قال أستاذ الأدب العربي في جامعة العين للعلوم والتكنولوجيا في أبوظبي، الدكتور إياد العبدالله، إن «المرأة كان لها حضور قوي في القصيدة العربية منذ عصر ما قبل الإسلام، فشكلت محورا أساسيا لدى الشعراء»، مضيفا ان «المرأة ارتبطت منذ العصر الجاهلي وحتى اليوم بثلاثية الأنوثة والجسد والهوية، وكان للأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية في بيئة الشاعر تأثيرها في صورة المرأة في القصيدة».
وأوضح العبدالله في المحاضرة التي نظمها، أول من أمس، اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في ابوظبي، بعنوان «صورة المرأة في القبيلة»، أن البيئة العربية تقدم صورتين متناقضين في
النظر إلى علاقة الرجل بالمرأة، فبعضها يتسامح ويتبسط في نوع العلاقة، حتى إنهم يبيحون الاختلاط المكشوف، بينما يتميز البعض الآخر بالغيرة الشديدة، ويضع حجبا. مبينا ان بحثه في صورة المرأة لدى القبيلة اقتصر على شعراء قبيلة «هذيل». وقال ان «صورة المرأة في الشعر الهذلي اختلفت بعد ظهور الإسلام عنها في العصر الجاهلي، إذ عانى مجتمع القبيلة في العصر الجاهلي تخلخلاً في نظمه الاقتصادية أدى إلى تقسيمه إلى طبقتين متمايزتين لا توسط بينهما، فضلا عن ترك طائفة من الفقراء الصعاليك»، موضحا ان صورة المرأة في القصيدة غلب عليها الطابع الحسي قبل الاسلام، بينما شهدت هذه الصورة تطورا بعد ظهور الإسلام، إذ تأرجح موقف الشاعر الإسلامي بين المادي والعذري.
وأضاف أن «صورة المرأة ارتبطت بالطبيعة ضمن القصيدة الهذلية، فأوشكت العلاقة بينهما ان تكون صميمة، ولأن حياتهم كانت مملوءة بروح المغامرة وتحمل المخاطر، فقد اقترنت المرأة بتصوير الأحداث ليظهر الشاعر فروسيته أمامها بصفته بطلا».
وأفاد بأن حضور المرأة كان لافتا عند أكثر شعراء هذيل، وقد نجد من لا يتعرض لذكرها، كما نجد حضورها باهتا عند البعض الاخر.
واستعرض العبدالله ملامح من الصور السالبة التي ظهرت بها المرأة في الشعر الهذلي، ومن بينها صور الفقر والحرمان، أما الصور المشرقة التي تتصل بموضوعات لغزل الهذلي، فمن أبرزها شوق الشاعر لحبيبته ووقوفه على الأطلال، فتعيد إليه الأمل والحياة.
وأكد أن «هناك قصائد تصور الجمال المادي للمرأة وتصف جسدها، الذي استغرق الكثير من قصائد الهذليين، التي تبرز إعجابهم بصفات مثل الطول وطول العنق والبشرة البيضاء المصقولة وغيرها، كذلك الحديث عن تكريم الأم وسمو مكانتها، والتعلق بالابنة». وأشار إلى تأثير الإسلام في الشعر الهذلي الموجه نحو المرأة والعلاقة بها، فاهتم الشاعر بوصف كرمها وأخلاقها الرفيعة، ووصف حبا مثاليا وعاطفة صادقة، أو عالما رحبا جميلا، مقتبسا صيغاً قرآنية.
وخلص العبدالله إلى ان صورة المرأة في الشعر الهذلي تمثل عنصرا مهما على صعيد البناء الاجتماعي، ترفد الرجل وتؤازره في القتال، وتلهمه الشعر، وتقترن بروح المغامرة وتحمل المخاطر، فظهرت بارزة في أشعارهم. بل من أهم الظواهر اللافتة، ان المرأة حضرت في الشعر، في صورتين، مثالية ومادية، ما جعلها تأتي غزلا، كما ظهرت في الصورة الاجتماعية زوجة وفية، أو زوجة تؤرق الشاعر وتخاطبه بلاذع الكلام، وتعيره بالفقر وسوء الحال،
وأوضح أن صورة المرأة في الاسلام والعصر الأموي تتخذ منحنيين: الغزل الواضح، والنسيب الفني