الإخلاص والوفاء من صفات الأحرار
الإخلاص والوفاء من صفات الأحرار :
بلغ الخليفة العباسي المنصور أن رجلا من أهل الشام كان من بطانة الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك فأمر بالإرسال إليه وإيفاده عليه ، فلما أقبل الرجل وسلم واستقر به المجلس ، أراد المنصور أن يعلم منه كيف كان تدبير هشام بن عبدالملك لأمور حكمه وملكه فسأله عن تدبير هشام في حروبه مع الخوارج ، فتحدث الرجل واصفا ما سئل عنه ، ولكنه كلما ذكر هشاماً قال رحمه الله ، وكان هشام رحمه الله ، وفعل هشام رحمه الله .. ، حتى تغيظ منه المنصور وقال له قم من مجلسي عليك لعنة الله وقال له تطأ بساطي وتترحم على عدوي ، فما كان من الرجل إلا أن قام وقال حال خروجه إن نعمة عدوك لهي قلادة في عنقي لا ينزعها عن عنقي الا غاسل ، فعجب المنصور وهتف بالرجل أن ارجع ثم قال له أشهد أنك رجلٌ حرٌ شريفٌ ، ثم قال له بعد ذلك عد إلى حديثك الذي كنت فيه ، فجعل الرجل يحدثه بما يريد حتى إذا فرغ من القول أمر له الخليفة بمبلغ من المال ، فقبله الرجل شاكرا وقال والله يا أمير المؤمنين مالي إلى هذا المال حاجة ، ولقد مات عني من كنت في ذكره ، ولم يحوجني إلى الوقوف على باب أحد بعده ، ولولا جلالة أمير المؤمنين وإيثاري طاعته ما لبست نعمة أحد بعد هشام ، فقال له المنصور إذا شئت لله ، أنت فلو لم تكن لقومك ، لكنت أبقيت لهم مجدا مخلدا وعزا باقيا.
|