المثابرة أم العباقرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت بعد صلاة الجمعة أمس أستمع للبرنامج الأسبوعي للشيخ سليمان العودة ويأتي هذا البرنامج خلال قناة mbc1 وإذاعة بانوراما على fm متزامنا وكانت أمس أولى حلقاته عن التعليم ودار الحديث عن مقارنة شيقة بين التعليم لدينا و في اليابان وفي الغرب وذكر الشيخ أن المدرسة اليابانية ركزت على تعليم الطلاب المثابرة والصبر والدراسة المتواصلة من الساعة الثامنة صباحا حتى الرابعة عصرا ومعدل اربعين يوم إجازة في السنة طبعا ما عندهم إجازة حج ولا رمضان تضاف للرصيد.
بينما ركزت المدرسة الغربية على تنمية الإبداع في الطفل وإكتشاف المواهب لدى طلابها وتنمية هذه المواهب بشكل علمي أي أنها ركزت على الكيف لا على الكم.
والحق أن كلتا المدرستين نجحتا وإن كنت أرى أن المدرسة اليابانية تفوقت وذلك من خلال النتائج لإزدهار دولتهم علميا وإقتصاديا وثانيها لأن الموهوبين مع المثابرة سيطلقون أفكار إبداعية أكثر فضلا عن زيادة عددهم مقارنة مع المدرسة الغربية.
أما ما يتعلق بنظام التعليم لدينا فإنه إقتصر على التلقين والحفظ حتى في المواد العلمية حسب ما حصلت عليه أنا من تعليم وحسب ما أشاهده الآن مع إيماني بأن هناك تطور في مناهج التعليم وخصوصا في السنوات القليلة الفائتة.
وحسب ما رأيت من دفعات الخريجين الذين يأتوننا في هذه السنوات أن الغالب يطغى عليه الإتكالية والتهرب من إنجاز الأعمال وعدم الصبر والتململ وهذه مشكلة خطيرة نواجهها لأن إعادة وتأهيل مثل هؤلاء الخريجين تتطلب سنوات ربما تعادل سنوات الدراسة في الجامعة أو تفوق.
وسبب هذه المشكلة أن هذا الجيل يتعرض لحملة من الملهيات إضافة لغياب أو ضعف دور الأب والأم في إستنهاض إبناءهم وتعويدهم على المسئولية مما جعلت السواد الأعظم منهم يستكين للإسترخاء ويصاب بالملل عند قيامه بأي عمل جدي يطلب منه, لذلك تجد الغالب منهم يتنصل من المسئوليات على مستوى الفرد أو الأسرة أو المجتمع وقس على ذلك زيادة حالات الطلاق والتفكك الأسري وتناول المخدرات وهذه من نتائج عدم تحمل المسئولية بشكل عام.
إن من علامات ظهور هذه المشكلة بين الأبناء أو الإخوة في البيت وجود الطبقية بينهم بحيث يصبح الأكبر سنا هو الآمر على من هو أصغر منه و هكذا وهذا التصرف إكتسبوه من الأب والأم وكان الأجدى تعويدهم على الجماعية وتحديد المسئولية على كل فرد وقيام كل فرد منهم بمهامه ومنع أي شخص منهم بتحويل مسئولياته لطرف آخر مهما كان.
وأضرب لكم مثال بسيط يمكن ان يكون قد مر على الكثير منكم:
كنت إذا أحسست بعطش وانا مسترخي امام التلفزيون طلبت من أسامه إحضار كاسة ماء بارد وقد لاحظت أن أسامة بدأ يقوم بتحويل الطلب لحسام للقيام به ومن ثم يقوم حسام بتحويل الطلب لبسام للقيام به ولأنه الأصغر فلا بد له من التنفيذ خوفا من غضبي عليهم والذي سيصب في النهاية من باقي الإخوة عليه وقد بدأت أراقب هذه التصرفات لفترة طويلة دون تدخل مني رغبة في معرفة النتائج التي ستؤول إليها وهاكم النتائج من واقع تجربة شخصية:
بسام أصبح شخصية أكثر نضجا وحرصا من أخوية على الرغم أنه الأصغر سنا وفي الصف الثاني إبتدائي وفي مقابل ذلك أصبح ينفذ ما يطلب منه دون معارضة ويحرص على التنفيذ حتى طلبات من هو أصغر منه سنا.
كذلك أصبح متفوقا في دراسته نظرا لتنفيذ جميع الواجبات التي تناط به سواء في المدرسة أو في البيت وكذلك في تحفيظ القرآن المسائي أصبح متفوقا مقارنة مع أقرانه ومع نتائج أخوانه وكنت قد وضعت مبلغ 5 ريال لكل نتيجة ممتاز يومية يحققها أحد أبنائي في التحفيظ سواء في الدرس الجديد أو المراجعة وقد وضح لي الفرق في نتائج بسام فهو يحقق أعلى دخل شهري عند الحصر نهاية الشهر.
ومن ثم قررت إعادة تأهيل أسامة وحسام وإعادة بناء شخصية بسام وذلك بالبدأ بنفسي أولا فأقوم بإحتياجاتي الخاصة بنفسي كشرب الماء وعمل كوب الشاي والقهوة وهو ما أسعد الجميع في النهاية وقمت بتوزيع الأدوار بحيث كل شخص مسئول عن غرفة من البيت ويتم محاسبة من يكون مقصرا وهكذا والنتائج تبشر بخير.
في العمل نعاني الأمرين من الموظفين الإتكاليين فأينما نوجهه لا يأتي بخير ويغلب عليهم كثرة الشكوى والإحساس بالظلم وعدم تقديرهم ولو حسبت ساعات العمل الفعلية التي ينتجها أحدهم فيكاد يصل إنتاج البعض منهم إلى صفر ساعة في اليوم ويتفاوتون في ذلك ومن خلال هذا التفاوت يبدأون بالمقارنة مع بعضهم ومن ثم تظهر عليهم علامات التذمر ويصلون لمرحلة الرفض وتقل إنتاجيتهم بدلا من أن يقارنوا أنفسهم مع المجدين المثابرين.
نحن نحتاج في بلدنا للمثابرين الجديون في عملهم أكثر مما نحتاج للمبدعين وللأسف الحصيلة العامة ضعيفة جدا فأعيدوا بنا بيوتكم.
أبــــــــــــــو أســــــــــامه
|