معلومات
العضو |
|
إحصائية
العضو |
|
اخر
مواضيعي |
|
|
رِسَاْلَةُ المَجَاْنِيِن
p رِسَاْلَةُ المَجَاْنِيِنi إعداد : أ/ عبدالعزيز بن عبدالله اللحياني رِسَالَةُ المَجَانِين مقدمة بسم الله الرحمن الرحيم وبه أستعين بداية عزيزي القارئ لابد أن تَعلمَ أمراً مُهماً , وهو أن الله له حِكمَتُه في خَلقِ المجانين , ولم يخلقْهم عَبثاً , له الحِكمَة يَعْلَمَهَا سُبْحَانه , ولعل أظهرَ هذه الأسبَاب أن في خلقِ المجانيين عِبرة وعظه لنا نحن العقلاء .
ولو تأملتَ معي عزيزي القارئ في حالِ المجنون لوجدت عجباً .
وقبل التأمل هناك أمرٌ سأطلبه منك وكلي ثقة بأنك لن تُخِّيَبني فيه . . . أتركْ ما بيدكَ وفَرِّغْ نَفْسَكَ . ولتَتَأمَّل بعينِ قلبكَ ,
إن المتأملَ في حالِ المجنونِ ظَاهِراً ليحزن له ويَأسَى وقد تأخُذه العَبْرَة أَحْيَانَاً , فَهُمْ بِلا عَقْل ولا تميز لا يُفَرِّقُونَ بين الحَسَنِ والقَبِيح و النَافِع والضَار .
ولكنْ . . . هل تَأمَّلتَ حَالَ المجنونِ بنظرةٍ أوسع ؟! هُنَا السُؤال .
نحنُ بكَاملِ قوانَا العَقْلية و نميِّز بين الحَسَن والقَبِيح والنَافع والضَار ومع هذا نَعْصِي الله و نُخْطِئ و القَلَم يُسَطِّر . . . وذاك مجنون رُفِعَ عنه القَلم فلا حِسَاب .
إذنْ نَسْتَنْتِج أمر مُهماً , وهو أن المجنونَ خيرٌ من الذي وهبه الله العَقْل وحَاد عن أمره .
ولنَعلم أن هناكَ من هم خيرٌ من المجنونِ ومن العاقلِ المسيء أعني من أطَاعَ الله وأعتبر بالمجنون .
و أعلم عزيزي القارئ أني لم أكتبْ هذه الرسالة شماتة فيهم أو للحطِ من قدرهِم , وإنما لتعلم يا رعاك الله فضل نِعمَةِ العقل وأنها نِعمة من نعمِ الوهابِ فتشكُرها .قال تعالى )وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌكَفَّارٌ ( فالعقل من النعمِ فكم من الناسِ حرم نعمة العقل ؟
ومما دعاني للكتابةِ في هذا الموضوع هو تفشيه, و أيضاً لِيُعْلَم أن في الدينِ فسحة فذكرنا لك طَرفاً من ذكرهِم لتستعينَ به على تجديدِ النفسِ من السآمةِ والمللِ ولتحذرَ وتُحَذِّرَ , و لأن يحتاط العاقلُ على نفسِه فلا ينزلها منزلة المجانيين إما بقولٍ أو فعلٍ في حالِ الغضبِ أو الفرح .
ولا تنسَ عزيزي القارئ أن من يُظهرَِ الشماتة بأخيه يعافيه الله ويبتليه فكنْ على حذر.
وسأذكر لكم طرفاً مما اعتقد في المجانيين , و سبب ذهاب عقلهم ,و أعلمْ أن سر كتابتي لهذه الرسالة هو أنني كنتُ أتسامر مع إخوتي في موضوعِ المجانيين معي في أيام صباي , من مَواقِفَ طَريفَة و أخرَى مخيفة و أخرى عجيبة عَلِقَت في ذهني وسأسردها لكم بحسبِ ما أذكر ولن أتقيدَ بتاريخِ وقوعها .
والله الموفق : عبدالعزيز بن عبدالله اللحياني فَصْل ٌ: أَسْبَابُ الجُنُون . * تختلفُ الأسبابُ من شخصٍ لآخر و لكنْ أعلمْ يا رعاكَ الله أن كثيراً ممنْ تراهُ مجنوناً يكون مجنوناً من يومِ ولادته إمَّا بسببٍ وراثي أو غيره : أي خلقهُ الله مجنوناً لحكمة يعلمها سُبحانه , ولا اعتراضَ على خلقِ الله , وربما كان هذا عبرةً لمن كمَّل الله عقله ليعتبرَ ويعودَ عن غيه وخطأه , ويوقن بأن الله الذي قد خلقهُ عاقلاً قادر على جعله مجنوناً , وفي ذلك من الردع ما يُغنيه عن غيره .
وأعلم أن الجنونَ بحدِ ذاته ابتلاء من اللهِ لأهلِ المجنونِ ليعلم مدى صبرهم , وقد صدقَ القائلُ الحق )إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب( فإن صبروا كان لهم من الخيرِ الشيء الكثير , الذي هو بغير حسابٍ كما في الآية , وكلنا يَعْلَم أن الله إذا أحبَ عبداً أبتلاه , فأنصح أهل المجنون بالصبرِ واحتسابِ الأجرِ عند اللهِ الذي تكفلَ بحسابهم .
ومع هذا فلا يأس من رحمةِ الله , فالدعاء الدعاء و العلاج ما أمكن لذلك من سبيل , فإن الجنون على أنواع كما يقول أهل الطب , منها ما وصل الغاية ولا يمكن علاجه ,
ومنها ما يمكن الاستدراك معه . فلا يأس من رحمةِ الله , فعلى أهلِ المجنونِ أن يسعوا فيما هو بأيديهم من دواءٍ ورقيةٍ ودعاء .
*وهناك نوع آخر - من الجنون إن صح التعبير - قريب من النوع الأول ولكن تكون درجته أقل وعلاجه ممكن عن طريق التربية الخاصة التي تُولي العناية بِذَوي الحاجاتِ الخاصة بشكلٍ منفرد وخاص بحسبِ ما تتطلب حالته .
* كما أن هناك أنواعاً من الجنون تكون بسبب معين : كالعينِ أو السحرِ وتسليط الشياطين , وهذا نوعٌ لا يخفى على أحدٍ انتشاره في هذا العصر الذي كثر فيه العين و السحر , وهذا غالباً ما يصيب الإنسان في كل مراحل العمر , فالطفل لا يسلم منه ولا الشيخ الهرم , وللعينِ والسحرِ علاج قبلي أي احترازي وذلك بالمواظبةِ على الأذكارِ الواردة عن الرسولِ صلى الله عليه وسلم في كافة الأمور ,و أنفعها أذكار الصباحِ والمساءِ , فهي كالحرز الذي يحرز الإنسان ويقيه ,و علاجٌ بعدي أي بعدَ وقوعهما وهو بالرقيةِ الشريعةِ و الأورادِ والاستحمام بماءِ وضوءِ العائنِ إن أمكن وغيرها من السبل المشروعة التي من خلالها سيزولُ البأسُ بإذن الله .
ويجبُ على الناس ألا يهملوا هذا النوع من أنواعِ الجنونِ , فكم شاهدنا من كان صحيحاً ومعافى وتغيرَ حاله , وأصبحَ يَمشِي حَافياً أو رَثِ الثيابِ ونسي أهله , فنسأل الله أن يجيرنا وإياكم منه و أن يكفَ أيدي العابثين الذين لم يخافوا الله ولم يخافوا الشرع.
*وهناكَ نوعٌ من المجانيين من جُنَّ لخبرٍ مُفْزِعٍ أو حَادِثِ سَيِرٍ أو سُقوط من مرتفعٍ أو غيرها من العوارضِ التي لا تَدْخُل ضِمنَ ما سبق و هي أكثر من أن تحصى ,
فمثل هذا أسأل الله له الشفاء ويداوى و يصبر عليه عل الله يفرج عنه .
*وهناك نوع من أنواع الجنون عجيب , لم أجد بداً من ذكره لتعلمه وتحذره, وتحمد الله الذي عافاك مما أبتلى أصحابه , فلا تعجب أخي إن رأيت من يتصنع الجنون ليستدر عطفك , فتجود عليه بالمال , وما علمَ هذا الأحمق أنه تفاءل على نفسه ونسي قوله صلى الله عليه وسلم: لا تدعو على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يُسال فيها عطاء فيستجيب لكم. رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم : قال -صلى الله عليه وسلم-: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمِّنون على ما تقولون . رواه مسلم .
فإذا قدَّرَ الله عليك ووجدتَ هذا النوع فلا تتوانى عن نصحه , فقدْ يكون جاهلاً فتكسبَ أجرَ تعليمه , أو يكون عارفً فيُرْدَع , فالله كَرَّمَهُ بالعقلِ ويُصِرُّ على أن يتجرد منه , و إن رأيتَ سوءً في حاله فأعطه ما يحسن به حاله ولا تُزِد لكي لا يطمعَ بالمزيدِ من غيرك .
* وهناك نوعٌ من الجنونِ وإن كان مؤقتاً : وهو من يُزِيل نعمة العقلِ بمخدرٍ أو غيرها من الأشياءِ التي تجعل الشخصَ كالمجنونِ , حتى يَزُول المؤثِر , فمثل هذا يقام عليه الحد الشرعي لمخالفته لأوامر الله وأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم ويعالج في المصحات حتى ينقى دمه من نجاسة المخدر , ويعود عضواً فاعلاً في مجتمه.
فَصِلْ : التَعَامُل مَعَ المَجْنُونْ
اعلمْ رحمكَ الله ورعاك , أن المجانين ليسوا سَواء .
فمنْهُم المؤذِي ومنْهُم المُسِيء .
وعليك عزيزي القَارئ أن تُعَامِلَ كلَ مجنونٍ بما يُوافق إمكانياتهم العَقْلِية .
فالمجنون المؤذي مثلاً حاول دائماً أن تَتَجَنَّبه , و إنْ قَدَّرَ الله عليكَ والتقيته فعليكَ الخلاص منه بأقلِ الأضرار , وبما تُحْفَظ به كَرَامَتك .
ولو كان في سابقِ عِلمكَ أن هذا المجنون سيكفيكَ أذاه إن زجرته ونهرته فَحَسَنْ , أو كان يَرضَى بقليلٍ من المالِ فأعطه , فهذا أليق بسمتكَ , فالسلامة لا يعدلها شيء .
أما إن كان المجنون من النوعِ المُسَالم الذي لا يؤذي فلا تأمنه أيضاً , ولا تُجلسه في مجلسك , فقدْ تَصْدُر منه أفعال تجاهَكَ تَحط من قدرِكَ فأحذر .
و قد علمتَ رحمكَ الله أن المجنون غَيرُ مُكلف , ولا عَتَبَ عليهِ , فأحذر منه أشد الحذر .
فصل : مِنْ قِصَصِ المَجَانِين مَعِي أحبُ أن أبدأ هذا البابَ ببيانِ أن هذه القصص الواردة قَدْ حَصَلَتْ لي في أوقاتٍ مختلفة ,و أغلبها حَصَلَ معي في أيام طُفولتي , و منها ما حَصَلَ في عهدٍ قَريبٍ من الآن .
وتذكروا يا رعاكم الله أن المجنون لا يقام عليه حد إن ضَرَبَ أو شَتَمَ أو سَرَقَ أو قَتَلْ , فخذوا حِذْرَكُم و اجتنبوه ,ما اسْتَطَعْتُم لذلك سَبيلا, فالمعركة معه خَاسِره , إن زجرته ساواك الناس به , لأنك أنزلت من قدر نفسك وساويتها بنفسه , فلا ناصر لك معه إلا الله .
كان من عادتنا في شهرِ رمضان أن نشتري المقلية من السوق , فذهبت أنا وابن عم لي للسوق , وحينما بلغنا المكان المطلوب كان بجواره مجنون , فقال لي ابن عمي بصوت منخفض : هذا طارق المجنون .!
لا أعلم كيف سمع طارق هذا الكلام , إلتفت إلي طارق المجنون وقال وهو يصرخ : أنا مجنون ؟! أنا مجنون ؟! .
أنا بُهِت كما بهت سحرة فرعون من هول الموقف .! ابن عمي نبزه بالمجنون و يوجه حديثه إلي ؟!
وقفت مشتت الذهن في حالةٍ أشبه بالتشنج من الخوف .! و أخذت أهذي بكلام لم أعيه ولم يعيه الحضور " ما , لا , ما أقصد " فقال ابن عمي : لا ما يقصدك ففك الحضور بيننا وذهبت في حال سبيلي أدعو على ابن عمي الذي أوقعني في هذا الموقف المخيف .!
كنت أنا وابن عمي لي وأحد أبناء الحي في السوق الذي أشتهر وبتواجد الجنون وحيد فيه , وكان ابن الحي يشرحُ لنا أفضلَ الطرقِ الممكنةِ للفرارِ من المجانين وكان مما قـال " إذا ركض خلفك المجنون فأختبئ تحت السيارة فلن يدركك .! "
فلم ينتهي ابن الحي من كلامه إلا ووقعنا في درسٍ عملي مع المجنون وحيد فقد ظهر لنا من بين السيارات متسلل ومتجهاً إلينا .
انقسمنا إلى قسمين :
قسم فيه أنا و ابن عمي وقسم فيه ابن الحي .
ابن الحي طبق الدرس على أكمل وجه أما نحن فكأن الدرس كان صعباً علينا فآثرنا الهرب .
فأخذنا نجري على غير وجه حتى دخلنا بقالة و أخذنا نشكي المجنون على صاحب البقالة البنغالي فما فهم من كلامنا شيء وطردنا من الباب الآخر الذي كان فيه نجاتنا من المجنون بفضل الله .
عبدالباسط المجنون من جنسية أفغانية ضخم الجثة و اسمه مشهور جداً في حيِّنا .
ذهبتُ أنا وابن جدي وابن عم والدي للسوق , فما أن وصلنا إلى بداية السوق ومدخله إلى ونسمع صوتاً مرتفعاً " تعالوا تعالوا " .
تلفتنا يمنة ويسرة فرأيناه فأخذنا نركض بأقصى سرعة عائدين لمنازلنا لأن لا يضربنا عبدالباسط الضخم , والطريف في الأمر أن عبدالباسط المجنون كان يرتدي نعليه بشكل مقلوب واضعاً اليمنى مكان اليسرى والعكس .
(4) فهد المجنون فهد مصاب بالبلاهة المنغوليا ويتواجد في سوق الحمام في الرياض . كنت في زيارة لأخي في منطقة الرياض مع ابن عم لي , فأخذنا أخي إلى سوق الحمام , فما أن وصلنا إلا ونسمع صرخات " أنا فهد أنا فهد " فقال لنا أخي هذا مجنون , فتجولنا في أنحاءِ السوقِ فإذا بالصوتِ يقتربُ أكثر , فدخلنا أحد المحلات فسمع ابن عمي صوت المجنون يقترب , فخرج ليستطلعَ الأمر , فرآه المجنون ولم يكلمه ودخل علينا المحل واتجه إلي وقال أنا فهد , فقلت : أهلا وسهلا وشعرت بأن أطرافي بردت .!
فقال السلام عليكم , فقلت : وعليكم السلام , فقال أنت خائف ؟ ووضع يده على قلبي .! فزاد وضعي سوءً إلا أني تداركتُ نفسي وتشجعتُ وقلت له لا لستُ بخائف , أنت خائف ؟ووضعت يدي على قلبه , فقال : لا أنا والله مسكين أعطيني خمسة ريالات.! ولم يكن معي غير خمسمائة ريال ولا صرف لدي , فقلت له أنا أيضاً مسكين , فأرسلته لأخي وقلت له أذهب لذاك الشخص سيعطيك المال .!
خرج المجنون مسرعاً من عندي ذاهباً لأخي الذي كان ينتظر في الخارج فأعطاه ما قسمه الله له و أنفذنا من الموقف .
رجلٌ غريبٌ في الشكلِ , رثُ الهيئةِ , ضخمُ الجثةِ , ويبدو للنَّاظِرِ إليه كأنه مجنونٌ أو سكران .
كنتُ كثيراً ما أتجول بالسيارةِ وأمضي من أمامه فلا أخشاه فالنوافذ مغلقة و الأبواب مؤمنة , ويقدر الله علي في يوم ما أن أخرج من السيارة متجهاً لمحل لأجهزة الحاسب , و أجده أمامي مباشرة .
أنا الآن بين أمرين أحلاهما مُرْ .
إمَّا العودة إلى السيارةِ ويضحك علي أخي الصغير وإمَّا مواصلة سيري ويعترضني المجنون .!
قررت ببطولة العربي أن أخوضَ المعركة و أن أمر من أمام المجنون دون أن أزعجه , ولكن أنَّى لي ذلك ؟!
فقد اعترضني المجنون ووقف في طريقي وقال : أعطني عشرة ريال .! فقلت : ليس لدي غير خمس . قال هاتها فأخذها وقال أوصلني إلى المنزل .! فتعذرت منه بأن خط سيري مخالف لخط سيره و أسأل الله أن يغفر لي كذبتي .
فقلت له مباشرة : ما شاء الله أنت أخوك دائماً يصلي معنا , قلتُ ما قلتُ رجاء أن يكف طلباته ويعرف أني صاحب لأخيه لعلي آمن على نفسي منه , فودعته بأدب جم وانصرفت بسلام و العرق يتصبب مني .
فتفكرت بالأمر بعد أن ركبت السيارة فقلت الحمد لله أني اشتريت سلامتي بخمس ريالات .
شابٌ نحيفُ الجسمِ , أسمرُ البشرةِ , حافي القدمين , دائمُ الركضِ والصراخِ .
دخلَ المصلين لصلاةِ الجمعةِ , وبدأ الخطيبُ بالخطبةِ , الآذان له مصغية , الكلُ متابعٌ للخطيبِ الجديدِ , فهذه ثاني خطبة له في مسجدنا , فجأة دخل المجنون , وبدأ بالتصفيقِ والصراخِ .!
تحولت أنظار الناس تجاه الصوت ودَبَّ الخوف في نفوس الأطفال , حاول المصلون أن يخرجوا المجنون . . . ولكن بلا فائدة .
واصلَ الخطيبُ خطبتهُ وواصلَ المجنونُ تصفيقهُ وصُراخهُ بشكلٍ متواصلٍ , أصبحت أعينُ الناسِ مُتَنقلةً بين الخطيبِ تارة والمجونِ تارة أخرى , حتى قامتِ الصلاةُ , ومع قيامِ الناس خافَ المجنونُ أكثر , فاضطربَ وأصبحَ يَتَنَقَلُ في خلفِ المسجدِ يميناً وشمالا يظنُ أن الناسَ تريدُ إمساكه , كبرَ الإمامُ للصلاةِ والمجنونُ بين صُراخٍ وتصفيقٍ حتى انقضتِ الصلاةُ وفرَ الناسُ بلا تسبيحٍ ولا تسنين , إلا من رحمَ الله رب العالمين .
وفي صلاةِ العصرِ خرجتُ للصلاةِ مع إخوتي , فلما بلغنا المسجدَ رأينا المجنونَ واقف ببابِ المسجدِ .!آثرنا السلامة , وصلينا في مسجد آخر ,فمع الجنون المعادلة خاسرة .
ذهبتُ لإحدى الأسواق في حاجة لأهلي , وبعد الشراء أردتُ الخروجَ وكان أمامي رجل , ففتح الرجل الباب وكان أمامه رجلٌ مسنٌ قاربَ السبعين , فطلب المسن من الرجلِ ريالاً فرده .
الرجلُ المسنُ رد عليه و أوجزَ دون إخلالٍ , كان رده في سرعة هائلة وبلاغة بالغة , عبرَ المسن عما في نفسه دون أن يتلفظ .
أتدرون ما فعل ؟
بصق المسن على الرجل فلمَّا رأيت ما رأيت قررتُ العودة إلى السوق لأتسوق السلامة .!
التوقيع |
[align=center]دخولي نادر ارجو المعذرة . [/align] |
|