خير الدين الزركلي في ديار هذيل

مارأيت وماسمعت خير الدين الزركلي 1310 - 1396

رحلة للأديب خير الدين الزركلي يتحدث فيها عن مارآه وماسمعه أثناء تجواله في بادية الحجاز خاصة عند هذيل ، مما يجعلك كأنك معه في تلك الرحلة ، بحثت عن هذا الكتاب كثيرا ولم أجده سوى في مكتبة الحرم المكي الشريف ، وأقدمه الآن بين أيديكم لتعم الفائدة للجميع .

يبدأ من عرفه

في عرفه :
هنالك ، حيث ترتفع أصوات الحجيج بالابتهال الى الله ، أيام الحج ، نزلنا فاذا السكون مخيم ، واذا الجبال صامته ، واليدار خالية ، كأن لم تكن مشتبك الاقدام ، وملتحم الأقوام ، ومعترك الأجسام ، من أهل الاسلام !
عكفنا على نزل هناك ، كما يسميه بعضهم ، وهو بناء صغير من حجارة مرصوفة ، مسقوف بقضبان من الخشب تعلوها أغصان شجيرات البر ، وأبالات من نبات الجبال . وسرحنا الطرف في ذلك الوادي الانيق ، وعلى مقربة منا سلسال صغير من ماء زبيدة أقبل عليه سكان عرفات يملأون قربهم ويسقون دوابهم .
الى شداد :

( شجر الطلح ، وادي سمار ، وادي نعمان ، عين زبيدة ، جبل كبكب ، قهوة شداد )

مكثنا في عرفة الى أن بردت جمرة النهار ونهضنا قبيل العصر في واد فسيح تكتنفنا من جانبينا اشجار الطلح وأغصان السلم ، وهو المعروف في بلاد الشام بشجر العنبر والمسك ، كثير الشوك ، زهره اصفر مستدير كالاكر الصغيرة زكي الرائحة وورقه القرظ الذي يدبغون به.

ذلك الوادي الخصيب هو (( وادي نعمان )) الذي أكثر الشعراء من ذكره ، لم نكد نزجي اليه الرواحل صادرين عن عرفه حتى لاح لنا عن أيماننا واد آخر عريض الجانبين يسمونه (( وادي سمار )) وهو كثير الخير ، فيه آبار كثيرة ، وكانت به عين ماؤها منذ سنين قلائل .

- وتوسطنا وادي نعمان فاذا بئر يقولون انها مبدأ عين زبيدة والحقيقة ان ماء هذه البئر يتصل بها من سفوح جبل كرا مجتمعا من الامطار والسيول ، وقد جعلت بين هذه البئر وعين زبيدة قناة هي إحدى القنوات التي تصب في العين ويتألف منها ماؤها بمكة . ةقد أقيمت فوق بئر نعمان قبة يراها السالكون والماء منخفض عن الارض نحو ثلاثين مترا.

ووادي نعمان خصيب التربة كثير السيول ، وفي سفوح جباله زروع مختلفة تسقى بماءؤ المطر منها المباطخ ( جمع مبطخة : وهي مزرعة البطيخ ) وأهل الحجاز يسمون البطيخ الاخضر (( الحبحب )) ويسمون البطيخ الاصفر (( الخربز )) وهو المعروف بالشام في مصر وفلسطين الا انه من النوع المستدير لاالمستطيل وقل أن يكبر حجم الواحدة منه كما في الشام وغيرها ، ولايكثر فيه شديد الحلاوة بل يلوثونه بالسكر أو يذرون السكر عليه ليحلو طعمه . ومن زروع هذا الوادي مايسمونه (( الدّبه )) وهو المعروف في بلاد الشام (( القرع )) ومنها الكوسى والخيار والقثاء والبندورة ( القوطة ) وماشابه هذه الانواع من المزروعات الضعيفة التي تنمو مسرعة بقليل من ماء السماء . وأكثر محصولاته (( الدخن )) لعناية البدو المقيمين في أطرافه بأكله وهم يرون فيه خواص أعظمها أن قليله يشبع ويسمونه (( مزاحم الجنبية )) اشارة الى اشباعه حتى يضيق زنار آكله فلا تعلق به الجنبية !
وهذا الوادي عظيم الشبه على ماذكر لي بوادي سمار في بقاعه وزراعته وأكثر حاصلاته .

سلكنا وادي نعمان الفسيح ، والشمس آخذة بالانحدار ، والنسائم تحمل إلينا شذى نبته العطر فتذكرنا بقول شاعر زينب :

تضوع مسكا بطن نعمان أن مشت **** به زينب في نسوة عطرات
وليست كأخرى أوسعت جيب درعها *** وأبدت بنان الكف للجمرات
وعلت بنان المسك وحفاً مرجلا **** على مثل بدر لاح في الظلمات
وقامت تراءي يوم جمع فأفتنت **** برؤيتها من راح من عرفات !

وفي أواخر وادي نعمان أو بعد منتصفه رافقنا عن يسارنا جبل قيل لنا : هذا كبكب !

عادت لنا الذكرى ، ذكرى العصور الاولى ، أيام كانت هذه الهضاب والآكام ، والبقاع والتلاع ، مسرح أنظار شعراء الجاهلية والاسلام ، يروحون فيها ويغدون ، بين غزل يطير في عالم الخيال ، وشج يندب الآثار والاطلال ، وفخور يرى النجم دونه ، ويحسب الناس يعبدونه !

وفي ذروة كبكب هناك قبيلة يقال لها : الكباكبة ( وواحدها كبكبي ) وهي مشهورة بقص الأثر وسيأتي ذكرها في الكلام على الفراسة في البادية . وفي كبكب هذا يقول ساعدة بن جوية الهذلي :

كيدا وجمعا بآناس كأنهم **** أفناد كبكب ذات الشث والخزم

وما كدنا نبلغ آخر كبكب حتى وصلنا قهوة شدّاد . وشداد اسم مناخه ـــ او نزل كنزل عرفات ـــ يأوي اليها الصاعدون الى الطائف والمنحدرون الى مكة وهي على نحو ثلاث ساعات من عرفه ، وست ساعات من مكة للراكب . وفيها مركزللهاتف ( التلفون ) يربط الطائف بمكة وهو مفيد لتوطيد دعائم الامن في نلك المسالك .

نزلنا شدّاداً والشمس تميل الى الغروب فود عنا بها ذلك الالق المتورد وأرحنا دوابنا حتى عاود الظلام كرّته ، وحيانا هلال التسع بمحياه الباسم ، فصلينا المغرب ونهضنا للسرى ، وعن يميننا الى جنوب شداد جبل يسمونه (( دماغه )) وعن يسارنا الى شمال شداد اواخر كبكب وامامنا الى الشرق جبل يدعونه (( تفتف ))

جولة في البادية

يعثر من عاشر البدو ولو قليلا ، وخالطهم ولو أياما ، على عادات وتقاليد وخواص لايتمالك من أن يستغربها أو يستطرفها . وفي بادية الحجاز عند هذيل كثير من هذا النوع كنت أودّ لو جمعت فيه مجلدا كاملا اتحف به قراء هذه الرحلة ، فان البداة هم البداة في كل عصر وجيل . يتطور المجتمع وتنقلب الدول وتكثر المخترعات ويتقدم الانسان ، وهم اولئك الحفاة الرعاة الشعث الغبر ، تغمزهم الحضارة غمزات فينقادون خطوات ، وتأبى عليهم طبائعهم إلا أن يعودوا القهقرى فاذا سجاياهم سجاياهم ، واخلاقهم اخلاقهم ؛ كأنما جبلوا من طينة اسمه (( سنة الله )) لاتحويل لها ولاتبديل !

وهم على انفراد في خلالهم وعاداتهم انفرادا أو شكوا أن يكونوا فيه أمة وحدهم لها مالها وعليها ماعليها . فقد يشاركهم في بعض مظاهرهم وتقاليدهم من كان كثير الصلة بهم أو قريب العهد في مساكنهم ومعاشرهم من أبناء الحواضر المحفوفة بسكان القفار لاسيما قطان القرى في الحجاز .

ولقد قيدت اشياء مما رأيت من البدو ، وماسمعت عن البادية ، في جولتي القصيرة هذه ، لعل بها مايحسن نقله ، ان لم يكن للتاريخ والتدوين فللفكاهة والمسامرة . ولم أر فائدة في التبويب والتنسيق فأطلقت الحديث مرسلا ، ومزت كل خبر بعنوان يدل عليه .


الرجز أو الردح

الرجز والبعض يسمونه الردح ، وكلاهما بفتح أوله وثانيه ، هو في عرفهم : أن يسير جمع من الناس ، اويصطفوا وقوفا يتوسطهم شاعرهم ، فيبدأ باللالات ثم يرتجل البيت من الحميني ، فيعيدونه جميعهم هازجين ، ويستمر يرتجل ماتجود به قريحته حتى ينتهي من نشيدته ( قصيدته ) ويتقدم الآخر على الوزن والقافية ، وهلم جراً . وقبل ان يبدأ الشاعر (( يبيشنون )) كلهم والبيشنة في لغتهم الهتاف ، وهي مثل (( الشوباش )) في لغة عوام الشام ، يرفعون بها أصواتهم وسلاحهم ترحيبا بالشاعر بعد أن يرفع يده مشيرا الى أنه سيبدأ .

وقد شهدنا كثيراً من هذه المشاهد عندهم غير أن بطء فهمنا عن ادراك معنى مايقوله الشعراء كان كثيرا مايمنعنا عن كتابة الفاظ الشاعر وهو يرتجل .


قص الاثر


قص الاثر في اللغة تتبعه ومنه الآية الكريمة ( فارتدا على آثارهما قصصاً ) وهناك قبيلة مشهورة بمعرفة آثار الناس وغيرهم وهي (( قبيلة الكباكبة )) والكباكبة منازلهم شداد واطرافها من سفوح جبل كبكب الذي سبقت لنا كلمة عنه . وهم يسمون قص الاثر (( الجرّة )) ويرجع الى هذه القبيلة في كثير مما يعضل عليهم الاهتداء اليه ، وقد تستحضر الحكومه احدهم في السرقات الخفية ، فينظر في أثر السارق ، فيؤتى بمن يشتبه بهم فيحدق في آثار أقدامهم فيخرج اللص منهم . وقد أصبح مايقوله الكباكبة حجة عند عارفيهم لتكرر صدقهم وتعدد اصابتهم حتى انهم في مايقال لم يعرف عنهم الخطأ مرة !

ومن أخبار الكباكبة

أن رجلا من أهل الهدا ضاف عند جماعة من هذيل فتظاهر بالنوم معهم حتى وثق من هجوعهم فنهض سارياً كالبرق الى أعالي سفوح جبل كبكب فسرق بندقاً ( خرطوشاً ) وعاد قبيل طلوع الصباح ولم يشعر بغيبته احد ممن كانوا عنده . واصبح الكبكبي فشعر بفقد البندق فأسرع الى قص جرة السارق فتعقبها الى أن بلغ الهدا بين جبل وسهل ووعر فنظر في الجرّه فاهتدى اليها واوصلته الى دار الرجل ، فدعا من في الدار قائلا : هذه جرة من ؟ فسئل عن غايته ، فحدث بما وقع له فخرجوا جميعا فقبض على السارق بعد ان رأى آثارهم وقال : هذا غريمي !. ورفعت القضية .

وأخبار هذه القبيلة غريبة كثيرة ، كلها على نسق ماتقدم . ولو أن في رجال البوليس السري من يعلم علمهم لاكتشف كثيرا من الجرائم دون تعب أو نصب !

الختان في هذيل

من غريب هذيل الحجاز في ختان ابنائهم انهم يختنون الغلام بين سن الثانية عشرة والخامسة عشرة ، وهم يجتمعون قبل الختان فيلعبون بالسيوف ويتسابقون على الاقدام والغلام معهم حتى يكون يوم الختان فيتقدم المراد ختنه ويأخذ سكينا فيشحذها جيدا ، ويكونون صباح ذلك اليوم قد ذبحوا كبشا ، فيأتي الغلام والسكين في يدة فيرتقي على صخرة ويناول الخاتن السكين وهو يقول : طهر يامطر وجود التطهير !

ويعطى الغلام سيفين يأخذهما بيديه فتبدأ عملية التطهير ، ويظل المختون يلعب بالسيفين في يديه وينشد قصيدة من شعرهم (( الرجز )) ويعدون أكبر العار على الفتى المختون أن يتألم أو يتململ فينعتونه بأنه (( رخمه )) أي ذليل . وقد يحضر الختان أحد أعداء الفتى فيحد شفرة له أو رمحا فيخزه في رجله كي يتألم فينسب المه الى الفتى . فاذا وقع لاحدهم هذا صبر على الوخزة ودعا قومه بكل ثبات جأش لرؤية ماعلق بقدمه فيخرجونه ان كان شفرة أو غيرها
وهو بين يدي الخاتن كأنه لايشعر بشيء وكثيرا ماتنشأ الفتن بين القبيلتين أو أفراد القبيلة الواحدة من أجل هذا .

مواكبهم

اذا أرادت طائفة من احدى القبيلة ان تسير في موكب لغزو أو لحاجة ، تقدمت الخيالة حاملة الرماح ، متمنطقة بالشلفات ، ثم تتلوها الهجانة ( راكبة الهجن وهي نوع من الابل في اصطلاح البادية معروف ) والهجانة لاتحمل الرماح وانما تربط على ميامن ابلها بندقياتها ، ويتوسط الجمع علم القبيلة او القوم ويبدأون سيرهم بأن يصيح فيهم صائح بكلمات سمعتها ولم أفهمها فيصوتون جميعاً كالهتاف ويعلو صوت شاعرهم قائلا (( يا لا لا لا ، لا لا لي ، يا لا لي )) _ يقصد الاديب هنا الهوجالة القصيرة وهو نوع من أنواع الرجز _ فتعيدها الهجانة ، ثم يأخذ بالنشيد على نغمتها ووزنها وهم يرددون مايجعله كاللازمة من الانشوده والاغنية .

ركوب الرماحة


يسمون الرمح المريش والمريوش ، لريش يوضع تحت سنانه . ويعاب على حامل الرمح اذا أراد ركوب فرسه أن يعمد الى صخر أو حجر فيرتقيه ليتمكن من اعتلاء الفرس " وأكثر خيلهم لاركاب لها " وانما عليه أن يركز الرمح في الارض بخفة ولباقة ، ويتكيء عليه بيمناه قافزا الى ظهر الفرس ، والرمح في يده . ثم يعتدل في ركوبه مستعيننا به اذا جمح جواده
او تقلقل هو فوقه . وقل أن تجد في فرسانهم من لايقفز الى ظهر الجواد فيلصق به لاركاب له ولا متكأ.


الثلاث البيض

الثلاث البيض مقدسة عندهم يستبيحون دم من يمسها او ينكص بها وهي كما يسمونها : الضيف السارح ، والطنب السابح ، وخوي الجنب .

فالضيف السارح : الضيف الذي نزل على احدهم وأكل عنده وسرح . فان قتله احد في طريقه وجب على مضيفه ان يأخذ بثأره .

والطنب السابح : يعنون به طنب الخيمه الممدود ، وهو كناية عن الجار الملازم لجاره ملازمة الطنب ( وهو حبل الخباء ) للخيمه . يعنون بذلك وجوب المحافظة على الجار والدفاع عنه والاخذ بثأره إن قتل .

خوي الجنب : الرفيق وعندهم أن من سار معه سبع خطوات أصبح (( خويّه )) ووجب عليه أن يقاتل معه ويحميه ولو كان قاتل أخ له.

ولهم عناية عظيمة ، وأنظمه خاصة ، في الثلاث البيض . منها أن من خفرت ذمته بان قتل جار أو ضيف أو خوي وأعياه الوصول الي القاتل ، رفع شكواه الى كبير عشيرته فان كان القاتل من قبيلة أخرى ذهبوا الى تلك القبيلة واخبروا شيوخها بالامر طالبين منهم أن يساعدوهم على (( النقا )) وهو عندهم الاخذ بالثأر . وعلى الشيوخ أن يقدموا لهم القاتل فيقتلوه به ، ثم يعود الآخرون بالثأر فيدعون اشياخ تلك القبيلة ويقيمون لهم وليمه ، ويرفعون أعلاما بيضا خاصة معروفة لديهم ، اشارة الى ان هذه القبيلة بيض الله وجهها قد اعانتهم على الاحتفاظ باحدى الثلاث البيض .

ومن قواعدهم أن الضيف السارح لاتصح عليه هذه التسمية مالم ينزل ويأكل طعام المضيف ولو لقيمات من الخبز أو العيش ، اما من جاء فطلب ماء او لبنا فشرب الماء أو الحليب وسرح فلايعدونه ضيفا ولايعنون بشأنه بعد مفارقته لهم .


الوان ابلهم

منها الحمر ، والسود (( الدُّهم ))
انواعها

والابل هنا نوعان : جبلية وسهلية . والاولى أشد وأصبر على الجوع والظمأ من دون الثانية جسوما وضخامة ، ولكنها أصلب وأحمل . واكثر الابل في بادية مكة من النوع الاول القوي . ومن أمثالهم (( القوة في القلوب لافي الجنوب )) يريدون ان القوة ليست في ضخامة الجسم وعرض الجوانب .

الآركيات

هناك نوع غريب من الابل يسمونه (( الآركيات )) أكثر ماتقتات به الأراك وهو عيدان السواك ، ويقولون ان الابل الآركيات اذا منع عنها الاراك هلكت . ويؤيد هذا أن أكثرها يتخذ للنقل بين مكة وجدة ( مسيرة يومين للجمال ) وقد رأيت رعاتها يجعلون في احمالها شيئا من الاراك فاذا أطعموها جعلوا قليلا منه في طعامها . وقد يطعم احدهم راحلته (( الآركية )) سواكه اذا لم يجد غيره من الاراك فتأكله وان كان يابسا .

الهيام

من الامراض المشهورة عندهم في الابل (( الهيام )) وهو أن يشرب البعير أو الناقة من الماء الراكد الفاسد فينتفخ طحاله فلا يلبث لأشهرا حتى يموت فجأة . وهذا المرض مخوف على ابلهم جدا لقلة الماء في الحجاز وهو سريع العدوى بالاختلاط أو بشم الصحيح بول المصاب ويسمونه (( المهيوم )) . واذا تدورك المصاب بعد المرض بأيام معدودات أمكن شفاؤه وذلك بان يطعموه الحمض ( وهو نوع من النبات يكثر عندهم في أيام المطر والخصب ) فان أطعموه بعد ستة أيام شفى . وهناك نبات آخر يعرفونه يشفي المصاب من الابل بأكله قبل مرور تسعة أيام . ونبات آخر يشفي به قبل انقضاء اثني عشر يوما . وان زادت مدة المرض على هذه الأيام يئسوا من شفاء المصاب .[/size]

بياطرة الهيام

وفي بادية الحجاز رجال معروفين بالعلم في هذا المرض ومداومته ويمتازون بمعرفة المصاب عند رؤيته أو شم رائحته كما انهم يعلمون مدة مرضه ، فحين ينظرون اليه بامعان يذكرون من كم أصيب . وهؤلاء بياظرة الابل لايتلقون علمهم بالدرس بل بالنظر الطويل والممارسة يتوارثونه سلفاً عن خلف . ومن تستخدمه الحكومة منهم تجرّبه قبل استخدامه حتى تتأكد من براعته . وهم يعرفون مدة المرض المصاب من الابل عقب ذبحه الى اربع ساعات اما بعدها فتتعذر عليهم معرفة المدة . والى هؤلاء البياطرة ترجع الحكومة في حل قضايا الابل المهيومة مثلا : ادعى فلان امام الحكومة انه اشترى ناقة من فلان منذ شهرين واتضح له أخيراً أنها مصابة بالهيام منذ ثلاثة أشهر فذبحها وهو يطالب بائعها له بقيمتها فترسل الحكومة احد بياطرة الهيام او اثنين منهم فان صح مايقوله حكمت على البائع بالتعويض وإن كان مرض الناقة بعد شرائها يؤاخذ البائع . وقد حدث شيء من هذا وأنا في مكة .


الخيل تحمي الابل

وعندهم أن صاحب الابل لابد له من الخيل خصوصاً إن كان من سكان السهل لان الابل لاتحمي نفسها من الغارات وانما يحميها فرسانها . ومن أقوالهم في الخيل (( بطونها نار وظهورها عار )) أي ان بطونها كالنار تلتهم كل مايدخلها أو كانها تحرق الطعام احراقاً ، كناية عما يحتاج اليه صاحبها من وفير النفقات . وأما ظهورها فيرون ان على الفارس حماية فرسه من أن يلحق بها العار اذا فر أو سقط عنها في المخاوف . وقد يفسرون كلمة العار في هذا المثل بمعنى الحريم والعرض فيكون المعنى : وظهر الفرس عرض الفارس لان العار في اهماله .

الجرة

الجرّة بفتح الجيم من أشهر العابهم في الطرد والرمي . وهي ان يضعوا جرة مملوءة ماء في مكان وتمر الفرسان في طرادها راكضة خيولها حتى تحاذي الجرة من اليمين واليسار على بعد مئة متر تقريبا فتلوي نحور رؤوس الخيل العادية كالبرق الخاطف وتطلق رصاصات البندقيات باشد مايكون من السرعة والخيل تضطرب من كبح جماحها ، فيصيبون الجرة من ذلك البعد . وانما اختاروا جرة الماء لان شهود الرمي البعيدين يرون اندلاع الماء من الجرار ويسمعون دوي صوتها حين تصاب فيهتفون للرماة . وبذلك سميت هذه اللعبة من الرمي باسم (( الجرة )) وأكثر لاعبيها يجيدونها فيندر فيهم من يخطيء الهدف .


من امثالهم

(( لاتحاذف راعي الغنم ولاتصارع راعي البقر ولاتسابق راعي الابل )) لان الاول يصطر دائما الى رمي ماعزه بالحصى وغيره ليجمعها فيقوى ساعداه ، والثاني يكثر من تحويل البقر وسوقها فتقسو عضلاته ، والثالث يتبع إبله ويرد مايشرد منها فيشتد على الجري .
وهناك أمثلة كثيرة جدا ولكن الوقت الذي قضيته لايسمح .



الجهات الاربع

يختلف أهل بادية الحجاز عن غيرهم في تسمية جهتين من الجهات الاربع ، هما الشمال والجنوب ، فيسمون الشمال (( شاما )) والجنوب (( يمنا )) لوقوع بلاد الشام في شمال الحجاز ، وبلاد اليمن في جنوبه ولايختص البدو في هذا الاصطلاح بل يشا ركهم فيه أهل الحواظر وفيهم العلماء والادباء . وكذلك يسمون المشرق (( المبدا )) والمغرب (( المغيب )) فتكون عندهم الجهات الاربع : المبدا والمغيب والشام واليمن . يعنون : الشرق والغرب والشمال والجنوب .


الجيش


يفهم ابن بادية الحجاز من كلمة الجيش غير مانفهمه نحن . فهو يسمي القوة العسكرية التي نسميها نحن بالجيش (( القوم ))

سلمت

كان قدماء العرب يقولون للعاثر : لعاً ! وأهل مصر اليوم يقولون : ياساتر ! وأهل الشام يقولون : الله ! وأما في الحجاز فقد أعجبني قولهم للعاثر : سلمت !

فصول السنة

فصول السنة في بادية الحجاز خمسة ، يزيدون على الاربعة المعروفة فصلا خامساً هو (( القيظ )) ويلفظونها بالضاد ( القيض ) .

تم بحمدالله

أخوكم / سيـــــف هذيـــــل [/size]

رحم الله الكاتب
خير الدين الزكلي
ورحم الله والديك ياسيف هذيل
والله مثل هذه المواضيع اللي
يتنشط الواحدلقراءتها
أكثر من مرة
نأمل من الإدارة الموقرة تثبيت الموضوع
لأهميته
وتدوين فترة مهمة في حياة هذيل
من أديب ومؤرخ بحجم خير الدين الزركلي
أكرر شكري لك يا سيف هذيل
وهذه من فوائد التنقيب في المكتبات
فالكتب ملأى بتاريخ هذيل وأيامها وشعرها ومواقفها
لكن ينقصنا البحث
دمت بود

الله يبيض وجهك ياسيف

	من غريب هذيل الحجاز في ختان ابنائهم انهم يختنون الغلام بين سن الثانية عشرة والخامسة عشرة

وبعضهم يصك الــ18 والعشرين بعد .

موضوع رائع بكل ماتعنيه الكلمة ، ونحن في غاية الشوق لإكماله ياأبو شبير

لله درك ياسيف،

لقد وفقت أيما توفيق في هذا الموضوع ،

التاريخي الموثق لحقبة تاريخية

مهمة من تاريخ هذيل،

ومن مظاهر حياتهم الاجتماعية ،

بارك الله فيك،

وننتظر الجزء الثاني بفارغ الصبر،

وفقك الله وسدد خطاك ،،،

]موضوع رائع جدا جدا وفقك الله ياسيف هذيل والى الامام ياابن العم
وهذا هو التاريخ الذي نريد حضوره .

بحث جميل جدا جدا جدا

بيض الله وجهك ياسيف هذيل

وفي انتظار بقية الموضوع للاستزاده

وفقك الله

بحث رائع عن قبيله عريقه


بيض الله وجهك يا سيف

سيف ياسيف هذيل

الله يعطيك العافية على هذا التوثيق الرائع لمآثر هذيل

استمتعت بقراءته وأنتظر البقية

جزيت خيراً ولك الشكر والتحية

بانتظارك يا سيف هذيل

لاهنت ياسيف هذيل والله إنه موضوع مميز وتشكر عليه ورحم الله أجدادنا

وبانتظار بقية الموضوع

جزاك الله خير الجزاء على هذه اللفتة الرائعة لحقبة زمنية كاد ان ينسى تاريخ هذيل فيها
واتمنى ان تضفي الينا المزيد منهذه الومضات المشرقة من تاريخ قبيلتنا المشرق

سلمت يداك ياسيف هذيل

أنت رائع كما عودتنا دائماً

موضوع شيق ورائع وأتمنى تثبيته حتى يحفظ

وكذلك نحن شغوفون بإنتظار البقية

شكراً لك أيها الغالي

بارك الله فيك


اخي

سيف هذيل


موضوع يستحق التثبيت

وممتع جدا

تقبل الله منا ومنكم الصيام

سيف هذيل

الله يعطيك العافية

	من غريب هذيل الحجاز في ختان ابنائهم انهم يختنون الغلام بين سن الثانية عشرة والخامسة عشرة

عندما امر الله ابراهيم عليه السلام بالطهار كان عمر اسماعيل ابو العرب 13من عمره عليه السلام وهذا دحض ورد على اليهو ور
ورد ايضا على اليهود الذين ينكرون نسب العرب الى اسماعيل عليه السلام