العودة   ::{ مجالس قبيلة هذيل }:: موقع يهتم بتراث القبيلة ومفاخرها > المجالس العامة > المجلس العام
 

المجلس العام لكافة المواضيع التي ليس لها قسم مُخصص

 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 01-24-2010, 05:07 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

نسيم الطائف غير متواجد حالياً


Oo5o.com (8) التفاؤل 000حياة

التفاؤل .. حياة

(أنا محبَط، فاقد للثقة بإمكانية نهوض أمتنا وخروجها من حالة الغيبوبة الراهنة!!
- لا أتوقع أن بوسعنا فعل شيء أمام هجمة أعدائنا الشرسة؛ إذ إن أمتنا ممزقة، وغير قادرة على تجاوز ضعفها؛ فكيف بقياد البشرية وهدايتها؟! أمتنا مشلولة، وسيطرة الغرب وربائبه على كل عوامل القوة ومنطلقات النهوض محكمة. جميع ما يعمله الدعاة والمخلصون أمور ضعيفة أو هامشية، لا تمكِّن من استرداد العزة، والخروج من حالة الغفلة المطبقة. المتفائلون حالمون يعيشون في أبراج عاجية بعيداً عن الواقع، أو أنهم يخادعون الأمة، ويحاولون إيهام أبنائها بأن بإمكانهم فعل شيء، ولكن هيهات!).
تصدر هذه المقولات ونحوها من بعض شباب أمتنا المخلص الحريص على بعث الأمة واسترداد مجدها، وبخاصة في أوقات الأزمات والمحن ومراحل صولة العدو وهيجانه. من اليقين أن أمتنا تعيش أزمة حقيقية، وتمر بأوقات عصيبة، وفترة ضعف بينة؛ فقد ضعف تمسكنا بديننا، وعظمت غفلتنا ، وشكك عدونا (الداخلي والخارجي) بالأصول والمنطلَقات،ومن حق كل من يعيش همَّ الأمة، ويشعر بمسؤولية نحوها أن يحزن ويتألم، وأن يُكثِر من التضرع والدعاء وسكب العبرات. وليس ذلك مجرد أمر يمكن فعله. و نحن بصدد تقرير مسألة مهمة لبيان خطر الإحباط، ألا وهي ضرورة التفاؤل، ووجوب القيام برفع راية الأمل،وإشعال شمعة في الظلماء التي تحيط بالأمة . لقد جاء الإسلام حاثّاً على الرجاء والأمل، وداعياً إلى التفاؤل الإيجابي الدافع للانطلاقة والعمل من أجل التصحيح والتطوير، بل إن اليأس والقنوط والإحباط والتشاؤم جوانب ليست بداخلة في نسيج التفكير الإسلامي البتة، مهما أحاطت بالمؤمن الشدائد، وادلهمت الخطوب، وغيم الجو وتلبد. ونصوص الشريعة شديدة الصراحة والوضوح في هذا الجانب. قال ـ تعالى ـ على لسان نبيه يعقوب ـ عليه السلام ـ مخاطباً أبناءه: {وَلا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إنَّهُ لا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} ، وقال ـ سبحانه ـ على لسان خليله إبراهيم ـ عليه السلام ـ: {قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إلاَّ الضَّالُّونَ} وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: «إن رجلاً قال: يا رسول الله! ما الكبائر؟ قال: الشرك بالله، والإياس من رَوْح الله، والقنوط من رحمة الله»، وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: «أكبر الكبائر: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله».فهنا نجد التفاؤل، والثقة بموعود الله ـ تعالى ـ وحسن الظن به ـ سبحانه ـ أصل راسخ، وسِمَة ثابتة، ومَعْلَم بارز، قوي الحضور في حياة نبينا الكريم ومن ذلك: حديث خباب بن الأرتّ ـ رضي الله عنه ـ حين جاء بعض الصحابة الكرام إلى النبي  في صدر الإسلام، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، يستنصرونه، ويشكون إليه الحال، من شدة الضراء الذي مستهم، فأنكر عليهم استعجالهم الفرج، ووجَّههم إلى الصبر و الأمل الفاعل، الذي يستمر صاحبه في المدافعة، ويبادر بجد ونشاط وحزم إلى تجاوز الأزمة، ومواصلة الدعوة والتربية والعمل، قائلاً: «كان الرجل فيمن قبلكم، يُحفَر له في الأرض، فيُجعَل فيه، فيُجـاء بالمنـشار، فيوضَع على رأسه، فيُشَق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه. ويُمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه. واللهِ ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون». وفي طريق الهجرة، وهو طريدٌ مُهْدَر الدم، نجده في غاية الثقة والاطمئنان، فيقول لأبي بكر ـ رضي الله عنه ـ حين قال له - وهما مختبئان في الغار -: «يا رسول الله! لو أن أحدهم رفع قدمه لرآنا، فقال : يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما»، ونجده يخاطب سراقة بن مالك أحد متعقبيه، الطامعين في قتله أو أسره قائلاً له: «كيف بك إذا لبست سوارَيْ كسرى؟» وفي الخندق، وهو  وأصحابه ـ رضي الله عنهم ـ محاصرون في المدينة من الأحزاب، من كل صـوب، وأحـدهـم لا يأمن على نفسه حين يذهب إلى الغائط، ويمكث  من الفاقة ثلاثاً بدون طعام مع ضخامة الجهد المبذول في حفر الخندق، ومشقة العمل، وقيامه بترتيب شؤون الناس وإعدادهم للنزال، وحال المؤمنين كما وصف ربنا ـ تعالى ـ: {إذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْـحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} نجده  يبعث الطمأنيـنة في نفوس أصحابه الكــرام، ويعـمــق ثقتهــم بـاللـه ـ تعالى ـ ويستنبت التفاؤل والأمل في دواخلهم، فيقول: «أُعطيت مفاتيح الشام... أُعطيت مفاتيح فارس... أُعطيت مفاتيح اليمن»وما ذاك منه  إلا إدراك لخطورة الإحباط، والشعور بالخيبة، واعتقاد العجز؛ إذ تُقتَل الإرادة، ويُقضَى على المبادرة، ويُزرَع القلق والجزع، ويحدث الاضطراب والتوتر، ويُحال بين المرء وبين الجد والمثابرة، إضافة إلى ما يتضمنه ذلك من ظن ما لا يليق بالله ـ سبحانه ـ ورحمته، ووعده الذي سبق لرسله من أن جنده هم الغالبون، وفي المقابل يأتي ذلك إدراكاً منه لعلو الرجاء، وارتفاع منزلة التفاؤل، وضرورة العيش بنفسية آملة، طامحة بالنجاح، ناشدة تحقيق الأهداف، حسنة الظن بالله ـ تعالى ـ واثقة من تنزُّل نصره، وحدوث فَرَجه، وأن الأمر لا يعدو مرحلة استكمال الأمة لمتطلبات النصر والابتعاد عن موانع التمكين.ولوصول المرء إلى هذه الوضعية المنتجة، القادرة على الانطلاق بإصرار وعزم نحو المستقبل، فإن عليه:
1. ـ أن نتعرف على الله ـ تعالى ـ ومدلول أسمائه وصفاته حق المعرفة؛ حتى نتمكن - واقعاً وسلوكاً لا مجرد دعوى - من إحسان الظن به ـ سبحانه ـ والاطمئنان إلى تحقق موعوده ـ عزّ وجل .
2. ـ القراءة في تاريخ البشرية الطويل، ومطالعة سِيَر الأنبياء والمصلحين، والذين كانوا يتحسسون في الدجى مفاتيح الفرج وسط أكوام القش، ويثابرون في البحث عنها؛ حتى يكرمهم الله ـ تعالى ـ بما نذروا أنفسهم له؛ من هداية أقوامهم، وإخراج أممهم من الظلمات إلى النور.
3. ـ وأن تعرف الشخص على نفسه الأمَّارة بالسوء: الداعية للشر، فيجاهدها، ويعد ها بصورة تمكنه من استثمار طاقتها، ويبعدها عن الملهيات .
4. ـ وأن نبتعد عن الأطروحات المثالية غير القابلة للتنفيذ بمفردها أو بمجموعة الجوانب التي تتكامل معها في دنيا الواقع، فلا بدمن العيش في بيئة يقوم فيها بعمل أفضل ما يمكن تنفيذه، في حدود الهمم الحاضرة، والإمكانات المتاحة مهما كانت ضعيفة؛ لأن استثمار الفرص المتاحة هو المولِّد للفرص، والمهيئ للمعالجة وقبول النصيحة، فمن مضي في دربه الصحيح نحو هدفه قدر على تحقيقه ولو بعد حين.
5. ـ الابتعاد عن أحاديث اليائسين ومرافقة المحبَطين: زراع الهزيمة،الذين يعظمون قوة العدو، وسطحيي النظرة ،واستعجالٍ النتائج، ويستبدلهم بأهل المبادرة، وأهل الإنجاز والعمل.
6. ـ والتأمل في قوة الإسلام الذاتية وما يمتلكه من إبهار وجاذبية ونقاء، والفرح بإقبال الأمة على الإسلام من جديد، في مقابل إفلاس المناهج الوضعية في علاج مشاكل الإنسانية بعامة، وأمتنا بصفة خاصة.
7. ـ وأن نقوم بنشر ثقافة التفاؤل، وفتح بوابات الأمل، أمام أبناء الأمة لخدمة هذا الدين، كلٌ في المجال الذي يمكنه ويجد نفسه فيه ، مدركاً أن الليل مقدمة الإصباح، والظلمة أول بشائر النور، وأن الجدب يتلوه الغيث، والحياة في أحيان كثيرة لا تنبثق إلا من باطن الأرض الموات.
8. إن من أهم ركائز الأمل ومتطلبات التفاؤل: سعة الأفق، وبُعد النظر، وطول النَّفَس، والصبر والمصابرة، وإعطاء المعالجة والبناء المدى الزمني الذي يحتاجان إليه، وقد كان ذلك جلياً في حياة من جعله الله ـ تعالى ـ أسوة حسنة لنا، فهاهو  في (قرن الثعالب) يمشي مهموماً بعد أن طرده بنو عبد ياليل وآذوه ورجموه حتى أدموه، والملأ من قريش مصممون على منع عودته إلى مكة، وقد جاءه مَلَك الجبال فقال: «إن شئت أن أُطبق عليهم الأخشبين»، فأجابه ، وكله تفاؤل وأمل، وصبر، ورحمة، وبُعد نظر، واستشراف عميق للمستقبل: «بل أرجو أن يُخرِج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئاً!!».
فهيَّا إلى التفاؤل وقراءة الأحداث والمواقف بنفسية متزنة، ورؤية واعية عميقة، متفائلة غير مغرقة في نظرية المؤامرة؛ فإنه لا سبيل لركوب دروب العزة، والوصول لساحة الكرامة في الدنيا والسعادة في الآخرة إلا من خلال ذلك .
ولنحذر من الغرور والتمني الكاذب الذي يعيش صاحبه في أجواء السذاجة والغفلة، ويكتفي بالتغني بالأمجاد السالفة، ويرى أن كل الأمور خيِّرة، وكأنَّا لا نعيش في أجواء التبعية، وأن أعداءنا لم يعبثوا بقيمنا، ولم يستولوا على مقدساتنا، ولم يزهقوا أرواحنا، وينتهكوا أعراضنا، ويقتطعوا من أراضينا، ويستولوا على خيراتنا لا نبتعد عن الواقع بل نربط الواقع بالتفاؤل وبالنصر القادم {وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (104) سورة النساء {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } (139) سورة آل عمران واللهِ ليتمن الله هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه.
فالنصر والفوز ليس بالضرورة أن يكون نصراً مادياً بهزيمة عسكر العدو، والنصر الأكبر هو الثبات على دين الله وشرعته، وبذل الغالي والرخيص في سبيله سبحانه، كما قال الله عز وجل بعد ذكره خبر أصحاب الأخدود وقد ألقوا كلهم في أخاديد النار حتى لم يبق منهم أحد، قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ} [البروج: 11]، فهو فوز كبير كما وصفه ربنا لأنهم وإن فنوا عن آخرهم فقد ماتوا على التوحيد. وليس معنى هذا التقليل من قيمة النصر المادي أو الزهد فيه، بل قد قال ربنا جل وعلا بعد أن ذكر ما أعده للمجاهدين في سبيله بأموالهم وأنفسهم من النعيم: {ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: 12،13].فأبشروا أيها المؤمنون، {إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، وإن مستكم البأساء والضراء وأصابتكم الزلزلة.

مـــحبكم أبومحمد
9/2/1431هـ






رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:24 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة هذيل