مرت على الإنسان حقب في تاريخه الطويل ، يعيش حياة طبيعية في أحضان هذه الطبيعة التي منحها الله لعباده في هذا الكون .. يتحمل أشعة الشمس المحرقة والبرد القارس واختلاف الأنواء من رياح عاتية وثلوج عاصفة ، وسيول جارفة . يصارع الموت في الغابات الآهلة بالحيوانات المفترسة والحشرات القارصة والأفاعي السامة فيصرع الموت ويبيد أعداءه من بني الحيوان ولا يباد فقد تغلب أيضاً على جميع مخاطر الطبيعة .. فتمكن من الحياة في المناطق القطبية ذات الثلوج والجليد الدائم وتمكن من الحياة في المناطق الاستوائية الحارة وعاش في الجبال المرتفعة والأودية السحيقة فقارع عوامل الطبيعة القاسية وانتصر عليها بعد صراع طويل ومرير وعاش في المستنقعات التي بنى فيها بيوتاً من القش والحصير كما هو الأمر ربما الآن في المستنقعات التي يكونها نهرا الفرات ودجله في جنوبي العراق بالقرب من البصرة التي يعيش فيها المواطنون فوق الأشجار وفي أكواخ من القش تعوم فوق الماء وعلى الأشجار في أكواخ من أغصان الشجر . وتتم تنقلاتهم بوساطة القوارب، وتمكن الإنسان من التكيف مع الطبيعة .
..
وهكذا فإننا نرى مدى الصراع المرير بين الإنسان والحيوان وبين الإنسان وعوامل الطبيعة منذ عصوره الأولى إنه صراع من أجل الحياة . فالانتصار هذا هو إخضاع الحيوان المفترس إلى إرادة الإنسان ثم استغلال موارد الطبيعة المتنوعة والغزيرة في خدمته أيضاً . وفي جميع الحالات نلاحظ أن الإنسان كان يعيش في أحضان الطبيعة وكان ذا صحة جبارة ومقاومة رائعة ، فعاش صحيح البنية ولكن عوامل الطبيعة قضت على الضعيف منه .
.. وقد اكتسب من حياته في الطبيعة بعض الصفات والخبرات التي جعلته سيد هذه الطبيعة . فحفظ بقائه والدفاع عن كيانه يقتضي تعلم الحب والحيلة ، وتسلق الصخور والأشجار العالية ، والقفز من الشجر ومن صخرة إلى أخرى وتعلم العوم وصنع أجهزة مختلفة للصيد والدفاع عن نفسه ( كالقوارب البدائية الصنع ثم المتطورة ) يستخدمها في الصيد وفي تنقلات ونقل لوازمه من مكان إلى آخر .. .. أما أدوات الصيد فقد اهتدى إلى صنعها ، وصنع أدوات أخرى للزراعة بعد أن تقدم في خبراته وتطورت حاجاته وكثرت متطلباته تعلم كل ما يخدمه في حفظ بقائه حسب ظروف المنطقة التي يعيش فيها فساكن السواحل تعلم صيد الأسماك.
بقلم / الاستاذ محمد فارس
التوقيع
نحن بِحاجَة لِلخِلافات اِحيآناً لِمَعرِفة مايُخفيهِ الآخَرون في قُلوبِهُم
..
قَد تَجِدُ ما يَجعلُكَ في ذُهول وقَد تَجدُ ما تَنحَني لَهُ اِحْترآماً