رائية ابن حمديس الصقلي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
أبيات من : رائية ابن حمديس الصقلي ، ونظرات أحد المهتمين بالأدب حولها :
[poem=font="traditional arabic,5,darkblue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="http://www.hothle.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/63.gif" border="groove,2,darkred" type=0 line=1 align=center use=ex num="0,black""]
وضراغم سكنت عرين رياســـــه= تركت خرير الماء فيه زئيـــــرا
فكأنما غشى النضار جسومهـــــا=واذاب في افواهها البلـــــــــــورا
اسد كأن سكونها متحـــــــــــــرك=في النفس لو وجدت هناك مثيرا
وتذكرت فتكاتها فكأنمـــــــــــــــــا=ا� �عت على ادبارها لتثـــــــــورا
وتخالها والشمس تجلو لونـــــــها=نارا والسنتها اللواحس نـــــورا
فكأنما سلت سيوف جــــــــــداول=ذابت بلا نار فعدن غـــــــــديـرا
وكأنما نسج النسيم =درعا فقدر سردها تقديـــــــــرا
وبديعه الثمرات تعبر نحـــــــوها=عيناي بحر عجائب مسجــــورا
شجريه ذهبيه نزعــــــــــــت الى =سحر يؤثر في النهى تاثيـــــرا
قد سرجت اغصانها فكــــــــانما=قبضت بهن من الفضاء طيورا
وكانما ياتي لوقع طيــــــــــــرها=ان تستقل بنهضها وتطيـــــرا
من كل واقعه ترى منقـــــــــارها=ماء كسلسال اللجين نميــــــرا
خرس تعد من الفصاح فإن شدت=جعلت تغرد بالمياه صفيـــــرا[/poem]
نظرات في رائية ابن حمديس الصقلي
تمهيــــــد:
الوصف هو إظهار أو استحضار شيء، أو مكان،أو حيوان، أو إنسان ...ويعد الوصف من الأغراض الأصيلة في الشعر العربي، حيث طرقوا به كل ميدان قرب من حسهم أو إدراكهم أو قام في تصورهم.ولذا لم يكن عجيباً أن يُقبِل شعراء الأندلس والمغرب العربي عليه أكثر من إقبالهم على أي غرض.
وقد اشتدت عنايتهم به، حتى اتسعت دائرته لكل ما وقع تحت أعينهم، وخاصة وصف المناظر الطبيعية كالرياض، والثمار، والأزهار، والطيور، والبحار، والأنهار، وأفردوا للوصف القصائد، وربطوا بين وصف الطبيعة وسائر الفنون الشعرية.
ولعل أهم ما ميز شعر الوصف في هذه المرحلة :- التشخيص؛ أي إسباغ الحياة على الأمور المعنوية أوعلى الجمادات و تجسيمها و مخاطبتها مخاطبة الكائن الحي،. ولعل خير دليل على ذلك قصيدة ابن خفاجة في وصف جبل . عبد الرحمن الداخل في وصف النخلة وابن البانة في قصيدته راق الربيع.وابن حمديس في وصف بركة من الماء ....
التعريف بصاحب النص :
وابن حمديس الصقلي هو عبد الجبار بن أبي بكر محمد بن حمديس الأزدي الصقلي. أبو محمد, عربي الأصل, ولد في مدينة (سرقوسة) بجزيرة صقلية (447 هـ / 1053 م) وفيها تعلم. لما استولى النورمان سنة 471هـ على معظم الجزيرة رأى ابن حمديس أن يغادرها إلى تونس فمكث فيها مدة ثم انتقل إلى الأندلس وحل في إشبيلية عاصمة المعتمد بن عباد وأقام فيها مدة, وعلم به المعتمد فدعاه وامتحن بديهته بقول الشعر, فسر به ونال عند المعتمد حظوة ومالا وشهرة, ولها في إشبيلية ما شاء له اللهو. وبعد أسر المعتمد على يد المرابطين سنة 484هـ انتقل ابن حمديس إلى المغرب وأخذ يتردد على (أغمات) يزور المعتمد السجين فيها. فلما توفي المعتمد سنة 488هـ اتصل ابن حمديس ببني (علناس) و (بني زيري) و (بني خراسان) ولم يتصل بسلاطين المرابطين وفاء للمعتمد, وأخيرا استقر في (بجاية) على الساحل شرق مدينة الجزائر وأقام فيها حتى توفي عن ثمانين عاما حوالي سنة (527 هـ / 1133 م).
تحليل النص :و كان ابن حمديس شاعرا مكثرا, يجيد الوصف, ويجري في نظمه على السليقة.ومن أشهر قصائده في هذا الباب رائيته التي مطلعها :
واعمر بقصر الملك ناديك الذي أضحى بمجدك بيته معمورا
والمتأمل في هذه القصيدة يكتشف أن محور الحديث فيه عن قصر جميل بديع الصنع حوت ساحته تماثيل وألوان وصور ، وبين جنباته حدائق غناء تسر ، وفي داخله كل مظاهر الهندسة والنـحت . ومن أجل ذلك يمكن تقسيم النص إلى عدد من الأفكار نجملها في ما يلي:
الأفكار الأساسية للنص:
1_ ( 1 _19) وصف مجمل للقصر وحديث عن الإبداع في بنائه
2_ ( 20_27) وصف تماثيل الأسود والماء ينساب من أفواهها.
3_ ( 28_ 39) وصف حدائقه الغناء
4_ ( 40_ 45) وصف غرائب سقفه
5_ ( ما تبقى من الأبيات) إشادة بمالك القصر.
دراسة الأفكار:
القصيدة من غرض الوصف وهو غرض شعري قديم ظهر منذ العصر الجاهلي وقد ولع به شعراء الأندلس والمغرب العربي حتى أنه لا نظن أن أمة من الأمم قد برعت في تصوير الطبيعة بمظاهرها وظواهرها المختلفة كما برع الأندلسيون والمغاربة وليس أدل على ذلك من ظهور تقسيمات وتصنيفات لا حصر لها في الوصف نذكر منها باختصار:
شعر الثمريات:الشعر المختص بالأثمار,والبقول,وما يتصل بها.
شعر الزهريات : الشعر المختص بالأزاهير .
شعر الروضيات:وهو الشعر المختص في الرياض وما يتصل بها.
شعر الثلجيات:الشعر المختص في الثلج والبرد...
شعرالمائيات: وهو شعر مختص في وصف البرك والبحار
وضمن هذا النوع الأخير يمكن أن نصنف القصيدة الرائعة لابن حمديس في وصف بركة من الماء في أحد القصور وقد احتوت على تماثيل لأسود تقذف الماء من أفواهها...ولعل لفن النقش والنحت والزخرفة الذي كان سائداً آنذاك أثر كبير في جمال هذه الصورة التي رسمها الشاعر بكل براعة
وقد جاءت أفكار النص واضحة لا تجهد القارئ في فهم معناها ، فهي قديمة مطروقة سبق تناولها من طرف الشعراء . وفي ذلك نتذكر سينية البحتري في وصف إيوان كسرى ووصفه لبركة المتوكل ورغم اعتماد الشاعر على وحدة البيت إلا أننا نلمس نوعا من الترتيب مقبول أساسه الانتقال بالموصوف من الخارج إلى الداخل . فبعد أن وصف ساحة القصر ومنظره من الخارج وما حوى من حدائق وتماثيل .. راح يصف ما تزينت به جدرانه و أسقفه من منحوتات وزخارف.
وقد عبر الشاعر عن هذه المعاني بأسلوب سلسة ألفاظه فصيحة مناسبة للوصف .استعان فيها بالأفعال المتعدية إلى مفعولين من مثل ما نجده في الأبيات ( 13، 19، 21، 25، 32، 33، 39، ..) وقد هام الشاعر في مراتع القصر الجميلة ، فراح يستعين بالكثير من الصور الخيالية للتعبير عن إعجابه ومنا الكناية في قوله ( كحلت بنوره أعمى ) والتشابيه كما في قوله : (فكأنها لبدت لهصر عندها ) وقوله : (فكأنما غشي النّضار جسومها ) ...و في قوله : ( أسد كأن سكونها متحرك ) .. إلى آخره من الصور التي لا يكاد يخلو منها بيت
وقد غلب على النص الأسلوب الخبري لأنه الأنسب للوصف وتقرير الحقائق وأما الإنشاء فقد ورد قليلا تخلل الخبر من أجل بعض الأغراض منه ما ورد في أول النص من أمر بغرض الحث ...
وفي الختام وجب التذكير بأن النص يمثل صورة من صور الوصف في الأدب الذي أنتج في العصر الأندلسي سواء ما تعلق بذلك الذي أنتجه شعراء الأندلس أو شعراء المغرب العربي .
وفي النص قيم عدة منها القيمة الفنية التي نستشف من خلاله أهم ما ميز شعر الوصف في فترة العصر الأندلسي والمغربي
|