العدل أم المساواة!
العدل أم المساواة!
عندما يشتكي الأطفال لوالديهم من أنهم لا يعدلون بينهم وبين بقيه إخوتهم، لاسيما الكبار منهم، يضطر بعضهم مرغما أمام هذه التهمة الاستفزازية إلى الرضوخ لمطالب هذا الطفل الشاكي، فيقدم له ما يعطي لغيره بالتساوي. وهناك آخرون لا يلقون لهذه التهمة بالا، وربما صرخوا في وجه هذا الشاكي وأرغموه على الانصراف عنهم وعدم فتح الموضوع مرة أخرى.
من المؤكد أن المسلكين كليهما خاطئ! ولكن كيف السبيل إلى التعامل مع هذا الأمر بالأسلوب التربوي المناسب، دون الرضوخ لمطالب الأطفال التي لا تنتهي؟
ينبغي أولا التفريق بين العدل والمساواة. فالعدل بين الأبناء لا يقتضي بالضرورة المساواة بينهم. فالابن الذي يشتري له والده علبة ألوان مائية لأن المعلم في المدرسة طلبها منه لا يعد مفضلا على بقية إخوته الذين لم يطلب منهم هذا الأمر. ولذلك فإن المفترض أن يقوم الأب بشراء ما يحتاجه كل واحد من الأبناء وفق المطلوب منه في المدرسة دون تردد، وأيضا دون أن يستسلم لطلبات المساواة من إخوته.
ولكن كيف يمكن التعامل مع مشاعر الأطفال الذين ربما شعروا بالتمييز ضدهم؟ لابد أن يقوم الوالد بشرح المبدأ الذي يتبعه حتى يوفر لكل ابن ما يحتاجه ولكن دون الدخول في دوامة الإلحاح التي ربما تعرض
تتمة المقال
المبدأ الذي يحكم الأمر هنا هو أن الأب سيوفر لكل ابن ما يحتاجه. ومعنى ذلك أنه لن يلتزم بتوفير أشياء مماثلة للجميع لأنهم ليسوا بحاجتها، ولكنه سيوفر لهم الأشياء التي يحتاجونها مثلما وفرها لإخوتهم.
تحقيق هذا الأمر يتطلب صبرا في المرات الأولى التي يحتج فيها الطفل على هذا التصرف، فمن الطبيعي أن يحتج الطفل لكونه يرغب في تملك أشياء جديدة حتى ولو لم يكن بحاجتها. ولكن الاحتجاجات ستقل كثيرا عندما يرى أن والده اشترى له حذاء جديدا -على سبيل المثال- عندما انقطع حذاؤه ولم يشتر أحذية جديدة لبقية إخوته، لأن أحذيتهم بحالة جيدة. وبهذا سوف يشعر هذا الطفل بأن المبدأ مطبق على الجميع، وأن الحاجة هي التي تحدد ما يوفر لكل واحد من الأبناء.
إضافة إلى ما سبق، فإنه من المهم تعويد الأطفال أنه ليس من الضروري أن تتساوى أسعار المشتريات لهم جميعا. فربما لا يتاح شراء حذاء مناسب لأحد الأبناء إلا بسعر يفوق ما يتوفر لأخيه. فتطبيق الأسلوب نفسه في تأكيد أن الحاجة هي التي تقرر ما يشترى والسعر الذي تشترى به سيجعل الأشقاء أقل
التوقيع |
مع الشكر والتقدير |
|