الشد والرحيل في حياة البادية ( تجربة شخصية)
حياة البدو حياة جميلة ورائعة رغم مافيها من مشاق ومتاعب وترحال مستمر للبحث عن العشب والماء وغالباً مايكون مجموعة من البدو يرحلون ويحطون رحالهم في جماعات متفرقة وغالباً هذه الجماعات يكونون من قبيلة واحدة أو أخوة وأبناء عمومة هذه المجموعة إذا سكنوا في مكان واحد يطلق عليهم إسم (( فريق )).
اليوم سوف أنقل لكم سيناريو لحياة فريق من البدو الرحل وسوف أقوم ببتفصيل هذا السيناريو على شكل فصول حتى لاتكون قراءته ممله وعلى فكرة هذا السيناريو قد عشت تفاصيلة لحظة بلحظةعندما كنت طفلا .
أترككم مع هذا السناريو الجميل الذي يصور حياة البدو وهم أبائنا وأجدادنا فإلى السناريو :
الفصل الأول :
فريق من البدو يستعدون للرحيل من الأرض التي هم فيها لأنها أجدبت وأصبحت مواشيهم تتضور جوعاً وكذلك موارد المياه شحت وأصبح الحصول على الماء صعب جداً .
شيخ هذا الفريق أو كبيرهم يجتمع مع أفراد الفريق مساءً في بيته ويتشاور معهم حول هذه المشكلة والكل منهم يؤيد رأيه بالرحيل ولكن إلى أين ؟؟؟
طبعاً قبل الرحيل لابد أن يبعثوا برجل أو أكثر (( يرود الديار )) المجاورة ويرود يعني يذهبوا للبحث عن ديرة بها الماء والعشب .
يتبرع إثنين من أفراد الفريق بالذهاب للبحث عن الديرة المناسبة وطبعاً ليس لديهم سيارات كل مالديهم هي الخيول والجمال فقط ينطلق الإثنين ويقطعون الفيافي والقفار أياماً طويلة حتى يجدوا مبتغاهم . بعد عدة أيام يعودون يبشروا ربعهم بأنهم وجدوا المكان المناسب الذي يكثر فيه العشب والماء . ويفرحون بذلك فرحاً شديداً ويقيموا حفلة بهذه المناسبة يكرمون فيها (( الرواد )) الذين أنهكهم التعب ويجتمعون لدى كبير الفريق ويأخذون علوم ( الرواد من ممشاهم حتى عودتهم )) ، ثم بعد ذلك يقررون موعد الرحيل وغالباً يكون سريعاً وقد يكون في اليوم التالي وذلك لكي لايسبقهم أحد على ذلك المكان .
الفصل الثاني :
ليلة الرحيل كل شخص يقوم بتجهيز نفسه وراحلته ويقومون بتقريب رواحلهم ويقدموا لها الأكل والشرب لكي تتحمل مسافة الطريق ثم يقومون من قبل صلاة الفجر بهدم بيوتهم (( بيوت الشعر )) ويقومون بطيها بطريقة تسمح لها بأن توضع على ظهور الجمال ثم بعد أن يؤدوا صلاة الفجر يكون كل واحد منهم قد جهز راحلته وشد عليها بيته وأغراضه المتواضعة ، وكانوا يقومون بتحميل البيت والأغراض على جوانب ( البعير ) بحيث يكون وسط ظهر البعير فارغاً على شكل دائري لكي يضع فيه أولاده وعجائزه إن كان لديه رجل أو إمرأة عجوز لاتستطيع المشي .ثم تبداً الرحلة باسم الله بعد صلاة الفجر يقوم بعض الرجال باصطحاب الجمال المحملة بالبيوت والأغراض باتجاه الديرة الجديدة ويذهبون بها والبعض الآخر ماذا يفعلون ؟؟؟
تعالوا نشوف الفصل الثالث !!!!!
الفصل الثالث :
بقية الرجال الذين لم يذهبوا مع الجمال عملهم هو مرافقة المواشي (( الحلال )) حيث أن حلالهم يجب أن يذهبوا به مشياً إلى أن يصلوا للديرة الجديدة وطبعاً غالباً مايكون مرافقي الحلال أشخاص أقوياء وشجعان ومسلحين حتى لايتعرضوا للنهب يقوم هؤلاء الرجال بتسريح الحلال من بعد صلاة الفجر وهم يحملون معهم زاد الماشي وهو عبارة عن الخبز والتمر فقط ويحملون الماء معهم في قرب مصنوعة من جلد المواشي وإذا كانت الرحلة تستغرق أياماً طويلة فإنهم يأخذون معهم طحين وقهوة لكي يصنعون طعامهم كل ماحلوا في مكان .تنطلق الرحلة بالحلال وعلى بركة الله ، رحلة جميلة جداً يسوقون حلالهم وهم فرحين ويرددون الأهازيج طيلة رحلتهم لكي تسليهم وتنسيهم مشقة الطريق .
الفصل الرابع :
نعود مرة أخرى للمجموعة الأولى التي ترافق النساء والأطفال والبيوت هؤلاء طبعاً لابد لهم أن يقسموا الرحلة لعدة مراحل بحيث يحطون رحالهم كلما جن عليهم الليل بعض الرحلات تستغرق ثلاث إلى أربع مراحل لكي يصلوا للديرة المطلوبة طبعاً يحطون رحالهم لكي يستريحوا من عناء سفر يوم كامل ، عندما يقترب الليل تجدهم يبحثون عن مكان مناسب يبيتون فيه ليلتهم ثم يضعون رحالهم وينزلون أغراضهم وبيوتهم من على ظهور الجمال لكي تستريح هي أيضاً ، بالطبع هم ينزلزنها وهي مطوية مثل ماهي عليه ثم يقومون بطهي طعام العشاء والمكون غالباً من (( قرص المله )) وبعض التمر والسمن والمضير هذا كل طعامهم بل هم أحسن حالاً من مرافقي الحلال لأن كل الأغراض والطعام معهم .
في تلك الليلة يجتمع الرجال في مكان واحد والنساء في مكان واحد ويتبادلون الأحاديث بعد العشاء ثم لايطيلون هذا الحديث كثيراً لأن ورائهم رحلة يوم آخر مليئة بالمشقة والتعب ثم ينامون حتى صلاة الفجر فيقومون ويحملون بيوتهم وأغراضهم على ظهور الجمال ويستأنفون الرحلة مرة أخرى .
الفصل الخامس :
عودة مرة أخرى للحلال ومرافقيه فهؤلاء حالهم كحال المجموعة الأولى إذا جن عليهم الليل قاموا بالبحث عن مكان مناسب للمبيت ويقومون بإيقاف تقدم الحلال ويعانون كثيراً في ذلك لأن الحلال غير متعود على هذا المكان فمن الصعب تهدأته حتى يظل ساكناً حتى الصباح ، عندما يحطون رحالهم في هذا المكان تقوم مجموعة بحراسة الحلال وتهدأته والبقية يقومون بتجهيز طعام العشاء ثم يتعشون ويقسمون أنفسهم إلى مجموعات بحيث تقوم مجموعة بحراسة الحلال والبقية تخلد للنوم ويتناوبون على ذلك طيلة الليل حتى صلاة الفجر ثم يصلون الفجر ويتناولون طعام الإفطار ويستأنفون رحلتهم .
الفصل السادس :
اليوم هو اليوم الموعود للوصول للديرة المطلوبة وصلت رحال القوم للديرة واول الواصلين هم أصحاب الجمال والبيوت حطوا رحالهم وأنزلو بيوتهم وأغراضهم وقام كبير الفريق بتعيين مكان لكل بيت من بيوت القوم ،إذا كان الوصول ليلاً تركوا بناء البيوت للصباح وإن وصلوا الصباح أو في منتصف النهار قاموا ببناء بيوتهم في منظر خلاب ورائع الكل يساعد الآخر فرحين بالمنزال الجديد والديرة الجديدة المليئة بالعشب والماء وبعد أن ينصبوا بيوتهم يقومون بتأمين المياه وتجهيز أنفسهم بكل مايحتاجون في إنتظار وصول المجموعة الثانية التي معها الحلال ، وبعد فترة وجيزة يكون أصحاب الحلال قد وصلوا ثم تركوا حلالهم يرتع في العشب وأخذوا الذبائح وذبحوها واجتمعوا لدى كبير الفريق وتناولوا العشاء وهم فرحين مستبشرين بما من الله عليهم من الخير العميم في هذه الديرة الجديدة .
الفصل السابع ( الأخير ):
في اليوم التالي نجد أن كل واحد منهم في بيته قد قام مع صلاة الفجر وأشعل ناره وعمل قهوته ثم قاموا بحلب أغنامهم وإرضاع صغارها ثم بعد ذلك قام بتسريح غنمه لكي ترعى في ارض الله الواسعة حتى المساء .
وفي المساء تأتي أغنامهم مليئة البطون ومليئة ( الأثداء ) من الحليب ثم يقومون بحلبها وإرضاع صغارها ثم تناولوا العشاء ، وبعد ذلك تبدأ مجالس السمر لديهم ففي كل ليلة يجتمعون عند أحد أفراد الفريق يتبادلون الأحاديث والأشعار والعلوم الغانمة ويتناولون فناجيل القهوة العربية التي لايستغنون عنها ولاتحلى السمرة إلا بها ، بينما أطفالهم يلهون مع بعضهم البعض ويلعبون بالعابهم المميزة والمعروفة لديهم في فرح وابتهاج ، ثم يتفرقون ليذهب كل واحد منهم لبيته لينام ولكي يبدأ يوماً جديداً ملئه الحيوية والنشاط .
هذا سيناريو بسيط ومختصر من حياة البادية حياة جميلة جداً ونقية وصافية حياة كلها نشاط وحيوية وكفاح من أجل التكيف مع ظروف البادية ، حتى أصبحت البادية جزء لايتجزأ من حيات أولائك الناس .
أتمنى أن تنال إعجابكم واستحسانكم وتقبلوا تحيات
أخوكم مخرج ومعد السيناريو (( أبو حمدان الهذلي ))
التوقيع |
بسم الله
والحمدلله
ولاإله إلا الله
واللــه أكـــــــبـــر
ولاحول ولاقوة إلا بالله |
|