العودة   ::{ مجالس قبيلة هذيل }:: موقع يهتم بتراث القبيلة ومفاخرها > المجالس الأدبية > مجلس النثر والخواطر
 

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 05-16-2008, 04:09 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو

 
الصورة الرمزية الثعلب
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

الثعلب غير متواجد حالياً


افتراضي نظرة الإزدراء (قصة قصيرة من الأدب الألماني)

للكاتب الألماني: كورت كوشنبرك

رن الهاتف، رفع نقيب الشرطة السماعة وقال :
- تفضل.
- أنا المفوض كارزيك. قبل قليل نظر إليَّ احد المارة بازدراء من فوق الى تحت.
فأجابه نقيب الشرطة محذرا
- قد تكون متوهما، فأغلب الناس لديهم شعور بالذنب، واذا ما التقى أحدهم بشرطي يشيح بوجهه عنه، أما إذا اطال النظر، فهذا ربما كافٍ لأن يبدو وكأنه انتقاص شنيع للقدر.
- كلا. - قال المفوض- هنا المسألة تختلف تماما. فقد شخصني بإزدراء تام، من قمة بيريتي حتى كعب جزمتي.
- ولماذا لم تلقي القبض عليه ؟
- لقد كنت مرتاعا تماما، وما أن فطنت إلى إهانته لي، حتى اختفى عن نظري.
- هل تستطيع التعرف عليه ؟
- بالطبع. كانت له لحية حنية اللون.
- وكيف صحتك، هل أنت اليوم على ما يرام ؟
- كلا. بائس بما فيه الكفاية.
- هون عليك، وسأقوم الآن باستبدالك.
شغل نقيب الشرطة المذياع، وبعث بسيارة إنذار إلى المنطقة التي يناوب فيها المفوض كارزيك، وأمر بإلقاء القبض على كل مواطن له لحية حنية اللون.
عندما تسلمت سيارات الشرطة الأمر كانت جميعها في الخدمة، سيارتان كان طاقميهما يتسابقان لمعرفة ايهما سيارته اسرع، وطاقم اخرتان كانا يجلسان في احدى الحانات يحتفلان بعيد ميلاد صاحب الحانة. وثلاثة كانوا يساعدون زميلهم للإنتقال إلى بيت آخر. غير انهم حالما سمعوا ما الخطب إمتطوا سياراتهم واتجهوا بها نحو مركز المدينة.
غلقوا الطرق، ومشطوا الشوارع واحدا تلو الآخر. إقتحموا المحلات، والمطاعم، والبيوت، ونقلوا إلى المركز كل من كانت له لحية حنية اللون. شلت حركة المرور، وكانت الصافرات تنعق، وترجف الناس، وانتشر خبر البحث عن قاتل جماعي. وخلال بضع ساعات جاءت المعركة حامية الوطيس بغنائم مُدهنة، فقد نقل الى مخفر الشرطة خمسين رجلا ذو لحية حنية اللون.
خطى كارزيك متكئا على ممرضين امام المتهمين، لكنه لم يتعرف على الجاني. أوعز نقيب الشرطة السبب إلى حالة كارزيك الصحية، وامر بالتحقيق مع المتهمين وقال:
- ربما تكونوا ابرياء من هذه الناحية، ولكن من نواحي اخرى فبالتأكيد يوجد في ذمتكم شئ ما. للتحقيق دائما نتيجة.

وبالفعل، كان ذلك صحيحا، على الأقل في هذه البلدة الصغيرة. بالطبع لا ينبغي ان يذهب بنا الظن على أنهم مسوا المتهمين بأذى، ولا يمكن التحدث عن اي نوع من القساوة، فالأساليب كانت اكثر دقة. فمنذ زمن قام رجال المخابرات، وبدون اي الفات للنظر باستجواب اقرباء وخصوم كل مواطن محجوز لديهم، ودونوا محضرا لأشد ما يكره: كضجيج المطرقة الهوائية، والضوء الحاد، ورائحة الكافور، وصدح الأغاني الشعبية في الليل، والجرذ المسلوخ، والنكت القذعة، وعواء الكلب، ومس ورق مصيدة الذباب اللزج، وهكذا دواليك. هذه الذرائع، لو استخدمت كما ينبغي لأتت أكلها، ولانتزعت من المتهم أعترافا ما، كيفما اتفق، صادقا، كاذبا لايهم، المهم ان يشعر الشرطة بالرضى. وهذا ما كان ينتظر الخمسون ذوى اللحى الحنية اللون.
أما الشخص الذي كانوا يبحثون عنه، فقد وصل إلى البيت منذ وقت بعيد. لم يسمع قط صوت الجرس الذي قرعه الشرطة، فقد كان حينها يصب الماء في حوض الحمام. وعندما انتهى من سكب الماء، قرع ساعي البريد الجرس، وها قد سمعه هذه المرة، فأخذ منه البرقية.
لقد تسلم خبراً مفرحاً، فقد عُرضت عليه وظيفة في الخارج ولكن بشرط ان يشد رحاله للسفر على الفور.

- حسنا قال الرجل. ممتاز، شيئان يجب عليَ انجازهما حالاً: أن اتخلص من لحيتي، فقد ضقت بها ذرعا، وان احصل على جواز سفر، لأنني لم اضق به ذرعا بعد.
استحم براحة وعناية تامتين، وارتدى ملابسه ثانية. وإجلالا لذلك اليوم العظيم، لف ربطة عنق مزركشة بشكل غريب، وسأل عبر الهاتف عن موعد اقلاع الطائرة. ثم انطلق عابرا الشوارع المسالمة، وعكف على أحدى محلات الحلاقة، وبعدما انتهى من الحلاق ذهب مباشرة الى دائرة الشرطة الرئيسية، فقد كان يعرف جيدا أنه لا يمكنه ان يحصل على جواز سفر بهذه السرعة إلا بهذه الطريقة.
هنا ينبغي أن اذكر أن هذا الرجل هو الذي إزدرى الشرطي حقا، لأن كارزيك كان يشبه ابن عمه تماما، والذي يدعى إيجون، لقد كره إبن عمه المبتذل، والذي كان مدان له بمبلغ كبير من المال، فعندما وقع نظره على كارزيك، كان في نظرته وبدون قصد، نوعا من الإزدراء، لذلك كان كارزيك مصيبا في تقديره للأمور، وادعائه كان موافقا للحقيقة.

شاءت الصدفة ان يلتقي هذا الرجل وهو داخل دائرة المركز الرئيسية بالشرطي نفسه مرة ثانية، ولكنه هذه المرة لم يشأ إذائه، فأشاح بنظره فوراً، فلم يكن المسكين كارزيك على احسن ما يرام، فقد قاداه ممرضان بإتجاه سيارة الإسعاف.
لم تكن الأمور تجري بسهولة كما يتصورها صاحبنا، فيما يخص جواز السفر، ولم تكن لمختلف الوثائق التي كان يحملها اي جدوى، ولا معنى للبرقية التي أظهرها : فقد أصاب المسؤول الرسمي الفزع من استعجاله غير المبرر للحصول على الجواز.
- الجواز وثيقة رسمية مهمة. - وضح له. وإصداره يحتاج إلى وقت.
هزالرجل رأسه.
- ممكن أن تكون هذه هي الآلية، ولكن لكل قاعدة استثناء.
- لست انا من يقرر بهذا الشأن،- رد عليه الموظف. - مدير الدائرة فقط له الصلاحية بذلك.
- ليقرر إذن مدير الدائرة.
لملم الموظف الأوراق، ثم قام واقفاً، وقال:
- تعال معي، سنقطع اقصر طريق إلى المدير عبر غرف الموظفين.
عبرا سوية ثلاث او اربع غرف. كانت الغرف مكتظة برجال ذوى لحى حنية اللون،
- غريب- فكر صاحبنا مع نفسه- لم اكن اتوقع انهم بهذه الكثرة. ولكنني لم اعد واحدا منهم.
وكما هو عليه كل الدكتاتوريين، فقد كان النقيب مدير الدائرة الرئيسية يلعب دور بطل العالم عن طيب خاطر. وبعد أن ابلغه الموظف الرسمي الأمر صرفه، وأشار إلى زائره أن يجلس. وبصعوبة بالغة استطاع الزائر ان يرغم ابتسامة على وجهه، فقد كان مديرالدائرة يشبه إبن خالته أرتور تماما، ولم يكن هو محبا لأبن خالته أرتور هذا أيضاً. ولكن عضلات وجهه قد أدت دورا بطوليا في إظهار ابتسامته، فالأمر في نهاية المطاف يتعلق بجواز سفر.
- صغار الموظفين دائما قلقون. - قال مدير الدائرة- لا يتجرأون على اتخاذ القرارات. حضرتك بالطبع ستحصل على الجواز، من هنا، الآن، فورا. فدعوتك للذهاب إلى اسطنبول شرف كبير لبلدتنا، وتقبل أمنياتي بالتوفيق.
وقع الجواز، وضرب عليه الختم، وبلا مبالات، وكأن المسألة تتعلق بدفتر عادي، ناول الزائر تلك الوثيقة المهمة.
- ربطة عنق سيادتكم ملفتة للنظر حقاً- قال المدير- خارطة مدينة، أليس كذلك ؟
- نعم قال الرجل- إنها خارطة اسطنبول.
- فكرة هائلة،- ونهض المدير مادا يده، ثم قال:- اسمح لي أن اتمنى لك رحلة موفقة، وخرج مع ضيفه مودعه حتى الباب، واومأ بيده بمودة، بعدها دخل الغرفة الثانية حيث يجرى التحقيق مع المتهمين.
لقد اعترف المساكين سيئي الطالع، بالكثير من الحماقات، لكي يتخلصوا من المرارة التي هم فيها، ولكنهم لم يتفوهوا بشئ عن الذي سيقوا من اجله الى هنا.
- استمروا بالتحقيق. - أمر مدير الدائرة، ثم ذهب لتناول الغداء.
عندما رجع، كان بانتظاره تقرير مفاده، إن حلاقا ابلغ بأنه قام في ساعة مبكرة من هذا اليوم بحلق لحية زبون حنية اللون، ولم يتمكن من اعطاء اي مواصفات للشخص المذكور، ولكنه يتذكر عن لباسه شئ ملفت للنظر: فقد كان مرسوما على ربطة عنقه خارطة لمدينة.
- يالي من ثور. ردد مدير الدائرة. وهرع ينزل السلم كل درجتين معا. كانت سيارته تنتظره في الفناء.
- إلى المطار- صاح بالسائق، ثم انهار في المقعد الخلفي.
بذل السائق كل ما بوسعه ان يبذله، فقد دهس كلبين، وحمامتين، وقطة، واحتك بحافلة كهربائية، واصطدم بعربة يدوية محملة بنفايات ورق، وافزع الكثير من المارة. عندما وصلا المطار، اخذت الطائرة المتجهة نحواسطنبول ترتفع فوق المدرج في الوقت المحدد لها بالضبط.






رد مع اقتباس
قديم 05-17-2008, 07:48 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو

 
الصورة الرمزية سعود الهذلي
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

سعود الهذلي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: نظرة الإزدراء (قصة قصيرة من الأدب الألماني)

استمتعت بقراءتها
اختيار رائع اخوي اشكرك
تقبل مروري






التوقيع



[frame="7 50"] سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم [/frame]

رد مع اقتباس
قديم 05-18-2008, 02:10 AM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو

 
الصورة الرمزية الثعلب
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

الثعلب غير متواجد حالياً


افتراضي رد: نظرة الإزدراء (قصة قصيرة من الأدب الألماني)

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعود الهذلي مشاهدة المشاركة
استمتعت بقراءتها
اختيار رائع اخوي اشكرك
تقبل مروري
حياك الله






رد مع اقتباس
قديم 05-21-2008, 07:51 AM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو

 
الصورة الرمزية فارس الهذلي
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

فارس الهذلي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: نظرة الإزدراء (قصة قصيرة من الأدب الألماني)

حلوة جداً أخوي الثعلب

الله يعطيك العافية






رد مع اقتباس
قديم 05-22-2008, 02:01 AM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو

 
الصورة الرمزية الثعلب
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

الثعلب غير متواجد حالياً


افتراضي رد: نظرة الإزدراء (قصة قصيرة من الأدب الألماني)

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فارس الهذلي مشاهدة المشاركة
حلوة جداً أخوي الثعلب

الله يعطيك العافية
شكراً على مرورك الكريم






رد مع اقتباس
قديم 05-24-2008, 07:05 PM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
أبو خالد

 
الصورة الرمزية حامد السالمي
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

حامد السالمي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: نظرة الإزدراء (قصة قصيرة من الأدب الألماني)

سلمت بارك الله فيك ..
قصص وفوائد ..
الله ينفع بك ،،،






رد مع اقتباس
قديم 05-25-2008, 02:32 AM   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو

 
الصورة الرمزية الثعلب
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

الثعلب غير متواجد حالياً


افتراضي رد: نظرة الإزدراء (قصة قصيرة من الأدب الألماني)

شكراً على مرورك






رد مع اقتباس
قديم 06-30-2008, 01:20 AM   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو

 
الصورة الرمزية الأســــيف
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

الأســــيف غير متواجد حالياً


افتراضي رد: نظرة الإزدراء (قصة قصيرة من الأدب الألماني)

قصة رائعة ... يعطيك ألف عافية

تقبل مروري






التوقيع




رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قبل ديربي الخيال .. نظرة شاملة لأحوال .. (النصر) .Vs (الهلال) .. حسام الهذلي المجلس العام 11 03-26-2008 03:26 PM
هل أعلمه الأدب أم أتعلم منه قلة الأدب؟!!! ابو خالد الندوي المجلس العام 2 01-23-2008 07:36 PM
نظرة تامل في المحاورات الشعريه فهد الطلحي الهذلي مجلس المحاورات ( القلطة) 3 09-01-2007 05:36 PM
تعرضت سيدة سعودية للإهانة والضرب من قبل موظفين في مطار ميونيخ الألماني رشيد السعيدي الأخبار الساخنة 12 06-17-2006 10:53 AM
][قصص قصيرة جدا][ أبو فيصل مجلس النثر والخواطر 5 11-18-2005 12:13 AM


الساعة الآن 01:08 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة هذيل