وهي عشرة أمور
الأول: قال ألماوردي: إذا تباعدت الأنساب صارت القبائل شعوبًا والعمائر قبائل.
يعني: وتصير البطون عمائر والأفخاذ بطونا والفصائل افخاذًا والحادث من النسب بعد ذلك فصائل.
الثاني: قد ذكر الجوهري أن القبائل هي بنو أب واحد.
وقال ابن حزم: جميع قبائل العرب راجعة إلى أب واحد سوى ثلاث قبائل وهي تنوخ والعتق وغسان فان كان كل قبيلة منها مجتمعة من عدة بطون وسيأتي بيان ذلك في الكلام على كل قبيلة من هذه القبائل الثلاث في موضعه إن شاء الله تعالى.
نعم الأب الواحد قد يكون أبًا لعدة بطون ثم أبو القبيلة قد يكون له عدة أولاد فيحدث عن بعضهم قبيلة أو قبائل فينسب إليه من هو منهم ويبقى بعضهم بلا ولد أو يولد له ولم يشتهر ولده فينسب إلى القبيلة الأولى.
الثالث: إذا اشتمل النسب على طبقتين فأكثر كهاشم وقريش ومضر وعدنان جاز لمن في الدرجة الأخيرة من النسب أن ينتسب إلى الجميع فيجوز لبني هاشم أن ينتسبوا إلى هاشم وإلى قريش وإلى مضر وإلى عدنان فيقال في أحدهم الهاشمي ويقال فيه القرشي والمضري والعدناني بل قد قال الجوهري: إن النسبة إلى الأعلى تغني عن النسبة إلى الأسفل فإذا قلت في النسبة إلى كلب بن وبره الكلبي: استغنيت عن أن تنسبه إلى شيء من أصوله وذكر غيره أنه يجوز الجمع في النسب بين الطبقة العليا والطبقة السفلى ثم يرى بعضهم تقديم العليا على السفلى مثل أن يقال في النسب إلى عثمان بن عفان الأموي العثماني وبعضهم يرى تقديم السفلى على العليا فيقال العثماني الأموي.
الرابع: قد ينظم الرجل إلى غير قبيلته بالحلف والموالاة فينتسب إليهم فيقال فلان حليف بني فلان أو مولاهم كما يقال في البخاري الجعفي مولاهم ونحو ذلك.
الخامس: إذا كان الرجل من قبيلة ثم دخل في قبيلة أخرى جاز أن ينتسب إلى قبيلته الأولى وأن ينتسب إلى القبيلة التي دخل فيها وأن ينتسب إلى القبيلتين جميعًا مثل أن يقال التميمي ثم الوائلي أو الوائلي ثم التميمي وما أشبه ذلك.
السادس: القبائل في الغالب تسمى الأب الوالد للقبيلة كربيعة ومضر والأوس والخزرج ونحو ذلك وقد تسمى القبيلة باسم أم القبيلة كخندف وبجيله ونحوهما وقد تسمى باسم خاص ونحو ذلك وقد تسمى القبيلة بغير هذا وربما وقع اللقب على القبيلة بحدوث سبب كغسان حيث نزلوا على ماء يسمى غسان فسموا به كما سيأتي بيانه عند ذكر قبيلتهم في حرف الغين المعجمة إن شاء الله وربما وقع اللقب على الواحد منهم فسموا به وقيل غير ذلك على ما سيأتي ذكره فيما يقال بلفظ الجمع في الألف واللام مع الراء المهملة إن شاء الله تعالى.
السابع: أسماء القبائل في اصطلاح العرب على خمسة أضرب: أولها: أن يطلق على القبيلة لفظة الأب كعاد وثمود ومدين ومن شاكلهم وبذلك ورد القرآن كقوله تعالى: " وإلى عاد وإلى ثمود وإلى مدين " يريد بني عاد وبني ثمود ونحو ذلك وأكثر ما يكون ذلك في الشعوب والقبائل العظام لا سيما في الأزمان المتقدمة بخلاف البطون والأفخاذ ونحوهما.
وثانيهما: أن يطلق على القبيلة لفظ البنوة فيقال بنو فلان وأكثر ما يكون ذلك في البطون والأفخاذ والقبائل الصغار لا سيما في الأزمان المتأخرة.
وثالثهما: أن ترد القبيلة بلفظ الجمع مع الألف واللام كالطالبيين والجعافرة ونحوهما وأكثر ما يكون ذلك في المتأخرين دون غيرهم.
ورابعهما: أن يعبر عنها بآل فلان كآل ربيعة وآل فضل وآل علي وما أشبه ذلك وأكثر ما يكون ذلك في الأزمنة المتأخرة لا سيما في عرب الشام في زماننا والمراد بالآل الأهل.
الثامن: غالب أسماء العرب منقولة عما يدور في خزانة خيالهم مما يخالطونه ويجاورونه أما من الحيوان كأسد ونمر وأما من النبات كنبت وخنظلة وأما من الحشرات كحية وحنس وأما من أجزاء الأرض كفهر وصخر ونحو ذلك.
التاسع: الغالب على العرب تسمية أبنائهم بمكروه الأسماء ككلب وحنظلة وضرار وحرب وما أشبه ذلك وتسمية عبيدهم بمحبوب الأسماء كفلاح ونجاح ونحوهما والمعنى في ذلك ما يحكى أنه قيل لأبي القيس الكلابي لم تسمون أبناءكم بشر الأسماء نحو كلب وذئب وعبيدكم بأحسن الأسماء نحو مرزوق ورباح.
يريد أن الأبناء معدة للأعداء فاختاروا لهم شر الأسماء والعبيد معدة لأنفسهم فاختاروا لهم خير الأسماء.
العاشر: إذا كان في القبيلة اسمان متوافقان كالحارث والحارث وكالخزرج والخزرج وما أشبه ذلك واحداهما من ولد الآخر أو بعده في الوجود عبروا عن الوالد والسابق منهما بالأكبر وعن الوالد والمتأخر منهما بالأصغر وربما وقع ذلك في الأخوين إذا كان أحدهما أكبر من الآخر.
طبقات الأنساب
وما يلحق بذلك عد أهل اللغة طبقات الأنساب ست طبقات.
الطبقة الأولى - الشعب بفتح الشين - وهو النسب الأبعد كعدنان مثلًا.
قال الجوهري: وهو أبو القبائل الذي ينسبون إليه ويجمع على شعوب.
قال الماوردي في الأحكام السلطانية: وسمي شعبًا لأن القبائل تتشعب منه.
وذكر الزمخشري في كشافه نحوه.
الطبقة الثانية - القبيلة وهي ما انقسم فيها الشعب كربيعة ومضر.
قال الماوردي: وسميت قبيلة لتقابل الأنساب فيها وتجمع القبيلة على قبائل وربما سميت القبائل جماجم أيضًا كما يقتضيه كلام الجوهري حيث قال: وجماجم العرب هي القبائل التي تجمع البطون.
الطبقة الثالثة - العمارة بكسر العين - وهي ما انقسم فيه أنساب القبيلة كقريش وكنانة ويجمع الطبقة الرابعة - البطن وهو ما انقسم فيه أنساب العمارة كبني عبد مناف وبني مخزوم ويجمع على بطون وأبطن.
الطبقة الخامسة - الفخذ وهو ما انقسم فيه أنساب البطن كبني هاشم وبني أمية ويجمع على أفخاذ.
الطبقة السادسة - الفصيلة بالصاد المهملة - وهي ما انقسم فيه أنساب الفخذ كبني العباس قلت هكذا رتبها الماوردي في الأحكام السلطانية وعلى نحو ذلك جرى الزمخشري في تفسيره في الكلام على قوله تعالى: " وجعلناكم شعوبًا وقبائل " إلا أنه مثل الشعب بخزيمة وللقبيلة بكنانة وللعمارة بقريش وللبطن بقصي وللفخذ بهاشم وللفضيلة بالعباس وبالجملة فالفخذ يجمع الفصائل والبطن يجمع الافخاذ والعمار تجمع البطون والقبيلة تجمع العمائر والشعب يجمع القبائل قال النووي في تحرير التنبيه: وزاد بعضهم العشيرة قبل الفصيلة.
قال الجوهري: وعشيرة الرجل هم رهطه الادنون.
قال أبو عبيدة: عن ابن الكلبي عن أبيه تقديم الشعب ثم القبيلة ثم الفصيلة ثم العمارة ثم الفخذ.
فأقام الفصيلة مقام العمارة في ذكرها بعد القبيلة والعمارة مقام الفصيلة في ذكرها قبل الفخذ ولم ينكر ما يخالفه ولا يخفى أن الترتيب الأول أولى وكأنهم رتبوا ذلك على بنية الانسان فجعلوا الشعب بمثابة أعلى الرأس والقبائل بمثابة قبائل الرأس وهي القطع المشعوب بعضها إلى بعض تصل بها الشؤون وهي القنوات التي في القحف لجريان الدمع وقد ذكر الجوهري أن قبائل العرب إنما سميت بقبائل الرأس وجعلوا العمارة تلو ذلك إقامة للشعب والقبيلة مقام الاساس من البناء وبعد الاساس تكون العمارة وهي بمثابة العنق والصدر من الانسان وجعلوا البطن تلو العمارة لأنها الموجود من البدن بعد العنق والصدر وجعلوا الفخذ تلو البطن لأن الفخذ من الإنسان بعد البطن وجعلوا الفصيلة تلو الفخذ لأنها النسب الأدنى الذي يصل عنه الرجل بمثابة الساق والقدم إذ المراد بالفصيلة العشيرة الأدنون بدليل قوله تعالى: " وفصيلته التي تؤويه " أي تضمه إليها ولا يضم الرجل إليه إلا أقرب عشيرته واعلم أن أكثر ما يدور على الألسنة من الطبقات الست المتقدمة القبيلة ثم البطن وقل أن تذكر العمارة والفخذ والفصيلة وربما عبر عن كل واحد من الطبقات السب بالحي أما على العموم مثل أن يقال حي من العرب وأما على الخصوص مثل أن يقال حي من بني فلان.
مساكن العرب القديمة
التي درجوا منها إلى سائر الأقطار أعلم: أن مساكن العرب في ابتداء الأمر كانت بجزيرة العرب الواقعة في أواسط المعمور واعدل أماكنه وأفضل بقاعه حيث الكعبة الحرام وتربة أشرف الانام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وما حول ذلك من الأماكن وهذه الجزيرة متسعة الأرجاء ممتدة الأطراف يحيط بها من جهة الغرب بعض بادية الشام حيث البلقا إلى أيلة ثم القلزم الآخذ من أيلة حيث العقبة الموجودة بطريق حجاج مصر إلى الحجاز إلى أطراف اليمن حيث طي وزبيد وما داناهما ومن جهة الجنوب بحر الهند المتصل به بحر القلزم المقدم ذكره من جهة الجنوب إلى عدن إلى أطراف اليمن حيث بلاد مهرة من ظفار وما حولها ومن جهة الشرق بحر فارس الخارج من بحر الهند إلى جهة الشمال إلى بلاد البحرين ثم إلى أطراف البصرة ثم إلى الكوفة من بلاد العراق ومن جهة الشمال الفرات آخذًا من الكوفة على حدود العراق إلى عانة إلى بالس بلاد الجزيرة الفراتية إلى البلقا من برية الشام حيث وقع الابتداء.
والحاصل أن السائر على حدود جزيرة العرب فيه من أطراف برية الشام من البلقا جنوبًا إلى أيلة ثم يسير على شاطئ بحر القلزم وهو مستقبل الجنوب والبحر على يمينه إلى مدين إلى ينبع إلى البروة إلى جدة إلى أول اليمن إلى زبيد إلى أطراف اليمن من جهة الجنوب ثم يعطف مشرقًا ويسر إلى ساحل اليمن وبحر الهند على يمينه حتى يمر على عدن ويجاوزها حتى يصل إلى سواحل ظفار من مشاريق اليمن إلى سواحل مهرة ثم يعطف شمالًا ويسير على سواحل اليمن وبحر فارس على يمينه ويتجاوز سواحل مهرة إلى عمان من بلاد البحرين إلى جزيرة أوال إلى القطيف إلى كاظمة إلى البصرة إلى الكوفة ثم يعطف إلى الغرب ويفارق بحر فارس ويسير والفرات على يمينه إلى سليمة إلى البلقا حيث بدأ.
ودور هذه الجزيرة على ما ذكره السلطان عماد الدين صاحب حماة في تقويم البلدان سبعة أشهر وأحد عشر يومًا تقريبًا بسير الأثقال فمن البلقا إلى الشراة ثلاثة أيام ومن الشراة إلى أيلة نحو ثلاثة أيام ومن أيلة إلى الحجاز وهي فرضة المدينة المنورة النبوية نحو من عشرين يومًا ومن الحجاز إلى ساحل الجحفة نحو ثلاثة أيام ومن ساحل الحجفة إلى جدة وهي فرضة لمكة ثلاثة أيام ومن ساحل جدة إلى عدن نحو من شهر ومن عدن إلى سواحل مهرة نحو من شهر ومن مهرة إلى عمان إلى البحرين نحو من شهر ومن هجر إلى عبادان من العراق نحو من خمسة عشر يومًا ومن عبادان إلى البصرة نحو يومين ومن البصرة إلى الكوفة نحو اثنى عشر يومًا ومن الكوفة إلى بالس نحو عشرين يومًا ومن بالس إلى سلمية نحو سبعة أيام ومن سلمية إلى مشاريق غوطة دمشق نحو أربعة أيام ومن مشاريق غوطة دمشق إلى مشاريق حوران نحو ثلاثة أيام ومن مشاريق حوران إلى البلقا نحو ستة أيام.
واعلم - أن الجزيرة في أصل اللغة ما ارتفع عنه الماء آخذًا من الجزر الذي هو ضد المد ثم توسع فيه فأطلق على كل ما دار عليه الماء ولما كان هذا القطر يحيط به بحر القلزم من جهة المغرب وبحر الهند من جهة الجنوب وبحر فارس من جهة المشرق والفرات من جهة الشمال أطلق عليه جزيرة واضيفت إلى العرب لنزولهم لها ابتداءً وسكناهم فيها.
قال المدائني: وجزيرة العرب هذه تستمل على خمسة أقسام: تهامة ونجد والحجاز والعروض واليمن فتهامة هي الناحية الجنوبية عن الحجاز.
ونجد هي الناحية التي بين الحجاز والعراق.
والحجاز: هو ما بين تهامة ونجد.
وتهامة: جبل يقبل من اليمن حتى يتصل بالشام وسمي حجازًا لحجزه بين نجد وتهامة.
والعروض: هي اليمامة ما بين تهامة إلى البحرين ويدخل في جزيرة العرب أيضًا قطعة من بادية الشام كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى ثم في كل قطر من هذه الأقطار مدن وبلاد مشهورة.
فأما الحجاز: ففيه من البلاد المشهورة المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وقيل هي من نجد وفيه أيضًا من البلاد خيبر والطائف.
وأما تهامة: ففيها من البلاد المشهورة مكة المشرفة وقيل هي من الحجاز وفيها أيضًا من البلاد ينبع.
وأما نجد: فقد قيل أن المدينة النبوية منها والراجح أنها من الحجاز على ما تقدم.
وأما العروض: فيشتمل على ناحيتين.
الناحية الأولى: اليمامة وقيل هي من الحجاز وهي مدينة دون مدينة النبي صلى الله عليه وسلم في المقدار بينها وبين البصرة ست عشرة مرحلة وبينها وبين الكوفة أيضًا مثل ذلك وهي أكثر نخلا من سائر بلاد الحجاز وبها كان مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وقتل في زمن أبي بكر رضي الله عنه.
الناحية الثانية: بلاد البحرين وهي قطر متسع مجاور لبحر فارس كثير النخل والثمار والمشهور به من البلاد هجر بفتح الهاء والجيم وهي التي كانت قاعدة البحرين في الزمن المتقدم فخربها القرامطة عند استيلائهم على البحرين وبنوا مدينة الاحساء ونزلوها وصارت هي قاعدة البحرين وهي مدينة كثيرة المياه والنخل والفواكه وبينها وبين اليمامة نحو أربعة أيام إلى غير ذلك من البلاد المتسعة.
وأما اليمن - فهو اقليم عظيم متسع الارجاء متباعد الأطراف وكانت قاعدته القديمة مدينة صنعاء وهي مدينة عظيمة تسبه مدينة دمشق في كثرة مياهها وأشجارها وهي في شرقي عدن في الجبال وهواؤها معتدل وكانت في الزمن المتقدم تسمى أزال وهي الآن بيد إمام الزيدية ياليمن داخلة تحت طاعته هي وما حولها وقد استحدث عليها حصن تعز فصار منزل لبني رسول ملوك اليمن الآن وهو حصن في الجبل مطل على النهائم وأراضي زبيد وفوقه منتزه يقال له - صعدة - قد ساق إليه صاحب اليمن المياه من الجبال التي فوقها وبنى فيها أبنية عظيمة في غاية الحسن في وسط بستان هناك وفرضة اليمن المشهورة في القديم والحديث عدن ويقال عدن ابين سميت بذلك باسم بانيها وهي مدينة على ساحل بحر الهند جنوبي باب المندب بميل إلى المشرق مورد وحط واقلاع لمراكب الهند ومصر وغيرهما وبينها وبين صنعاء ثلاث مراحل وهي في ذيل جبل كالسور عليها وتمامة سور إلى البحر ولها باب إلى البر وباب إلى البحر إلا أنها قشفة يابسة ينقل الماء على ظهور الدواب واليمن مدن كثيرة من مشاهيرها.
زبيد - بفتح الزاي المعجمة - وهي قصبة التهايم وموضعها في مستوى من الأرض والبحر منها على أقل من يوم وبها مياه ونخل كثير وعليها سور دائر وفيها ثمانية أبواب وبينها وبين البحر خمسة عشر ميلًا.
ومن مشاهير بلادها نجران: بفتح النون وسكون الجيم وهي بلدة ذات نخيل وأشجار على القرب من صنعاء وهي بين عدن وحضرموت في جبال وهي من بلاد همدان بين قرى ومدائن وعمائر ومياه وبها كان أفعى بن الأفعى الجرهمي المعروف بأفعى نجران الذي تحاكم إليه مضر وربيعة وأياد وأنمار أولاد نزار بوصية من أبيهم.
ومن مشاهير بلاده ظفار: بالظاء المعجمة المشالة والفاء.
وهي مدينة على ساحل خور يخرج من بحر الهند ويطعن في الشمال نحو مائة ميل وهي على طرفه وبينها وبين صنعاء أربعة وعشرون فرسخًا وعلى شمالها رمال الاحقاف التي بها كانت عاد وهي قاعدة بلاد الشجر ويوجد في أرضها كثير من النبات الهندي مثل الرايخ والتنبل ولها بساتين وأسواق وفي سواحلها يوجد العنبر إلى غي رذلك من البلاد المتعددة.
وأما بادية الشام: ففي جزيرة العرب منها مدينة تدمر.
بفتح التاء وضم الميم وهي بلدة قديمة ببادية الشام من أعمال حمص وهي على شرقيها وأرضها سباخ وبها شجر ونخيل وزيتون وبها آثار قلعة عظيمة أزلية من الأعمدة والصخور ولها سور وقلعة وبينها وبين حمص نحو ثلاث مراحل وكذلك عن سلمية وبينها وبين دمشق تسعة وخمسون ميلًا وبينها وبين الزحمة مائة ميل وميلان وهي منزل عرب آل ربيعة ملوك العرب بالشام إلى الآن وكذلك من بادية الشام تيماء وهي حاضرة طي وبها الحصن المعروف بالأبلق الفرد المنسوب إلى السمؤل بن عاديا وتبوك وهي بلدة عظيمة بين الحجر أرض ثمود وبين الشام وبها عين ماء ونخيل ويقال أن بها كان أصحاب الأيكة الذين بعث الله اليهم شعيبا عليه السلام.
قلت ومنها مدين: وكانت بها منازل العرب العاربة من عاد وطسم وجديس وأميم وجرهم وحضرموت ومن هم في معناهم ثم انتقلت ثمود منها إلى الحجر بكسر الحاء المهملة وهي إلى الجنوب من دومة الجندل وهي من أرض الشام فكانوا بها حتى هلكوا كما ورد به القرآن الكريم.
وهلك من هلك من بقايا العرب العاربة باليمن بمدين من عاد وغيرهم وخلفهم فيه بنو قحطان بن عابر فعرفوا بعرب مدين إلى الآن وبقوا فيه إلى أن خرج منه عمرو بن مزيقياء عند توقع سيل العرم ثم خرج منه بقاياهم وتفرقوا في الحجاز والعراق والشام وغيرها عند حدوث سيل العرم وكانت أرض الحجاز منازل لني عدنان إلى أن غزاهم بخت نصر ونقل من نقل منهم إلى الانبار من بلاد العراق ولم يزل العرب بعد ذلك كلهم في التنقل عن جزيرة العرب والانتشار في الأقطار إلى أن كان الفتح الاسلامي فتوغلوا في البلاد حتى وصلوا إلى بلاد الترك وما داناها وصاروا إلى أقصى المغرب وجزيرة الاندلس وبلاد السودان وملأوا الآفاق وعمروا الأقطار وصار بعض عرب اليمن إلى الحجاز فأقاموا به وربما صار بعض عرب الحجاز إلى اليمن فأقاموا به وبقي من بقي منهم بالحجاز واليمن على ذلك إلى الآن ومن تفرق منهم في الاقطار منتشرون
نسب العرب
- العرب على اختلاف قبائلهم وتباين شعوبهم من ولد سام باتفاق النسابين فبعضهم يرجع إلى لاوذ ابن سام وبعضهم إلى ارم بن سام وبعضهم يرجع إلى قحطان بن عابر بن شالخ بن رافخشد بن سام وبعضهم يرجع إلى اسماعيل بن إبراهيم وبعضهم يرجع إلى مدين بن إبراهيم وإبراهيم من ولد عامر بن شالخ بن ارفخشد بن سام
- أنواع العرب فقد اتفقوا على تنويعهم إلى نوعين عاربة ومستعربة.
فالعاربة هم العرب الأولى الذي فهمهم الله اللغة العربية ابتداءٍ فتكلموا بها فقيل لهم عاربة أما بمعنى الراسخة في العروبية كما يقال ليل لائل وعليه ينطبق كلام الجوهري.
وأما بمعنى الفاعلة للعروبية والمبتدعة لها لما كانت أول من تكلم بها.
قال الجوهري: وقد يقال فيهم العرب العرباء.
والمستعربة هم الداخلون في العروبية من بعد العجمة أخذًا من استفعل بمعنى الصيرورة نحو استنوق الجمل إذا صار في معنى الناقة لما فيه من الخنوثة واستحجر الطين إذا صار في معنى الحجر ليبسه.
قال الجوهري وربما قيل لهم المستعربة ثم اختلف في العاربة والمستعربة فذهب ابن اسحاق والطبري إلى أن العاربة هم عاد وثمود وطسم وجديس واميم وعبيل والعمالقة وعبد صنم وجرهم وحضر موت وحضوراء وبنو ثابر والسلف ومن في معناهم.
والمستعربة بنو قحطان بن عابر وبنو اسماعيل عليه السلام لأن لغة عابر واسماعيل عليه السلام كانت عجمية أما سريانية واما عبرانية فتعلم بنو قحطان العربية من العاربة ممن كان في زمانهم وتعلم بنو اسماعيل العربية من جرهم ومن بني قحطان حين نزلوا عليه وعلى أمه بمكة.
وذهب آخرون منهم صاحب تأريخ حماة إلى أن بني قحطان هم العاربة وأن المستعربة هم بنو اسماعيل فقط والذي رجحه صاحب العبر: الرأي الأول محتجًا بأنه لم يكن في بني قحطان من زمن نوح عليه السلام وإلى عابر من تكلم بالعربية وإنما تعلموها نقلًا عمن كان قبلهم من عاد وثمود ومعاصريهم ممن تقدم ذكرهم ثم قد قسم المؤرخون أيضًا العرب إلى بائدة وغيرها.
فالبائدة هم الذين بادوا ودرست آثارهم كعاد وثمود وطسم وجديس وجرهم الأولى ويلحق بهم مدين فانهم ممن ورد القرآن بهلاكهم وغير البائدة وهم الباقون في القرون المتأخرة بعد ذلك كجرهم الثانية وسبأ وبني عدنان ثم منهم من باد بعد ذلك كجرهم ومن تأخر منهم إلى زماننا كبقايا سبأ وبني عدنان.
من كتاب " نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب"
قبائل اليمن
من قبائل اليمن سَبَأ وهو عامر بن يَشْجُب بن يَعْرُب ابن قحطان، ونسب ابن الكلبيّ قحطان إلى اسماعيل عليه السلام فقال قحطان بن الهَمَيْسع بن تَيْمن بن نَبْت بن إسماعيل بن إبراهيم صلوات الله عليه، ومنهم نَبت وهو الأشعر بن أُدد بن زيد بن يَشجُب بن عَريب ابن زيد بن كهلان بن سبأ، وإنما تفرقت قبائل اليمن من كهلان والعَرَنْجج وهو حِمير، وليس لسائر بني سبأ قبائل يُعرَفون بها، وإنما يقال لهم السَبَئِيّون، وطيّء ومالك ابنا أُدد بن زيد أمهما دَلّة وهي مَذْحِج فهم مذحج
نسب الأزد
اولاً) من كتاب نسب عدنان وقحطان
وهو ابن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد. منهم غسان، وهو مازن بن الأزد، وإنما غسّان ماء نُسبوا إليه، من قبائلهم بنو جَفْنة رهط الملوك من غسان، منهم عمرو بن عامر وهو ماء السماء ابن حارثة الغِطْريف بن امريء القييس بن ثعلبة بن مازن، وعمرو بن عامر هو مُزَيقياء.
ومنهم الأنصار الأوس والخَزْرج ابنا حارثة بن ثعلبة العنقاء بن عمرو بن عامر. من قبائل الأوس بنو النَبيْت وبنو عمرو بن عوف وبنو السَميعة، وبنو عبد الأشهل رهط سعد بن معاذ وغيرهم. ومن قبائل الخزرج بنو النجّار رهط حسّان بن ثابت وبنو سالم الحُبلي رهط عبد الله بن أُبَيّ وغيرهم.
ثم خزاعة وهم ولد عمرو بن ربيعة وهو لُحيُّ بن حارثة بن عمرو بن عامر. من بطونهم بنو مُلَيْح وبنو قُمير رهط قَبيصة بن ذؤيب ورهط عبد الله بن مالك وبنو حُليل بن حُبْشِيّة رهط بني كُرْزٍ القافة. ثم أسلم بن أفْصى بن حارثة، وهم من خزاعة، وبارق بن عدي بن حارثة، والعَتيك بن الأسد بن عمران بن عمرو بن عامر رهط الملّهب ابن أبي صُفرة، وَهَدَاد بن زيد مناة بن الحجر، وطاحية بن سُود بن الحجر. وفيهم بطن يقال لهم النَدب وغامد. وزهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبدالله بن مالك بن نصر ابن الأزد، منهم: دَوْس ابن عُدْثان بن عبد الله بن زهران رهط أبي هريرة، وجذيمة الأبرش بن مالك بن فهم بن غنم بن دَوْس الذي قتلته الزّبّاء الرومية. وجهضم بن مالك يقال لهم: الجهاضم، رهط جرير بن حازم، وسليمة بن مالك رهط أبي حمزة الخارجي، وهُناءة بن مالك رهط عقبة بن مسلم، ومعن بن مالك رهط مسعود الذي وقعت الفتنة في البصرة في مقتله. ومنهن بطن يقال لهم اليَحْمَد، ومنهم بنو سلامان بن مُفْرِج من بني دُهمان بن نصر، ومنهم بنو مُرّة بن عَكّ بن قَرن بن عبد الله بن الأزد. ثم خثعم وبجِيلة وهما من ولد عمرو بن الغوث أخي الأزد بن الغوث، وبجيلة امرأة. ومن بطون بَجِيلة قَسْر رهط خالد بن عبدالله القَسري، وبطن يقال لهم بنو أَحْمَس رهط شِبل بن معبد البَجلي، وبطون أخر. فهؤلاء بنو كهلان ابن سَبَأ.
ثانياً) من كتاب " نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب"
33 - بنو الأزد - بفتح الهمزة وسكون الزاي وبالدال المهملة ويقال فيهم الأسد بالسين المهملة بدل الزاي وهم حي من كهلان من القحطانية وهم بنو الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان وكهلان يأتي نسبه عند ذكره في حرف الكاف.
قال أبو عبيدة: ويقال فيهم الأسد بالسين المهملة بدل الزاي.
قال الجوهري وهو بالزاي أفصح.
قال أبوعبيدة: وكان للأزد من الأولاد مازن ونصر والهنوء وعبد الله وعمرو وأعلم أن الأزد من أعظم الأحياء وأكثرها بطونا وأمدها فروعًا وقد نسبها الجوهري إلى ثلاثة أقسام أحدها أزد شنؤة بإضافة أزد إلى شنؤة وهم بنو حرف الشين المعجمة.
34 - والثاني أزد الشرارة - بإضافة أزد إلى الشرارة وهو موضع بأطراف اليمن نزلت به فرقة من الأزد فعرفوا به على أن صاحب العبر ذكر أن أزد شنؤة كانت منازلهم الشراة فيحتمل أنهم كانوا نازلين أيضًا بها مجاورين لازد الشراة.
35 - الثالث أزد عمان - بإضافة أزد إلى عمان وهي ثغر بالبحرين نزلها فرقة منهم فعرفوا بها.
= حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان بن عمرو حدثني شريح بن عبيد عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدي عن عمرو بن عبسة السلمي قال:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض يوما خيلا وعنده عيينة بن حصن بن بدر الفزاري فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أفرس بالخيل منك فقال عيينة وأنا أفرس بالرجال منك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم وكيف ذاك قال خير الرجال رجال يحملون سيوفهم على عواتقهم جاعلين رماحهم على مناسج خيولهم لابسوا البرود من أهل نجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبت بل خير الرجال رجال أهل اليمن والإيمان يمان إلى لخم وجذام وعاملة ومأكول حمير خير من آكلهم وحضرموت خير من بني الحرث وقبيلة خير من قبيلة وقبيلة شر من قبيلة والله ما أبالي أن يهلك الحارثان كلاهما لعن الله الملوك الأربعة جمداء ومخوساء ومشرخاء وأبضعة وأختهم العمردة ثم قال أمرني ربي عز وجل أن ألعن قريشا مرتين فلعنتهم وأمرني أن أصلي عليهم فصليت عليهم مرتين ثم قال عصية عصت الله ورسوله غير قيس وجعدة وعصية ثم قال لأسلم وغفار ومزينة وأخلاطهم من جهينة خير من بني أسد وتميم وغطفان وهوازن عند الله عز وجل يوم القيامة ثم قال شر قبيلتين في العرب نجران وبنو تغلب وأكثر القبائل في الجنة مذحج ومأكول". مسند أحمد
- عن انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
(( الأزد أسد الله في الأرض، يريد الناس أن يضعوهم ويأبى الله
إلا أن يرفعهم، وليأتين على الناس زمان يقول الرجل: يا ليت أبي
كان أزدياَ , ويا ليت أمي كانت أزدية )) (أخرجه الترمذي كتاب المناقب باب في
فضل اليمن رقم 3937 وقال غريب. /ص/)
- وعن أبي عامر الأشعري ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
(( نعم الحي الأزد , والأشعريون لا يفرون في القتال ولا يغلون ,
هم مني وأنا منهم ))
- وعن ابن عباس رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه و سلم انه قال :
(( مرحبا بالأزد أحسن الناس وجوها وأشجعهم قلوبا وأطيبهم أفواها
وأعظمهم أمانة, شعاركم يا مبرور )) (عد عن ابن عباس -33981).
- وعن مثير بن عبدالله الأزدي عن الرسول صلى الله عليه و سلم أنه قال :
(( مرحبا بكم أحسن الناس وجوها وأصدقه لقاء وأطيبه كلاما
وأعظمه أمانة, أنتم مني وأنا منكم ))( ابن سعد - 33982 ).
- قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
الأزد سيفي على الأعداء كلهمُ
وسيف احمد من دانة له العربُ
حدثنا محمد بن صالح بن هانئ حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أنس القرشي حدثنا عبد الله بن يزيد المقري حدثنا عبد الله بن عياش عن عبد الله بن هبيرة السبائي عن عبد الرحمن بن وعلة قال سمعت بن عباس رضى الله تعالى عنهما يقول إن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن سبأ ما هو رجل أو امرأة أو أرض فقال هو رجل ولد عشرة من الولد ستة من ولده باليمن وأربعة بالشام فأما اليمانيون فمذحج وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وحمير خير كلها وأما الشاميون فلخم وجذام وعاملة وغسان هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وشاهده حديث فروة بن مسيك المرادي مستدرك الحاكم
حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي أبو عبد الرحمن عن عبد الله بن هبيرة السبائي عن عبد الرحمن بن وعلة قال: سمعت ابن عباس يقول:
-إن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبأ ما هو أرجل أم امرأة أم أرض فقال: بل هو رجل ولد عشرة فسكن في اليمن منهم ستة وبالشام منهم أربعة أما اليمانيون فمذحج وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وحمير عربا كلها وأما الشامية فلخم وجذام وعاملة وغسان. مسند أحمد