بماذا يكون التقدم الحقيقي ؟
بماذا يكون التقدم الحقيقي ؟
أحد قادة الغرب كان مهتما بالعلم ,وكان في حاشيته رجل يأتيه بعد الفينة والأخرى بعجائب المصنفات التي ينسبها لنفسه ,مرة في العلوم الفيزيائية والكيميائية, وبعد أيام في علوم الفلك وعلم الأرض ,وتارة في التاريخ وأحوال الأمم ,لم تمض الأيام إلا وهذا الرئيس قد بدت عليه علامات الريبة والشك في أمر هذا الرجل فلما أمر بالتحري والتحقيق معه ,اكتشف حقيقة مذهلة ؟!
وجد أن هذا الرجل يمتلك مخطوطات كثيرة جدا ومتنوعة باللغة العربية لمؤلفين مختلفين ومن أقطار متعددة , وأن المصنفات التي كان ينتحلها كلها مترجمة من هذه المخطوطات ,وعلم فيما بعد أن هذه المخطوطات وصلت لأوروبا عن طريق المسلمين الذين عاشوا في الأندلس ,وبعضها محفوظ اليوم في المتاحف الأوروبية ,وهذا أمر يعرفه المختصون .
هذه الحادثة من بين حوادث كثيرة لها دلالات واضحة ,هي أن سر تقدم الغرب هو التراث الإسلامي من جهة والعقول العربية المهاجرة من جهة أخرى ,ولله الحمد أن الغرب معترف بذلك ولم ينكره ,بل يقولها بملإ فِيهِ ويردد على اثر ذلك :
إذا فخرت بآباء لهم نسب نعم صدقت ولكن بئس ما ولدوا
إن سر تقدم الغرب ليس في أنه أباح لمجتمعه شرب الخمر أو حرية الأديان وممارسة الشعائر أو اختلاط المرأة بالرجال والسماح لها بالسفور ,إن تنقيح المناط في سر تقدم الغرب يعطيك نتيجة واضحة , وهي العدل والاستفادة من التجارب والعناية بالقدرات والكفاءات ,وهذا ما لم يفهمه كثير ممن ينادي بأمور مخالفة للدين والحياء والخلق والحشمة ,وبعضهم يعرف ولكن يتعامى .
إن الاستفادة من التجارب تجعلنا ننظر في واقع المستشفيات المختلفة في بلادنا فنجد مأساة الابتزاز والتحرش الذي تطالعنا به الصحف مراراً ,فلماذا نعيد التجربة في مجتمعات أخرى كالجامعات ؟!
لماذا لا نستفيد من تجارب العالم الغربي والعربي المجاور الذي يشكو من ظاهرة الاختلاط والتبرج ويتمنى الحصول على ربع ما تتمتع به المرأة السعودية في بلادنا ؟لقد خلصت دراسة حديثة من جامعة هارفورد بأن المدارس النسائية مقارنة بالمختلطة تحقق أهداف تربوية أعلى ودرجات أعلى في العلوم والقراءة والقيم الذاتية وتغيب المشاكل السلوكية والعلاقات بين الجنسين والتخلف عن الحضور وغير ذلك من الفوائد .
إن وثيقة سياسة التعليم في المملكة أهداف الصادرة في عام 1389هـ والتي أصبحت نبراسا يسير عليه رجال التعليم تنص على ما يلي :
( السياسة التعليمية هي الخطوة العامة التي تقوم عليها عملية التربية والتعليم أداء للواجب في تعريف الفرد بربه ودينه وإقامة سلوكه على شرعه وتلبية لحاجات المجتمع وتحقيقا لأهداف الأمة ...والسياسة التعليمية في المملكة العربية السعودية تنبثق من الإسلام الذي تدين به الأمة عقيدة وعبادة وخلقا وشريعة وحكما ونظاما متكاملا للحياة ,وهي جزء أساسي من السياسة العامة للدولة ).
فإن كانت النصوص الشرعية والفتاوى المؤصلة العلمية والسياسة التعليمية والتجارب الغربية والدراسات الحديثة التجربية كلها لاتفيد شيئا في صنع القرار ,فلا حول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل.
|