أتاني بالنصائح بعض ناسِ *** وقالوا أنت مقدام سياسي
أترضى أن تعيش وأنت شهمٌ *** مع إمرأةٌ تقاسي ماتقاسي
إذا حاضت فأنت تحيض معها *** وإن نفست فأنت أخو النفاسي
وتقضي الأربعين بشرِّ حالٍ *** كدابٍ رأسه هشمت بفاسِ
وإن غضبت عليك تنام فردًا *** ومحرومًا وتمعن في التناسي
تزوّج بإثنتين ولاتبالي *** فنحن أولوا التجارب والمراسِ
فقلت لهم معاذ الله إني *** أخاف من إعتلالي وارتكاسي
فها أنذا بدأت تروق حالي *** ويورق عودها بعد اليباسِ
فلن أرضى بمشغلةٍ وهمٍّ *** وأنكاد يكون بها إنغماسي
لي إمرأة وشاب الرأس منها *** فكيف أزيد حظي بإنتكاسي
فصاحوا سنّة المختار تنسى *** وتمحى أين أرباب الحماسِ؟
فقلت أضعتم سننًا عظامًا *** وبعض الواجبات بلا إحتراسِ
لماذا سنّة التعداد كنتم *** لها تسعون في عزمٍ وباسِ
وشرع الله في قلبي وروحي *** وسنّة سيدي منها اقتباسي
إذغ اضطر الفتى لزواج أخرى*** فذاك له بلا أدنى التباسِ
ولكن الزواج له شروطٌ *** وعدل الزوج مشروطٌ أساسي
وإن معاشر النسوان بحرٌ*** عظيم الموج ليس له مراسي
ويكفي ماحملت من المعاصي *** وآثامٌ تنوء بها الرواسي
فقالوا أنت خوّافٌ جبانٌ*** فشبّوا النار في قلبي وراسي
فخضت غمار تجربةٍ ضروس *** بها كان افتتاني وابتئاسي
يحز لهيبها في القلب حزًّا *** أشد علي من حزّ المواسي
رأيت عجائبًا ورأيت أمرًا*** غريبًا في الوجود بلا قياسي
وقلت أظنني عاشرت جنًا*** وأحسب أنني بين الأناسي
لأتفه تافهٍ وأقل أمرٍ*** تبادر حربهن بالإنبجاسِ
وكم كنت الضحية في مرارٍ *** وأجزم بإنعدامي وانطماسي
فإحداهن شدّت شعر رأسي*** وأخراهن تسحب من أساسي
وإن عثر اللسان بذكر هذي*** لهذي شبَّ مثل الإلتماسي
وتبصرني إذا احتجت أمرًا*** من الأخرى يكون بالإختلاسِ
وكم من ليلةٍ أمسي حزينًا*** أنا على السطوح بلا لباسي
وكنت أنام محترمًا عزيزًا*** فصرت أنام بين البساسِ
أرضّع نامس الجيران دمّي *** وأسقي كلّ برغوثٍ بكاسِ
ويومٌ أدّعي أنّي مريضٌ *** مصابٌ بالزكام وبالعطاسِ
وإن لم تنفع الأعذار شيئًا *** لجأت إلى التثاؤب والنعاسِ
وإن فرّطت في التحضير يومًا *** عن الوقت المحدد يا تعاسي
يطير النوم من عيني وأصحو *** لقعقعة النوافذ والكراسي
يجيء الأكل لاملحٌ عليه *** ولا أُسقى ولا يكوى لباسي
وإن غلط العيال تعيث حذفًا*** بأحذيةٍ تمرّ بقرب راسي
وتصرخ ما اشتريت لي احتياجي *** وذا الفستان ليس على مقاسي
ولو أني أبوح بربع حرفٍ *** سأحذف بالقدور وبالتباسي
تراني مثل إنسان جبانٍ*** رأى أسدًا يهمّ بالإفتراسِ
وإن أشري لإحداهن فجلاً *** بكت هاتيك ياباغي وقاسي
رأيتك حاملاً كيسًا عظيمًا *** فماذا فيه من ذهبٍ وماسي
تقول تحبني وأرى الهدايا*** لغيري تشتريها والمكاسي
فصرت لحالة تدمي وتبكي*** قلوب المخلصين لما أقاسي
وحار الناس في أمري لأني*** إذا سألوا عن إسمي قلت : ناسي
وضاع النحو والإعراب منّي *** ولخبطت الرباعي بالخماسي
وطلّقت البيان مع المعاني *** وضيّعت الطباق مع الجناسِ
أروح لأشتري كتبًا فأنسى *** وأشري الزيت أو سلك النحاسِ
أسير أدور من حيٍّ لحيٍّ *** كأني بعض أصحاب التكاسي
ولا أدري عن الأيام شيئًا *** ولا كيف انتهى العام الدراسي
فيومٌ في مخاصمةٍ ويومٌ *** نداوي ما اجترحنا أو نواسي
ومانفعت سياسة بوش يومًا *** و لاما كان من هيلاسي لاسي
ومن حلم ابن قيس أخذت حلمي *** ومكرًا من جحا وأبي نواسِ
فلما أن عجزت وضاق صدري *** وباءت أمنياتي بالإياسي
دعوت بعيشة العزّاب أحلى *** من الأنكاد في ظلّ المآسي
وجاء النّاصحون إليّ أخرى*** وقالوا : نحن أرباب المِراسِ
وكيف نراك مهمومًا حزينًا *** وقد جئنا بحلٍّ دبلوماسي
تزوّج حرمةً أخرى لتحيا *** سعيدًا سالمًا من كل باسِ
فصحت لهم لئن لم تتركوني *** لأنفلتنّ ضربًا بالمداسِ