة لنصح الناصح ،وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: (( إن للقلوب شهوة وإقبالاً، وفترة وإدباراً، فخذوها عند شهوتها وإقبالها، وذروها عند فترتها وإدبارها)) .
لأن كلمة الحق يجب أن تكون في النور وأمام الجميع وليست من خلف الكواليس ، ولأني لم أحدد اسماً بعينه وأردتها دعوة عامة للتغيير لما فيه خيرٌ لنا جميعاً ، وسأبدأ أنا أولا بطلب النصيحة ممن رأى خللا في ما طرحت من مواضيع أو ردود ،فسجلوا أراءكم جميعاً أياً كانت حتى لو خالفت ما كتبت فلدي متسع لقبولها
مهما كانت طالما انها لا تحمل إساءة للدين أو لأحد بإساءة ظن أو بما ذكرنا آنفا .
ربما أكون قد أخطأت في بعض العبارات ، فلست معصوما ، فمن الذي ما أساء قط ،ومن الذي له الحسنى فقط ، فمن رأى ما ينكر فلينكر ، فسأتقبل بصدر رحب ، وأعتذر أولا وآخرا إلى أخي الفاضل الذي أرسل تلك الرسالة ، وأقول له : كتب الله أجرك في الدارين ، وأنزلك الله منزلة الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، هذا والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
التوقيع |
[blink][grade="FF4500 4B0082 0000FF 000000 F4A460"](( عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس ، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول ))[/grade][/blink] |
|